فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت"رواه النسائي وصححه1."
النبي صلى الله عليه وسلم ما قال اليهودي، بل أمر بتصحيح هذا الكلام; فأمرهم إذا حلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة; فيكون القسم بالله.
وأمرهم أن يقولوا: ما شاء الله، ثم شئت; فيكون الترتيب بثم بين مشيئة الله ومشيئة المخلوق، وبذلك يكون الترتيب صحيحا، أما الأول; فلأن الحلف صار بالله، وأما الثاني; فلأنه جُعِل بلفظ يتبين به تأخر مشيئة العبد عن مشيئة الله، وأنه لا مساواة بينهما.
ويستفاد من الحديث:
1-أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على اليهودي مع أن ظاهر قصده الذم واللوم للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه; لأن ما قاله حق.
2-مشروعية الرجوع إلى الحق وإن كان من نبه عليه ليس من أهل الحق.
3-أنه ينبغي عند تغيير الشيء أن يغير إلى شيء قريب منه; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يقولوا:"ورب الكعبة"، ولم يقل: احلفوا بالله، وأمرهم أن يقولوا:"ما شاء الله، ثم شئت".
إشكال وجوابه:
وهو أن يقال: كيف لم ينبه على هذا العمل إلا هذا اليهودي؟
وجوابه: أنه يمكن أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يسمعه ولم يعلم به.
1أخرجه: الإمام أحمد (6/371, 372) , والنسائي في (الأيمان, باب الحلف بالكعبة) , (7/6) , والطحاوي في"المشكل" (1/91, 357) , والحاكم (4/297) -وصححه ووافقه، الذهبي-, والبيهقي (3/216) , والمزي في"تهذيب الكمال" (3/ 1694) . وصححه الحافظ في"الإصابة" (4/389) .