فهرس الكتاب
الصفحة 21 من 54

منهم قال قولاً وابتدع بدعاً، فمنهم من أثبت سبع صفات لله تعالى ونفى ما عداها وهؤلاء الأشاعرة، فإنهم أقروا ببعض الصفات وأنكروا بعضاً، فمثلهم كمثل الذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض.

وهم يوافقون الجهمية في كثير من أصولهم الفاسدة فخالفوا صحيح المنقول وصريح المعقول فأعلنوا بهذا القول -أعني إثبات سبع صفات دون ما عداها- وقبل في كثير من أقوالهم عن ضلالهم وخروجهم عن منهج السلف.

وأما الجهمية النفاة فإنهم جحدوا ما علم من الدين بالضرورة وكابروا في ذلك وأتوا بالجهالات في قالب البينات وبالضلالات في قالب الحقائق الإيمانية.

فخالفوا الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وقد كفّرهم مئات من العلماء حتى قال الإمام الثقة الثبت البخاري رحمه الله في خلق أفعال العباد ص"11":"وإني لأستجهل من لا يكفرهم إلا من لا يعرف كفرهم".

وروى الدارمي في الرد على الحهمية ص"21"عن عبد الله بن المبارك أنه قال:"لأن أحكي كلام اليهود والنصارى أحبُّ إليّ من أن أحكي كلام الجهمية". قال الدارمي رحمه الله ص"25":"وصدق ابن المبارك، إن من كلامهم في تعطيل صفات الله تعالى ما هو أوحش من كلام اليهود والنصارى".

وقال رحمه الله ص"181":"فالجهمية عندنا زنادقة من أخبث الزنادقة".

ومن كانت عنده معرفة بحال الجهمية وله نور يفرق به بين الحق والباطل علم أن هذا القول وما قبله عن ابن المبارك والبخاري رحمة الله عليهما حق وصدق دل عليه الكتاب والسنة، وليس في شيء مما تقدم غلو ولا إفراط كما زعم المعلق على سير أعلام النبلاء (12/ 456) فلو قرأ هذا المعلق أقوال الجهمية ونظر في كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد والرد على الجهمية للدارمي وخلق أفعال العباد للبخاري لما تجرأ على هذا القول الصادر عن جهل بحقيقة مذهب الجهمية وما هم عليه.

وأما قوله معلقاً على قول البخاري المتقدم:"لا يوافقه عليه جمهور العلماء سلفاً وخلفاً". فهذا جهل آخر ولم ينقل لنا من هم جمهور العلماء الذين لم يوافقوا البخاري ومَنْ نقل عنهم ذلك، والحقائق تكذب دعواه وتبطل قوله فإن جمهور العلماء على قول البخاري

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام