روى البخاري نحوه في التاريخ الكبير [1] .
وهذا الحديث على ظاهره، والنَفَسُ فيه اسم مصدر نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيسًا، مثل: فَرَّجَ يُفَرِّجُ تَفْرِيجًا وفَرَجًا، هكذا قال أهل اللغة كما في النهاية والقاموس ومقاييس اللغة [2] . قال في مقاييس اللغة: النَّفَسُ كل شيء يفرج به عن مكروب. فيكون معنى الحديث: أن تنفيس الله - تعالى - عن المؤمنين يكون من أهل اليمن.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الردة، وفتحوا الأمصار، فبهم نَفَّسَ الرحمنُ عَنِ المؤمنين الكربات) . اهـ. (ص 398 / جـ 6 مجموع فتاوى شيخ الإسلام لابن قاسم) .
المثال الرابع: قوله تعالى:"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ" [البقرة: 29] [3] .
والجواب: أن لأهل السنة في تفسيرها قولين:
أحدهما: أنها بمعنى ارتفع إلى السماء، وهو الذي رَجَّحَهُ ابن جرير، قال في تفسيره بعد أن ذكر الخلاف: (وأولى المعاني بقول الله - جل ثناؤه:"ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُن" [البقرة: 29] . علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته، وخلقهن سبع سموات) [4] . اهـ. وذكره البغوي في تفسيره: قول ابن عباس وأكثر مفسري السلف [5] . وذلك تمسكاً بظاهر لفظ (اسْتَوَى) . وتفويضًا لعلم كيفية هذا الارتفاع إلى الله - عز وجل -.
القول الثاني: إن الاستواء هنا بمعنى القصد التام؛ وإلى هذا
(1) التاريخ الكبير (4/ 231) .
(2) النهاية (931) ، القاموس (745) ، مقاييس اللغة (5/ 460) .
(3) مجموع الفتاوى (5/ 402 وما بعدها) .
(4) تفسير الطبري (1/ 457) .
(5) تفسير البغوي (1/ 59) .