قوله تعالى عن سفينة نوح:"تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا" [القمر: 14] ، وقوله لموسى:"وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي" [طه: 39] .
والجواب: أن المعنى في هاتين الآيتين على ظاهر الكلام وحقيقته، لكن ما ظاهر الكلام وحقيقته هنا؟ [1]
هل يقال: إِنَّ ظاهره وحقيقته أَنَّ السفينة تجري في عين الله؛ أو أن موسى - عليه الصلاة والسلام - يربى فوق عين الله - تعالى -؟!!
أو يقال: إن ظاهره أن السفينة تجري وعين الله ترعاها وتكلؤها، وكذلك تربية موسى تكون على عين الله - تعالى - يرعاه ويكلؤه بها.
ولا ريب أن القول الأول باطل من وجهين:
الأول: أنه لا يقتضيه الكلام بمقتضى الخطاب العربي، والقرآن إنما نزل بلغة العرب، قال الله - تعالى:"إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" [يوسف: 2] ، وقال تعالى:"نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ" [الشعراء: 193 - 195] ، ولا أحد يفهم من قول القائل: (فلان يسير بعيني) أَنَّ المعنى: أنه يسير داخل عينه، ولا من قول القائل: (فلان تخرج على عيني) ، أَنَّ تخرجه كان وهو راكب على عينه، ولو اِدَّعَى مُدَّعٍ
(1) بدائع الفوائد (2/ 399 - 400) ، وتوضيح مقاصد العقيدة الواسطية (93 - 103) .