عنوان الفتوى : من العقود غير الجائزة في بيع المرابحة
أنا جزائري وفي حاجة لشراء سيارة، ونظرا لدخلي المحدود لا يمكن لي الشراء إلا بالتقسيط. في الجزائر يوجد بنك هو "البنك الإسلامي البركة الجزائري" يمكن التعاقد معه لاقتناء سيارة بالتقسيط مقابل ربح لفائدة البنك. ولكن هناك من يشكك في بعض بنود العقد("عقد المرابحة") الذي يعقد بين البنك و المشتري. من فضلكم نريد رأيكم في ذلك وهل هو شرعي أم لا ؟ ولماذا ؟و ها هو "عقد المرابحة" كما عقده هذا االبنك مع بعض زملائي. وحفظكم الله ورعاكم. "عقد المرابحة لتمويل الاستهلاك" بــــــين: بنك البركة الجزائري شركة مساهمة رأسمالها 500.000.000 دج خاضعة لأحكام القانون رقم 90-10 المؤرخ في 1990.04.14 المتعلق بالنقد القرض الكائن مقرها بحي بوثلجة هويدف، فيلا رقم 01، بن عكنون، الجزائر، ينوب عنها في الإمضاء على هذا العقد السيد بوعزة رشيد بصفته مدير وكالة خطابي من جهة ويشار إليها فيما يلي "بالبنك", والسيد .......................، المهنة .................، الساكن ........................................... من جهة أخرى ويشار إليه فيما يلي "بالعميل" تـــمهيد: بالإشارة إلى أحكام النظام الأساسي للبنك والتزامه بالتعامل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، بالإشارة إلى الشروط المصرفية السارية المفعول لدى بنك البركة الجزائري الملحق بهذا العقد والتي تعتبر الإطار المرجعي للشروط المالية لهذا العقد، بالإشارة إلى طلب / طلبات التمويل الموقع من العميل المتضمن(ة) أوامر الشراء الموقعة بهذا العقد والتي تعد جزء لا يتجزأ منه، حيث أن العميل طلب من البنك أن يشتري له السلعة/السلع محل الفاتورة وأمر/ أوامر الشراء المرفقين بهذا العقد واللذان يعتبران جزءا لا يتجزأ منه. حيث أن البنك فوض العميل للتعامل و التعاقد مع المزود في طلب و تسلم السلع/السلعة و/أو البضائع محل هذه الفاتورة. حيث إن الطرفين يتمتعان بكامل الأهلية القانونية المعتبرة واللازمة للتعاقد. فقد تم الإتفاق على ما يلي : المادة الأولى : الموضوع يمنح البنك العميل الذي يوافق على ذلك تمويلا بالمرابحة في حدود المبلغ المرخص به من قبل البنك مضاف إليه هامش ربح متفق عليه في كل عملية يجب على العميل أن يقدم للبنك لكل عملية مرابحة منجزة في إطار التمويل موضوع هذا العقد أمرا بالشراء يبين فيه خاصة مبلغ العملية ....(ثمن المرابحة).... ونسبة الربح المتفق عليه ومواعيد التسديد. تنفيذا لهذا العقد، يبيع البنك للعميل الذي يوافق السلع أو البضاعة محل الفاتورة أو الفواتير والأمر أو الأوامر بالشراء المرفقة بهذا العقد والتي تشكل جزء لا يتجزأ منه. المادة الثانية : استعمال التمويل يتم التمويل بتسديد البنك ثمن السلع و/أو البضاعة للمزود وكذا كافة المصاريف التي يوافق على تحملها في حدود المبلغ المذكور في المادة الأولى أعلاه، وهذا بعد تسلم الوثائق الخاصة بها (عقود، فواتير، وثائق شحن، مستند تسليم، وثائق جمركية...