أرشيف المقالات

نحن عجلون جدا

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
نحن عجلون جدًّا
 

﴿ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا ﴾ [الإسراء: 11].
 
نتألَّم كثيرًا لما نراه، نحزن ونذرف الدموع، نعمل، نجدُّ لتغيير الأوضاع، لكن دون جدوى، تبقى الأوضاع كما هي؛ لا الحزن زال، ولا الفتنة هدأت، ولا..
ولا..؛ فيأخذنا اليأس، ونملُّ، ونتوقف عن بذل أي مجهود!
 
نريد رؤية ثمرة أعمالنا الآن!
نريد أن نَنعم بالسلم والأمان الآن!
كم نحن عجلون!
فهل رأيتم يا سادة طعامًا أُكل قبل استواء نضجِه، حتى وإن كُنا جوعى؟!
وهل رأيتم يا سادة ثمرةً قُطفت قبل اكتمال نموها؟!
وهل رأيتم طيرًا يطير قبل اكتمال نمو جناحه؟!
إذًا، الوقت والصبر كفيلان بحلِّ أزماتنا مع العمل الجاد، والثقة بالله طبعًا!
 
عندما يحزُّ بي رؤية المسلمين تزهق أرواحهم، وتسيل دماؤهم في كل مكان، أتألَّم كثيرًا، أتألم وأحزن لما يَحدُث، ويَعتصر قلبي حزنًا، أي وجهة لأي بلد مسلم أرى به ما يزيد من حزني وآلامي، عندما يَحدث كل هذا، ألجأ لقصص الأنبياء، ولسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
 
فهذا موسى عليه السلام قاسى كثيرًا وتألم كثيرًا؛ مِن فرعون من جِهَة، ومِن قومه مِن جهة أُخرى، ومع ذلك صبَرَ وبَقي يَدعو إلى الله بكل ثقة وأمل.
 
وفي سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم كم مرة يصل به الأمر إلى الضيق الشديد، وتشتدُّ به الأزمة، ومع ذلك بقي يدعو ويَدعو، وكلُّه أمل بأن النصرَ قادم؛ لإيمانه بالله ويَقينه، لم يَحدث الأمر فجأة، ولم يكن النَّصر بين عشية وضُحاها، بل كانت سنوات عديدة من الجد والصبر.
 
ليس شرطًا أن نكون نحن من ينعم بالسلم.
ليس شرطًا أن نجني ثمرة أعمالنا وتعبِنا في السنوات القليلة القادمة.
 
أبدًا...
ألا نريد أن نكون مثل ذلك الشيخ الذي يَغرس نخلة وهو يعلم تمامًا أنه لن يأكل منها؟
 
كذلك علينا نحن أن نعمل وندعو، نجدُّ ونجتهد، ولا نَنتظر النتيجة، قد تكون في حياتنا نحن، وقد تتأخر حتى يأتي أبناؤنا، جيلٌ جديد يُمسك براية الوحدة، جيل تنتهي معه الأزمات والنكبات، وسيأتي، لا لشيء إلا لثقتنا التامة بالله تعالى؛ لأنه سيَنصُر دينه ولو بعد حين.
 
وما دام النصر سيأتي، أفلا يَليق بنا أن تكون لنا فيه يدٌ؟ أفلا يَنبغي أن نعمل على ذلك؟!

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