عنوان الفتوى : المجاهدة في غض البصر وحفظ الفرج للمتزوج والعزب
السؤال
الآن أنا أعزب، لا أزني أبدًا، ولكن أشاهد المحرمات، وأنا تائق إلى الزواج، ولكنني عاجز عنه، وأعلم أنني مأمور بالاستعفاف
[وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله]. هذا حكم العاجز عن النكاح، أمره الله أن يستعفف، وأن يكف عن المحرم. تفسير السعدي.
لكن سؤالي: هل يستمر الأمر بالناس في ذلك حتى بعد الزواج، يعني أنني إذا استعففت الآن، وتزوجت لاحقًا، ينتهي موضوع الشهوة. لأنني أقرأ في فتاويكم وفي استشاراتكم أن هناك من ينظر للحرام وهو متزوج، وهناك من يزني وهو متزوج -والعياذ بالله- هل سينتهي معي الأمر عندما أتزوج، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:[من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج]. فكيف يزني المتزوج أو لا يغض بصره؟ وهل ستستمر المجاهدة في غض البصر وحفظ الفرج حتى بعد الزواج؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج لا يمنع الوقوع في الفاحشة، أو مقدماتها، فقد يزني المتزوج، وينظر إلى الحرام، ولا يحتاج هذا إلى بيان واستدلال.
وأما حديث: يا معشر الشباب؛ من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. فالمقصود به أن النكاح أدعى إلى حفظ العين والفرج عن الحرام، لا أن النكاح يجعل الزنا والنظر إلى الحرام محالا ممتنعا على المتزوج!
قال الكرماني في شرح البخاري: قوله {أغض} أي أدعى إلى غض البصر و {أحصن} أي أدعى إلى إحصان الفرج .اهـ.
وجاء في فتح الباري لابن حجر: وقوله (أغض) أي أشد غضا (وأحصن) أي أشد إحصانا له ومنعا من الوقوع في الفاحشة، وما ألطف ما وقع لمسلم حيث ذكر عقب حديث ابن مسعود هذا بيسير حديث جابر رفعه (إذا أحدكم أعجبته المرأة فوقعت في قلبه فليعمد إلى امرأته فليواقعها، فإن ذلك يرد ما في نفسه) فإن فيه إشارة إلى المراد من حديث الباب، وقال ابن دقيق العيد: يحتمل أن تكون أفعل على بابها، فإن التقوى سبب لغض البصر وتحصين الفرج، وفي معارضتها الشهوة الداعية وبعد حصول التزويج يضعف هذا العارض فيكون أغض وأحصن مما لم يكن؛ لأن وقوع الفعل مع ضعف الداعي أندر من وقوعه من وجود الداعي، ويحتمل أن يكون أفعل فيه لغير المبالغة بل إخبار عن الواقع فقط. اهـ.
فالمجاهدة في غض البصر، وحفظ الفرج تكون بعد الزواج أيضا، لكنها لا شك أيسر من مجاهدة النفس على ذلك حال العزوبية.
والله أعلم.