فتاوى نور على الدرب [681]


الحلقة مفرغة

السؤال: أنا أسكن في القصيم حيث هي بلدي التي أعد فيها أنني مقيم، وأعمل في مدينة ينبع البحر، أسافر كل شهر إلى عمل في مدينة ينبع وأقيم هناك حتى أنهي غرضي، فمتى انتهت مهمتي رجعت إلى أهلي في القصيم، علماً يا فضيلة الشيخ بأن مدة إقامتي تزيد أحياناً عن أربعة أيام وأحياناً ينقص عنها، ولا أعلم كم أقيم هناك، فماذا يلزمني في مثل هذه الحالة؟

الجواب: يلزمك تقوى الله عز وجل والقيام بطاعته، سواء في بلدك الأصلي أو في البلد الذي تسافر إليه لغرض وترجع، أما بالنسبة للسفر فأنت مسافر، إذا فارقت بلدك فأنت مسافر، لك أن تترخص بجميع رخص السفر، ولكن إن كنت مقيماً في بلد تقام فيها الجماعة وجب عليك أن تحضر صلاة الجماعة؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب حضور الجماعة، لكن لو قدر أن المساجد بعيدة عنك أو أنها فاتتك الصلاة فلك أن تقصر حتى ترجع إلى بلدك الأصلي.

السؤال: سائل من الجزائر يقول: فضيلة الشيخ! يقول: كيف يكون الاعتدال والتوازن في الإسلام؟

الجواب: الاعتدال والتوازن في الإسلام أن يقوم الإنسان بطاعة الله غير مقصر فيها ولا زائد؛ لأن دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه، فالتكلف والتنطع غير مشروع في الإسلام، والتقصير والتهاون غير مشروع، فليكن الإنسان وسطاً، ولهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم أولئك النفر الذين قال بعضهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال الثاني: أقوم ولا أنام، وقال الثالث: لا أتزوج النساء. أنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وقال: ( أنا أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني )، لأن هؤلاء تنطعوا وزادوا، والمقصر أيضاً يقصر على نفسه ويفرط في دين الله عز وجل، فيجب عليه الاستقامة والقيام بما يجب.

السؤال: أسأل عن الاستماع إلى الأناشيد الإسلامية ما حكمه؟

الجواب: أولاً: ينبغي للإنسان أن لا يستمع إلا إلى شيء يجد فيه منفعة بدون مضرة كالقرآن والأحاديث والأحكام الفقهية وغيرها مما ينتفع به السامع، أما الأناشيد فالأناشيد الإسلامية كما يقولون: ينظر فيها ما موضوع القصيدة؟ وكيفية أدائها؟ وهل يحصل بها فتنة؟ وهل تصد عن الاتعاظ بالقرآن والسنة؟ فإذا كان موضوع هذه الأناشيد موضوعاً باطلاً كأناشيد الصوفية مثلاً أو نحوها فلا يستمع لها، وإذا كان أداؤها على نحو أداء المغنين أصحاب الفن أو على نحو أداء الصوفيين فلا يستمع لها، ومن ذلك إذا كان فيها طبل أو ضرب على الأرض وما أشبه ذلك، وإذا كانت بأصوات مغرية كأصوات المردان التي قد تثير الشهوة فلا يستمع لها، وإذا خشي أن لا يتعظ قلبه إلا بها وصارت هي ديدنه فلا يستمع لها، المهم أن لها شروطاً لابد من مراعاتها.

السؤال: ما حكم هجر الزوجة فوق ثلاثة أيام؟

الجواب: يجب أولاً أن نعلم أنه من الواجب الذي تكون به السعادة الزوجية أن تكون العشرة بين الزوجين على أحسن ما يرام، لقول الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19] لا يستطيل عليها ولا تقصر في حقه.

ثانياً: فإن لم يمكن فقد قال الله تبارك وتعالى: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النساء:34]، والهجر في المضاجع إلى أن تستقيم ليس له حد، فإن لم يمكن وخيف الشقاق بينهما وجب على الحاكم أن يقيم حكمين يعرفان الأمور؛ يعرفان أحوال الزوجين ويعرفان المصلحة في التفريق أو الجمع ويتقيان الله عز وجل وينظران في الأمر، أمر الزوج والزوجة، وإن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما، فإن لم يمكن بعد الحكمين فتعاد المحاكمة ثانية حتى يحصل ما فيه الإصلاح من فراق أو تأليف، ولكن إذا كانت المرأة تكره الزوج ولا تطيقه فحينئذ يتدخل الحاكم ويقول لها: هل تردين عليه المهر الذي أخذ، إذا قالت: نعم. طلب من الزوج أن يطلقها على مهرها، كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في زوجة ثابت بن قيس بن شماس ، فإنها رضي الله عنها نشزت عن زوجها وكرهته، وأتت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقولي: نشزت. يعني: فيما يظهر، وقد تكون لم تنشز، وأن من حين حصل ما في قلبها ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقالت: يا رسول الله! ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين مستقيم الدين مستقيم الخلق، لكني أكره الكفر في الإسلام -يعني: كفران الزوج- فقال لها: ( أتردين حديقته عليه )، قالت: نعم. فأمره أن يأخذ الحديقة ويطلقها، يعني: يفارقها، ففعل.

لكن اختلف العلماء: هل قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لزوجها ثابت : طلقها أمر إلزام أو أمر إرشاد، فمنهم من ذهب إلى أنه أمر إلزام، وقال: إذا لم تستقم الحال فما الفائدة من البقاء، والزوج ضمن له ما دفع لها فلم يبق عليه ضرر، والزوجة لو عادت إليه لا تزيد الحال إلا سوءاً، وهذا لا أستطيع أن أقول: إنه هو الصواب، ولا أن أمر الإرشاد هو الصواب، أقول: الأمر دائر بين الإرشاد وبين الوجوب ويرجع في هذا إلى نظر الحاكم في القضية، قد يرى أن من الأفضل أن يطلق على الزوج إذا أبى أن يطلق، وقد يرى أن من الأنفع أن تبقى الزوجة.

السؤال: أنا يوجد عندي ألم بأرجلي بصفة دائمة وخاصة بالمفاصل، وهذا يعيق جلوسي بين السجدتين حيث إنني لا أستطيع الجلوس بل إنني أتكي على يدي، أما جلوس الشهادتين فإنني أمد رجلاي وأجلس على كرسي، وكذلك أفعل بالسنن؟

الجواب: إفادتها أن تقرأ قول الله تبارك وتعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فإن استطاعت أن تجلس الجلوس المعتاد في الصلاة فعلت، وإن لم تستطع إلا متربعة فعلت، وإن لم تستطع إلا معتمدة على يديها فعلت، حسب ما تستطيع؛ لأن الله سبحانه وتعالى غني عن تعذيب أنفسنا، قال الله تعالى: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ [النساء:147] .

فلتتق الله حسب استطاعتها لما ذكرنا من الآيات، ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـعمران بن حصين : ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب ).

السؤال: هل تخليل اللحية يكون بعد غسل الوجه، أم أثناء غسل الوجه؟

الجواب: تخليل اللحية يكون أثناء غسل الوجه؛ لأن ما ظهر من اللحية من الوجه، فيكون تخليلها تبعاً لغسل الوجه، أي: مع غسل الوجه.

السؤال: هل يشرع رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة؟ وما هي المواطن التي يشرع فيها رفع اليدين؟

الجواب: الدعاء بعد الصلاة ليس بمشروع، سواء رفع يديه أم لا؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إنما ورد عنه في الفريضة الأذكار المعروفة التي بينت مجمل قوله تعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء:103]، فليس بعد الصلاة دعاء لا الفريضة ولا النافلة، ولهذا لما علم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمته التشهد قال: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، فجعل ما بين التشهد والتسليم محلاً للدعاء بما شاء الإنسان.

وعليه فنقول: ليس من السنة أن يدعو بعد الصلاة، لا رافعاً يديه ولا غير رافع، وأما استغفار الإنسان بعد الصلاة فلأنه تابع لها، ومن المعلوم أن الإنسان إذا سلم من صلاة الفريضة استغفر ثلاثاً، لكن يقال: إن هذا تابع للصلاة من أجل أن كل إنسان لا يمكن أن يقول: إنه صلى صلاة تامة لابد من نقص، فيسأل ربه أن يغفر له.

