فهنا يظهر الحق من الباطل فإن الحق عليه نور، والباطل عليه ظلمة.
الوجه الرابع: أننا لو سلمنا أن الترمذي وغيره من أهل الحديث أخطأووا في تصحيح هذا الحديث ومن ذكرهم السقاف هم المصيبون فلا يتم مطلوب السقاف من نفي الصورة عن الله تعالى فإن إثبات الصورة لله تعالى ليس مبنياً على الحديث المتقدم ليس غير إنما جاء إثبات الصورة لله تعالى بأحاديث صحيحة مجمع على صحتها متلقاة بالقبول مقابلة بالتسليم عند الصحابة والتابعين الذين هم أعلم الناس وتلقاها عنهم من بعدهم من أئمة الهدى ومصابيح الدجى الذين بهم قام الكتاب وبه قاموا وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا، وبدّعوا وضللوا من أنكرها أو حرفها من أهل البدع والضلال.
فمن هذه الأحاديث حديث أبي هريرة المخرج في صحيح البخاري (ج 11/ 444 - 445 فتح) ومسلم (ج 3/ 17 - 18 - 19 نووي) قال أبو هريرة: قال أناس يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة فقال:"هل تضارُّون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: هل تضارُّون في القمر ليلة البدر وليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك يجمع الله الناس فيقول من كان يعبد شيئاً فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس ويتبع من كان يعبد القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا".
فهذا الحديث فيه إثبات رؤية المؤمنين لربهم جل وعلا فإنهم يرونه يوم القيامة ويرونه بعد دخول الجنة كما صحت بذلك الأحاديث، وفيه إثبات الصورة لله تعالى ومن نفاها فإنما يرد على الرسول قوله وهذا من أعظم الضلالة وأشنعه، وهل هناك أعظم من هذا البيان في قول الرسول، صلى الله عليه وسلم:"فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون"ومهما أوتي المرء من العلم والبيان لن يأتي بمثل هذا الإيضاح والبيان في إثبات الصورة لله تعالى، وأهل العلم والدين يتلقون أقوال الرسول إذا صحت نسبتها إليها بالقبول ويقابلونها بالتسليم دون تعطيل أو تمثيل، ومن وجد في نفسه حرجاً من ذلك فليس بمؤمن. قال الله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) . ومن رد حديث الصورة أو غيره من الأخبار الثابتة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعد بلوغه النصوص.
فهو والله بمعزل عن هذا التحكيم، وأهل الأهواء لم يكتفوا برد أحاديث الصورة بل ردوا معظم الأحاديث الصحيحة الدالة على إثبات الصفات لله تعالى، وانقسموا شيعاً كل حزب