عام 1910
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أني سكتّ وما عدمت المنطقا | لولا أخوك سبقت فيك الأسبقا |
وهززت أوتار القلوب بصامت | يشتاق كلّ مهذب أن ينطقا |
فبعث في أفواههم مثل الطلى | ونفشت في أسماعهم شبة الرقى |
وألنت قاسي الشعر حتى يبتغي | وشددت منه اللين حتى يتّقي |
وجلوت للأبصار كلّ خريدة | عصماء تحسدها النجوم تألّقا |
تبدو فتترك كلّ قلب شيّق | خلوا ، وتترك كلّ خال شيّقا |
ولى أخوك فما أمضى النوى | ولقد قدمت فما هششت إلى اللقا |
أقبلت والدنيا إلّي بغيضة | هلاّ سبقت إلّي أسباب الشّقا؟! |
حنقت بلا سبب علّي وإنّه | سبب جدير عنده أن أحنقا |
علقت أخي كفّ المنون وكدت أن | أسعى على آثاره لولا التّقى |
ما أشفقت نفسي علّي وإنما | أشفقت أن أبكي الصديق المشفقا |
ودّعته كالبدر عند تمامه | والبدر ليس بآمن أن يمحقا |
ولقد رجوت له البقاء وإنما | يدنو الحمام لمن يحبّ له البقا |
أصبحت مثل النسر قصّ جناحه | فهوى ، ولو سلم الجناح محلّقا |
تائي الرجاء فلا أسير موثق | أرجو الفكاك ، ولست حرا مطلقا |
ولقد لبست من السّواد شعائرا | حتى خضبت من الحداد المفرقا |
وزجرت عيني أن تسرّ بمنظر | ومنعت قلبي بعده أن يخفقا |
لا أظلم الأيام فيما قد جنت | لا تأمن الأيام أن تتفرّقا |
كن كيف شئت فلست لأسكن للمنى | بعد الحبيب ، ولست أحذر موبقا |
علم نسيت سعوده بنحوسه | قد يحجب الليل الهلال المشرقا |
لم أنس طاغية الملوك وقد هوى | عن عرشه وأسيره لما ارتقى |
والشاه منخلع الحشاشة واجف | أرأيت شاها قطّ أصبح بيدقا؟ |
ما زال يحتقر الظبى حتّى غدا | لا تذكر الأسياف حتى يصغا |
بتنا إذا التركّي ضجّ مهلاّ | عبث الهوى بالفارسيّ فصفّقا |
ذكرى تحرّك كلّ قلب ساكن | حتّى ليعشق بعدما أن يعشقا |
فيم على النيل النحوس ولم يكن | دون الخليج ولا الفرات تدفّقا |
إن لم أذّذ عن أرض مصر موفقا | أودى بآمالي الزمان موفقا |
ما بآلها تشكو زوال بهائها | وهي التي كانت تزين المشرقا |
قد أخلقت كفّ السياسة عهدها | إنّ السياسة لا تراعي موثقا |
كذبوا على مصر وصدّق قولهم | والشرّ إن يجد الكذوب مصدّقا |
وأبو علينا أننا لا ننتهي | من مأزق حتى نصادف |
سلكوا بنا في كلّ ضيّق | حتّى قنطا أن يصيبوا ضيّقا |
منعوا الصحافة أن تبثّ شكاتنا | منعوا الكواكب تبين وتشرقا |
لو أنصفوا رفعوا القيود فإنّما | يشكو الأسير إما أرهقا |
وسعوا إلى سلب القناة فأخفقوا | سعيا، وشاء اللّه أن لا تخفقا |
عرض الحساب المستشار ولم يكن | لولا السياسة حاسبا ومدّققا |
أيكون غاضبنا ويزعم أنّه | أمسى علينا محسنا متصدّقا |
أبني الكنانة لستم أبناءها | حتى تقوا مصر البلاء المطبقا |
إن تحفظوها تحفظوا في نسلكم | ذكرا يخلّد في الليالي رونقا |