فهرس الكتاب
الصفحة 12 من 54

وأما إن كان المرجع النظر في طرق الحديث على حسب قواعد المحدثين فقد أثبتُّ فيما تقدم صحة الحديث بما لا يدع شكًّا عند المنصف، صاحب الحق الذي جعل الحق ضالته أينما وجده أخذه، وما أعزّه في هذا الزمان.

وأما قول السقاف: إن الذهبي قال عنه إنه منكر فهذا كذب على الذهبي، فقد تقدم أن الذهبي أراد حديثاً آخر والسقاف خلط بينهما تلبساً وتدليساً والله المستعان.

فهذه بضاعة المفلس من العلم والورع ليس عنده إلا الكذب والتلبيس، وقد تقدم أيضاً أنه كذب على ابن الجوزي والسيوطي فهذا مما يوجب التثبت في نقله لكثرة كذبه لبث بدعه وضلالاته.

والحاصل أن حديث:"أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال يا محمد ...". حديث صحيح.

قال ابن مندة في الرد على الجهمية ص"91":"وروى هذا الحديث عن عشرة من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، ونقلها عنهم أئمة البلاد من أهل الشرق والغرب"، ومن سوّى بينه وبين حديث: رأيت ربي جعداً أمرد .."فقد وهم."

فإذا علم صحة الحديث فليعلم أن الصورة ثابتة لله تعالى في غير هذا الحديث، فقد جاء في الصحيحين أيضاً إثبات الصورة لله تعالى.

وعلماء السلف يثبتون ذلك لله إثباتاً بملا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل، وسيأتي إن شاء الله بيان ذلك ونقل كلام السلف في إثبات الصورة لله فيجب إثباتها دون تحريف أو تعطيل، فإن من نفى عن الله صفة ثابتة فقد أعظم على الله الفرية، وقفا ما لا علم له به، وسلك مسلك النفاة الجهمية، وإذا علم أيضاً صحة الحديث فليعلم أن رؤية النبي، صلى الله عليه وسلم، لربه في الأحاديث المتقدمة رؤيا منام كما في حديث معاذ وغيره، ورؤيا الأنبياء حق، وقد صح الأثر بما لا مجال للاجتهاد فيه بأنها وحي.

فروى ابن أبي عاصم في السنة (ج 1/ 202) ، عن ابن عباس بسند حسن قال:"كانت رؤيا الأنبياء وحياً".

وروى أيضاً (ج 1/ 202) بسند صحيح عن معاذ، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما رأى في نومه وفي يقظته فهو حق"."

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام