عنوان الفتوى : حكم النذر المعلق على حصول الإجهاض
السؤال
رجل فعل فاحشة بامرأة، وحملت منه. فنذر نذرا إن أسقطت ما في بطنها؛ فسيصنع وليمة. فأخذت حبوبا؛ فأسقطت ما في بطنها.
فهل يجوز الأكل من هذه الوليمة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا أنه لا يجوز إجهاض الجنين من الزنا ولو كان قبل نفخ الروح فيه، في المفتى به عندنا، كما بيناه في الفتوى: 184185.
والواجب على الرجل والمرأة الزانيين أن يتوبا إلى الله تعالى.
وأما الأكل من الطعام المنذور، فقد بينا اختلاف الفقهاء حول هذا، في الفتوى: 175575، ورجحنا أن الأحوط عدم الأكل.
ولكن ننبه إلى أن النذر المذكور في السؤال نذر غير منعقد عند بعض العلماء؛ لأن نذره معلقٌ على حصول الإجهاض، وهذا نذرٌ معلق على فعل معصية. وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن النذر المعلق على حصول معصية كنذر المعصية سواء، لا ينعقد.
قال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: إنَّ كَلَامَهُمْ نَاطِقٌ بِأَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِالْقُدُومِ نَذْرُ شُكْرِهِ عَلَى نِعْمَةِ الْقُدُومِ، فَلَوْ كَانَ قُدُومُ فُلَانٍ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ لِلنَّاذِرِ كَأَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ أَمْرَدَ. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ كَنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ. وَرَدَّهُ شَيْخُنَا أَيْ زَكَرِيَّا -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِأَنَّهُ سَهْوٌ مُنْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ الْمُلْتَزَمِ بِالْمُعَلَّقِ بِهِ، وَاَلَّذِي يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ قُرْبَةَ الْمُلْتَزَمِ لَا الْمُعَلَّقِ بِهِ، وَالْمُلْتَزَمُ هُنَا الصَّوْمُ وَهُوَ قُرْبَةٌ؛ فَيَصِحُّ نَذْرُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ قُرْبَةً أَمْ لَا. اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ السَّهْوُ. كَيْفَ وَكَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ، فَقَدْ نَقَلُوا عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَأَقَرُّوهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ هَلَكَ مَالُ فُلَانٍ أَعْتَقْت عَبْدِي، لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ. وَكَمَا أن طَلَبَ هَلَاك مَالِ الْغَيْرِ حَرَامٌ، كَذَلِكَ طَلَبَ قُدُومَ مَنْ مَرَّ، فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. اهـ. وإذا كان النذر غير منعقد، جاز الأكل منه.
والله أعلم.