فهرس الكتاب
الصفحة 748 من 1122

وعن عبد الله بن عمر; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به"1

وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ؛ خبر لا يدخله الكذب ولا النسخ إطلاقا، ولذلك هدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه، فجمعوا بين المتشابهات والمختلفات من النصوص، وقالوا: {كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} ، [آل عمران: من الآية7] ، وعرفوا حسن أحكام الله تعالى، وأنها أحسن الأحكام وأنفعها للعباد وأقومها لمصالح الخلق في المعاش والمعاد; فلم يرضوا عنها بديلا.

قوله في حديث عبد الله بن عمر:"لا يؤمن أحدكم": أي: إيمانا كاملا، إلا إذا كان لا يهوى ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بالكلية; فإنه ينتفي عنه الإيمان بالكلية، لأنه إذا كره ما أنزل الله فقد حبط عمله لكفره، قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} ، [محمد:9] .

قوله:"حتى يكون هواه تبعا لما جئت به": الهوى بالقصر هو: الميل، وبالمد هو: الريح، والمراد الأول.

و"حتى": للغاية، والذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو القرآن والسنة.

وإذا كان هواه تبعا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لزم من ذلك أن يوافقه تصديقا بالأخبار، وامتثالا للأوامر، واجتنابا للنواهي.

واعلم أن أكثر ما يطلق الهوى على هوى الضلال لا على هوى

1أخرجه ابن أبي عاصم في"السنة" (15) , والخطيب في"التاريخ" (4/369) , والبغوي في"شرح السنة" (1/212) , وابن الجوزي في"ذم الهوى" (ص 18) . وانظر: كلام ابن رجب على سند الحديث في"جامع العلوم والحكم"حديث رقم (41) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام