وما استأثر الله - تعالى - به في علم الغيب لا يمكن لأحدٍ حصره، ولا الإحاطة به.
فأما قوله - صلى الله عليه وسلم:"إن لله تسعة وتسعين اسمًا، مائة إلا واحدًا، من أحصاها [1] دخل الجنة" [2] ، فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لكانت العبارة:"إن أسماء الله تسعة وتسعون اسمًا، من أحصاها دخل الجنة"أو نحو ذلك.
إذن؛ فمعنى الحديث: أَنَّ هذا العدد من شأنه أَنَّ مَنْ أحصاه دخل الجنة، وعلى هذا فيكون قوله:"من أحصاها دخل الجنة"جملة مُكَمِّلَة لما قبلها، وليست مستقلة، ونظير هذا أن تقول: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة.
ولم يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تعيين هذه الأسماء، والحديث المروي عنه في تعيينها ضعيف.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (6/ 383 من مجموع ابن قاسم [3] : تعيينها ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - باتفاق أهل المعرفة بحديثه، وقال قبل ذلك(ص 379) [4] : إن الوليد ذكرها عن بعض
(1) قال المؤلف: إحصاؤها: حفظها لفظًا، وفهمها معنًى؛ وتمامه: أن يتعبد الله - تعالى - بمقتضاها.
(2) أخرجه البخاري (2736) وفي مواضع أخر، ومسلم (2677) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وانظر: جزءًا في بيان طرق حديث:"إن لله تسعًا وتسعين اسمًا"لأبي نعيم الأصبهاني، وتعليق الشيخ مشهور آل سلمان عليه، وأسماء الله الحسنى للغصن (149 وما بعدها) .
(3) هذا الكلام يوجد في (6/ 382) .
(4) وقال في هذه الصفحة: وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أنَّ هاتين الروايتين ليستا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما كلٌّ منهما من كلام بعض السلف ... .