Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

لا لمؤتمر السكان والتنمية


الحلقة مفرغة

الحمد لله خلق الخلائق وقدر أقواتها، وقدم أرزاقها، وحدد آجالها، فلن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، أبان الطريق، وأوضح السبيل، فاستبانت نفوس الحق، وأجابت دعوة ربها، وضلت أخرى فآثرت هواها على هداها، فاستسلمت لشهواتها.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة الحق واليقين، إيماناً بحقيقتها وعملاً بمقتضاها، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، المبعوث بالهدى ودين الحق، باتباعه تبلغ النفوس مناها في آخرتها ودنياها، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، خير الأمة وأزكاها وأبرها وأتقاها، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيا أيها الناس: اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من دينكم بالعروة الوثقى.

أيها المسلمون: كرم الله بني آدم، وحملهم في البر والبحر والجو، ورزقهم من الطيبات وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلاً، بشر مُكَرَّم، جعله الله محلاً لهدايته، وأهلاً لتكاليفه، هو الوحيد من بين المخلوقات، عاقل ذو إرادة، متحكم في رغباته، قادر على كبح جماح شهواته.

نعم. إن سر التكريم وجوهر الإنسانية: العقل والإرادة وقبول التشريع.

فبغير السير على هدى الله، وبغير كبح جماح النفس، والتقدير الصحيح للمضار والمنافع؛ يكون الإنسان وحشاً كاسراً في غابة مخيفة، كم من أمة ابتعدت عن نور الله، واستسلمت لنـزواتها، وانطلقت لاهثة وراء مشتهياتها، فزلَّت بها القدم، ثم زالت إلى العدم، زلَّت ثم زالت فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:123-124].

وحضارة اليوم بِمَلاحِدَتها ومادِّيِّيْها، على هذا الطريق المنحرف تنجرف، كفار بالله، وكفار بالغيب، لا يرجون لله وقاراً. استسلموا لعقولهم، واستعبدتهم آلاتُهم وحاسباتُهم، يخططون للدنيا، ويدبرون في الكون، بعيداً عن الله وذكره وشكره، لسان حالهم ومقالهم يقول: ربنا لقد أخطأتَ التقدير، وأسأتَ التدبير، فالأقوات غير كافية، والموارد عندنا متناقصة، والأرض لنا غير متسعة! تعالى الله عما يقول الظالمون الكافرون الجاحدون علواً كبيراً: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [غافر:57].. وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [الحجر:21] ويدُ ربنا ملأى لا تعيضها نفقة، سَحَّاء الليل والنهار، سَوق الرزق بإذن الله، وتوزيعه بـحكمة الله، خلق الأرض: وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا [فصلت:10].. فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [العنكبوت:17].

أيها الإخوة: في الأيام القريبة سوف يُعقد مؤتمر يتظاهر أصحابه بالحب للبشرية، والخوف عليهم، وهو ينضح بالكفر، ويطفح بالإلحاد، ويناوئ الله في حِكَمِه وأحكامه: وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ [الممتحنة:1] ووَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ [النساء:89].

مؤتمر يهدد -فيما يزعمون- بالانفجار السكاني، ويخوف بنقص خزائن الله .

مؤتمر يزعم أن الحل لمشكلات البشر بنشر الإباحية المطلقة، وإقرار اللواط، وزواج الشواذ، وفوضى الجنس بين المراهقين والأحداث والمتزوجين والعزاب، وشرعية الإنجاب من غير زواج، وتمرد الأبناء على ولاية الآباء، والتنفير من الزواج المبكر، وإباحة الإجهاض!

وهذا تمردٌ على كل الشرائع السماوية، والقوانين الشريفة، والأخلاق السامية، والفِطَر السليمة، وإلحادٌ صارخ، وكفر بواح.

لقد أجلبوا بخيلهم ورَجِلِهم وعُدَّتهم وعتادهم، وكتبوا واستكتبوا وتنادَوا من كل جانب.

لقد زعموا أن قلة السكان تؤدي إلى زيادة التنمية، وهذا ميزان معكوس، ومعالجة سَلْبية.

إن الموارد لا تزيد -بإذن الله- إلا إذا زاد عدد البشر، فالإنسان هو الوحيد من بين المخلوقات على هذه الأرض الذي يتعامل مع هذه الموارد -بإذن الله وهدايته- بالتنمية والزيادة، والمزج والخلط، والتركيب والتوليد، والجمع والتفريق.

الصين أكثر الدول سكاناً، وهي أرفعها في التنمية معدلاً، هذا هو الحديث إليهم بمقاييسهم.

وأما أهل الإسلام، وأهل الإيمان، فينظرون إلى القضية بمقياس أكبر وأدق.

إن استدرار الأرزاق، واستجلاب الخيرات، ورفع معدلات التنمية، لا يكون ولن يكون إلا بالإيمان بالله رباً مدبِّراً خالقاً حكيماً، عليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير.

ومن مقتضيات هذا الإيمان: اتباع الأوامر، واجتناب النواهي، نؤكد الميثاق مع ربنا ولا ننقضه، ومن ثَمَّ: يكون الخضوع لله، وتحكيم شرعه، والبعد عن الظلم والتظالم، وأكل الربا، وأكل أموال الناس بالباطل، ومنع الزكاة وحقوق المال، وتقطيع الأرحام، وبخس الناس أشياءهم، وتضييع الموارد والثروات، وتبديدها فيما لا يرضي الله، والحذر من ارتكاب الفواحش، ما ظهر منها وما بطن، والإثم والبغي بغير الحق، والشرك بالله، والقول على الله بغير علم .

هذه هي مقتضيات الإيمان.

ويقترن بذلك: الأخذ بسنن الله في العلم والعمل، وحسن الاستثمار، ومراجعة السياسات الاقتصادية، والخطط التنموية، وبرامج التعليم والإعلام، والاستفادة الكاملة من الفرد والجماعة على نور من الله وهدي الإسلام.

إن البلاء في سياساتهم وليس في أُناسِيِّهِم.

خزائن الله لا تنفد، وإنما شحت أنظمتهم الجائرة، وخابت وحاقت بهم خططهم الماكرة.

ليس الحل بمعاقبة الإنسان، وإهلاك الشعوب، والتعامل مع البشر كما يُتَعامل مع النفايات، ليُلْقَى الفائض في الزبالات، ألا ساء ما يحكمون.

أيها المسلمون: أيها العقلاء! إن الأعداد البشرية، وزيادتها، ونقصها، وتوازنها، كل ذلك خاضع لسنة الله وحكمته وقدره وعلمه: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ [الرعد:8].. وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [فاطر:11] .

وخضوعاً لهذه السنن الإلهية، والحكم الربانية، جعل نبيُّنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم من أعظم الذنوب وأكبرها: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك؛ لأن حق الحياة محفوظ لكل نَسَمَة.

ولَمَّا أذن النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالعزل لمن سأله، قال عليه الصلاة والسلام: (ما من نَسَمَة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة ) وفي رواية أخرى: (اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قُدِّر لها ) هذه هي العقيدة وهذا هو الواقع.

أيها الإخوة: هذا جانب من القضية، وثَمَّة جانب آخر: إنه حكم الظالم على المظلوم، والقوي على الضعيف:

فلقد صبوا جام غضبهم على الدول الضعيفة والفقيرة، استبدو بالثروات، واحتكروا الصادرات، واتهموا الدول الفقيرة بأن فقرها وعَوَزَها بكثرة سكانها، أليسوا هم الذين يتلفون فائض الإنتاج حتى لا تنخفض الأسعار؟! أليست أسعار ما يَرِدُ منهم في تزايد، وأسعار ما يصْدُرُ إليهم في تناقص؟! اتفاقيات ومعاهدات جائرة، يبرمونها مع هؤلاء الضعاف الفقراء، منحازةٌ مع دول الشمال، وما يَرِد من الشمال، وما ينتجه الشمال، مساعداتهم التي يمنُّون بها لا تصل إلا مخنوقة بالديون، ومثقلة بفوائد الربا، ومكبلة بالشروط، ومحدودية الصرف بما لا يرفع رأساً أو يورث تنمية.

أما الستار الحديدي الغليظ، فمضروب على التقنيات، ووسائل تحسين الإنتاج، وتطوير الاستثمار، ناهيك بسياساتهم المسعورة في التسلح، وإنفاق البلايين وبلايين البلايين في إنتاج السلاح وترويجه، وافتعال الحروب ونشرها، وزعزعة الاستقرار السياسي، والمذابح الجماعية، والفتن الطائفية: (لقد ربينا أبناءنا صغاراً، فقتلتموهم كباراً) قتلتموهم حسياً، وقتلتموهم معنوياً.

إن عندهم من مخزون السلاح ما يكفي لتدمير الأرض، وإهلاك الحرث والنسل عشرات المرات، ولو أنهم اكتفوا بمخزون يكفي لتدمير العالم مرة واحدة لفاض في ميزانياتهم ما يغطي مشروعات الإنتاج والخدمات في العالم أجمع!

لكنه الإجرام الغليظ، والأنانية المستحكمة، والجور في التوزيع، والاستئثار المقيت بما يملكون من صادر، وما يقْدِرُون عليه من وارد!

ومع ذلك يتبجحون ويأتمرون ويوصون ويقررون، ثم ينْحُون باللائمة في المشكلة الإنمائية والسكانية على هذه الدول الضعيفة، ولكنه (الثور يُضْرَب لَمَّا عافت البقر).

وإن أردتم شيئاً من الحقيقة -أيها الإخوة- فلتعلموا أن تكاثر الدول الضعيفة والفقيرة -وبخاصة دول الإسلام- يخيفهم ويفزعهم، طفحت بذلك وثائقهم وملفاتهم، لقد قررت تلك الوثائق والملفات أن تزايد السكان يهدد مصالحهم ويزعزع أمنهم، ولقد قالوا فيما قالوا: إن أقطارهم أصبحت تذوب كالجليد تحت الشمس أمام تزايد الشعوب الأخرى، ولقد كان بعضهم أكثر صراحة حين قال: إنهم يواجهون في المستقبل خطر الأَسْلَمة. يعني: دخولَهم في الإسلام.

لقد تعالت نداءات كُتَّابهم ومنَظِّرِيهم في التحذير من اختلال ميزان القوى بين الشرق والغرب، حتى صرحوا بأن لدى مناطق المسلمين خصوبة، تفوق ما لديهم بأضعاف، مما سوف ينقل السلطة والقوة في مدة لا تتجاوز بضعة عقود، هذا ما حصلت به حساباتهم ونسبهم المئوية.

نعم أيها الإخوة. لقد تناقصت أعدادهم، وقلت نسب المواليد فيهم؛ فأصبحوا يدفعون الإعانات للأسر؛ لزيادة الإنجاب، ولم تزدد أعدادهم، وقد استباحوا ما حرم الله على ألسنة رسله، وتنزلت به كتبه، فأحلوا السفاح، واكتفى الرجال منهم بالرجال، والنساء بالنساء؛ فصار حالهم متردداً بين شذوذ وسحاق.

ألا فاشكروا الله أيها المسلمون، اشكروه إذ كثَّركم: وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [الأعراف:86] .

ثُـمَّ فليخسأ الـماديون: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6] .

وليُدْحَر الملاحدة: وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [العنكبوت:60].

وليَنْـدَحِر الكافـرون بالغيـظ: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً [الإسراء:31].

والصَّغار والذلة للإباحيين، فلقد بايع المؤمنات رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن.

ولنهنـأ بديننا، ولنتمسـك بالحق من عند ربنا: وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ [المؤمنون:71] .

قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ وَكَانَ الْأِنْسَانُ قَتُوراً [الإسراء:100] .

أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ [الطور:37] .

كلا. خابوا -وعزتك يا ربنا- وخسروا.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واخذل الكفرة والملاحدة وكل من خذل الدين.

اللهم وأصلح أحوال المسلمين، وبارك لهم في أرزاقهم وذرياتهم، واجعلهم شاكرين لنعمك قابلين وأتمها عليهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

استجب اللهم يا رب العالمين.

وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله القاهر فوق عباده عزاً وسلطاناً، تعالى مجده، وتعاظم ملكه، قسَّم الخلق بعدله ورحمته، فمنتحل كفراً، ومنتحل إيماناً. أحمده سبحانه وأشكره، وأسأله المزيد من فضله وكرمه، والإعانة على ذكره وشكره، وحسن عبادته، فطوبى لمن ذُكِّر بآيات ربه فزادته إيماناً، وويل لمن ذُكِّر بها فخر عليها صُماً وعمياناً.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، دعا إلى الحق سراً وإعلاناً، فأشاد بالتوحيد منائر، وكسر للشرك أصناماً، وهدم أوثاناً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، كانوا للدين دعاة وعلى الحق أعواناً، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة: إن هذا المؤتمر مؤامرة صهيونية علمانية إلحادية دولية، يُمارَس من خلالها إرهاب حضاري على الأخلاق والأسرة، وحملة شرسة على ما بقي لأهل الإسلام من تفوق في سلاحهم البشري وحصنهم الأخلاقي، إرهاب حضاري، وتعسف دولي، حينما تحتمي التوصيات والمقررات بمظلة الأمم المتحدة؛ لتمارَس من خلالها الضغوط السياسية، والمحاصرات الاقتصادية، وتربَط بها المساعدات الدولية، وتعلو من خلالها صيحات التشريع الإعلامية.

إنهم وبكل صفاقة سوف يصفون المخالفين والممتنعين بالتحجر الفكري، والرجعية الدينية، والخروج على الإجماع الدولي، والتمرد على العالَم المتحضر. إرهاب دولي حين تفرض الدول الكبرى بمنظِّريها الملاحدة رأيها، وتُملي أفكارها، وتفرض رؤيتها الخاصة على أمم الدنيا كلها في ديكتاتورية ضيقة.

لماذا يتخذون من أفكارهم الإلحادية المادية المنحرفة المصادمة لتعاليم الديانة الصحيحة، المناقضة للإيمان بالله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره؛ لماذا يتخذون منها ويجعلونها مسلَّمات متحضرة يجب أن يلتزم بها جميع دول العالم؟!

هذا هو حالهم، وحال الناس معهم: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30] .

ألا فاتقوا الله رحمكم الله، واعتصموا بكتاب ربكم، واعملوا لدنياكم وآخرتكم.

ثم صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين أجمعين، نبيكم محمد الأمين، فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] .

اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين.

وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك، يا أكرم الأكرمين.