عنوان الفتوى : أقوال العلماء في مسألة أكل الناذر من نذره
ماهو الدليل من السنة المطهرة بأن الناذر لا يأكل من نذره؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا نوى الناذر بنذره جهة معينة كأن نذر للفقراء والمساكين أو للقرابات ونحو ذلك تعين عليه صرف نذره في الجهة التي نواها، ودليل هذا واضح وهو قوله صلى الله عليه وسلم:إنما الأعمال بالنيات. وأما إذا لم تكن له نية، بل نذر نذرا مطلقا أو معلقا على شرط دون أن ينوي جهة معينة، فهل له أن يأكل من هذا النذر أو لا؟ في ذلك خلاف بين العلماء وليس في المسألة نص من السنة، ولذا اختلفت اجتهادات العلماء، فأجاز المالكية الأكل مما كان من هذا القبيل مما لم يعين للمساكين بلفظ أو نية، ومنع ذلك غيرهم، جاء في الموسوعة الفقهية: وفي النذر لا يجوز للناذر الأكل من نذره، لأنه صدقة، ولا يجوز الأكل من الصدقة، وهذا في الجملة، لأن الأضحية المنذورة فيها خلاف على ما سبق بيانه، وكذلك النذر المطلق الذي لم يعين للمساكين ـ لا بلفظ ولا بنية ـ يجوز الأكل منه، عند المالكية وبعض الشافعية. انتهى.
ومأخذ من منع من الأكل من النذر هو أن النذر يسلك به مسلك واجب الشرع، فهو ملحق بجزاء الصيد ودماء الجبران في الحج مما لا يجوز الأكل منه، قال في تحفة المحتاج: ولا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ نَذْرِ الْمُجَازَاةِ قَطْعًا لِأَنَّهُ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَغَيْرِهِ مِنْ جُبْرَانِ الْحَجِّ. انتهى.
ولأن الناذر قد أخرج ما نذره من ملكه وجعله لله فلا يأكل منه إلا بنية، قال ابن قدامة في المغني: وَعَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ الْمَنْذُورِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ، وَيَأْكُلُ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَإِسْحَاقَ، لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ بَدَلٌ، وَالنَّذْرُ جَعَلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا. انتهى.
ولعل القول بعدم جواز الأكل من النذر أرجح، وهو بلا شك أحوط وأبرأ للذمة، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من نذر نذرا يترتب عليه إطعام طعام فالأصل أن الناذر لا يأكل من نذره إلا أن يشترط أو ينوي أن يأكل من نذره، فإنه يباح له الأكل كما اشترط أو نوى. انتهى.
والله أعلم.