فتاوى نور على الدرب [689]


الحلقة مفرغة

السؤال: الصدقة على الخادمة من الزكاة هل هو جائز، علماً بأننا نعطيها الراتب باستمرار؟

الجواب: لا حرج أن يعطي الإنسان زكاته الخادم عنده، سواءٌ كان رجلاً أو امرأة، إذا كان عنده عائلة في بلده محتاجة، ولا يكفيها الراتب الذي يستلمه، أما إذا كان الراتب يكفيها، أي: يكفي العائلة، فإنه لا يجوز أن يعطى من الزكاة؛ لقول الله تبارك وتعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا [التوبة:60].. إلى آخر الآية؛ ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: ( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ).

السؤال: نرجو من فضيلة الشيخ! توجيه كلمة للذين يعاملون الخدم بقسوة، ويكلفونهم ما لا يطيقون؟

الجواب: الكلمة التي أوجهها لمن يعاملون الخدم أو غيرهم من مكفوليهم بقسوة، أذكرهم بأن الله تبارك وتعالى فوق الجميع، وأذكرهم بقول الله تبارك وتعالى في قصة النساء الناشزات على أزواجهن: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34]، وأذكرهم بأنه لا يدرى، فلعل الأيام تنقلب، ويكون هؤلاء السادة خدماً لغيرهم، أو يكون أحد من ذريتهم خدماً لغيرهم، فيعاملون بما يعامل به هؤلاء لهؤلاء الخدم، فليتقوا الله تعالى وليخافوه، وليرحموا إخوانهم، فإن الراحمين يرحمهم الله.

السؤال: إذا وجدت شخصين في طرف الصف، هل أصف معهم أم أقف وسط الصف أم أجذبهما لوسط الصف؟

الجواب: المشروع أن يبدأ الصف من وراء الإمام؛ لأنه كلما كان الإنسان أقرب إلى الإمام كان أفضل، فإذا وجدنا شخصين في أطراف الصفوف جذبناهما إلى وسط الصف ليدنيا من الإمام، ومن المعلوم أنك إذا وجدت اثنين في طرف الصف، ووجدت وسط الصف خالياً، أنك لو وقفت وسط الصف صرت منفرداً؛ لطول المسافة بينك وبين الاثنين، لكن اجذبهما إلى وسط الصف وتصفون جميعاً.

ثم إني في الواقع أعجب من هذين الرجلين اللذين وقفا في جانب الصف، ما الذي يحملهم على هذا؟ أيحملهم العجز والتكاسل لكون طرف الصف مما يلي باب المسجد أم ماذا؟ إن كان الأول فسبحان الله! يأتيان من بيوتهما إلى المسجد ويعجزان أن يخطوا خطواتٍ حتى يصلا إلى وسط الصف، ما هذا إلا من توهين الشيطان لبني آدم حتى لا يقوموا بما هو أكمل.

السؤال: إذا انتهيت من دعاء الله عز وجل والتضرع بين يديه والبكاء من خشية الله، أظن ظناً جازماً بأن الله عز وجل سيستجيب لي، وأظن أن الله أحبني سبحانه وتعالى، فهل ظني جائز؟

الجواب: نعم هذا الظن جائز، بل هو مطلوب، أن يحسن الإنسان الظن بربه إذا وفقه للعمل أن يرجو القبول، إذا دعاه أن يرجو الإجابة، وهلم جراً، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي: ( أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني )، وإحسان الظن بالله من أسباب القبول والإجابة، ولكن لا يعجب الإنسان بعمله هذا، ويقول: أنا الذي فعلت، وأنا الذي فعلت، يقول في نفسه، لا يقول هذا، لأنه مهما فعل فإنما يفعل لنفسه، والله تبارك وتعالى غنيٌ عنه، كما قال الله تعالى: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17]، فإن قال قائل: وهل يفرح الإنسان إذا وفقه الله للدعاء أو للعبادة؟ الجواب: نعم يفرح ويسر ويؤمل خيراً، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن ).

السؤال: أحياناً يسأل أحدنا سؤالاً عن تفسير آية أو كلمة في القرآن، فالبعض منا يفسر الآية على ما يغلب عليه ظنه، فهل في ذلك بأس؟

الجواب: إذا كان الذي فسر الآية على حسب ظنه من أهل اللغة العربية العارفين بها فلا بأس، وأما إذا كان يتخرص خرصاً فلا يجوز؛ لأن المفسر للقرآن شاهدٌ على الله تعالى بأنه أراد كذا وكذا، وهذا أمرٌ فيه خطورةٌ عظيمة، فإن الله تعالى سيسأله يوم القيامة: كيف شهدت عليَّ بأني أردت كذا وكذا بدون علم؟! ولهذا جاء التحذير من تفسير القرآن بالرأي، وأن: ( من فسر القرآن برأيه فقد أخطأ وإن أصاب )، أما الإنسان الذي عنده معرفة باللغة العربية، وفسر القرآن بمقتضى اللغة العربية، فهذا لا بأس به، ولكن مع ذلك يراجع ما قاله المفسرون في تفسير الآية، أما إذا كان هذا القول في مناقشةٍ بين طلبة العلم، وسيرجعون في النهاية إلى كتب التفسير، فهذا لا بأس به، لأن هذا ليس قولاً مستقراً؛ لكنه عرض رأيٍ سوف يراجع فيما بعد.

