فهرس الكتاب
الصفحة 433 من 1122

قوله:"ما عنتم":"ما": مصدرية، وليست موصولة; أي: عنتكم; أي: مشقتكم; لأن العنت بمعنى المشقة، قال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} 1 أي: المشقة.

والفعل بعد"ما"يؤول إلى مصدر مرفوع، لكن بماذا هو مرفوع؟ يختلف باختلاف"عزيز"إذا قلنا: بأن"عزيز"صفة لرسول; صار المصدر المؤول فاعلا به; أي: عزيز عليه عنتكم، وإن قلنا: عزيز خبر مقدم; صار عنتكم مبتدأ، والجملة حينئذ تكون كلها صفة لرسول، أو يقال: عزيز مبتدأ، وعنتكم فاعل سد مسد الخبر على رأي الكوفيين الذي أشار إليه ابن مالك في قوله:

.وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد.

قوله:"حريص عليكم": الحرص: بذل الجهد لإدراك أمر مقصود، والمعنى: باذل غاية جهده في مصلحتكم; فهو جامع بين أمرين: دفع المكروه الذي أفاده قوله: {} وحصول المحبوب الذي أفاده قوله:"حريص عليكم"; فكان النبي صلى الله عليه وسلم جامعا بين هذين الوصفين، وهذا من نعمة الله علينا وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون على هذا الخلق العظيم الممثل بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} 2.

قوله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} "بالمؤمنين": جار ومجرور خبر مقدم، و"رءوف": مبتدأ مؤخر، و"رحيم": مبتدأ ثان، وتقديم الخبر يفيد الحصر. والرأفة: أشد الرحمة وأرقها. والرحمة: رقة بالقلب تتضمن الحنو على المرحوم والعطف عليه بجلب الخير له ودفع الضرر عنه.

وقولنا: رقة في القلب هذا باعتبار المخلوق، أما بالنسبة لله تعالى; فلا نفسرها بهذا التفسير; لأن الله تعالى ليس كمثله شيء، ورحمة الله

1 سورة النساء آية: 25.

2 سورة القلم آية: 4.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام