فصل: هل يشرع تكفير المعيّن إذا وقع منه ما يقتضيه؟
من البدع المحدثة إطلاق القول بعدم تكفير المعيّن، و يُكتفى بإطلاق التكفير، ظنّا من أصحاب هذه البدعة أنّ هذا هو منهج السلف و أنّهم ما كفّروا أحدا بعينه و لعلّ ما مضى فيه ردّ على هذا الزعم و على هذه البدعة المنكرة و الّتي من لوازمها تعطيل باب الردّة و أحكامه.
قال [1] الشيخ أبو بطين: ما سألتَ عنه، من أنَّه هل يجوز تعيين إنسان بعينه بالكفر، إذا ارتكب شيئاً من المكفِّرات، فالأمر الذي دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة وإجماع العلماء على أنَّه كفرٌ، مثل الشرك بعبادة غير الله سبحانه، فمن إرتكب شيئاً من هذا النَّوع أو جنسه، فهذا لا شكَّ في كفره.
ولا بأس بمن تحققت منه أشياء من ذلك أن تقول كفر فلان بهذا الفعل [2] ويبيّن هذا أنّ الفقهاء يذكرون في باب حكم المرتد أشياء كثيرة يصير بها المسلم مرتدا كافرا ويستفتحون هذا الباب بقولهم: من أشرك بالله فقد كفر وحكمه أنّه يستتاب فإن تاب وإلاّ قتل، والإستتابة إنّما تكون مع معين.
وقال [3] أيضا: وكلام العلماء في تكفير المعين كثير وأعظم أنواع هذا الشرك عبادة غير الله وهو كفر بإجماع المسلمين ولا مانع من تكفير من إتصف [4] بذلك لأنّ من زنا قيل فلان زان ومن رابا قيل فلان ربا. اهـ
وقال [5] الشيخ أيضا: نقول في تكفير المعين ظاهر الآيات والأحاديث وكلام جمهور العلماء يدل على كفر من أشرك بالله فعبد معه غيره ولم تفرق الأدلة بين المعين وغيره [6] قال تعالى:"إنّ الله لا يغفر أن يشرك به"وقال تعالى:"فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم"وهذا عام في كلّ واحد من المشركين، وجميع العلماء في كتب الفقه يذكرون حكم المرتد وأوّل ما يذكرون من أنواع الكفر والردّة الشرك فقالوا: إنّ من أشرك بالله كفر ولم يستثنوا الجاهل، ومن زعم لله صاحبة أو ولدا كفر ولم يستثنوا الجاهل، ومن قذف عائشة كفر، ومن استهزأ بالله أو رسله أو كتبه كفر إجماعا لقوله تعالى:"لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"ويذكرون أنواعا كثيرة مجمعا على كفر صاحبها ولم يفرقوا بين المعين [7] وغيره ثمّ يقولون: فمن إرتدّ عن الإسلام قتل بعد الإستتابة، فحكموا بردته قبل الحكم بإستتابته، فالإستتابة بعد الحكم بالردّة، والإستتابة إنّما تكون لمعين ويذكرون في هذا الباب حكم من جحد وجوب واحدة من العبادات
(1) - مجموعة الرسائل والمسائل، 1/ 657، (في رسالة له في تكفير المعين الذي أشرك بالله ولو جاهلا)
(2) - قال الشيخ علي الخضير: لاحظ علقه بالفعل و أجاز إجراء الاسم عليه.
(3) - مجموعة المسائل 1/ 657
(4) - قال الشيخ علي الخضير: لاحظ ربطه باتصافه بذلك ولم يعذره بالجهل
(5) - الدرر10/ 401
(6) - أي في مجال الشرك لافرق بين المعين وغيره بخلاف المسائل الخفية.
(7) - قال الشيخ علي الخضير: هذه حكاية إجماع في عدم التفريق بين المعين وغيره في الشرك الأكبر بل بدعية ذلك.