خطب ومحاضرات
قصة هرقل والإسلام
الحلقة مفرغة
شرعت زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، وتربية للإنسان على البذل والعطاء، وهي واجبة على كل مسلم حر قادر، تخرج قبل العيد، وإن أخرجت بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات، كما أن الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر قد حددت في الأحاديث، واختلف في إخراجها نقوداً، كما اختلف لمن تصرف، فقيل: للأصناف الثمانية وقيل: إنها خاصة بالفقراء والمساكين، وعلى الإنسان أن يؤديها عن نفسه أولاً ثم عمّن يمونه.
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فنحمد الله سبحانه وتعالى أن بلغنا هذه العشر الأواخر من شهر رمضان، ونسأله سبحانه أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته فيها.
ونتحدث -يا أيها الإخوة- في هذه الليلة -إن شاء الله- عن قصة عظيمة من القصص التي حدثت على عهد النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذه القصة هي قصة رسالة النبي عليه الصلاة والسلام لـهرقل ودعوته إلى الإسلام.
هرقل يسأل وأبو سفيان يجيب
قال: (... فأتوه وهم بـإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه فقال: أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟
فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسباً.
فقال: أدنوه مني، وقرِّبوا أصحابَه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم: إني سائلٌ هذا عن هذا الرجل، فإن كَذَبني فكذِّبوه ...) سأسأل صاحبكم الذي يجلس أمامكم وهو أبو سفيان عن صاحبكم، الذي هو النبي عليه الصلاة والسلام، فإن كَذَب في الإجابة فبيِّنوا لي أنه قد كَذَب.
(يقول
ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟
قال: فهل قال هذا القول منكم أحدٌ قط قبلَه؟
قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
قال: فهل يرتد أحدٌ منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟
قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
قلت: لا. ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعلٌ فيها -نحن الآن في مرحلة صلح الحديبية في هدنة معه لا ندري ماذا يفعل فيها؟- قال أبو سفيان : ولم تُمْكِني كلمةٌ أُدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة) أي: ما استطعت أن أدخل دسيسة في الجواب إلا في هذا الموضع.
قلت: الحرب بيننا وبينه سجال -يعني: تناوب في الانتصار، مرة لنا ومرة له- ينال منا وننال منه.
هرقل يبين حقيقة نبوة المصطفى من إجابات أبي سفيان
وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول؟ -يعني: من قبل- فذكرتَ أن لا، فقلت: لو كان أحدٌ قال هذا القول قبله لقلتُ رجلٌ يتأسى بقول قيل قبله) أي: مقلد، لكن ما أحد قال هذا الكلام قبله.
(وسألتك: هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرتَ أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك، قلت: رجلٌ يطلب ملك أبيه) سبب هذه الدعوة أنه يطالب بملك أبيه، لكن ليس من آبائه من ملك.
(وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرتَ أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله) يعني: هرقل متأكد من أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق.
(وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرتَ أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل) هرقل يعرف أن أتباع الرسل هم الضعفاء.
وسألتك: أيرتد أحدٌ سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
نص رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل
من محمد عبد الله ورسوله إلى
فإني أدعوك بدعاية الإسلام -يعني: دعوة الإسلام؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله- أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين -وهم الفلاحون الذين كانوا من رعايا هرقل - ويَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
[آل عمران:64] .
قال أبو سفيان : فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب -أي: الأصوات المختلطة المرتفعة- وارتفعت الأصوات، وأُخْرِجنا. فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشة -لقد عَظُم أمر محمد صلى الله عليه وسلم- إنه يخافه ملك بني الأصفر - أبو سفيان يقول: هرقل ؛ هذا ملك الروم يخاف محمداً! صلى الله عليه وسلم (فما زلت موقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإسلام).
(وكان
قال ابن الناطور : وكان هرقل حزَّاءً ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرتُ في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟) أي: لما سألوه: ما بالك مهموماً؟ قال: رأيت ملك الختان قد ظهر، انظروا من يختتن في العالم في الناس؟! من يختتن؟!
(قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يهمك شأنهم، واكتب إلى المدن في ملكك فيقتلوا مَن فيها مِن اليهود.
فبينما هم على أمرهم أُتِي
وسأله عن العرب.
فقال: هم يختتنون.
فقال هرقل : هذا مُلْك هذه الأمة قد ظهر.
ثم كتب هرقل إلى صاحب له بـرومية ، وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حمص فلم يرِم حمصاً حتى أتاه كتاب من صاحبه -الذي في رومية- يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بـحمص -بناء كالقصر أمر بأن يُدخلوا إليه- ثم أمر بأبوابها فغلِّقت، ثم اطَّلع - هرقل اطَّلع على كل الكبراء الذين أدخلوا- فقال: يا معشر الروم! هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصةَ حُمُر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غُلِّقت -اضطربوا وتدافعوا إلى الأبواب- فلما رأى هرقل نفرتهم وأَيِس من الإيمان قال: ردوهم عليَّ، وقال: إني قلت مقالتي آنفاً أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل ).
هذه القصة التي رواها البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه ، وكذلك رواها مسلم رحمه الله، والحديث عند الترمذي وأبي داود وأحمد في سياقات مختلفة.
روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عن عبد الله بن عباس : (أن
قال: (... فأتوه وهم بـإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه فقال: أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟
فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسباً.
فقال: أدنوه مني، وقرِّبوا أصحابَه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم: إني سائلٌ هذا عن هذا الرجل، فإن كَذَبني فكذِّبوه ...) سأسأل صاحبكم الذي يجلس أمامكم وهو أبو سفيان عن صاحبكم، الذي هو النبي عليه الصلاة والسلام، فإن كَذَب في الإجابة فبيِّنوا لي أنه قد كَذَب.
(يقول
ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟
قال: فهل قال هذا القول منكم أحدٌ قط قبلَه؟
قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
قال: فهل يرتد أحدٌ منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟
قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
قلت: لا. ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعلٌ فيها -نحن الآن في مرحلة صلح الحديبية في هدنة معه لا ندري ماذا يفعل فيها؟- قال أبو سفيان : ولم تُمْكِني كلمةٌ أُدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة) أي: ما استطعت أن أدخل دسيسة في الجواب إلا في هذا الموضع.
قلت: الحرب بيننا وبينه سجال -يعني: تناوب في الانتصار، مرة لنا ومرة له- ينال منا وننال منه.
(فقال للترجمان -
وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول؟ -يعني: من قبل- فذكرتَ أن لا، فقلت: لو كان أحدٌ قال هذا القول قبله لقلتُ رجلٌ يتأسى بقول قيل قبله) أي: مقلد، لكن ما أحد قال هذا الكلام قبله.
(وسألتك: هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرتَ أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك، قلت: رجلٌ يطلب ملك أبيه) سبب هذه الدعوة أنه يطالب بملك أبيه، لكن ليس من آبائه من ملك.
(وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرتَ أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله) يعني: هرقل متأكد من أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق.
(وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرتَ أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل) هرقل يعرف أن أتباع الرسل هم الضعفاء.
وسألتك: أيرتد أحدٌ سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
دعا هرقل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى ، فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا فيه:
من محمد عبد الله ورسوله إلى
فإني أدعوك بدعاية الإسلام -يعني: دعوة الإسلام؛ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله- أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين -وهم الفلاحون الذين كانوا من رعايا هرقل - ويَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ
[آل عمران:64] .
قال أبو سفيان : فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب، كثر عنده الصخب -أي: الأصوات المختلطة المرتفعة- وارتفعت الأصوات، وأُخْرِجنا. فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشة -لقد عَظُم أمر محمد صلى الله عليه وسلم- إنه يخافه ملك بني الأصفر - أبو سفيان يقول: هرقل ؛ هذا ملك الروم يخاف محمداً! صلى الله عليه وسلم (فما زلت موقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإسلام).
