جلسات رمضانية لعام 1412ه [2]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الثاني، لقاء مسجد الجامع الكبير في عنيزة في شهر رمضان، الذي كان ليلة الأربعاء. الثامن من شهر رمضان عام (1412هـ) نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله لقاءً مباركاً، وأن يكثر من اللقاءات المباركة في جميع مساجد المسلمين على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه، وهدي سلفنا الصالح رضي الله عنهم.

لقاؤنا هذه الليلة سوف نركزه على الزكاة التي هي ثالث أركان الإسلام من حيث العموم، وثاني أركان الإسلام لمن دخل الإسلام، لأن مفتاح الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأول ركن بعد ذلك الصلاة ثم الزكاة.

وقد فرض الله سبحانه وتعالى الزكاة في كتابه، فقال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، وقال: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، وقال الله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ [البينة:5].

وقال تعالى حين ذكر أصناف أهل الزكاة: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].

عقوبة مانع الزكاة

توعد سبحانه وتعالى من منعها في قوله: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران:180]، وقال عز وجل: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:36-35] . وجاءت السنة مبينة للآية الأولى أنه ما من إنسان يؤتيه الله مالاً فلا يؤدي زكاته إلا إذا كان يوم القيامة مُثِّلَ له شجاع أقرع، قال أهل العلم: الشجاع الذكر العظيم من الحيات، والأقرع الأملس الرأس الذي ليس على رأسه شعر وذلك لكثرت سمه تمزق شعره والعياذ بالله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مثل له شجاعاً أقرع له زبيبتان -يعني: غدتان كل واحدة منهما مثل الزبيبة مملوءتان من السم، نسأل الله العافية- فيأخذ بلهزمتيه -يعني: يعض شدقيه- ويقول: أنا كنزك، أنا مالك). أما الآية الثانية: ففسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم -يعني: الصفائح من النار يحمى عليها في نار جهنم- فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار). ونحن إذا تأملنا الآيتين والحديث تبين لنا أن مانعي الزكاة يوبخون يوم القيامة ويعذبون، يوبخون يُقال: هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ [التوبة:35] وفي الحديث يقول: (أنا مالك، أنا كنزك) وهذا ألم قلبي. أما الألم البدني فقد عرفتم ماذا يكون من عض الشجاع الأقرع بشدقي هذا المانع من الزكاة ولكونها تكوى بها الجباه والجنوب والظهور، وهذا الوعيد الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام يدفع الوازع الديني الذي يكون في فطرة كل مؤمن حتى يقوم بأداء الزكاة، وذلك لأن النفس تميل إلى ما ينفعها وتهرب مما يضرها، فلهذا جاءت النصوص تارة بالترغيب وتارة بالترهيب وتارة بالجمع بينهما. وحينئذٍ لابد أن نعرف ما هي الأموال التي فيها الزكاة؟ وما هي الأموال التي لا تجب فيها الزكاة؟

قاعدة في الأموال التي تجب فيها الزكاة

الأصل والقاعدة أن الزكاة لا تجب إلا في الأموال النامية حقيقة أو حكماً، فالنامية حقيقة مثل: الثمار والزروع تنمو حتى تكمل، وكأموال التجارة التي تكسب، هذه نامية حقيقة، أما النامية حكماً كالذهب والفضة إذا كان الإنسان لا يعمل بهما، هذه لا تنمو، يعني: لو كان عند إنسان مثلاً عشرة آلاف ريال أبقاها في الصندوق فإنها لا تزيد لكنها في حكم التي تنمو، لأنه لو شاء لا تجر بها، فنمت وزادت إذاً هذا الأصل. القاعدة العريضة والأصل: أن الزكاة لا تجب إلا في الأموال النامية حقيقةً أو حكماً. الحقيقة مثل؟ الثمار والزروع والمواشي التي تنمو. الشيخ: وحكماً؟ مداخلة: مثل إنسان جمع عشرة آلاف في صندوق مثلاً. الشيخ: أنا أريد جنس المال؟ ما هو المال الذي قلناه؟ مداخلة: مثل الذهب والفضة. الشيخ: مثل الذهب والفضة إذا كان الإنسان لا يتجر بها، هذه تجب فيها الزكاة مع أنها لا تنمو، لو وضعت في الصندوق عشرة آلاف ما تزيد، هذه هي القاعدة العريضة في الزكاة. وتجب في أصناف نعدها الآن بالأصابع إن شاء الله: - الذهب. - الفضة. - عروض التجارة. - الأوراق النقدية. - الخارج من الأرض. - المواشي. كم؟ هذه ستة.

وجوب الزكاة في الذهب والفضة

تجب الزكاة فيهما بدون تفصيل، للحديث الذي ذكرناه حديث أبي هريرة : (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ... الحديث) أي فرد يخرج من هذا العموم فإننا نطالب المخرج بالدليل، فلو قال قائل: حلي المرأة من الذهب والفضة هل فيه الزكاة؟

الجواب: نعم.

من أين نستدل؟

من عموم هذا الحديث، حديث أبي هريرة وهو في صحيح مسلم : (ما من صاحب ذهب ولا فضة..) والمرأة التي عندها حلي هي صاحبة ذهب، ولهذا يقول الناس في عرفهم وعاداتهم: فلانة عندها ذهب، أو لها ذهب كثير، إذاً أي واحد من الناس من أبي بكر إلى أدنى عالم في عصرنا هذا إذا قال: إن الحلي من الذهب والفضة خارج عن هذا العموم فإننا نقول له: هات الدليل؟

على أن هذا العموم أيضا مؤيد بأدلة خاصة وهي ما رواه أبو داود وغيره من أصحاب السنن من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه وعن أبيه: (أن امرأة أتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب -والمسكتان: هما السواران- فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: هل يسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار، فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: هما لله ورسوله) وهذا نص في الموضوع مؤيد بالعموم.

ومن عجبٍ أن بعض الناس طعن في سند هذا الحديث، وقد قال عنه ابن حجر في بلوغ المرام : إن إسناده قوي، وقال عنه الشيخ العلامة، شيخ عصره في هذه المملكة عبد العزيز بن عبد الله بن باز: إن سنده صحيح.

ثم حاول آخر أن يطعن في متنه، وقال: كيف يقول الرسول للمرأة: (أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار) وهي لا تدري، وهل هذه علة؟ لا، ليست علة لسببين:

السبب الأول: أنها قالت: لا، يعني: لا أؤديه، ويحتمل أنها عالمة ويحتمل أنها جاهلة، فإذا قلنا: إن الأصل الجهل فيرجح على احتمال أنها عالمة، قلنا الحديث يقول: (أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار إن لم تخرجي) يعني بعد قيام الحجة، وهذا واضح، فالوعيد عليها إذا علمت ولم تخرج، وحينئذٍ تنتفي العلة في متنه.

السبب الثاني: أما قياسهم لحلي الذهب والفضة على اللباس والفرس والرقيق، ومن المعلوم أن اللباس ليس فيه زكاة بالإجماع، والفرس والرقيق ليس فيه زكاة بالنص، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة) وكلمة عبد وفرس ليست ذهباً ولا فضة.

ونحن نقول: ما سوى الذهب والفضة من غير ما تجب الزكاة بعينه لا تجب فيه الزكاة إذا اختصه الإنسان لنفسه، ولهذا نقول: أواني البيت ليس فيها زكاة، فرش البيت ليس فيها زكاة، مكاين الفلاحة ليس فيها زكاة، لكن الذهب والفضة تجب الزكاة فيها بعينها، كما تجب في المواشي بعينها إذا تمت الشروط، ولا يصح أن يقاس على الثياب وشبهها؛ لأنه قياس في مقابلة النص، والقياس في مقابلة النص مُطَّرح؛ لأنه يعبر عنه عند الأصوليين: فاسد الاعتبار، لا عبرة به، ويدل على تناقض هذا القياس أننا نقول لهم:

أولاً: الثوب الأصل فيه عدم الوجوب، والذهب الأصل فيه الوجوب.

ثانياً: الثوب إذا أعده الإنسان للأجرة فليس فيه زكاة، والذهب عندكم إذا عد للأجرة ففيه الزكاة، أين القياس؟!

ثالثاً: الثياب إذا أعدها الإنسان للقنية، اشتراها يلبسها ثم بدا له أن يجعلها للتجارة فإنها لا تكون للتجارة، وأنتم تقولون: إن الحلي إذا اشتراه للقنية ثم نواه للتجارة صار للتجارة، وهذا أيضاً تناقض.

على كل حال: الحمد لله أن الأقيسة المخالفة للنص دائماً تكون متناقضة، مع أنها من الأصل فاسدة الاعتبار.

ثم نقول: هب أن الأدلة متكافئة، فما هو الأصل في الذهب والفضة؟

الوجوب. هذا واحد.

هب أنها متكافئة فما هو الأحوط أن أخرج الزكاة أم لا؟

أن أخرج الزكاة.

وبهذا تبين أن الزكاة واجبة في الحلي المعد للاستعمال، سواء استعمل أم لم يستعمل بشرط أن يبلغ النصاب، والنصاب عشرون مثقالاً من الذهب، وهو حسب ما قال لنا أهل الذهب: خمسة وثمانون جراماً.

وأما الفضة فهي مثل الذهب إذا كانت حلياً وجبت فيها الزكاة كما لو لم تكن حلياً، ونصابها مائة وأربعون مثقالاً، ويبلغ بالجرامات خمسمائة وخمسة وتسعين.

إذاً: الذهب والفضة تجب فيهما الزكاة على كل حال.

زكاة عروض التجارة

عروض التجارة كل شيء اتجر به الإنسان من أي نوع كان من المال، فهو أعم أموال الزكاة، كل شيء يتجر به الإنسان فهو عروض تجارة.

حسناً! المواشي عروض تجارة، إذا كان ينتظر فيها الربح، الثياب، الأواني، العقارات، كل شيء يريد به الإنسان الاتجار يعني التكسب فهو عروض تجارة، من أي نوع من المال.

الصيارفة الآن الذين يبيعون بالصرف تعتبر نقودهم عروض تجارة، ولهذا الصيرفي يجب أن يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب بخلاف غيره، لأن الصيرفي ذهبه وفضته عروض تجارة.

حسناً لو كان عند الإنسان حمير يتجر بها فيها زكاة أم لا؟

مداخلة: فيها زكاة؛ عروض تجارة.

الشيخ: إذا كان عند الإنسان معدات يستعملها يتجر باستثمارها، فماذا تقولون؟

مداخلة: عروض تجارة.

الشيخ: لا ليست عروض تجارة.. ليس فيها زكاة، المواد التي لا تباع ليس فيها زكاة، فالآلات الصناعية والمكاين، مكاين الخراطة والنشارة والحدادة وغيرها هذه ليس فيها زكاة لأنها ليست عروض تجارة.

زكاة الأوراق النقدية

الشيخ: الأوراق النقدية فيها الزكاة، الأوراق النقدية في الحقيقة ليست ذهباً ولا فضة ولا عروض تجارة.

هل هي فضة أم لا؟ لا. هل هي عروض تجارة؟ لا. الصيارفة، صحيح يجعلونها عروض تجارة، يتجرون بها، لكن غير الصيارفة، إنسان -مثلاً- موظف يعدها للنفقة، ليست عروض تجارة، فلو قال قائل: إنه لا زكاة فيها، لأنها ليست ذهباً ولا فضة، ولا عروض تجارة، ولا ماشية، ولا خارج من الأرض، نقول: قد قال بها بعض الناس لكنه قول ضعيف جداً، وإنما نوجب فيها الزكاة لماذا؟

لأنها حلت محل الذهب والفضة، حلت محل النقدين.

إذا قال: ريال مثلاً أو درهم ماذا يريدون؟ ريال من الفضة أو هذه الأوراق؟ هذه الأوراق.

إذاً: فتجب فيها الزكاة لأنها أقيمت مقام النقدين الذهب والفضة.

زكاة الخارج من الأرض

ليس كل خارج من الأرض يكون فيه الزكاة، الخارج من الأرض من الحبوب والثمار فقط، مثل: ثمر النخل، وثمر العنب، الحنطة، الشعير، الذرة، الرز، وما أشبه ذلك، أما ما سوى هذا فليس فيه زكاة، فلو كان عند الإنسان (مبطخة) كبيرة، تنتج من البطيخ الشيء الكثير، فهل فيها زكاة؟

لا ما فيها زكاة، لو صار فيها ريع كثير جداً فلا زكاة فيها، لكن الزكاة فيما يحصل من النقود إذا تم عليه الحول.

إذاً نقول: الحبوب والثمار فقط هي التي فيها الزكاة، أما سائر ما يخرج من الأرض فليس فيه زكاة ولكن يزكى متى؟

يزكى ثمنه إذا تم عليه الحول وبلغ النصاب.

زكاة المواشي

الإبل، والبقر، والغنم خاصة، وما سواها لا زكاة فيه، فلو كان عند الإنسان مائة حمار ليست للتجارة ولكن للتنمية، الإنسان ينمي الحمير من أجل أن يكد عليها ولا يبيعها ويأخذ ثمنها، فليس فيها زكاة، عنده مائة فرس للتنمية ليس فيها زكاة، عنده مائة بغل ليس فيها زكاة، الزكاة في ثلاثة أصناف من البهائم هي: الإبل، والبقر، والغنم، وما عدا ذلك فليس فيه زكاة.

ويشترط بلوغ النصاب، ويشترط أن تكون سائمة، قال العلماء: السائمة: هي التي ترعى ولا تعلف، ترعى كل الحول أو أكثر الحول، أما التي تعلف فليس فيها زكاة، وعلى هذا فالذي يوجد الآن عند البادية يشترون له الشعير ونحوه، ويطعمونه إياه، ليس فيها زكاة، لماذا؟ لأنها غير سائمة.

حسناً! لو أعدها للتجارة فيها الزكاة وإن كانت غير سائمة؟

نعم وإن كانت غير سائمة، والإنفاق عليها كإنفاق التاجر على بضاعته، يعني: لا يمنع الزكاة.

نصاب الأموال الزكوية

حسناً! هذه ستة أصناف من المال كلها فيها الزكاة، ولكن لابد أن تبلغ النصاب، عرفنا نصاب الذهب ونصاب الفضة، عروض التجارة ما نصابها؟ نصابها أن تبلغ نصاب الذهب أو الفضة، إذا كان الذهب أرخص من الفضة اعتبرنا نصاب الذهب، وإذا كان أغلى اعتبرنا نصاب الفضة، يعني: فتقدر بما هو أنفع لأهل الزكاة، إما بالذهب وإما بالفضة، وهل يكمل الذهب بالفضة أم لا؟ في هذا خلاف بين العلماء: منهم من يقول: يكمل نصاب الذهب من الفضة ونصاب الفضة من الذهب. ومنهم من يقول: لا. مثاله: رجل عنده نصف نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة، هل يضم أحدهما إلى الآخر؟ يوجد خلاف، والصحيح: أنه لا يضم، وأن نصاب الذهب منفرد، ونصاب الفضة منفرد؛ لأن السنة جاءت هكذا، ولأن البر لا يضاف إلى الشعير في تكميل النصاب. يعني: لو كان عند إنسان مزرعة ليس فيها إلا نصف نصاب من الشعير، ونصف نصاب من القمح، هل يكمل هذا من هذا؟ لا. إذاً: الذهب لا يكمل من الفضة، والفضة لا تكمل من الذهب. وما مقدار الواجب في الذهب والفضة وعروض التجارة والأوراق النقدية؟ ربع العشر. يعني: واحداً من أربعين، وعلى هذا فإذا أردت استخراج الزكاة فاقسم ما عندك على أربعين، والخارج بالقسمة هو الزكاة، فإذا كان عندك أربعون ألفاً؟ فالزكاة ألف، وكم في خمسين ألفاً؟ مداخلة: ألف ومائة. الشيخ: ألف ومائة؟! الشيخ: كم في عشرة آلاف الزائدة عن الأربعين ألفاً؟ مداخلة: ........ الشيخ: لا. مائتين وخمسين، الأربعين فيها ألف والعشرة بها مائتين وخمسين، فالمجموع ألف ومائتين وخمسين. على كل حال: المسألة بسيطة يعني ما يحتاج إلى تعب، اقسم ما عندك على أربعين والخارج بالقسمة هو الواجب. الواجب في الخارج من الأرض إن كان يسقى بلا مئونة يعني: يشرب من الأنهار، أو يشرب بعروقه، ففيه العشر كاملاً، وإذا كان يسقى بمئونة كالسواني والمكائن ففيه نصف العشر، إذا جعلنا فيه نصف العشر نقسمه على عشرين، وإن جعلنا فيه العشر نقسمه على عشرة، ويخرج الواجب. المواشي: قدر النبي عليه الصلاة والسلام أنصبتها نصاباً نصاباً، ويختلف الواجب بحسب النصاب، ففي خمس من الإبل شاة، وفي خمسة وعشرين بنت مخاض يعني: أنثى تم لها سنة، ويختلف في أربعين شاة شاة واحدة، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي ثلاثمائة وتسعة وتسعين ثلاث شياه، يعني: مائتين وواحدة فيها ثلاث شياه، وثلاثمائة وتسعة وتسعين فيها ثلاث شياه، الوقص -أي: النقص والفرق- كبير جداً ما بين مائتين وواحدة إلى ثلاثمائة وتسعة وتسعين، لكن نحن نقول: سمعنا وأطعنا، إنسان عنده ثلاثمائة وتسعة وتسعين قلنا عليك ثلاث شياه، وإنسان عنده مائتين وواحدة قلنا: عليك ثلاث شياه، فجاء يصيح علينا أنا كيف علي ثلاث وذلك عليه ثلاث شياه، نقول: هذا حكم الله، قل: سمعنا وأطعنا. المهم أن الماشية أنصبتها محددة وليست كغيرها، يحدد أول النصاب والباقي ما زال بحسابه، هذه من قبل الشرع نمشي عليه. أما أهل الزكاة فنجعلها إن شاء الله في الدرس القادم حتى نتفرغ الآن للأسئلة التي جاءت وهي غير قليلة.

توعد سبحانه وتعالى من منعها في قوله: وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران:180]، وقال عز وجل: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:36-35] . وجاءت السنة مبينة للآية الأولى أنه ما من إنسان يؤتيه الله مالاً فلا يؤدي زكاته إلا إذا كان يوم القيامة مُثِّلَ له شجاع أقرع، قال أهل العلم: الشجاع الذكر العظيم من الحيات، والأقرع الأملس الرأس الذي ليس على رأسه شعر وذلك لكثرت سمه تمزق شعره والعياذ بالله، قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مثل له شجاعاً أقرع له زبيبتان -يعني: غدتان كل واحدة منهما مثل الزبيبة مملوءتان من السم، نسأل الله العافية- فيأخذ بلهزمتيه -يعني: يعض شدقيه- ويقول: أنا كنزك، أنا مالك). أما الآية الثانية: ففسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم -يعني: الصفائح من النار يحمى عليها في نار جهنم- فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار). ونحن إذا تأملنا الآيتين والحديث تبين لنا أن مانعي الزكاة يوبخون يوم القيامة ويعذبون، يوبخون يُقال: هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لانْفُسِكُمْ [التوبة:35] وفي الحديث يقول: (أنا مالك، أنا كنزك) وهذا ألم قلبي. أما الألم البدني فقد عرفتم ماذا يكون من عض الشجاع الأقرع بشدقي هذا المانع من الزكاة ولكونها تكوى بها الجباه والجنوب والظهور، وهذا الوعيد الذي ذكره النبي عليه الصلاة والسلام يدفع الوازع الديني الذي يكون في فطرة كل مؤمن حتى يقوم بأداء الزكاة، وذلك لأن النفس تميل إلى ما ينفعها وتهرب مما يضرها، فلهذا جاءت النصوص تارة بالترغيب وتارة بالترهيب وتارة بالجمع بينهما. وحينئذٍ لابد أن نعرف ما هي الأموال التي فيها الزكاة؟ وما هي الأموال التي لا تجب فيها الزكاة؟


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
جلسات رمضانية لعام 1411ه[6] 2909 استماع
جلسات رمضانية لعام 1411ه [4] 2870 استماع
جلسات رمضانية 1415ه [1] 2821 استماع
جلسات رمضانية لعام 1411ه [7] 2779 استماع
جلسات رمضانية لعام 1411ه [1-1] 2747 استماع
جلسات رمضانية لعام 1410ه[2] 2712 استماع
جلسات رمضانية 1412ه [1] 2707 استماع
جلسات رمضانية (1415ه)[5] 2576 استماع
جلسات رمضانية1410ه [2-3] 2496 استماع
جلسات رمضانية لعام 1411ه [5] 2417 استماع