الخ) يلتزم العميل بشراء السلع أو البضائع محل أمر أو أوامر الشراء بنفس المواصفات المذكورة في الفاتورة أو الفواتير الملحقة بها، كما يلتزم بعدم الرجوع على البنك بخصوص أي عيب أو خلل في هذه السلع و يعتبر العميل المسؤول الوحيد فيما يخص نوعية ومواصفات السلع و/أو البضاعة محل هذا العقد، و كذلك مطابقتها للقوانين والقواعد والتنظيمات المعمول بها. المادة الثالثة : ثمن البيع وكيفية تسديده يتمثل ثمن بيع السلع و/أو البضاعة من البنك إلى العميل في مبلغ الفاتورة أو الفواتير المسددة للمزود مضافا إليها كل المصاريف و الملحقات الأخرى ونسبة الربح المتفق عليه. المادة الرابعة : التأمين يلتزم العميل بتأمين هذه السلع و/أو البضاعة ضد كل المخاطر مع إعطاء البنك الحق في أن يحل محله لقبض التعويضات في حالة حدوث أي حادث. يتم تسديد ثمن كل مرابحة محل هذا العقد، كما بين في الفقرة أعلاه في الحساب الخاص بمؤونات تسديد مرابحة عميل و/أو حساب المرابحة مباشرة. يلتزم العميل بدفع ثمن المرابحة كما هو مبين في الفقرة أعلاه طبقا للأقساط المذكورة في الأمر/الأوامر بالشراء المرفق(ة) بهذا العقد والذي يعتبر جزءا لا يتجزأ منه. في حالة تسديد مبلغ الدين قبل الاستحقاق، يمكن أن يمنح البنك العميل تخفيضا من أصل ثمن المرابحة المسدد قبل الاستحقاق. يرخص العميل للبنك بموجب هذا العقد، عند حلول أجل الاستحقاق، أن يخصم المبالغ المستحقة في إطار هذا العقد من كل حساب مفتوح باسمه على دفاتر البنك. المادة الخامسة : غرامات التاخير يحق للبنك أن يفرض على المدين المماطل الذي يوافق على ذلك غرامة تأخير على المبلغ المستحق بنسبة ..... % المنصوص عليها في الشروط المصرفية السارية المفعول لدى بنك البركة الجزائري، عن كل شهر تأخير، بغض النظر عن الوسائل الأخرى التي يمنحها له القانون لتحصيل دينه.المادة السادسة : احتجاجات يصرح العميل بأنه يعفي البنك من كل احتجاج أو معارضة احتجاج وكل رجوع لعدم الوفاء، وهذا على سبيل الذكر فقط لا الحصر. المادة السابعة : الشروط الفاسخة للعقد يصبح مبلغ الدين مستحق الأداء فورا، ويفسخ العقد تلقائيا في حالة عدم احترام العميل لأي شرط من شروط هذا العقد وخاصة في الحالات التالية : - في حالة عدم دفع أي قسط من أقساط المرابحة عند الاستحقاق. - في حالة التوقف عن التجارة، الإفلاس، التسوية القضائية، التوقف عن العمل. - في حالة عدم تمكن البنك لسبب ما من أخذ الضمانات المخصصة من العميل لفائدة البنك أو سبق وأن خصصت هذه الممتلكات لفائدة بائع آخر أو أي دائن آخر. - في حالة البيع الودي أو القضائي للممتلكات المخصصة من طرف العميل كضمان، وكذلك في حالة إيجارها أو تخصيصها كحصة في شركة تحت أي شكل كان. - في حالة ما إذا كان العميل محل متابعة قضائية لأي سبب كان. - في حالة تحويل العميل لكل أو جزء من عملياته المالية الناتجة عن النشاط موضوع التمويل إلى مؤسسة مالية أخرى غير بنك البركة الجزائري. في حالة عدم تغطية التأمين المكتتب لقيمة السلعة / السلع المشتراة بواسطة هذا التمويل. - في حالة وفاة المدين، يعتبر أصل الدين بما فيه نسبة الربح، التكاليف و المصاريف غير قابلة للتجزئة، مستحقا، ويمكن مطالبته من كل واحد من ورثة المدين، غير أنه يمكن لأبناء المدين الشرعيين وزوجه الاستفادة من هذا التمويل بشرط أن يكونوا قادرين حسب تقدير البنك غير القابل للمراجعة أو المنازعة على احترام وتسديد التزامات المدين المتوفي. - وبصفة عامة في كل الحالات الواردة في القانون. المادة الثامنة : الضمانات ضمانا لتسديد مبلغ التمويل محل هذا العقد بما في ذلك الأصل، نسبة الربح، النفقات والمصاريف الأخرى، يلتزم العميل بتخصيص كل الضمانات العينية و/أو الشخصية التي يطلبها البنك. المادة التاسعة : المصاريف والحقوق اتفق الطرفان أن تكون كل المصاريف، الحقوق والأتعاب بما فيها أتعاب الموثقين والمحامين و المحضرين القضائيين و محافظي البيع بالمزاد وكذا مصاريف الإجراءات التي قد يتخذها البنك لتحصيل مبلغ التمويل الخاصة بهذا العقد أو المترتبة عنه