مقاتلة الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم
مدة
قراءة المادة :
17 دقائق
.
مقاتلة الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهمإنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمَّا بعدُ:
فإنَّ أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لقد أبدى نبينا محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم وأعاد في شأن كمال هذا الدين، وتحذيره من البدع والابتداع والمبتدعين، حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من أهل البدع، وبيَّن ربنا جل وعلا أنَّه قد ابتعث نبيه محمدًا عليه الصلاة والسلام بهذا الدين الكامل، وأظهره على الدين كله، ولم يبقَ شيء يحتاجه الناس إلا وفيه تمام البيان والكمال فيه، فلا مزيد بعد ذلك في شأن الدين إلا بدعةٌ يبتدعها أحد؛ قال الله جل وعلا: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]، والله يقول: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
ولذا كان سبيل أهل البدع أنْ يُحسِّنوا مسالكهم، وأنْ يتعلَّقوا بأمور يمنعها دين الله جل وعلا في أساسها وأصلها، ومن جملة البدع التي أحدثها أقوام لا يَرقُبون في أهل الإسلام إلاًّ ولا ذِمة، بدعة الخوارج التي فتحت على المسلمين من أبواب الشرور ما لا حصر له، وكان ذلك منذ العصر الأول إبَّان حياة الصحابة رضي الله عنهم، ومن هنا كان جديرًا بأهل الإسلام أن يدركوا خطر هذه البدعة، وأن يعرفوا أوصاف وأحوال أصحابها، وبخاصة أنها لا زالت تضرب بشرورها إلى يومنا هذا، وجرَّت على المسلمين من أنواع الشرور والضرر في دينهم ودنياهم ما لا يَخفى؛ أُزهقت الأرواح وأُريقت الدماء، واستُحِلَّت الحُرمات، وتغيَّرت الأحوال، وصار الناس في خوفٍ وفزع، وأعظم من ذلك كله تشويه دين الإسلام وإظهاره بأنه دين الظلم والبغي والاعتداء، لذلك كله كان جديرًا بأهل الإسلام أنْ يدركوا أوصاف هؤلاء وقد جاء بيانها تمام البيان.
وأقف في هذا المقام في عرض هذا الأمر، من خلال ما جاء في أعظم كتابين بعد كتاب الله جل وعلا، صحيحي البخاري ومسلم، جاء في الجامع الصحيح للإمام البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، قال البخاري: باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم وقول الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ ﴾ [التوبة: 115]، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يراهم شرار خلق الله، وقال: (إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين).
ثم أسند الإمام البخاري رحمه الله عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديثًا، فوالله لأن أَخِرَّ من السماء أحب إليَّ من أن أكذب عليه، وإذا حدَّثتكم فيما بيني وبينكم، فإنَّ الحرب خدعة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: سيخرج قوم في آخر الزمان أحداثُ الأسنان سفهاءُ الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرَهم، يَمرُقون من الدين كما يَمرُق السَّهم من الرميَّة، فأينما لقِيتموهم فاقتُلوهم، فإنَّ في قتلِهم أجرًا لمن قتَلهم يوم القيامة).
هؤلاء الخوارج كما يقول الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله: هم طائفةٌ وقومٌ مبتدعون، سُموا بذلك لخروجهم عن الدين، وخروجهم على خيار المسلمين.
هذا معنى وصف أهل العلم لهم بالخوارج، وكان مبدأ بدعتهم لما خرجوا على سيدنا علي رضي الله عنه، اتَّهموه في دينه، اتَّهموه في إخلاصه لله ولرسوله وللمسلمين، فما كان منه رضي الله عنه إلا أن واجههم بالحجة والبيان، وبالسيف والسِّنان، أراد أن يقيم عليهم الحجة، وهذا مسلكٌ ينبغي أن يذهب فيه أهل الإسلام من خلال العلماء؛ حتى لا يُستجرَّ الأغرار من الشباب؛ لأن هؤلاء المبتدعة من الخوارج عندهم تزيين في القول، وعندهم بهرجة في الحديث، وخاصة أن متمسَّكَهم في نصوص القرآن والسنة.
