الصفحة 82 من 101

الفهم أنواع ثلاثة:

1 -فهم معنى الحجة وذلك أن تقام الحجة بلغة المعين، إن كان عربيا فبالعربية وإن كان أعجميا فبلغته الأعجمية، وإن كان عامّيا فبالعامّية. فهذا شرط لازم.

قال تعالى:"وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه ليبيّن لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم".

2 -و الضرب الثاني من الفهم: فهم الحجة كونها أرجح من غيرها فهذا ليس بشرط ولا بلازم لقول الله تعالى:"وجعلنا في قلوبهم أكنّة أن يفقهوه"

قال [1] الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى: وقد أخبر الله تعالى عن الكفار: أنّهم لم يفهموا، فقال:"وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً" [الأنعام: 25]

وقال:"إنّهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنّهم مهتدون"

[الأعراف: 30] فبيّن الله سبحانه: أنّهم لم يفقهوا، فلم يعذرهم لكونهم لم يفهموا، بل صرح القرآن بكفر هذا الجنس من الكفار، كما في قوله تعالى:

"قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً، الّذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً، أولئك الّذين كفروا بآيات ربّهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً"الآية [الكهف: 103 - 105] .إه

و قال [2] رحمه الله تعالى: فحجة الله قائمة على عباده ببلوغ الحجة لا بفهمها فبلوغ الحجة شيء وفهمها شيء آخر ولهذا لم يعذر الله الكفار بعدم فهمهم بعد أن بلغتهم حجته وبيناته [3] .إنتهى

قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره عند قوله تعالى في سورة الأعراف

"فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة إنّهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنّهم مهتدون". قال: إنّ الفريق الذي حق عليهم الضلالة إنّما ضلوا عن سبيل الله وجاروا عن قصد المحجة بإتخاذهم الشياطين نُصراء من دون الله وظُهراء جهلا منهم بخطأ ما هم عليه من ذلك بل فعلوا ذلك

(1) - رسالة العذر بالجهل، ص: 15 - 16

(2) - الدرر السنية (10/ 359)

(3) - و مسألة فهم الحجّة تختلف بالمسألة ذاتها، فمن المسائل من يشترط فيها فهم الحجّة و يُقصد بالفهم إزالة الشبهة، سواء قال بعد ذلك فهمت أو قال ما فهمت معرضا و معاندا فهذا يعتبر أنّ الحجّة قد قامت و هذا في المسائل الخفية، كما سيأتي تقريره في النوع الثالث من أنواع فهم الحجّة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام