الصفحة 81 من 101

فصل: إقامة الحجّة

و توضيحا لِما قرّرناه آنفا من أنّ الحجّة قائمة بأمرين وهما:

-التمكن من العلم - والقدرة على العمل.

قال [1] الإمام ابن القيم رحمه الله:

الطبقة السابعة عشرة: طبقة المقلّدين و جهال الكفرة و أتباعهم و حميرهم الّذين معهم تبعا لهم، و كفر هؤلاء إنّما هو بمجرد إتباعهم للكفار و تقليدهم.

ثمّ قال: نعم لا بد في هذا المقام من تفصيل به يزول الإشكال، وهو الفرق بين مقلد تمكن من العلم ومعرفة الحق فأعرض عنه، ومقلد لم يتمكن من ذلك بوجه، والقسمان واقعان في الوجود.

فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله.

وأمّا العاجز عن السؤال والعلم الذي لا يتمكن من العلم بوجه فهم قسمان أيضا: أحدهما: مريد للهدى مؤثر له، محبّ له غير قادر عليه، ولا على طلبه لعدم من يرشده، فهذا حكمه حكم أرباب الفترات، ومن لم تبلغه الدعوة.

الثاني: معرض لا إرادة له، ولا يحدث نفسه بغير ما هو عليه.

فالأوّل يقول: يا ربّ لو أعلم لك دينا خيرا ممّا أنا عليه لدنت به، و تركت ما أنا عليه، و لكن لا أعرف سوى ما أنا عليه، ولا أقدر على غيره، فهو غاية جهدي ونهاية معرفتي.

و الثاني: راضي بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه، ولا تطلب نفسه سواه، ولا فرق عنده بين حال عجزه و قدرته.

و كلاهما عاجز، وهذا لا يجب أن يلحق بالأوّل لما بينهما من الفرق، فالأوّل: كمن طلب الدّين في الفترة ولم يظفر به، فعدل عنه بعد إستفراغ الوسع في طلبه عجزا وجهلا.

والثاني: كمن لم يطلبه بل مات على شركه، وإن كان لو طلبه لعجز عنه، ففرق بين عجز الطالب، و عجز المعرض، فتأمل هذا الموضع، والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله. إنتهى.

هل يشترط فهم الحجة على من قامت عليه؟

(1) - طريق الهجرتين {391}

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام