خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/35"> الشيخ محمد صالح المنجد . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/35?sub=11732"> سلسلة القصص
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
قصة جريج العابد
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:
فهذه القصة التي بين أيدينا هي قصة مِن أنباء مَن قد سبق، قصها علينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى، وهي قصة جريج الراهب ، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى النجم:4]، التي حدثنا بها النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء عنه في الحديث الصحيح.
وهذه القصة رواها البخاري رحمه الله، ورواها الإمام مسلم رحمه الله تعالى، وكذلك رواها الإمام أحمد رحمه الله.
ورواية الإمام مسلم رحمه الله تعالى، يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: (لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى بن مريم، وصاحب فتذاكر بنو إسرائيل جريجاً وعبادته، وكانت امرأة بغي يُتَمَثَّل بحسنها، فقالت: إن شئتم لأفْتِنَنَّه، فتعرضت له، فلم يلتفت إليها، فأتت راعياً كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها، فوقع عليها -الراعي- فحملت. فلما ولدت قالت: هو من جريج -الولد ولد الزنا من جريج - فأتوه فاستنزلوه وهدموا صومعته، وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: زنيتَ بهذه البغي، فولدت منك، قال: أين الصبي؟ فجاءوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى فلما انصرف أتى الصبيَّ فطعن في بطنه وقال: يا غلام! من أبوك؟ قال: فلان الراعي، فأقبلوا على جريج يقبِّلونه ويتمسحون به وقالوا: نبني لك صومعتك من ذهب، قال: لا. أعيدوها من طين كما كانت، ففعلوا
وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر لنا قصة المرأة التي كان معها الرضيع في هؤلاء الثلاثة؛ ولكن سنقتصر على قصة جريج ؛ لأنها هي موضوعنا في هذه الليلة.
قوله عليه الصلاة والسلام: ( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ) : لقد نُقِل أن عدداً من الناس قد تكلموا في المهد، مثل: صاحب الأخدود، وغيره؛ ولكن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بحسب ما يعلم، وبحسب ما أوحي إليه في ذلك الوقت، هذا إذا صحت الروايات برابع أو خامس أو ما زاد عن هؤلاء الثلاثة المذكورين في الحديث: عيسى، والولد في قصة جريج ، وكذلك ولد المرأة الذي كان يرتضع، ثم تكلم عندما تمنت أن يكون مثل فلان، ودعت ألا يكون مثل فلان.
فـ جريج رحمه الله كان في بني إسرائيل، وقيل: إنه كان رجلاً تاجراً في بني إسرائيل، وكان ينقُص مرة ويزيد أخرى، يعني: تجارته ترتفع وتنخفض، تربح وتخسر، فقال: ليس في هذه التجارة خير، لألتمسن تجارة هي خير من هذه، فبنى صومعةً وترهَّب فيها، وهذا يدل على أن جريجاً كان بعد عيسى عليه السلام، وأنه كان من أتباعه؛ لأن أتباعه هم الذين ترهبنوا وحبسوا أنفسهم في الصوامع.
والصومعة: بناء مرتفع محدد الأعلى، رأسه دقيق، كان رهبان بني إسرائيل يعتكفون فيها -في الصوامع- يعبدون الله.
وبينما كان جريج يتعبد في صومعته جاءته أمه، وفي العادة كانت أمه تأتيه فتناديه فيشرف عليها فيكلمها فأتته يوماً وهو في صلاته، فنادته، ثم المرة التي بعدها صادف أن كان في الصلاة، فنادته، والمرة الثالثة نادته وكان في صلاة فقالت: أيْ جريج ! أشرف علي أكلمك، أنا أمك، فكان يختار الإقبال على صلاته، احتار في البداية، أبى أن يجيبها، وقال في نفسه: (رب أمي وصلاتي) أي: اجتمع عليَّ واجبان، اجتمع علي إجابة أمي وإتمام صلاتي، فوفقني لأفضلهما، وفي رواية: (فصادفته يصلي فوضعت يدها على حاجبها فقالت: يا
هو قال ذلك في نفسه؛ لأنه لا يتكلم في الصلاة، قال في نفسه: أمي أو صلاتي؟! ويحتمل أنه يكون نطق بذلك لأن الكلام عندهم كان مباحاً في العبادة، وكذلك كان في صدر الإسلام، ثم لما نزل قول الله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] امتنع الكلام في الصلاة، في ديننا كان الكلام في الصلاة مباحاً، فكان الرجل إذا جاء إلى الجماعة وجدهم يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقرأ النبي عليه الصلاة والسلام آية، فيقول لمن بجانبه: متى نزلت هذه؟ أو هذه من أي سورة؟ ونحو ذلك، فيجيبه، فلما نزل قول الله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238] امتنعوا عن الكلام في الصلاة، وحرم الكلام في الصلاة.
ويقول: وجاء في بعض الروايات: (لو كان
بعد ذلك حدث أن بني إسرائيل الذين كانوا في بلده ومعه تناقشوا في عبادة جريج ، وذكروا كيف كان يعبد ويطيل العبادة ويتفرغ للعبادة، وينقطع للعبادة، فقالت بغي منهم: (إن شئتم لأفتننه، قالوا: قد شئنا -وكانوا قومَ بُهْت، كانوا قوماً فَسَقَة فَجَرَة، ما عندهم مانع أن تتعرض الزانية للعابد- قالوا: قد شئنا، فأتته فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأمكنت نفسها من راعٍ -راعي غنم- كان يؤوي غنمه إلى أصل صومعة
لما وقع عليها الراعي حملت فولدت غلاماً: (فأتت بني إسرائيل فقيل لها: ممن هذا؟ -ممن هذا الغلام؟- قالت: من صاحب الصومعة -نزل إلي من صومعته-. وفي رواية: فقيل لها: مَن صاحبك؟ -أي: الزاني؟- قالت:
في هذا الحديث:
إيثار إجابة الأم على صلاة التطوع
الواحد منا إذا نادته أمه أو ناداه أبوه، وهو يصلي صلاة نافلة، فإن كان يعلم أن أمه ستغضب إذا لم يجبها فإنه يقطع الصلاة ويجيبها، وإذا علم أنها تتحمل لو أتمها خفيفة، أتم النافلة خفيفة وأجاب أمه وأباه..
وإذا كانت صلاةَ فريضة خَفِّفْ الفريضة، قَصِّر القراءة والركوع والسجود ثم سلم وأجب أمك أو أباك.
إذاً: يؤخذ من هذا الحديث:
- تقديم إجابة الأم على صلاة النافلة، وإذا أمكن التخفيف فليخفف ثم يُجب.
- الفرض يخففه ويجيب أمه.
تقدير شعور الأم
ولذلك فينبغي على الابن أن يقدر شعور الأم، ولا يقول: وماذا يفيدها النظر إلى وجهي؟! وماذا يفيدها الكلام معي؟! فنقول: هذا قلب أم والأم تشتاق إلى ولدها، وتحن إليه، وهي متعلقة به، ورؤياه عندها تساوي الدنيا وما فيها، وحديثها إلى ولدها جد مهم بالنسبة لها، ولذلك ينبغي على الإنسان أن يقدر شعور أمه.
وبعض الناس إذا كبروا وانشغلوا بالحياة والوظائف والسفر من بلد إلى بلد، أصبحوا لا يقدرون شعور الأم، وربما لا يقدر إلا إذا صار أباً أو صارت البنت أماً في المستقبل، فتتذكر وتقول: رحمة الله على أمي، أو رحم الله أمي، كانت تقنع بنظرة وتريد الرؤيا واللقيا والكلمة، فعند ذلك يحس الإنسان بشعور الأب أو الأم إذا صار هو أباً أو صارت هي أماً.
ولذلك ينبغي أن ينتبه قبل فوات الأوان، وأن الإنسان لو طلبَت منه أمه أن يأتي إليها، كأن تتصل به من بلدها وهو -مثلاً- من الجنوب ويسكن في الشرقية، أو كانت أمه في مصر وهو يعمل هنا، فطلبت منه أن يأتي لرؤيتها، فلا يقل: أنا أين وهي أين! أنا في شغل وأشغال مهمة وهي تريد رؤيتي! وماذا تستفيد من رؤيتي؟!
فنقول: الأم هكذا قلبها، معلق بولدها، تريد رؤيته والحديث إليه، وتقر عينها عندما يكون ولدها عندها، ولذلك لا يقول الإنسان: أسافر الآن من أجل أمي؟! فنقول: إذا كان السفر ممكناً ولا يضرك فسافر من أجلها والقَها وانزل إليها ومُرَّ بها فإن في ذلك البركة.
ولذلك فإن الإنسان إذا كان عند والديه في البلد لا أقل من أن يمر بهما يومياً من الباب ويسلم عليهما، وأن يحييهما في المساء، أو في الصباح تحية، والرؤيا فيها فائدة عظيمة للأم، فلا يصح أن تُفَوَّت عليها بحال.
كراهية دعاء الأم على ولدها بشر
لأن دعاء الأم مستجاب، ولو دعت عليه بشر ربما وقع ذلك فتتأسف وتقول: يا ليتني لم أدعُ عليه: وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ [يونس:11] من رحمة الله أنه لا يستجيب لنا كل دعاء دعونا به على أنفسنا أو على أولادنا، ولو أن الله يستجيب لنا كل دعاء ندعو به على أنفسنا أو أولادنا لهلكنا وهلك أولادنا منذ زمن بعيد، ولكن قد توافِق الدعوة وقت استجابةٍ وسماءٍ مفتوحةٍ فيقع المكروه بسبب الغضب والاستعجال.
ولذلك فإنه لا ينبغي للأب أو الأم الدعاء على الولد، إنما يدعو للولد بالهداية والصلاح.
ثم إن أم جريج كان دعاؤها أن يجري على ولدها ما يؤدبه، دعت دعاء خاصاً، ما دعت عليه بأن يقع في الفاحشة، وما دعت عليه بأن يقتل ويموت، دعت عليه بأن يريه الله وجوه المومسات، حتى ينتبه ويعي ويرجع ويعرف قدر الأم ودعوة الأم إلى أين تصل.
دعوة الوالدة على ولدها مستجابة
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دعوة الوالد لولده ودعوة الوالد على ولده كلاهما مستجاب) .
صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن
فنلاحظ أن جريجاً لما كان متفرغاً للعبادة مقبلاً على الله كان صاحب قلب قوي، وإيمان سوي، ولذلك ما ضرته المرأة لما تعرضت له، والإنسان لو كان إيمانه ضعيفاً، فدعته امرأة وهي ذات جمال ربما يقع، لكن عندما يكون الإنسان صاحب دين وصاحب عبادة، ليس فقط لا يقع، وإنما لا يلتفت أصلاً، ولذلك جاء في القصة أن جريجاً رحمه الله تعالى لم يلتفت إليها، قال في الحديث: (وكانت امرأة بغي يُتَمَثَّل بحسنها فقالت: إن شئتم لأفتننه، فتعرضت له فلم يلتفت إليها) فلم يلتفت، فالإنسان إذا كان صاحب دين قوي عصمه الله من الفتن.
سد الذرائع
لا يكفي أن الإنسان ينظر بعينه ويقول: لا. أنا أخاف الله رب العالمين، وإنما لا يلتفت أصلاً.
فيستفاد من القصة: غض البصر، وأن الدفع أسهل من الرفع، يعني: إذا دفعتَ عنك المنكر من أوله، فقد قطعت الطريق من أوله، وذلك أسهل من أن تتمادى فيه ثم تريد أن تخرج، نضرب مثالاً: لو أن إنساناً معه فرس، فأراد الفرس أن يدخل في دهليز ضيق، لو أنه منع الفرس من دخول هذا الدهليز الضيق لسهل عليه توجيه الفرس إلى أي جهة يريد؛ لأنه لم يدخل بعد، لكن إذا دخل الفرس في الدهليز الذي لا يكاد يتسع لدخول فرس واحد فما رأيكم بسهولة إخراجه؟! يصعب على الفرس أن يلتفت يميناً، وشمالاً؛ لأن رأسه صار إلى الداخل، وكذلك إذا توجه الشخص فالخروج صعب، وكلما أوغل في هذا الدهليز، يصعب إخراجه أكثر وأكثر.
ولذلك إذا منعه من الدخول كان توجيهه أسهل ما يكون، أما إذا دخل فإن توجيهه من أصعب ما يكون.
ولذلك ينبغي قطع الطريق عن الوقوع في المعصية من أولها بمسألة غض البصر.
فإن قال لك قائل: هذه الشهوات طرائق وسبل، على كل سبيل شيطان، يدعونا للدخول في هذه الشهوات.
ما هي الطريقة لكي ننقذ أنفسنا من الشهوات، فلا نستجيب للشهوات، ولا نتأثر بها، ولا نجري وراءها، ولا تستقر في نفوسنا وقلوبنا، ولا تتشرب قلوبنا هذه الشهوات؟
نقول: أسهل طريقة أن تغض بصرك، ولذلك الأعمى من منة الله عليه في كثير من الأحيان أنه لا يرى، يعني: لا يُفْتَن بالنظر؛ لأنه لا يرى، والمبصر مبتلى بالنظر، ولذلك كلما قوي الإيمان كان حجز النفس عن المعصية أقوى، ولذلك جريج لم يلتفت إليها أصلاً.
الفزع إلى الصلاة عند حدوث المكروه
فإن جريجاً لما ضربوه وسبوه وشتموه واتهموه بأنه هو الذي زنى بالمرأة قال: (دعوني أصلي) فصلى حتى تقوى الصلة بالله، ويكون الدعاء أحرى بالإجابة، ثم دعا الله.
وهذا فيه تأكيد وإعادة لما سبق استخراجه من أحاديث متقدمة وقصص: أن الفزع إلى الصلاة عند الملمات من الأمور المهمة، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:153] ، (كان إذا حزبه أمر صلى)
قوة اليقين والرجاء بالله تعالى
وقد انخرقت العادة من قوة يقين جريج قال: ( يا غلام! من أبوك؟ ) ما أنزل عليه وحي بأن الغلام سينطق: اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ [البقرة:60] ! اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ [الشعراء:63]! لا. هو أقبل عليه وقال: ( يا غلام! من أبوك؟ ) بكامل اليقين بالله والتوكل على الله، فأنطق الله الولد، وانخرقت العادة بقوة إيمان جريج ويقينه بالله تعالى، ولولا صحة رجاء جريج بالله وتعلقه به ورجائه من الله أن ينقذه ما نطق الغلام، ولكن لصحة رجاء جريج نطق الغلام.
إثبات كرامات الأولياء
وقد مر معنا هذا سابقاً، إثبات كرامات الأولياء، وجريج من أولياء الله، ومن كرامات جريج نُطْق الغلام ببراءته.
بعد كل شدة مخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فُرِجت وكنت أظنها لا تُفْرَجُ |
ولرُبَّ نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرجُ |
فإذا استحكمت حلقاتها وضاقت يأتي الفرج، متى يأتي الفرج؟ حين يظن الشخص أنه لا حيلة، حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا [يوسف:110] فيأتي الفرج عندما تضيق الأمور وتصل إلى القمة في الشدة، وعند ذلك يأتي الفرج، ضربوه وشتموه وسبوه وكسروا صومعته واتهموه وبعدها جاء الفرج.
إذا تعارض أمران بدئ بأهمهما
إذا تعارض عندك أمران ولا تستطيع أن توفق بينهما، تبدأ بالأهم.
تؤخذ هذه القاعدة من قول جريج في الحديث: (أمي أو الصلاة) .
قلنا: إن الإنسان إذا كان في فريضة خففها.
وإذا كان في نافلة: فإن كان تخفيفها لا يغضب أمه خففها وأتمها وأجاب.
وإن كانت تغضب أمه قطعها.
فإذا علم تأذي الوالد وجب عليه الترك وإجابة الوالد، وإلا فالأصل إتمام الصلاة، يقول الله: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33] فالإنسان لا يقطع الصلاة لأي سبب ويمشي، وإنما إذا وُجِد سبب قوي قطع الصلاة، وإذا لم يجد سبباً أقوى من الصلاة فيستمر في الصلاة، ولا يبطل عمله؛ لأن الصلاة تلزم بالشروع، يعني: إذا كبرت تكبيرة الإحرام وجب عليك إتمامها، مثل الحج والعمرة إذا أحرم الإنسان وجب عليه الإتمام لقوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] حتى لو كان نفلاً يجب عليه أن يتمه، فالصلاة إذا دخل الإنسان فيها ولو كانت نافلة فإنه يجب إتمامها؛ لأن قطعها فيه دلالة على اللامبالاة بالدين وبأمره، ولو كانت نافلة، ما دام أحرم بها يجب عليه أن يتمها، ولذلك قال العلماء: تلزم بالشروع.
هل هذا الحكم -كما قلنا- يختص بالأم؟
ذهب إلى ذلك بعضهم، ولكن الصحيح أن الأب والأم في هذا الحكم سواء.
فإذاً: نرجع إلى القاعدة وهي: إذا تعارض عندك أمران فإنك تبدأ بالأهم.
مثال آخر: إذا شرعت في نافلة اللحظة وأقيمت صلاة الفرض:
هذا تعارض ولا يمكن أن تتم الفرض وتتم النافلة وقد أقيمت الفريضة، فعند ذلك ماذا تفعل؟
تقطع النافلة بالنية، بدون تسليم، وتدخل مع الإمام في الفريضة؟
مثال آخر: حلول الدين والحج:
فإذا صار الإنسان مطالباً بالدين يقدم الدين على الحج؛ لأن الحج يجب عند الاستطاعة، وحيث أنه مطالبٌ فلا استطاعة.
وإذا تعارض الزواج والحج فأيهما يقدم؟
فيها تفصيل:
إذا كان يخشى العنت، ويخشى الوقوع في الإثم، أو في الحرام، ففي هذه الحالة يقدم الزواج.
أما إذا علم من نفسه أنه يستطيع أن يصبر فيقدم الحج.
مثال آخر على التقديم إذا تعارض أمران:
الجهاد وبر الوالدين :
يقدم بر الوالدين، ولا يذهب للجهاد إلا بإذنهما، لكن إذا دهم العدو بَلَدَه وجب عليه الخروج للجهاد ولو ما أذن الوالدان؛ لأن هذا أهم، في الحالة الأولى كان بر الوالدين أهم، وفي الحالة الثانية أصبح الجهاد أهم.
إذاً: هناك حالات تتغير الأمور فيها، في نفس القضية الحكم يتغير بحسب الحال.
مثال آخر على تعارض أمرين، وتقديم الأوجب!
لكن كيف نتصور التعارض؟
مثال: امرأة عليها من رمضان عشرة أيام، وولدت في العشرين من رمضان، وطهرت في العشرين من شوال، ولو أنها أرادت أن تقضي الصيام لا يتوفر لها ستة أيام من شوال؛ لأن القضاء سيأتي على بقية الشهر، ولو قدمت صيام ستة أيام من شوال لقدمت النفل على الفريضة.
في هذه الحالة ماذا تقدم؟
تقدم الفريضة؛ لأن الوقت لو كان مُتَّسِعاً لقلنا لها: صومي عشرة أيام قضاء أولاً، ثم صومي ستاً من شوال. لكن الشهر لم يبق منه إلا عشرة أيام فتقدم إذاً صوم رمضان. ثم إن الأجر في الحديث مقيد: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال) فلا بد أن يستوفي أول شيءٍ عدة رمضان كاملة، ثم يصوم ستاً من شوال، وليس: (مَن صام عشرين يوماً من رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال)! فيشترط استيفاء رمضان كله.
مثالٌ آخر!
الصلاة ومدافعة الأخبثين، وكذلك إذا حضر العِشاء والعَشاء:
إذا حضر العِشاء والعَشاء فيقدم العَشاء وليس هذا دليلاً على أن الأكل أهم من الصلاة، لا. لكن الخشوع أولى من عدم الخشوع.
فإذاً: صلاة بخشوع مقدمة على صلاة بغير خشوع.
وكذلك يقدم قضاء الحاجة على الصلاة.
مثال آخر:
رجل اكْتُتِب في غزوة وامرأته قد ذهبت للحج بغير محرم فكيف يصنع؟
عليه أن يلحق بامرأته؛ لأن هذا أهم وأوجب وأولى من ذاك، وقد يغزو غيرُه؛ ولكن زوجته هو المحرم الوحيد لها.
وكذلك لو تعارض -مثلاً- إنقاذ نفس معصومة مع الصيام:
فيقدم إنقاذ النفس المعصومة، ويقضي بعد ذلك هذا اليوم.
المهم أن هناك أمثلة عديدة يتعارض فيها واجبان مع بعضهما البعض، فيقدم الإنسان الأهم، لكن هذا يعتمد على ماذا؟ على الفقه؛ كيف يعرف الأهم؟ هنا السؤال، إدراك التعارض ممكن، يعني: قد يدرك بعض الناس التعارض، لكن ما هو الأهم؟ وكيف تعينه؟ هذا يحتاج إلى علم، ويحتاج إلى فقه.
جواز الأخذ بالأشد في العبادة لمن علم من نفسه القدرة على ذلك
فمثلاً الانقطاع للعبادة إذا كان الإنسان سيصبر ولا يسأل الناس، ويكتفي بالقليل ويقنع بما عنده، وما عنده يكفيه لو أن إنساناً تصدق بماله كله في سبيل الله، ما هو الحكم؟ جائز، وكيف لا يجوز وقد فعله أبو بكر الصديق ؟! .
نقول: إذا كان يطيق ويصبر، يتصدق بماله كله، أما أن يتصدق بماله كله اليوم، وغداً نلقاه عند باب الجامع، فهذا لا يمكن، ولم يفعل الشيء المستحب ولا الأفضل.
فإذا كان سيصبر ويقينه بالله قوي، وأن الله يرزقه غداً أو بعد غدٍ، وأنه لو جاع اليوم ستنفرج غداً، فيتصدق بماله كله لا مانع، قال أبو بكر : [أبقيت لهم الله ورسوله] هو نفسه قال: [أبقيت لهم الله ورسوله] فالنبي صلى الله عليه وسلم سكت، وأقر على ذلك؛ ولكن قال لـكعب بن مالك : (أمسك عليك بعض مالك) لما نذر أن يتصدق بماله كله اكتفى منه بالثلث.
مرتكب الفاحشة لا تبقى له حرمة
ولذلك ضربوه وسبوه وشتموه وكسروا صومعته، ولكن كان بريئاً، لكن لو عُثِر عليه وهو يرتكب الفاحشة فيشتم ويُسَب ويُضْرَب ويُهان ويُذَل؛ لأنه ارتكب فاحشة.
ابن الزنا ينسب لأمه
هو قال أنه ابن الراعي، قال: (يا غلام! من أبوك؟ قال: الراعي) .
ويُحتمل أن يكون تجري بينهم أحكام الأبوة والبنوة، ولكن في شريعتنا لا يُنسب الولد للزاني وإنما يُنسب للزانية.
اتخاذ مكان للعبادة
لو أن إنساناً جعل في بيته مكاناً نظيفاً هادئاً طاهراً يصلي فيه، فهذا أمر طيب، ولا بأس بذلك.
جواز التفكير أثناء الصلاة في أمرٍ مشروع
دعاء الله بالتوفيق والصواب
وكان شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الدمشقي رحمه الله تعالى إذا استشكل عليه الأمر، وصَعُب عليه يقول: يا معلم إبراهيم! علمني، ويا مفهم! سليمان فهمني، ولا زال يلح على الله ويدعو الله عز وجل حتى تنجلي له المسألة.
فأحياناً لا تكفي قضية البحث والتمعُّن وإمعان النظر، فإذا لم يأت من الله عون لا يمكن للإنسان أن يدرك الراجح.
وجود الحسدة في كل زمان ومكان
بنو إسرائيل لما تذاكروا جريجاً وعبادته حسدوه، والبَغِيُّ لما قالت: (إن شئتم لأفْتِنَنَّه! قالوا: شئنا) .. وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة:109] فحسد الصالحين على صلاحهم شيء موجود، وبعض الناس يُحْسَدون على أموالهم، ويُحْسَدون على ثيابهم، وعلى سياراتهم وبيوتهم، يعني: حسد على الدنيا، وبعض الناس يُحْسَدون على دينهم، فإن كان حسداً بمعنى الغبطة، يعني: أن يتمنى الإنسان أن يكون عنده إيمان قوي وعبادة مثل ما عند فلان من العباد، أما إن كان حسداً كأن يتمنى أن هذا الصالح يُفْتَن ويَضِل، كما قال بنو إسرائيل للبغي: ( شئنا ) يعني: تعرضي له، فهذه من المصائب، وهي موجودة، وقد يُبْتَلى بها بعض عباد الله الصابرين، يبتلون بمن يريد أن تزول عنهم الهداية، أن تزول عن هذا العابد الهداية وعن طالب العلم العلم، والعياذ بالله، فليس إلا الصبر والاعتصام بالله عز وجل.
وجود من يستغل إمكانياته في إضرار الناس
انظر إلى المرأة هذه، فهي تستطيع أن تفجر مع أي إنسان، يعني: الباب مفتوح، تذهب إلى الراعي مباشرة من غير شيء؛ لكن قد يستجريها الشيطان ويجعلها تتفنن وتريد إضلال الإنسان التقي، يعني: هناك بعض الفاجرات يمكن أن تتخصص وتوجه جهودها لفتنة الصالحين، فالمسألة عندها ليست فقط مسألة قضاء وطر وشهوة مع فاجر مثلها وتنتهي القضية وإنما قضية كيد أيضاً.
كيد النسوة عظيم
والدليل على هذا أن هذه البغي خططت وذهبت إلى راعٍ يأوي إلى صومعة جريج ، ما ذهبت إلى شخص بعيد، لا. بل إلى راعٍ عند صومعة جريج ، وأمكنته من نفسها، وأتت بالغلام بعد ولادته، ومرت به عند بني إسرائيل وقالوا: من أبوه؟ قالت: ذاك الرجل الذي في الصومعة، يعني: كأنها لا تعرف اسمه، فهذا من كيدهن، (إن كيدهن عظيم) وإذا استخدمت المرأة كيدها في الشر، فإنها تأتي بما لا يستطيعه الرجال طبعاً، مع أنها ضعيفة؛ لكن إذا كادت ابتعد عنها.
فهذه المرأة كادت له لتغويه، وتعرضت له، أول شيء قامت به أنها تزينت وتعطرت وتجملت وكشَفت وتعرضت له، يعني: وقفت في مكان يراها. ولما لم يلتفت إليها انتقلت إلى الخطة رقم [2] أمكنت نفسها من الراعي، ولما حملت وولدت جاءتهم، ما قالت: أنا أحمل جنيناً، لا. وإنما انتظرت حتى تلد، وهذا كله من أجل الكيد لهذا الرجل الصالح وتشويه سمعته.
وهذه القضية من القضايا المعاصرة، أن بعض الفاجرات تريد تشويه سمعة داعية أو رجل صالح، أو كذا، فتسارع إلى اتهامه، وتخطط لإيقاعه في حبائل الشر، فعلى الصالحين أن يحذروا، ولا يكون الإنسان مغفلاً.
حكى لي شخص قال: اتصلت بي فتاة، فأغلقت السماعة، ثم اتصلت مرة أخرى فأغلقت السماعة، وفي المرة الثالثة قالت: أيقظنا الفجر، فانظر إلى المداخل، المدخل هو الشيطان: شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً [الأنعام:112] والخطط يعني: مكر الليل والنهار، شيء متواصل، يدخلون من باب العبادة، أيقظني الفجر!
وكذلك لو قالت مثلاً: لماذا لا تأتي إلى وتصلح بيني وبين زوجي؟! مَن التي دعته؟ هي التي دعته، إذاً هذا فخ، فالإنسان لا يذهب، ويكون مغفلاً! ويدخل، ويقول: أريد الإصلاح بين المتخاصمَين، ويقول في نفسه: هذه عبادة!
انظر! المرأة الصالحة بنت الرجل الصالح، لما جاءت إلى موسى ماذا قالت له؟ هل قالت: تفضل معي، أريدك في موضوع؟ لا. وإنما قالت: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [القصص:25] من هو صاحب الدعوة؟ أبوها، ما هو السبب؟ ليجزيك أجر ما سقيت لنا، إذاً جاءت بكل وضوح، لو كان الرجل الصالح قادراً على الإتيان لأتى، لكنه كبير في السن وعاجز، فجاءت البنت، ما قالت له بوقاحة وقلة حياء: تعال معي، أريدك في موضوع، تفضل عندنا في البيت بل قالت: إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ [القصص:25] ولِمَ الدعوة؟!ما هو الهدف؟! حتى يكون كل شيء واضحاً! لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا [القصص:25] ولذلك قيل: إنه لما مشى وراءها وهبت الريح قال: سيري خلفي وانعتي لي الطريق، أو قال: ارمي بحصاة، يعني: إن كنت تريدين مني أن ألف يميناً ارمي الحصاة يميناً، وإن تريدين أن ألف شمالاً ارمي الحصاة شمالاً، حتى لا يراها ولا يسمع شيئاً.
وينبغي أن أقول: هذا درس مهم جداً؛ لأن هذه سبب مصائب كبيرة، أن الإنسان لا يُسْتَدْرج إلى الفخ الذي تنصبه الفاجرة، ثم تلبسه التهمة فتقول: هو الذي تعرض لي، هو الذي جاءني، مع أنها هي التي جاءته، لكن تقول: هو الذي جاءني.
وكذلك هناك من الشياطين من الرجال من يوقعون النساء بطرق ملتوية، وربما يزينون لهن الفجور، وكما أن المرأة تكيد للرجل فكذلك الرجل أيضاً كما هو مُشْتَهَر الآن، ويُسجل لها مكالمات ويهددها بإرسال الأشرطة إلى أبيها حتى تعطيه مفتاح البيت، وغيرها من القصص التي تسمعونها.
لكن المقصود: أن الإنسان يحذر أن يُسْتَدْرَج، ثم لو أنه وقع في أول الفخ لا يكمل الطريق؛ لأن العودة أسهل من الفضيحة التي ستكون بعد ذلك، سواء كان في الدنيا عندما يستفحل الأمر ويصل إلى الفاحشة والعياذ بالله، أو في الآخرة.
حرمة بناء المساجد من ذهب أو فضة
يجب أن تكون بسيطة ما فيها تكلف ولا زينة ولا زخرفة ولا نقوشات ولا ألوان ولا كتابات.
فتتعجب من محاريب بعض المساجد مكتوب فيها: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً [آل عمران:37] من هو الذي في المحراب؟ مريم أم إمام، هذا الرجل الذي في المحراب؟! ما هي علاقة الآية بالمحراب الذي في المسجد؟!
أولاً: الكتابة في المساجد وزخرفتها حرام وتضييع الأموال فيها حرام فبعض المساجد لا يحنث الإنسان إذا حلف أن قيمة الزخرفة التي فيها يمكن أن تبني بها عشرة مساجد في بعض دول المسلمين الفقراء.
ابتلاء الله للأولياء
كما ابتلي جريج بالضرب والسب وكسر بيته أو مكان عبادته.
وقد ابتلي بعض العلماء بحرق مكتبته.
وابتلي بعض الصالحين بأشياء كثيرة، أنواع من الابتلاءات يُبتلى بها الصالحون.
وقد كان ابتلاء جريج ابتلاء مادياً ومعنوياً، وذلك بأنهم كسروا صومعته وضربوه وشتموه وسبوه.
الحُسن قد لا يأتي بخير
فالجمال قد يكون نقمة على صاحبه، وربما يكون إنسانٌ معرضاً للوقوع في الفواحش، وربما يستهدف من قبل الآخرين إذا كان عنده جمال، بينما إذا كانت خلقته عادية أو قبيح المنظر لا يتعرض له أي أحد، ولذلك الجمال ربما يكون نقمة وأحياناً قد يكون عدم الجمال نعمة في بعض المواضع.
تمسح الجهلة بالأولياء
فإنه قال في الحديث: (فأقبلوا على
فيجب على الإنسان لو حصل منه شيء من ذلك ألا يفتح المجال لقضية التمسح وأن يبعد هؤلاء، ولكن قد يغلبونه بسبب كثرتهم، ولكن ينبغي أن يبين لهم الحكم وأن البركة من الله.
بعض الناس يتمسح بشخص ويقول: بركاتك يا سيدنا الشيخ، والبركة من الله، وليست موجودة في فلان ولا فلان، فمن هو مصدر البركة؟ الله عز وجل.
ثم قد يجعله الله في ماء زمزم؛ فيكون ماءً مباركاً.
وقد يجعله في ماء السماء؛ فيكون ماءً مباركاً.
وقد جعله في البيت الحرام؛ فكان بيتاً مباركاً.
وقد يجعله في بقعة؛ فتكون بقعة مباركة، مثل المسجد الأقصى وما حوله في بلاد الشام .
وقد يجعله في نوع من الطعام؛ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ [النور:35] .
وكذلك قد يجعل الله البركة في أشياء قليلة فيكون القليل منها يكفي الكثير.
لكن مصدر البركة من الله، الناس ليسوا هم مصدر البركة، وإنما البركة من الله؛ لأن الكثرة والنماء والزيادة من الله، لأنها أشياء غير محسوسة، يعني: أنها لا تحس وإنما ترى نتائجها وآثارها، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (البركة وسط الطعام فكلوا من أطرافه) يأتي رجل ويقول: أنا أريد البركة، فيأكل من وسط الطعام، كل من حوافه؛ فإن البركة تنزل من الوسط على الجوانب؛ فإذا أذهبتَ الوسط ما الذي سينزل؟
تواضع العابد
فإنه قال: (أعيدوها من طينٍ كما كانت) ما قال: أريد تعويضاتٍ، وذهباً وفضةً، وأريد أمولاً، وما قال: ردوا اعتباري، قبِّلوا يديَّ، تمسحوا بي، ابنوها ذهباً، ما فعل ذلك، وإنما قال: فقط أنا عندي مطلب: (أعيدوها من طين كما كانت) وهذا يدل على تواضعه رحمه الله تعالى.
التذكر بعد حدوث مصيبة أو كارثة
عند ذلك يتغير، فهو ضحك (قالوا: مِمَّ ضحكت؟ قال: من دعوة دعتها أمي) الآن عرف ما يمكن أن تصل إليه الأمور.
فالإنسان أحياناً لا يتعلم إلا بدرس يتلقنه، وما يعرف الصواب إلا بعد أن يُمْتَحن، وعندها يعلم ما كان ينبغي عليه أن يفعله.
فهذا بعض ما اشتملت عليه هذه القصة من الفوائد.
وننتقل بعد ذلك إلى الأسئلة.
إيثار إجابة الأم على صلاة التطوع إذا نادته أمه:
الواحد منا إذا نادته أمه أو ناداه أبوه، وهو يصلي صلاة نافلة، فإن كان يعلم أن أمه ستغضب إذا لم يجبها فإنه يقطع الصلاة ويجيبها، وإذا علم أنها تتحمل لو أتمها خفيفة، أتم النافلة خفيفة وأجاب أمه وأباه..
وإذا كانت صلاةَ فريضة خَفِّفْ الفريضة، قَصِّر القراءة والركوع والسجود ثم سلم وأجب أمك أو أباك.
إذاً: يؤخذ من هذا الحديث:
- تقديم إجابة الأم على صلاة النافلة، وإذا أمكن التخفيف فليخفف ثم يُجب.
- الفرض يخففه ويجيب أمه.