عنوان الفتوى : خطورة ترك الصلاة وإقامة علاقات مع الرجال الأجانب
أنا فتاة في 19 من العمر، إيماني ضعيف، فأنا لا أصلي أحيانا لأسابيع، أو لأشهر، إضافة لذلك، فأنا محتارة بين شابين في نفس الوقت، وأفكر في التوبة في نفس الوقت. تعرفت على الشاب الأول في مواقع التواصل دون أن يعرفني مظهرا، وأظن أنني أحببته، إلا أنني شعرت أنه يهملني، أو لم يعد يحبني، حينها أرسل إلي شخص آخر رسالة للتعرف، فوافقت، وبقيت معاملتي له كصديق فقط، بعد شهرين -تقريبا- أخبرني بحبه لي، إلا أنني رفضت، فطلب مني أن أحظره؛ لأنه لا يتحمل عدم حبي له، ونسيت الأمر، وبقيت على تواصل مع الأول لمدة 3 أشهر بعدها، وأنا بقيت أشعر بأن الأول لا يحبني، وفقدت الأمل من جهته.
في ذلك الوقت عاد الشخص الثاني بنية السؤال عن أحوالي -حسب قوله-، وبقينا على تواصل عبر الرسائل لمدة، وتعلقت به، فانفصلت عن الأول، وبقيت على تواصل مع الثاني لمدة عام ونصف -تقريبا-، وكنا نتبادل كلمات الحب حيث كان في كل مرة يسألني محاولة لخطبتي، وأنا أخبرته أن ينتظر حتى أنهي دراستي، ووافق، إلا أنني في الحقيقة قمت بمماطلته؛ لأنني لست متأكدة من أنني أريد الزواج منه، بل والزواج، والخطبة أصلا في سني هذا، بل الحديث معه فقط، وظننت أنني مع الوقت سأستطيع الانفصال عنه، إلا أنني مخطئة، فقد تعلق بي بشدة أكبر، وكنت كل مرة أتحدث عن الانفصال، لكنني أتردد تعلقا، وخوفا من أن يفعل شيئا لي، أو لنفسه بسببي، والآن أنا معه منذ حوالي سنة ونصف، ومتأكدة من أنني أريد الانفصال، إلا أنني ضعفت، وقمت بالتواصل مع الشخص الأول مع إبقاء مسافة الذي هو من منطقة أخرى بعيدة من منطقتي، وبعد التحدث معه لأسبوع -تقريبا- عرض علي أن يخطبني، وفي نفس الوقت ما أزال على تواصل مع الثاني، ووعدت الآخر بالزواج أيضا بعد تخرجي، والآن أنا محتارة، هل أختار أحدهما، أو أتركهما معا بأقل أضرار ممكنة؟ وإن تركتهما معا، كيف أتصرف مع الشخص الثاني الذي -حسب قوله- لا يستطيع العيش بدوني؟ وكيف أكفر عن ذنوبي وأتوب؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلنبدأ بما ذكرتِ من كونك لا تصلين أحيانا، فهذا أمر خطير، ومنكر كبير؛ فالواجب المحافظة على الصلاة في وقتها، والمداومة عليها، وقد ورد الوعيد الشديد في حق من يفرط في الصلاة، ومن ذلك قوله -تعالى-: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59}، وثبت في مسند أحمد عن عبد الله ابن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه ذكر الصلاة يوما فقال: من حافظ عليها كانت له نورا، وبرهانا، ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأبي بن خلف. ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى: 355606.
فعليك بالمبادرة إلى التوبة، والمحافظة على الصلاة، ومن ثمرات الصلاة أنها سبيل للخير، والصلاح، قال الله -عز وجل-: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ {العنكبوت: 45}.
وهذه الحال من إقامة علاقة مع الرجال الأجانب فيها كثير من التهاون، وإقامة مثل هذه العلاقة أمر محرم، وباب للفتنة، والفساد، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 30003، والفتوى: 4220. فالواجب عليك -أيضا- التوبة من هذه العلاقة، والتوبة من أعظم مكفرات الذنوب.
واعلمي أن الحياة الزوجية مشوار طويل، ولذلك فهي تحتاج لأن تقوم على أسس صحيحة تضمن لها الاستمرار على أحسن حال، ولا تبنى على مجرد العواطف، ومن أهم هذه الأسس حسن الاختيار، والشرع الحكيم قد أرشد إلى تحري صاحب الدين والخلق، كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.
وجاء في شرح السنة للبغوي عن الْحَسَن: أنه أَتَاهُ رجل، فَقَالَ: إِن لي بِنْتا أحبها، وَقد خطبهَا غيرُ وَاحِد، فَمن تُشِير عَليّ أَن أزوجها؟ قَالَ: زوّجها رجلا يَتَّقِي اللَّه، فَإِنَّهُ إِن أَحبها أكرمها، وَإِن أبغضها لم يظلمها.
فوصيتنا لك أن تسلكي سبيل الصالحات، وتبحثي عن رجل صالح؛ ليكون لك زوجا، واستعيني في ذلك بالله أولا، ثم الاستعانة بالثقات من الأقرباء، أو صديقاتك، والمرأة يجوز لها شرعا البحث عن الأزواج، وعرض نفسها على من ترغب فيه زوجا من الصالحين. وانظري الفتوى: 108281.
والله أعلم.