ما لي أَرى في العيدِ كلَّ معيِّدٍ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ما لي أَرى في العيدِ كلَّ معيِّدٍ | ويفوت طرفى شخصَ من أهواهُ |
ما ذاك إلاّ أنّه غبطَ الرّدى | أهلَ الزّمانِ بقُرْبهِ فدهاهُ |
لبّاهُ لمّا أنْ دعاه مشمّراً | وبرغمِ قلبى أنّه لبّاهُ |
ولقد رمَى قلبي الرَّدى لمّا انْتَحى | مَن كانَ حشوَ ضميرهِ فرماهُ |
كيف السّلوُّ ؟ وكلّما أمرَ النّهى | بلزومِهِ قلبي أبَى فعصاهُ؟ |
أمْ كيف أنساهُ ؟ وفقدُ نظيرهِ | يأبى لقلبى الدّهرَ أنْ ينساهُ |
وكأنَّني وَجْداً به وصبابة ً | أنّى طمحتُ بناظرى َّ أراهُ |
ولقد تمكَّن في الفؤادِ مكانُهُ | لمّا بلوتُ على الزّمانِ سواهُ |
ولربّما أصغى يودّك كلّه | نحو الذى تهواهُ من تقلاهُ |
ويحقُّ لى آبى العزاءَ عن أمرئٍ | مازالَ إنْ عزَّ القبيحُ أباهُ |
يُضحى خميصَ البطنٍ من زاد الهَوى | والحرُّ من للهِ كان طواهُ |
وتراه منقبضَ الجوارحِ والخطا | فإذا سَرى فإلى الجميل سُراهُ |
يُعيي الورَى إسخاطُهُ مَعَ أنَّه | في كلِّ شيءٍ يرتضيهِ رِضاهُ |
والأمرُ يُعرِضُ عنه مالم يرتبطْ | بك نفعُهُ فإذا عَناكَ عناهُ |
ولمنْ يودّك ودّهُ وصفاءهُ | ولمن يريبك ريبهُ وقلاهُ |
ولكَ الّذى يرجوه لا يثنى به | كفّاً وليس عليك ما يخشاهُ |
ولقد رأيتُ أخاه في النَّسَبِ الذي | لا حَمْدَ فيه وما رأيتَ أخاهُ |
والنّاسُ كلُّهُمُ لأَصلِ واحدٍ | وتفاضلُ الأقوامِ فى عقباهُ |
لهفى على من كان قولى بعد ما | واراهُ خَلْفَ التُّربِ ما واراهُ |
ليس البعيدَ أخو التّغرّبِ والنّوى | لكنَّ من هلنا عليه ثراهُ |
سيّانِ عندي بعدَ نازلة ِ الرَّدى | مَنْ مدَّ أوْ قَصَرَ الزّمانُ مَداهُ |
والدّارُ زائلة ٌ بنا لولا المنى | ممّنْ تَعَوَّدَ أنْ تخيبَ مُناهُ |
يسعَى الفتى فيما يجرُّ ذيولَه | وإلى المنايا سعيهُ وخطاهُ |
ويُسَرُّ إنْ أرخَى الزَّمان خِناقَهُ | ووراءَه حَنِقٌ يَحُدُّ مُداهُ |
يخفى على عمدٍ أوانَ طروقهِ | فالمرءُ لا يدرى متى يلقاهُ |
هيهاتَ حلَّ الموتُ كلَّ قَرارة ٍ | منّا وألقى فى الجميعِ عصاهُ |
وحدا إليه غدوة ً وعشيّة ً | بركابنا من لا يملُّ حداهُ |
والنّفسُ ترجو عودَ كلِّ مسافرٍ | إلاّ امرءاً قضتِ المنونُ نَواهُ |