قوله تعالى:"وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ" [ق: 16] ، وقوله:"وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ" [الواقعة: 85] حيث فُسِّرَ القُرْبُ فيهما بقرب الملائكة.
والجواب: أن تفسير القرب فيهما بقرب الملائكة ليس صرفًا للكلام عن ظاهره لمن تدبره [1] .
أما الآية الأولى: فإنَّ القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك، حيث قال:"وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" [ق: 16 - 18] ففي قوله:"إِذْ يَتَلَقَّى"دليل على أن المراد به قرب الملكين المتلقيين.
وأما الآية الثانية: فإن القرب فيها مقيد بحال الاحتضار، والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة، لقوله تعالى:"حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ" [الأنعام: 61] ثم إن في قوله:"وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ" [الواقعة: 85] دليلًا بينًا على أنهم الملائكة، إذ يدل على أن هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره، وهذا يُعَيِّنُ أن يكون المراد قرب الملائكة، لاستحالة ذلك في حق الله - تعالى -.
(1) مجموع الفتاوى (4/ 250، 253) ، شرح حديث النزول (365) ، الروح (65) ؛ مدارج السالكين (2/ 290) .