أرشيف المقالات

تخريج حديث: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات

مدة قراءة المادة : 17 دقائق .
تخريج حديث: إِنها ليْستْ بِنجس،
إنها مِنَ الطوافِين عليْكُمْ والطوافاتِ
 
عن كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت أبي قتادة، أن أبا قتادة دخل عليها، فسكبت له وضوءا، قالت: فجاءت هرة، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنها ليْستْ بِنجس، إنها مِنَ الطوافِين عليْكُمْ والطوافاتِ».
(1/ 71).
حسن.
 
أخرجه مالك في «الموطأ» (13)، ومن طريقه الشافعي في «مسنده» (39)، وفي «الأم» (1/ 20)، وعبدالرزاق في «المصنف» (353)، وأبو عبيد في «الطهور» (206)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (325) و (36348)، وأحمد في «المسند» (22580) و (22636)، والدارمي في «سننه» (763)، وأبو داود (75)، والترمذي (92)، والنسائي في «المجتبى» (68) و (340)، وفي «الكبرى» (63)، وابن ماجه (367)، وابن سعد في «الطبقات» (8/ 478)، وابن الجارود في «المنتقى» (60)، وابن خزيمة في «صحيحه» (104)، والطوسي في «مختصر الأحكام» (1/ 287)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (2655)، وفي «معاني الآثار» (45)، وابن المنذر في «الأوسط» (226)، وابن حبان في «صحيحه» (1299)، والدارقطني في «سننه» (219)، والحاكم في «المستدرك» (567)، وأبو القاسم الحربي الحُرْفي في «فوائده» (20)، والبيهقي في «الكبير» (1159)، وفي «الصغير» (179)، وفي «معرفة السنن» (1770)، والبغوي في «شرح السنة» (286)، والمزي في «التهذيب» (35/ 391)، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة، عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك - وكانت تحت ابن أبي قتادة - أن أبا قتادة، دخل، فسكبت له وضوءا، فجاءت هرة فشربت منه، فأصغى لها الإناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه، فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنها ليْستْ بِنجس، إِنها مِن الطوافِين عليْكُمْ والطوافاتِ».
 
• إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، ثقة، حجة، روى له الجماعة.
 
• وحميدة - قيل: بضم الحاء، وقيل: بفتحها - بنت عبيد بن رفاعة الأنصارية الزرقية، أم يحيى المدنية، زوجة إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، وبنت أخت كبشة بنت كعب.
 
قال ابن حجر في «التقريب»: «مقبولة».
• وكبشة بنت كعب بن مالك.
قال ابن حبان في «الثقات» (3/ 357): «لها صحبة».
قلت: وذكرها في التابعين بعد ذلك.
 
وقال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (12/ 447): «قال ابن حبان: لها صحبة: وتبعه الزبير بن بكار، وأبو موسى».
 
قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح...
وهذا أحسن شيء في هذا الباب، وقد جود مالك هذا الحديث، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، ولم يأت به أحد أتم من مالك»
اهـ.
 
وقال البيهقي في «الكبير»: «هكذا رواه مالك بن أنس في «الموطأ»، وقد قصر بعض الرواة بروايته، فلم يُقِم إسناده، قال أبو عيسى: سألت محمدا يعني ابن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: جود مالك بن أنس هذا الحديث، وروايته أصح من رواية غيره»اهـ.
 
وقال العقيلي في «الضعفاء» (2/ 541): «وهذا إسناد ثابت صحيح».
 
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه على أنهما على ما أصلاه في تركه، غير أنهما قد شهدا جميعا لمالك بن أنس أنه الحكم في حديث المدنيين، وهذا الحديث مما صححه مالك، واحتج به في «الموطأ»، ومع ذلك فإن له شاهدا بإسناد صحيح»اهـ.
 
وقال أبو القاسم الحُرْفي: «هذا حديث في موطأ مالك، وخولف في إسناده عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، وقوله أصح ممن خالفه»اهـ.
 
وقال ابن الملقن في «البدر المنير» (1/ 552): «هذا الحديث صحيح مشهور، رواه الأئمة الأعلام حفاظ الإسلام».
 
وأخرجه البيهقي في «الكبير» (1160)، من طريق الحسين المعلم، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أم يحيى، عن خالتها بنت كعب، قالت: دخل علينا أبو قتادة، فقربنا إليه وضوءه، فدنا الهر، فأصغى إليه الإناء، فشرب منه، ثم توضأ بفضله، فنظرت إليه فالتفت إلي فقال: كأنك تعجبين؟ قلت: نعم، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليْس بِنجس» أو كلمة أخرى «إِنما هِي مِن الطوافِين والطوافاتِ عليْكُمْ».
 
قال البيهقي: «أم يحيى هي حميدة، وابنة كعب هي كبشة بنت كعب».
 
وأخرجه البيهقي في «الكبير» (1161)، من طريق همام بن يحيى، قال: حدثنا إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، قال: حدثتني أم يحيى - قال حجاج في روايته: يعني امرأته - عن خالتها، وكانت عند عبدالله بن أبي قتادة، قالت: دخل علي أبو قتادة، فسأل الوضوء، فمرت به الهرة، فأصغى الإناء إليها، فجعلت أنظر كأني أنكر ما يصنع، فقال: يا ابنة أخي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: «إِنها ليْستْ بِنجِسة إِنما هِي مِن الطوافِين والطوافاتِ».
 
وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (337)، قال: حدثنا وكيع،
قال: حدثنا هشام بن عروة، وعلي بن المبارك، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن امرأة عبدالله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْهِر مِن الطوافِين عليْكُمْ، أوْ مِن الطوافاتِ».
 
فأسقط إسحاق في هذه الرواية زوجته حميدة بنت عبيد بن رفاعة، وروى عن امرأة ابن أبي قتادة مباشرة، وهي كبشة.
 
وأخرجه أحمد (22528)، عن سفيان بن عيينة، قال: حدثنا إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، قال: حدثتني امرأة عبدالله بن أبي طلحة، أن أبا قتادة، به.
 
وأخرجه الحميدي في «مسنده» (434)، وأبو عبيد في «الطهور» (205)، عن سفيان بن عيينة، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن امرأة أظنها امرأة عبدالله بن أبي قتادة - يشك سفيان - أن أبا قتادة كان يأتيهم فيتوضأ عندهم، فيصغي الإناء للهر فيشرب، فسألناه عن سؤرها فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أنها ليست بنجس، فقال: «إِنها مِن الطوافِين والطوافاتِ عليْكُمْ».
 
الشك في رواية الحميدي، وأما رواية أبي عبيد ففيها: «عن امرأة» فحسب.
 
وأخرجه عبدالرزاق في «المصنف» (352)، عن ابن جريج، عن هشام بن عروة، عن إسحاق بن عبدالله، عن امرأته، عن أمها، وكانت تحت أبي قتادة، أن أمها أخبرتها، أن أبا قتادة زارهم، فسكبوا له وضوءا، فدنت منه هرة، فأصغى إليها الإناء الذي فيه وضوؤه، فشربت منه، ثم توضأ بفضلها، فعجبوا من ذلك، قال أبو قتادة: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنها ليْستْ بِنجس، إِنها مِن الطوافِين عليْكُمْ».
 
وأخرجه الطحاوي في «معاني الآثار» (46)، قال: حدثنا محمد بن الحجاج، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن كعب بن عبدالرحمن، عن جده أبي قتادة قال: رأيته يتوضأ، فجاء الهر فأصغى له حتى شرب من الإناء، فقلت: يا أبتاه، لم تفعل هذا؟ فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله، أو قال: «هِي مِن الطوافِين عليْكُمْ».
 
• أسد بن موسى.
قال ابن حجر في «التقريب»: «صدوق يغرب».
 
• وقيس بن الربيع.
قال ابن حجر في «التقريب»: «صدوق، تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدث به».
 
• وكعب بن عبدالرحمن.
قال ابن حبان في «الثقات» (5/ 335): «كعب بن عبدالرحمن بن أبي قتادة الأنصاري، يروي عن جده؛ إن كان سمع منه، روى عنه محمد بن درهم»اهـ.
 
وقد سئل الدارقطني في «علله» (6/ 160- 163)، عن هذا الحديث، فقال: «يرويه إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، واختلف عنه:
فرواه مالك بن أنس، عن إسحاق، فحفظ إسناده، فقال: عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة، عن كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت ابن أبي قتادة، عن أبي قتادة.
 
ورواه يونس بن عبيد، وحسين المعلم، عن إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، عن أم يحيى وهي حميدة بنت عبيد، وهي امرأة إسحاق بن عبدالله، عن خالتها ابنة كعب، عن أبي قتادة.
 
وكذلك رواه همام بن يحيى، وإبراهيم بن أبي يحيى.
 
ورواه هشام بن عروة، عن إسحاق، واختلف عنه:
فرواه ابن جريج، عن هشام، عن إسحاق، عن امرأته، عن أمها، عن أبي قتادة.
وهذه الرواية موافقة لرواية مالك، ومن تابعه.
ورواه ابن نمير، عن هشام، نحو هذا.
 
وقال أبو معاوية عن هشام، عن إسحاق من بني زريق، عن أبي قتادة، فنقص من الإسناد حميدة امرأة إسحاق.
 
ورواه عبدالله بن إدريس، وعبدالله بن داود الخريبي، عن هشام، عن إسحاق، عن أبي قتادة، لم يذكر بينهما أحدًا.
 
ورواه وكيع، عن هشام، وعلي بن المبارك، عن إسحاق، عن امرأة عبدالله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة، وافق أبا معاوية في روايته، عن هشام، ونقص من الإسناد امرأة إسحاق.
 
ورواه ابن عيينة، عن إسحاق، عن امرأة أبي قتادة، نقص من الإسناد امرأة، وقال نصر بن علي، عن ابن عيينة، عن إسحاق، عن امرأة أبي قتادة، أو عن امرأة، عن امرأة أبي قتادة، عن أبي قتادة، فإن كان ضبط هذا عن ابن عيينة، فقد أتى الصواب.
 
وروى عبدالله بن عمر العمري، عن إسحاق، عن أنس، عن أبي قتادة، ووهم في ذكر أنس.
ورواه حماد بن سلمة، عن إسحاق، عن أبي قتادة، مرسلا.
 
ورواه عبدالله بن عمر، عن إسحاق، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قاله إسماعيل بن عياش عنه، ووهم في ذكر أبي سعيد.
وكل هؤلاء رفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
 
ورواه عكرمة، وعبدالله بن أبي قتادة، عن أبي قتادة موقوفا.
ورفْعُه صحيح، ولعل من وقفه لم يسأل أبا قتادة: هل عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أثر أم لا؟ لأنهم حكوا فعل أبي قتادة حسب.
 
وأحسنها إسنادا ما رواه مالك، عن إسحاق، عن امرأته، عن أمها، عن أبي قتادة، وحفظ أسماء النسوة وأنسابهن، وجود ذلك، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم»
اهـ.
 
وقد أعل هذا الحديث الحافظ ابن منده، وقد أجاب عنه الأئمة؛ ومنهم الحافظ ابن الملقن؛ وهذا كلامه بتلخيص يسير.
 
قال ابن الملقن في «البدر المنير» (1/ 554- 558): «وخالف الحافظ أبو عبدالله بن منده في تصحيح هذا الحديث، فقال - بعد أن أخرجه من رواية مالك في «الموطأ»، ثم ذكر اختلاف رواياته -: أم يحيى اسمها حميدة، وخالتها هي كبشة، ولا يُعرف لهما رواية إلا في هذا الحديث، ومحلهما محل الجهالة، ولا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه، وسبيله سبيل المعلول.
 
قال الشيخ تقي الدين في «شرح الإلمام»: جرى ابن منده على ما اشتهر عن أهل الحديث: أنه من لم يرو عنه إلا واحد، فهو مجهول.
 
قال: ولعل من صححه اعتمد على كون مالك رواه وأخرجه، مع ما عُلِم من تشدده وتحريه في الرجال، وأن كل من روى عنه فهو ثقة، كما صح عنه، ونقلناه في مقدمات هذا الكتاب.
 
قال: فإن سلكت هذا الطريق في تصحيح هذا الحديث - أعني على تخريج مالك له - وإلا فالقول ما قال ابن منده، وقد ترك الشيخان إخراجه في «صحيحيهما».
 
وقال في «الإمام»: إذا لم يعرف لحميدة وكبشة رواية إلا في هذا الحديث، فلعل طريق من صححه أن يكون اعتمد على إخراج مالك لروايتهما، مع شهرته بالتشدد.
 
وقال شيخنا الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس اليعمري: بقي على ابن منده أن يقول: ولم يُعرف حالهما من جارح، فكثير من رواة الأحاديث مقبولون.
 
قلت [ابن الملقن]: هذا لا بد منه، وأنا أستبعد كل البعد توارد الأئمة المتقدمين على تصحيح هذا الحديث، مع جهالتهم بحال حميدة وكبشة؛ فإن الإقدام على التصحيح - والحالة هذه - لا يحل بإجماع المسلمين، فلعلهم اطلعوا على حالهما، وخفي علينا.
 
قال النووي رحمه الله في «كلامه على سنن أبي داود»: وهذا الحديث عند أبي داود حسن، وليس فيه سبب محقق في ضعفه.
 
قلت [ابن الملقن]: وقد ظهر أن جميع ما علله به ابن منده، وتوبع عليه فيه نظر.
 
أما قوله: «إن حميدة لا تُعرف لها رواية إلا في هذا الحديث»؛ فخطأ، فلها ثلاثة أحاديث، أحدها: هذا، وثانيها: حديث «تشميت العاطس»، وثالثها: حديث «رهان الخيل طلق».
 
وأما قوله في «كبشة»، فكما قال؛ فلم أر لها حديثا آخر، ولا يضرها ذلك؛ فإنها ثقة كما سيأتي.
 
وأما قوله: إن محلهما الجهالة؛ فخطأ، أما حميدة فقد روى عنها إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة، راوي حديث «الهرة» وابنه يحيى في حديث «تشميت العاطس» من طريق أبي داود، وقد وثقه ابن معين.
 
وفي طريق الترمذي أن الراوي عنها ابنها عمر بن إسحاق، فإن لم يكن غلطا، فهو ثالث، وهو أخو يحيى.
 
وذكرها ابن حبان في «ثقاته» فقد زالت عنها الجهالة العينية والحالية.
 
وأما كبشة فلم أعلم روى عنها غير حميدة، لكن ذكرها ابن حبان في «الثقات» وقد قال ابن القطان: إن الراوي إذا وثق زالت جهالته، وإن لم يرو عنه إلا واحد.
 
وأعلى من هذا أنها صحابية، كذا قال أبو حاتم بن حبان في «ثقاته»، وكذا نقله أبو موسى المديني عن جعفر...
فقد اتضح وجه تصحيح الأئمة لهذا الحديث، وخطأ مُعلله، وبالله التوفيق، فاستفده فإنه من المهمات»
اهـ.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير