فقه العبادات [15]


الحلقة مفرغة

المقدم: في الحلقة الماضية سألناكم عن التوسل الصحيح والتوسل الباطل، وتحدثتم لنا عن التوسل الصحيح، وذكرتم أنه الوسيلة الصحيحة الموصلة إلى المقصود، وذكرتم له أنواعه وأقسامه، ومنها: التوسل بأسماء الله والتوسل بالإيمان بالله ورسوله، والتوسل أيضاً بالعمل الصالح، وذكر الحال الدائم، فهل هناك أشياء أخرى غير الأنواع الأربعة؟

تابع التوسل المشروع

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فإجابة على سؤالكم أقول: نعم، هناك توسل زائد على الأربعة السابقة، وهو التوسل إلى الله عز وجل بدعاء الرجل الصالح الذي ترجى إجابته، فإن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم بدعاء عام وبدعاء خاص، ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: ( أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: اللهم أغثنا ثلاث مرات، فما نزل صلى الله عليه وسلم من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته وبقي المطر أسبوعاً كاملاً، وفي جمعة أخرى جاء ذلك الرجل أو غيره والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله! هلك المال وتهدم البناء فادع الله تعالى أن يمسكها عنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، فما يشير إلى ناحية من السماء إلا انفرجت حتى خرج الناس يمشون في الشمس )، وهناك عدة وقائع سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم على وجه الخصوص، ومن ذلك: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر أن في أمته سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة بن محصن ، فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم )، فهذا أيضاً من التوسل الجائز أن يطلب الإنسان من شخص أن يدعو الله له إذا كان هذا الشخص مرجو الإجابة، إلا أن الذي ينبغي أن يكون السائل الذي سأل الشخص أن يدعو الله له يريد بذلك منفعة نفسه ومنفعة أخيه الذي طلب منه الدعاء حتى لا يتمحض السؤال بنفسه خاصة؛ لأنك إذا أردت نفع أخيك ونفع نفسك صار في هذا إحسان له، فإن الإنسان إذا دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك: آمين ولك بمثله، وكذلك إذا دعا له أخوه، فإنه يكون من المحسنين بهذا الدعاء، والله يحب المحسنين.

التوسل الممنوع وأقسامه

المقدم: ما دمنا عرفنا التوسل الصحيح، لابد لنا من معرفة التوسل الباطل، وهل له أقسام؟

الشيخ: التوسل الباطل: أن يتوسل الإنسان إلى الله تعالى بما لم يثبت في الشرع أنه وسيلة؛ لأن التوسل بمثل ذلك من اللغو والباطل المخالف للمعقول والمنقول، ومن ذلك أن يتوسل الإنسان إلى الله عز وجل بدعاء ميت، يطلب من هذا الميت أن يدعو الله له، فإن هذا ليس وسيلة شرعية صحيحة، بل هو سفه من الإنسان أن يدعو من هذا الميت أن يدعو الله له؛ لأن الميت إذا مات انقطع عمله، ولا يمكن أن يدعو لأحد، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يدعو لأحد بعد موته عليه الصلاة والسلام، ولهذا لم يتوسل الصحابة رضي الله عنهم إلى الله بطلب الدعاء من رسوله صلى الله عليه وسلم بعد موته، فإن الناس لما أصابهم الجدب في عهد عمر بن الخطاب قال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا، فقام العباس رضي الله عنه فدعا الله عز وجل، ولو كان طلب الدعاء من الميت سائغاً ووسيلة صحيحة لكان عمر ومن معه من الصحابة يطلبون ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن إجابة دعائه أقرب من إجابة دعاء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.

فالمهم أن التوسل إلى الله تعالى بطلب الدعاء من الميت توسل باطل، لا يحل ولا يجوز.

ومن التوسل أيضاً الذي ليس بصحيح أن يتوسل الإنسان إلى الله بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: اللهم إني أسألك بجاه نبيك كذا وكذا؛ وذلك أن جاه الرسول عليه الصلاة والسلام ليس مفيداً بالنسبة إليك؛ لأنه لا يفيد إلا الرسول عليه الصلاة والسلام، أما بالنسبة لك فليس بمفيد حتى تتوسل إلى الله تعالى به، والتوسل كما قلنا: هو اتخاذ الوسيلة الصالحة التي تثمر، فما فائدتك أنت من كون الرسول عليه الصلاة والسلام له جاه عند الله؟ وإذا أردت أن تتوسل إلى الله على وجه صحيح فقل: اللهم إني أسألك بإيماني برسولك أو بمحبتي لرسولك أو ما أشبه ذلك، فإن هذا من الوسيلة الصحيحة النافعة.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: فإجابة على سؤالكم أقول: نعم، هناك توسل زائد على الأربعة السابقة، وهو التوسل إلى الله عز وجل بدعاء الرجل الصالح الذي ترجى إجابته، فإن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم بدعاء عام وبدعاء خاص، ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: ( أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: اللهم أغثنا ثلاث مرات، فما نزل صلى الله عليه وسلم من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته وبقي المطر أسبوعاً كاملاً، وفي جمعة أخرى جاء ذلك الرجل أو غيره والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله! هلك المال وتهدم البناء فادع الله تعالى أن يمسكها عنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه، وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، فما يشير إلى ناحية من السماء إلا انفرجت حتى خرج الناس يمشون في الشمس )، وهناك عدة وقائع سأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم على وجه الخصوص، ومن ذلك: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر أن في أمته سبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة بن محصن ، فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت منهم )، فهذا أيضاً من التوسل الجائز أن يطلب الإنسان من شخص أن يدعو الله له إذا كان هذا الشخص مرجو الإجابة، إلا أن الذي ينبغي أن يكون السائل الذي سأل الشخص أن يدعو الله له يريد بذلك منفعة نفسه ومنفعة أخيه الذي طلب منه الدعاء حتى لا يتمحض السؤال بنفسه خاصة؛ لأنك إذا أردت نفع أخيك ونفع نفسك صار في هذا إحسان له، فإن الإنسان إذا دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك: آمين ولك بمثله، وكذلك إذا دعا له أخوه، فإنه يكون من المحسنين بهذا الدعاء، والله يحب المحسنين.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فقه العبادات [40] 3734 استماع
فقه العبادات [22] 3388 استماع
فقه العبادات [31] 3332 استماع
فقه العبادات [14] 3309 استماع
فقه العبادات [33] 3174 استماع
فقه العبادات [43] 3047 استماع
فقه العبادات [27] 2970 استماع
فقه العبادات [59] 2866 استماع
فقه العبادات [52] 2855 استماع
فقه العبادات [18] 2751 استماع