حالا ومستقبلا على عاتق العميل وحده الذي يوافق على ذلك صراحة وذلك بأن يدفعها مباشرة أو بخصمها من حسابه أو حساباته المفتوحة لدى البنك دون الحاجة إلى إذن مسبق منه. المادة العاشرة : المرفقات تعتبر مرفقات العقد و أي مستندات أخرى يتفق عليها الطرفان، كتابيا جزءا لا يتجزأ من هذا العقد ومكملا له. المادة الحادية عشر : الموطن لتنفيذ هذا العقد، إختار الطرفان موطنا لهما العناوين المذكورة في التمهيد أعلاه. المدة الثانية عشر : حل النزاعات اتفق الطرفان على أن أي خلاف ناشئ عن تنفيذ هذا العقد أو تفسيره لم يتمكن الطرفان من حله وديا يحال على محكمة الجزائر. المادة الثالثة عشر: فسخ العقد حرر هذا العقد من ثلاثة نسخ أصلية موقعة من الطرفين بإرادة حرة خالية من العيوب الشرعية أو القانونية. حرر بالجزائر يوم ................ العميــــــــــــــــــل البنـــــــــــــــك أمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــر بالشـــــــــــــــــــــراء إلى بنــــــك البركـــة الجزائريالإســــم : ...................... اللقـــــب : ................................تاريخ ومكان الميلاد : ..................................................................العنوان : ................................................................................المهنة : ............................. المؤســسة : .....................................سيدي مدير بنك البركة الجزائري ،، لي أتشرف أن أطلب منكم شراء سيارة لحسابي الخاص ذات الأوصاف التالية : -النوع : حسب الفاتورة المرفقة -الطراز : حسب الفاتورة المرفقة -اللون : حسب الفاتورة المرفقة -المبلغ : حسب الفاتورة المرفقة كما أبقى المسؤول الوحيد على قيمة، ونوعية السلع المقتناة بموجب التمويل الاستهلاكي. وألتزم بشراء السلعة من بنك البركة الجزائري بعد استلامها، وذلك بالسعر المبين في جدول التسديد و الشروط المتفق عليها في عقد المرابحة الذي سيتم توقيعه لاحقا. و ألتزم بتسديد 30 % من مبلغ السلعة (بكامل الرسوم)، أتعهد بتسديد المبالغ المبينة في جدول التسديد المرفق. وألتزم بتعويض بنك البركة الجزائري عن كل ضرر ناتج عن عدم احترامي لشروط هذا الأمر أو بنود عقد المرابحة. وأقدم دون رجعة بموجب هذا الأمر ما يلي : توكيلا لمركز الصكوك البريدية من أجل الاقتطاع الإجباري من حساب لدى شبابيكهم، وبدون ترخيص مسبق مني، وهذا بالموازاة مع تحويل راتبي الشهري، كل قسط حال الأداء وتحويله إلى الحساب البريدي لبنك البركة الجزائري. كما يبقى هذا التوكيل ساري المفعول إلى غاية تسديد كل الدين الذي على عاتقي لبنك البركة الجزائري. ألتزم بتخصيص رهن حيازي على السلع لصالح بنك البركة الجزائري. ألتزم بتأمين السلع لدى شركة البركة والأمان للتأمين وإعادة التأمين عن كامل المخاطر طوال مدة جدول تسديد التمويل مع إنابة لصالح بنك البركة الجزائري. وأعلن أنني قد اطلعت على كامل شروط هذه العملية دون تحفظ، كما أنني لم أستفد من أي تمويل استهلاكي ساري المفعول، والتزم بصحة المعلومات التي قدمتها.في الــــــجزائر ، يوم ...........................التوقيع (مسبق بالعبارة الخطية قرئ وصودق عليه)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة عن البنود الواردة في هذا العقد لا بد من معرفة شروط المرابحة الشرعية، وقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في ذلك، فراجع مثلا الفتاوى التالية: 38811، 1608، 12240، 5706، 17429.
