فإن معرفة المسلم الشر وأهله له أهمية كبيرة لا تقل عن أهمية معرفة الخير، وذلك أن معرفة الشر تكون من باب عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه كما قال الشاعر، وفي معرفته يكون أخذ الحذر والحيطة منه، وفي"الصحيحين"عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال:
"كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر،"
فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم.
قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر.
قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله، صفهم لنا؟ فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك"."
إن معرفة الخير والحق لا تتم ولا تتحقق إلا بمعرفة الشر والباطل، فكم من مريد للخير لن يصيبه كما قال ابن مسعود رضي الله عنه.