عنوان الفتوى : بين ترك قتل المرتد وترك إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة
اجتهد العلماء وأسقطوا نصيب المؤلفة قلوبهم من الزكاة، بحجة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتألفهم والإسلام يومئذ ضعيف، مع أنه يوجد نص قرآني واضح، وصريح بذلك. هل يمكن بالمثل إسقاط حكم الردة عن الإسلام بحجة أن الإسلام اليوم عزيز؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يصح أن يقال: إن العلماء قد اجتهدوا فأسقطوا سهم المؤلفة قلوبهم، الذي نص عليه القرآن!
بل يقال: إنهم اجتهدوا في فهم هذا الحكم القرآني، في ضوء السنة النبوية، وسنة الخلفاء الراشدين. فرأى بعضهم أن ذلك كان لعلة في أول ظهور الإسلام، فإذا انتفت هذه العلة لم يعط أصحاب هذا السهم؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، وكذلك للاكتفاء ببقية الأصناف الثمانية؛ لأنه لا يلزم تعميمها كلها بالزكاة، بل يكفي أن تصرف إلى بعضها، عند كثير من العلماء. فليس هذا تعطيلا لحكم ورد في القرآن، كما سبق بيانه في الفتويين: 74168، 50153.
على أن أهل العلم قد اختلفوا في سهم المؤلفة قلوبهم على مذاهب، سبق ذكرها في الفتوى رقم: 97467. وراجع في التعريف المؤلفة، وبيان حكمهم، والحكمة من إعطائهم، الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 5331، 33202، 80218.
وأما قتل المرتد فليس فيه شيء من هذا المعنى، وهو حكم مجمع عليه بين الفقهاء؛ وراجع في ذلك الفتوى رقم: 192053 وما أحيل عليه فيها.
ثم إن قتل المرتد على العكس من إعطاء المؤلفة، من حيث ارتباطه بعزة المسلمين وضعفهم، فحيث ضعف المسلمون كان ترك قتل المرتد أقرب لمراعاة الحال في حكم العقل، على خلاف إعطاء المؤلفة الذي يستحسن عندئذ، كما يظهر ذلك للمتأمل!
والله أعلم.