السؤال: شرعت في بناء فيلا، وأثناء البناء قال أحد الإخوان: أريد أن أشتريها منك، فوعدته بأنني سأبيعه هذه الفيلا، وطلبت منه الإشراف عليها مقابل أجرة له، وبدأ يعمل، وانتهت المبالغ التي عندي، فبدأ يخرج من ماله الخاص، وبعد نهاية العمارة بعتها وخصمت الدين الذي له، هل هذا قرض جر نفعاً؟

الجواب: ليس قرضاً جر نفعاً؛ لأن المنتفع هو المشتري أيضاً، ولكن ليحذر الإنسان أن يبيع الفيلا أو الدار أو الشقة قبل تمام بنائها، لأن مثل هذه الأمور لا يمكن إدراكها بالوصف، فإذا بيعت بالوصف فقد لا يأتي الوصف على ما أراده المشتري، ولهذا قال أهل العلم: يشترط أن يكون المبيع معلوماً برؤيةٍ أو صفة في غير الدار ونحوها مما لا يحيط به الوصف.

السؤال: ما حكم رد السلام بصيغة: وعليهم السلام؟

الجواب: لا يصح الرد بهذه الصيغة؛ لأنه لم يرد على المسلِّم، فإن الهاء ضمير للغائب لا للمخاطب، والمسلِّم يخاطب المسلَّم عليه يقول: السلام عليكم، فيجب أن يكون الرد بصيغة المخاطب: عليكم السلام، فإن قال: عليهم لم يجزئه، ثم إن قال: وعليهم السلام فقد يقع في قلب المسلِّم شيء، حيث قال: عليهم السلام، ولم يقل: عليكم، ولا يجوز للإنسان أن يتعاطى ما يوجب الحقد والبغضاء.

السؤال: ما حكم ضرب الطفل من قبل أمه وهي تصلي، وذلك بسبب إيذائه لها؟

الجواب: أولاً: الأطفال لا ينبغي أن يضربوا إلا عند الحاجة أو الضرورة، ويكون ضربهم ضرباً غير مبرح.

ثانياً: إذا كان لا يمكن أن يسكت إلا بالضرب فلا حرج عليها أن تضربه ضرباً خفيفاً لئلا يشوش عليها صلاتها، لكني أخشى إذا ضربته أن يزداد صياحه فتعود المسألة على عكس ما تريد، فلتعمل الأسباب التي يكون فيها إسكاته بدون إخلالٍ بالصلاة.

السؤال: مجموعة من المعلمات قمن بعمل حفلة تكريم للمديرة تقديراً لجهودها في المدرسة، وقدمن الهدايا لها في آخر العام، هل في ذلك بأس؟

الجواب: أما الدعوى فلا بأس، الدعوى العادية، وأما تقديم الهدايا فلا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنكر على الرجل الذي بعثه عاملاً على الصدقة، فلما رجع قال: هذا لكم وهذا أهدي إلي، وقال: ( هلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى له أم لا )؟ وفي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( هدايا العمال غلول )؛ ولأن الهدية إلى العامل توجب أن يحابي هذا العامل من أهدى إليه، فيتغاضى عن تقصيره، أو يمنحه ما لا يستحق، والحاصل أنه لا يجوز للمديرة أن تقبل هدايا المعلمات، أما الدعوة فلا بأس بها.

السؤال: ما حكم أخذ راتب الولد والاستفادة منه لوالديه؟

الجواب: أما الأب، فله أن يأخذ من مال ولده ما شاء، بشرط أن لا يتضرر الولد بهذا، فللوالد أن يأخذ من راتب ولده ما لا يتضرر به الابن، وأما الوالدة فليس لها أن تأخذ من مال ولدها إلا ما أعطاها، والذي ينبغي للوالدين أن يدعوا الأولاد ورواتبهم إلا عند الحاجة، أو إذا رأوا من تصرفات الابن ما ينبغي أن يؤخذ منه المال، وفي هذه الحال يكتب المال المأخوذ على أنه لصاحبه لا للأب أو الأم، ويكون محفوظاً له إذا رشد وعرف قدر المال.