أما عن البنود الواردة في العقد المرفق فالكلام عنها في نقاط:
الأولى: الإصرار والتكرار على أن الأمر بالشراء والوعد به هو جزء لا يتجزأ من العقد وهذا غير صحيح، حيث إن الأمر بالشراء والوعد به شيء خارج عن العقد، والوفاء بهذا الوعد راجع إلى مسألة حكم الوفاء بالوعد، وقد ذهب الجمهور إلى استحباب ذلك، وذهب المالكية إلى الاستحباب إلا أن يكون الموعود قد دخل بسبب الوعد بالتزام، وراجع الفتوى رقم: 17057.
والثانية: مسألة البراءة من العيوب وإلغاء خيار العيب في بيع البنك السلع للعميل، وقد اختلف أهل العلم في ذلك:
فذهب الحنفية وهو رواية في مذهب مالك وقول في مذهب الشافعي إلى أن ذلك جائز ويبرأ من كل عيب كان برضى الطرفين.
وذهب المالكية والشافعية وهو رواية عن أحمد إلى أنه لا يبرأ من أي عيب إلا إذا كان عيبا باطنا لا يعلمه في دابة.
والرواية الثانية عن أحمد وهو قول في مذهب الشافعية على أنه لا يجوز مطلقا ولا يبرأ من أي عيب.
والثالثة: مسألة التزام العميل بالتأمين، فإذا كان تأمينا تعاونيا فلا حرج في ذلك إذا كان بالتراضي، وإذا كان تأمينا تجاريا فقد تقدمت لنا فتاوى كثيرة في أن ذلك حرام، فراجع مثلا الفتاوى التالية: 3281، 472، 7394، 2593 .
والرابعة: مسألة ضع وتعجل أي يحصل الاتفاق على أن المدين إذا دفع الدين قبل الاستحقاق فإنه يوضع عنه من الدين شيء، والمذاهب الأربعة على عدم جواز ذلك، وأجاز ذلك بعض أهل العلم، وراجع التفاصيل في الفتوى رقم: 21558، والفتوى رقم: 30303.
والخامسة: مسألة غرامات التأخير، حيث لا يجوز للبنك فرض غرامات التأخير على من تأخر في السداد، لأنه إما مماطل فيمكن أن يتخذوا ضده إجراءات مشروعة كالسجن أو الضرب من طرف السلطات.
قال ابن عاصم المالكي:
ومن على الأموال قد تقعدا فالحبس والضرب الشديد سرمدا
أو يأخذوا قبل ذلك من الضمانات ما يحفظ لهم حقهم، وإما أن يكون معسرا فيجب حينئذ إنظاره، قال تعالى: [وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ] (البقرة: 280). وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 34491، والفتوى رقم: 19382، والفتوى رقم: 28316.
والسادسة: اشتراط فسخ العقد والأداء الفوري إذا لم يسدد العميل أو إذا أفلس أو كان محلا لمتابعة قضائية حيث إن في هذا الشرط ما في النقطة السابقة فيما يتعلق بإعسار العميل، والواجب حينئذ إنظاره لا التضييق عليه.
وفي بقية شروط الفسخ والأداء الفوري ما يدخل في بيع وشرط وهو منهي عنه.
والسابعة: إرجاع حل النزاع الحاصل بين البنك والعميل إلى المحكمة الموجودة في البلد، وهذا الإطلاق لا يجوز، لأن الغالب في تلك المحاكم هو عدم الالتزام بالأحكام الشرعية في قضائها وخاصة في المعاملات المالية.
والثامنة: ما يتعلق بالصيغة المرفقة للأمر بالشراء، حيث إن هذه الصيغة تشتمل على التأمين وغرامة التأخير وغير ذلك مما سبق الحديث عنه.
ولمزيد فائدة راجع أيضا الفتوى رقم: 32221.
والحاصل أن في العقد المذكور من المحاذير الشرعية ما يلزم المسلم بالابتعاد عنه، فهو ظلمات بعضها فوق بعض.
والله أعلم.