السؤال: السائلة س. م. ج. من وادي الدواسر، تسأل وتقول: امرأة تبلغ من العمر سبعة وثلاثين عاماً عندها مشكلة في الدورة الشهرية منذ سنتين تقريباً، حيث يستمر معها ما يقارب من عشرين يوماً أو اثنين وعشرين يوماً، في الأيام الأولى تنزل كدرة تنزل يوماً وتتوقف يوماً، في بعض الأحيان تستمر يوماً كاملاً وفي بعض الأحيان تستمر نصف اليوم، ثم في الأيام الأخيرة ينزل دم أحمر، ثم بعد يومين أو ثلاثة يعود إلى كدرة وهكذا.

وفي رمضان في العام الماضي حدث لها هذا وقد أتمت صيامها وتقول: أنا في هذه الحالة، هل صيامي صحيح وصلاتي، أم أنه يجب علي قضاء ما صمت من هذا الشهر؟ وكيف أؤدي صلاتي مستقبلاً؟

الجواب: هذا الدم الذي يصيبها أكثر من عشرين يوماً هذا دم استحاضة، فترجع إلى عادتها من قبل، إذا كانت عادتها من قبل سبعة أيام في أول الشهر مثلاً تجلس من أول الشهر سبعة أيام ثم تغتسل وتصلي فروضاً ونوافل ولو كان الدم يجري، لكن إذا أرادت الصلاة فإنها تغسل أثر الدم ثم تتحفظ بالحفائظ المعروفة ثم تتوضأ بغسل الأعضاء الأربعة: غسل الوجه ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين وتصلي فروضاً ونوافل، وإذا دخل وقت الصلاة الثانية تفعل كذلك، وإذا دخل وقت الثالثة تفعل كذلك، وإذا دخل وقت الرابعة تفعل كذلك، وإذا دخل وقت الخامسة تفعل كذلك، وإذا كان يشق عليها فإنها تجمع بين الظهر والعصر إما جمع تقديم أو جمع تأخير، وكذلك بين المغرب والعشاء إما جمع تأخير أو جمع تقديم، وإذا أرادت أن تصلي نافلة كما لو أرادت أن تصلي صلاة الضحى مثلاً، تتوضأ عند إرادة الصلاة كما وصفنا تغسل محل النجاسة وتتحفظ، ثم تتوضأ وتصلي.

السؤال: هل يجوز جلوس الزوجة مع أخي الزوج في وسط عائلي، والمرأة متحجبة الحجاب الشرعي؟

الجواب: نعم، لا بأس. لكن لا تكون مما يلي أخ الزوج، تكون في جهة أخرى، وأحسن ما يكون في هذه الحال في العوائل أن يكون الرجال في أعلى المجلس والنساء في أدنى المجلس حتى يبتعد بعضهم عن بعض.

السؤال: امرأة كانت حاملاً في الشهر الثاني أو أقل، وأسقطت الحمل عمداً كرهاً في الحمل، ولكنها ندمت ندماً شديداً على عملها، وتابت إلى الله تقول عسى ربي أن يغفر لي خطيئتي، وبعد ذلك أنجبت أولاد، هل في هذا كفارة؟ وما المطلوب منها الآن؟

الجواب: ليس عليها كفارة؛ لأن هذا لم يخلق ولم تنفخ فيه الروح فليس عليها كفارة، لكن يؤسفني أنها أجهضت الحمل عن الجنين كراهة للحمل، لماذا تكره الحمل؟ أليس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد قال: ( تزوجوا الودود الولود )، وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام يرغب في كثرة الأولاد، وهو كذلك. الأمة إذا كثرت ازدادت قوة وهيبة بين الأمم واكتفاء بذاتها عن غيرها، فلماذا نفر من كثرة الأولاد، لولا الجهل ما كنا نذهب المذاهب الشتى من أجل تقليل الحمل.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3902 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3690 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3640 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3493 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3474 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3432 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3431 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3415 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3336 استماع