نعم كما قال ابن عمر رضي الله عنهما في حديثه المتقدم: (إنهم أخذوا آيات نزلت في الكفار، فجعلوها في المسلمين)، ولذلك فإنهم اليوم يتوجهون بالقتل لأهل الإسلام، ويعلنون أنهم يجاهدون أهل الإسلام أكثر من مجاهدتهم التي يزعمونها للكفار والمشركين، وهذا مصداق قول ابن عمر رضي الله عنهما، ولا شك أنهم شر الخلق والخليقة؛ كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما ثبت في الصحيحين.
ولذا فإن ابن عمر - وهو سيدٌ من سادات الصحابة، ومقدم علمائهم - كان يراهم شرار الخلق؛ جاء بهذا النص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر الطبري أن بُكير بن عبدالله بن الأشج سأل نافعًا رحمه الله: كيف كان رأي ابن عمر في الحرورية؟ والحرورية طائفة من طوائف الخوارج، قال: كان يراهم شرار خلق الله، انطلقوا إلى آيات الكفار، فجعلوها في المؤمنين.
وجاء أيضًا عند البزار عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخوارج، فقال: (هم شرار أُمتي يقتلهم خيار أُمتي)، وهو حديث حسن.
تقول عائشة: لَما سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الخوارج، قال: (هم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي).
وهذه بشارة ولا شك لرجال الأمن المحافظين على حرمات الحرمين، وعلى أمن الحرمين، وعلى أمن الوطن برُمته، وعلى أعراض الناس، وعلى حياتهم وأموالهم، وعلى استقرار معايشهم - أنهم في مواجهتهم للخوارج الذين يريدون قتل المسلمين والإخلال بأمن العُبَّاد والمعتمرين، والحجاج وسالكي طرق الحرمين، أنهم في مواجهتهم يواجهون شرار الخلق ولهم الخيرية، لرجال الأمن الخيرية بنص هذا الحديث الشريف.
وجاء أيضًا في رواية أخرى عند الطبراني أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال عن الخوارج: (هم شرار الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة)، وجاء أيضًا في صحيح مسلم أنَّه عليه الصلاة والسلام قال: (من أبغض خلق الله إليه هؤلاء الخوارج)، وأيضًا جاء في حديثٍ عند الطبراني أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال عنهم: (شر قتلى أظلَّتْهم السماءُ وأقلَّتهم الأرض)، وجاء أيضًا في حديثٍ عند الإمام أحمد وغيره عن أبي برزة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكره الخوارج، قال: (شر الخلق والخليقة يقولها ثلاثًا).
وبهذا يعلم أنَّ هذه الفئة من أشرِّ الناس، وذلك بما شوَّهوا به دين الله جل وعلا، وأيضًا بالنظر إلى ما يكون من الضرر اللاحق منهم على أهل الإسلام، وهذا أمرٌ مشاهد، ولذلك فإنَّ معرفة المسلم صفاتِ الخوارج، تزيده إيمانًا بالله جل وعلا، وبرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول أخبر بهم، فهو من علامات نبوَّته؛ كما ذكر البخاري رحمه الله وبوَّب عليه، وأيضًا حتى يُحذر منهم، وخاصة لدى فئات الشباب، وهكذا عموم المسلمين؛ لأن هؤلاء كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقولون من خير قول البرية، والمعنى أنَّ كلامهم حينما يسمع يظهر عليه الحسن والجمال؛ إما لأنه من القرآن، وإما لأنه يتفق مع الواقع الذي يشاهده كثير من الناس، لكنهم يستغلونه لمرادهم الخبيث، فكما صنع أسلافهم حينما قالوا في شأن الصحابة الذين وصلوا إلى التحكيم فيما بينهم لحقن الدماء، قالوا مقولةً قال عنها علي رضي الله عنه: (مقولة حق أُريد بها باطل)، كانوا يقولون: إنه لا حكم للرجال، ولا نقبل إلا كتاب الله، هذا الكلام صحيح، لكنهم أرادوا أن يتوصلوا به إلى الباطل، وهو أن يفرقوا جماعة المسلمين، وأن يثخنوا فيهم القتل وسفك الدماء، فإذا علِم المسلم أنَّ هؤلاء حتى ولو ظهر من قولهم الحسن، كما يشاهد في خطبهم، حينما يقولون: نحن نبرأ من الكفار ونقاتل المحتلين، ونفعل، ونفعل، يظن أنَّ هذا دليل على إخلاصهم، ولكنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يقولون من خير قول البرية): من أحسن كلام الناس، ومن حِكَم كلام الناس، ويستدلون بالقرآن، ولكنهم كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا يجاوز إيمانهم حناجرهم)، وفي اللفظ الآخر في الحديث الآخر: (أنهم يقرؤون القرآن لا يُجاوز حناجرهم)؛ يعني: لا تظهر آثار القرآن وأحكام القرآن التي فيها تعظيم شأن الدماء، ومنع سفكها، ومنع إزهاق الأرواح، وغير ذلك من الحرمات والأحكام، لا تظهر عليهم في واقعهم، يقرؤون القرآن مستدلين به، ولكنه لا يجاوز الحناجر، ولا تظهر آثاره في أفعالهم.
والنبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضًا جعل من صفاتهم أنهم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، وهذا أمرٌ مشاهد، فالخوارج في القديم والحديث صغار الأعمار، وهذا يجعلهم أقلَّ خبرةً ودِراية، وأبعد عن التجربة، أضِف إلى ذلك السفه في الأحلام والعقول، فعقولهم رديئة لا تقدِّر المصالح والمفاسد، ولا تنظر إلى عواقب الأمور، ينظرون أمرًا ويرتبون عليه أشياء يظنونها في المصلحة، ولكنها مما فيه الخطر على الإسلام والمسلمين، أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، ثم أخبر عنهم عليه الصلاة والسلام، فقال: (يَمرُقون من الدين كما يَمرُق السهم من الرميَّة)، والمعنى أنهم يخرجون من الدين، ووصف خروجهم من الدين بأنه سهم يخرج من الرمية، فالسهم إذا كان حادًّا وكان مطلِقه ماهرًا، خرج من الفريسة وليس عليه أثر دمٍ، ولا ريش ولا وبر، ولا غير ذلك، وهكذا هم لا تظهر آثار الدين، فتجدهم يمارسون أفعالًا تخالف الدين، ويصل بهم الحال إلى استباحة دماء المسلمين، مع أنهم يشاهدونهم يصلُّون، ويعتصمون بكلمة التوحيد العاصمة لمن قالها، فهي عاصِمة لماله ودمه وعِرضه، وقد شاهد الناس بعض المقاطع التي صُوِّرت لهؤلاء الذين يقتلون المسلمين، يجمعونهم، فيقول الشيخ الكبير منهم والصغير والشاب - من هؤلاء الذين قُيِّدت أيديهم، واتُّهِموا بالرِّدَّة -: أنا أَشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، فلا يَمنعه ذلك من قتله بدمٍ بارد، لا يهمه ولا يلتفت إلى هذه الكلمة العظيمة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإذا قالوها): إذا قال المشرك ليس المسلم حتى، إذا قال المشرك هذه الكلمة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، (عصموا مني دماءهم وأموالهم)، لكن هؤلاء الخوارج لا يلتفتون إلى الشريعة، بل إلى أهوائهم، ولشدة خطرهم، فإنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (فأينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة)، وجاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لئن أدركتُهم لأَقتلنَّهم قتْلَ عاد): القتل المستأصل الذي لا يُبقي لهم أثرًا.
وهذا كله أيها الإخوة في الله في بيان النبي صلى الله عليه وسلم وإبدائه وإعادته في شأن هذه الفئة، حتى يَحذَرَ منها المسلمون، وحتى لا يتأثر بها من قد يسمع من أقوالهم ما يظن أنه الحق، ولكن الحقيقة كما تقدَّم في إخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبيانه، وربنا جل وعلا قد قال في كتابه الكريم: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ ﴾ [التوبة: 115].
بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي النبي الكريم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمَّا بعدُ:
فيا أيها الإخوة الكرام، هذا خبر نبينا صلى الله عليه وسلم عن واحدةٍ من طوائف الابتداع، وقد تحدث العلماء رحمهم الله في شأن بدعة الخوارج، هل هي مكفِّرة لهم، أم أنهم لا زالوا داخل حظيرة الإسلام، لم يخرجوا من مُسمَّى الإسلام؟ ومهما يكن من أمر، فإن مواجهتهم واجبةٌ على أئمة المسلمين، وذلك بالنظر لَما يلحقونه بالإسلام وأهله من أنواع الضرر، ومما يجب في مواجهتهم حمايةُ الناس من أنْ يتأثروا بفكرهم، وخاصة في زماننا اليوم، مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، وشبكات الإنترنت التي تجعل أمثالَ هذه الكلمات المرددة - من الخوارج، وأهل الابتداع - تجد قبولًا وصدًى في نفوس الشباب الذين ربما حينما يشاهدون الظلم الواقع على أهل الإسلام في عدد من الديار، ربما صدَّقوا واقتنعوا بما يطرحه هؤلاء الخوارج، لكن حينما توجد الحصانة - الحصانة الفكرية والعقدية من معتقد الخوارج - فإن هذا يمنع رواجها فيما بين الناس، ومن أعظم ما يكون من التحصُّن من هذه الأفكار: الاطلاع على ما جاءت به السنة النبوية في التحذير من فكر الخوارج ومسلكهم، فليس بعد بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان، وليس بعد نصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم من نصح وتوضيح وإخلاص، وقد تقدم في الأحاديث التي سقتها هنا وغيرها كثير مما يوضِّح أن زخرفة الخوارج لأقوالهم ينبغي ألا يُغترَّ بها مهما أجلبوا به من الأقوال وعللوا به من العلل، فإنَّ التعامل مع مشكلات المسلمين اليوم، وما يقع عليهم من ظلم، إنما مسلكه وحلُّه فيما دلت عليه نصوص القرآن والسنة، وليس بالبدع، وليس بالظلم والبغي والعدوان.
ولا ريب أنَّ مما يوضح ضلال فكر الخوارج الذين في زماننا اليوم، ما أخبر به ابن عمر رضي الله عنهما، أنهم توجهوا إلى نصوص نزلت في الكفار، فجعلوها في المسلمين، وهذا مشاهد اليوم، ولذلك وجدنا كيف هي حربهم لوطن التوحيد المملكة العربية السعودية، ولا يحفظ عنهم أنهم توجَّهوا لمقاتلة أهل الكفر والشرك مع إمكانهم ذلك، ولم يتوجهوا أيضًا لأجل أن يقاتلوا أهل البدع المكفرة، كما يكون من أهل العقيدة الصفوية التي فيها حرب لأهل السنة، إنما هم في واقع الأمر على تواصل، وإن ظهر في العلن ما هو بخلاف ذلك.
والمقصود أيها الإخوة الكرام أن بيان النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الخوارج، وتأكيده بوجوب مواجهتهم وقتلهم، وعدم الاغترار بآرائهم - قد جاء متكررًا ومؤكدًا بما يوضح خطورتهم، وما ينبغي على أهل الإسلام من الاحتراز من أفعالهم.
نسأل الله جل وعلا أن يعيذنا والمسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
ألا وصلوا وسلِّموا على خير خلق الله نبينا محمد، فقد أمرنا الله بذلك، فقال عز من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.
اللهم اجعل بلدنا آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.
اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم ارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، وأبعِد عنهم بطانة السوء يا رب العالمين، اللهم وفِّقهم لما فيه خير البلاد والعباد.
اللهم اشفِ وليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم ألْبسه لباس الصحة والعافية، وارزقه الحفظ والتوفيق لما فيه خير العباد والبلاد.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقِنا عذاب النار.
اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ولِّ عليهم خيارهم، واكفهم شرارهم، اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان يا رب العالمين.
اللهم احفظ إخواننا المشردين والمبتلين في الشام، اللهم أمِّن خوفهم، اللهم اجمع فُرقتهم، اللهم انصرهم على من ظلمهم يا رب العالمين، اللهم اقتل طاغية الشام، وأهلِك جُنده وأعوانه، اللهم خلِّص المسلمين من شره يا قوي يا عزيز.
اللهم انزل عذابك ومَقتك باليهود المحتلين، اللهم عليك باليهود المحتلين ومَن أعانهم يا قوي يا عزيز.
اللهم اغفِر لنا ولوالدينا، وارحمهم كما ربونا صغارًا.
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن يا حي يا قيوم.
سبحان ربك ربِّ العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.