{يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا} ، وقوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا} ، أي: ما يعبدون إلا شيطانا، أي: وذلك باتباع تشريعه، ولذا سمى الله تعالى الذين يطاعون فيما زينوا من المعاصي شركاء، في قوله تعالى: {وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم} الآية، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا لعدي بن حاتم رضي الله عنه لما سأله عن قوله تعالى: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله} ، فبيّن له أنهم أحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم في ذلك، وأن ذلك هو اتخاذهم إياهم أربابا.
ومن أصرح الأدلة في هذا: أن الله جل وعلا في سورة النساء بيّن أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غير ما شرعه الله يتعجب من زعمهم أنهم مؤمنون، وما ذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب ما يحصل منه العجب، وذلك في قوله تعالى: {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا} .