"لا يقل أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت ليعزم المسألة; فإن الله لا مكره له"1.
قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يقل أحدكم": لا: ناهية بدليل جزم الفعل بعدها.
قوله:"اللهم اغفر لي، اللهم ارحمني": ففي الجملة الأولى:"اغفر لي"النجاة من المكروه، وفي الثانية:"ارحمني"الوصول إلى المطلوب; فيكون هذا الدعاء شاملا لكل ما فيه حصول المطلوب وزوال المكروه.
قوله:"ليعزم المسألة": اللام لام الأمر، ومعنى عزم المسألة: أن لا يكون في تردد، بل يعزم بدون تردد ولا تعليق.
و"المسألة": السؤال; أي: ليعزم في سؤاله فلا يكون مترددا بقوله: إن شئت.
قوله:"فإن الله لا مكره له": تعليل للنهي عن قول:"اللهم! اغفر لي إن شئت، اللهم! ارحمني إن شئت"; أي: لا أحد يكرهه على ما يريد فيمنعه منه، أو ما لا يريد فيلزمه بفعله; لأن الأمر كله لله وحده.
والمحظور في هذا التعليق من وجوه ثلاثة:
الأول: أنه يشعر بأن الله له مكره على الشيء، وأن وراءه من يستطيع أن يمنعه، فكأن الداعي بهذه الكيفية يقول: أنا لا أكرهك، إن شئت فاغفر، وإن شئت فلا تغفر.
الثاني: أن قول القائل:"إن شئت"كأنه يرى أن هذا أمر عظيم على الله، فقد لا يشاؤه لكونه عظيما عنده، ونظير ذلك أن تقول لشخص من الناس -والمثال للصورة بالصورة لا للحقيقة بالحقيقة-: أعطني مليون
1 أخرجه: البخاري في (الدعوات, باب ليعزم المسألة, 4/ 160) , ومسلم في (الذكر والدعاء, باب العزم بالدعاء, 4/ 2063) .