(وكان
قال ابن الناطور : وكان هرقل حزَّاءً ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرتُ في النجوم ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الأمة؟) أي: لما سألوه: ما بالك مهموماً؟ قال: رأيت ملك الختان قد ظهر، انظروا من يختتن في العالم في الناس؟! من يختتن؟!
(قالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يهمك شأنهم، واكتب إلى المدن في ملكك فيقتلوا مَن فيها مِن اليهود.
فبينما هم على أمرهم أُتِي
وسأله عن العرب.
فقال: هم يختتنون.
فقال هرقل : هذا مُلْك هذه الأمة قد ظهر.
ثم كتب هرقل إلى صاحب له بـرومية ، وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حمص فلم يرِم حمصاً حتى أتاه كتاب من صاحبه -الذي في رومية- يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بـحمص -بناء كالقصر أمر بأن يُدخلوا إليه- ثم أمر بأبوابها فغلِّقت، ثم اطَّلع - هرقل اطَّلع على كل الكبراء الذين أدخلوا- فقال: يا معشر الروم! هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصةَ حُمُر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غُلِّقت -اضطربوا وتدافعوا إلى الأبواب- فلما رأى هرقل نفرتهم وأَيِس من الإيمان قال: ردوهم عليَّ، وقال: إني قلت مقالتي آنفاً أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل ).
هذه القصة التي رواها البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه ، وكذلك رواها مسلم رحمه الله، والحديث عند الترمذي وأبي داود وأحمد في سياقات مختلفة.
وهناك رواية ساقها الإمام أحمد رحمه الله فيها مزيد من التوضيح لبعض الظروف التي حصلت في الخطاب النبوي إلى هرقل ، يقول فيه سعيد بن أبي راشد مولى لآل معاوية : ( قدمت إلى الشام فقيل لي: في هذه الكنيسة رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فدخلنا الكنيسة فإذا أنا بشيخ كبير، فقلت له: أنت رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قلت: حدثني عن ذلك، قال: إنه لما غزا تبوك كتب إلى قيصر كتاباً وبعث به مع رجل يقال له: دحية بن خليفة الكلبي ، فلما قرأ كتابه -لما قرأ هرقل كتاب النبي عليه الصلاة والسلام ورسالته- وضعه معه على سريره، وبعث إلى بطارقته ) إلى رجال الكنيسة، ومفردها: بطريق ( ورءوس أصحابه ) عظماء القوم، قادة الجيوش، الأمراء، وقادة الألوية ( فقال: إن هذا الرجل قد بعث إليكم رسولاً، وكتب إليكم كتاباً يخيركم إحدى ثلاث:
- أو تقروا له بخَراجٍ يجري له عليكم ويقركم على هيئتكم في بلادكم.
قال: فنخروا نخرةً ) النخير: هو صوت الأنف، والمراد الغضب والفوران المعبر عن النفور ( فنخروا نخرةً حتى خرج بعضهم من برانسهم ) والبرنس: هو الثوب الذي يلتصق به غطاء الرأس، مثل: لباس المغاربة اليوم ( حتى خرج بعضهم من برانسهم، وقالوا: لا نتبعه على دينه ونَدَع ديننا ودين آبائنا، ولا نقر له بخراج يجري له علينا، ولكن نُلقي إليه الحرب.
فقال: قد كان ذاك، ولكني كرهتُ أن أفتات دونكم بأمرٍ.
قال
( قال: فأتيت وأنا شاب فانطُلق بي إليه فكتب جوابه وقال لي: مهما نسيت من شيء فاحفظ عني ثلاث خلال ) يقول هرقل لرسوله: إذا ذهبت إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- أعطه كتابي ورسالتي، وإذا نسيتَ فلا تنسَ هذه الأشياء:
( انظر إذا هو قرأ كتابي هل يذكر الليل والنهار؟
وانظر! هل ترى في ظهره عَلَماً؟ ).
رسول هرقل يقابل رسول الله
( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء الليل فأين النهار؟ ) يعني: هذا رد على الشبهة، يقول: إذا جاء الليل فأين النهار؟ أين يذهب النهار؟
( قال: فقال: إني قد كتبت إلى النجاشي فخرَّقه فخرَّقه الله مخرّق المُلك.
قال
فيقول له: النجاشي الذي أرسلت إليه الرسالة غير النجاشي الذي أسلم، ملكٌ آخر من ملوك الحبشة ، هذا المقصود.
قيصر ملك الروم الذي أرسلت إليه الرسالة ما اسمه؟ اسمه هرقل ، وهو الذي نحن بصدده.
كسرى أنوشروان ، له اسم، كسرى هذا لقب، معناه: مَلِك، مَلِك الفرس.
(... وكتبتُ إلى كسرى كتاباً فمزَّقه فمزق الله ملكه -أو كما قال عليه الصلاة والسلام- وكتبتُ إلى قيصر كتاباً فأجابني فيه، فلم تزل الناس يخشون منهم بأساً ما كان في العيش خيرٌ ...) يقول: الحبشة لن تقوم لهم قائمة، ولن يوجد فيهم مُلكٌ قائم، وسيمزقهم الله لأنهم مزقوا الرسالة، ويقول: دولة فارس لن تقوم فيها مملكة لفارس ولن يحكموها ولن يدوم لهم الحكم، والله سيمزق ملك فارس كما أنهم مزقوا الرسالة، لكن يقول: هرقل ما مزق الرسالة، فسيبقى في الروم قوة.
والناظر في الواقع يرى هذا جيداً، بعد كسرى تمزقت مملكة فارس، ما عاد هناك مِن مَلِك، كلها ثورات وحروب.
وكذلك الحبشة لم يعد لها شأن، وصاروا أناساً متخلفين.
والروم؟ اليوم أوروبا ما زال لهم قوة إلى الآن، والحروب الصليبية لا زالت موجودة إلى الآن.
قال: (... وكتبت إلى قيصر كتاباً فأجابني فيه، فلم تزل الناس يخشون منهم بأساً ما كان في العيش خيرٌ، ثم قال لي: مَن أين أنت؟ قلت: من تنوخ -رسول
هذه الرواية التي رواها الإمام أحمد في سندها رجل مقبول، فذكر نحو حديث عبَّاد بن عبَّاد ؛ وحديث عبَّاد أتم وأحسن، وزاد فقال: (فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام، فأبى أن يسلم وتلا هذه الآية: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ
[القصص:56] ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك رسول قوم، وإن لك حقاً -يعني: لا بد أن نكرمك ونضيفك-ولكن جئتنا ونحن مُرْمِلون -يعني: نفذ زادنا في تبوك - فقال عثمان بن عفان : أنا أكسوه حلة صَفُورية -ثوب من قطعتين- وقال رجل من الأنصار: عليَّ ضيافته، يعني: أنا أتكفل بضيافة هذا الرسول) .
وقد أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه إلى الإمام أحمد ، ثم قال: هذا حديث غريب وإسناده لا بأس به، تفرد به الإمام أحمد رحمه الله.
وأورده الهيثمي وقال: رواه عبد الله بن أحمد وأبو يعلى ورجال أبي يعلى ثقات، ورجال عبد الله بن أحمد كذلك.
وهناك قصة أخرى تبين أشياء أخرى من التفاصيل رواها الحاكم في المستدرك ، وذكرها ابن كثير رحمه الله في تفسيره تحت قوله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ...
[الأعراف:157] الآية.
استمع المزيد من الشيخ محمد صالح المنجد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
قصة صاحب الحديقة | 3173 استماع |
قصة إبراهيم وسارة والجبار | 2468 استماع |
قصة يوم الوشاح | 2408 استماع |
قصة جريج العابد | 2282 استماع |
قصة المقداد والأعنز | 2256 استماع |
قصة مقتل خبيب بن عدي | 2060 استماع |
قصة موت أبي طالب | 2038 استماع |
قصة الخصومة بين العمرين | 1798 استماع |
قصة بني إسرائيل مع البقرة | 1753 استماع |
قصة الثلاثة العظماء الذين أخرجهم الجوع | 1718 استماع |