عنوان الفتوى : التأمين التجاري والإيداع في البنوك الربوية عند عدم توفر البديل الإسلامي
السؤال
ما حكم إيداع الأموال في البنوك الربوية في بلد لا يوجد فيه غيرها من البنوك؟ وما حكم التأمين للسيارات في تلك البلاد؟ وقد قرأت معظم فتاواكم حول هذه المواضيع، وتبين أن الإباحة جاءت استدلالًا بقاعدة: "الحاجة تنزل منزلة الضرورة"، وقد بحثت حول هذه القاعدة، ولم أجد الكثير من المعلومات والأدلة حولها، فأرجو أن تفيدوني في ذلك. جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما إيداع المال في البنوك الربوية في البلاد التي لا توجد فيها بنوك إسلامية، فيجوز منه بمقدار ما تدعو إليه الحاجة؛ كفتح حساب جار لا تترتب عليه فوائد ربوية، والحاجة تقدر بقدرها، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: ويحرم التعامل مع البنوك الربوية في جميع المعاملات المحظورة شرعًا.
ويتعين على المسلم التعامل مع المصارف الإسلامية، إن أمكن ذلك؛ توقيًا من الوقوع في الحرام، أو الإعانة عليه.
ثالثًا: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.
وأما التأمين على السيارات، وغيرها في تلك البلاد التي لا يوجد فيها تأمين تكافلي إسلامي، فقد ناقشه المجلس الأوروبي للإفتاء في قراره 7ـ 6، وجاء فيه ما يلي: هناك حالات وبيئات تقتضي إيجاد حلول لمعالجة الأوضاع الخاصة، وتلبية متطلباتها، ولا سيما حالة المسلمين في أوروبا حيث يسود التأمين التجاري، وتشتد الحاجة إلى الاستفادة منه؛ لدرء الأخطار التي يكثر تعرّضهم لها في حياتهم المعاشية بكل صورها، وعدم توافر البديل الإسلامي -التأمين التكافلي-، وتعسّر إيجاده في الوقت الحاضر؛ فإن المجلس يفتي بجواز التأمين التجاري في الحالات التالية وما يماثلها:
1ـ حالات الإلزام القانوني، مثل التأمين ضد الغير على السيارات، والآليات، والمعدات، والعمال، والموظفين ـ الضمان الاجتماعي، أو التقاعدـ، وبعض حالات التأمين الصحي، أو الدراسي، ونحوها.
2ـ حالات الحاجة إلى التأمين لدفع الحرج والمشقة الشديدة، حيث يغتفر معها الغرر القائم في نظام التأمين التجاري، ومن أمثلة ذلك:
1ـ التأمين على المؤسسات الإسلامية، كالمساجد، والمراكز، والمدارس، ونحوها.
2ـ التأمين على السيارات، والآليات، والمعدات، والمنازل، والمؤسسات المهنية، والتجارية؛ درءًا للمخاطر غير المقدور على تغطيتها، كالحريق، والسرقة، وتعطّل المرافق المختلفة.
3ـ التأمين الصحي؛ تفاديًا للتكاليف الباهظة التي قد يتعرض لها المستأمن وأفراد عائلته، وذلك إما في غياب التغطية الصحية المجانية، أو بطئها، أو تدنّي مستواها الفني. انتهى.
وعلى هذا؛ فلا حرج على من يقيم في تلك البلاد في فتح حساب جار ببنك ربوي، إذا احتاج إليه في حفظ ماله، وغير ذلك من حاجاته المترتبة على ضرورة التعامل مع البنوك، كما لا حرج في الاشتراك في التأمين على السيارة وغيرها، والانتفاع به، وفق ما جاء في القرار.
والله أعلم.