فتاوى نور على الدرب [633]


الحلقة مفرغة

السؤال: أنا أستمع إلى إذاعة القرآن الكريم من بعض المحدثين وأثناء حديثهم يقوموا بذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل أصلي على الرسول أثناء ذكرهم له صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: إذا سمع الإنسان ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فليصل عليه، فإن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ( رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل عليك قل آمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم: آمين ) ولهذا قال بعض أهل العلم: إنه يجب على من سمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه، وعلى هذا إذا سمعت في هذا البرنامج -برنامج نور على الدرب- ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فصل عليه، وأنت يا أخي إذا فعلت ذلك نجوت من هذا الوعيد ثم حصل لك أجر؛ لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة واحدة صلى الله عليه بها عشراً، فأنت إذا صليت على النبي عليه الصلاة والسلام حصلت على ثلاث فوائد:

الفائدة الأولى: امتثال أمر الله تبارك وتعالى فإن الله يقول: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

الفائدة الثانية: أن ذلك من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن تصلي عليه؛ لأن الله أنقذك به من الضلالة ودلك إلى الرشد عن طريقه عليه الصلاة والسلام، فلا طريق يوصل إلى رضوان الله تعالى وجنته إلا طريق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والإنسان لو دله شخص على طريق بلد من البلاد التي يقصدها لرأى له معروفاً عليه فكيف بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي دلك على الطريق الموصل إلى الجنة، فمن حقه عليك أن تصلي عليه، عليه الصلاة والسلام.

الفائدة الثالثة: أنك إذا صليت عليه مرة واحدة صلى الله عليك بها عشراً، ومعنى الصلاة على النبي: أن يثني الله على نبيه صلى الله وسلم في الملأ الأعلى. هكذا قاله أبو العالية رحمه الله. فإذا كان هذا معنى الصلاة من الله على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكذلك أنت يرفع الله تعالى لك الذكر ويصلي عليك، يثني عليك عند الملائكة المقربين، هذه نعمة، والحسنة بعشر أمثالها ولله الحمد، ولهذا ينبغي للإنسان أن يكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل وقت وحين.

السؤال: أسمع في الراديو الأذان فهل أردد مع المؤذن الأذان وأدعو بدعاء الأذان بعد سماعي له من الراديو؟

الجواب: أما إذا كان ينقل الأذان مباشرة فنعم، تابع المؤذن وادع بالدعاء المعروف؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن ).

وأما إذا كان مسجلاً فلا تتابعه؛ لأن التسجيل ليس أذاناً، ولهذا لا يجزئ عن الأذان أن يضع الإنسان شريطاً في المنارة ويفتح على الأذان فيسمعه الناس؛ لأن الأذان عبادة لابد أن يفعلها الإنسان تعبداً لله عز وجل، يدعو بها عباد الله إلى الصلاة.

والخلاصة: إن كان تسمع الأذان في الراديو من المؤذن مباشرة فتابعه، وإن كان ذلك عن طريق التسجيل فلا تتابعه.

السؤال: أنا طالبة في المرحلة الثانوية، وفي أيام الامتحانات تقوم البعض من الطالبات بالغش فماذا أفعل؟ هل أقوم بإخبار المعلمة؟ وهل عليَّ شيء؟ وإذا عرفن الطالبات بذلك قد يدعون علي فهل هذه الدعوة تستجاب؟

الجواب: إذا رأى الطالب أو الطالبة من يغش في صالة الامتحان فالواجب أن يرفع أمره إلى المراقبة أو المراقب، وإذا لم يجد ذلك شيئاً فليرفعه إلى المدير أو المديرة، ولا يحل له السكوت على ذلك؛ لأن الغش من كبائر الذنوب، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من غش فليس منا )، وإذا كان من كبائر الذنوب فهو منكر، والنهي عن المنكر واجب.

وإذا رفعت الأمر أو رفع الطالب الأمر إلى مَنْ يمكنه أن يعاقب على ذلك ثم عوقب هذا الغاش فإن ذلك ليس من ظلمه، يعني: ليس مظلوماً بهذا، بل هو منصور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله، هذا المظلوم فكيف نصر الظالم؟ قال: تمنعه من الظلم فذاك نصره ).

وإذا دعا الغاش على من أخبر عنه فإن دعوته لا تقبل؛ لأنه آثم فيها وظالم والله تعالى لا يهدي القوم الظالمين إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21]، فدعاؤه لن يستجاب.

السؤال: قرأت حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم بأن للصائم دعوة لا ترد، فهل هي في الدنيا أو في الآخرة؟ وإذا دعا الصائم بأي شيء هل يستجاب له؟

الجواب: أولاً: يجب نعلم أن الإنسان إذا دعا الله سبحانه وتعالى بإخلاص وافتقار واعتقاد أنه سبحانه وتعالى قادر على إجابة الدعوة فإن الله سبحانه وتعالى لن يخيب دعاءه، فإما أن يستجيب له ما دعا به، وإما أن يدخر ذلك عنده يوم القيامة، وإما أن يصرف عنه من السوء ما هو أعظم، فداعي الله -يعني: الذي يدعو الله- لن يخيب أبداً، بل لا يخلو من واحد من هذه الأمور الثلاثة، فليلح الإنسان بالدعاء وليفتقر إلى الله سبحانه وتعالى في كل شيء، وليسأل ربه كل شيء وإن كان شيئاً يسيراً؛ لأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه، ولا يستحسر إذا دعا فلم يستجب له، بل يعتقد أنه رابح في كل حال، والله تبارك وتعالى قد يمنع عن عبده ما دعا به لرحمة العبد كما قال الله تعالى: وَعَسَى أن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].

السؤال: ما صحة هذا الحديث: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ حم الدخان في ليله أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك ).

الجواب: هذا ضعيف لا يصح.

السؤال: ما صحة حديث: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبداً ).

الجواب: هذا ضعيف.

السؤال: ما صحة حديث: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله تعالى ).

الجواب: وهو ضعيف. ويجب التنبيه على أن كثيراً من الأحاديث التي وردت في فضائل بعض السور أو بعض الآيات ضعيف أو قد تصل إلى حد الوضع، فيجب التنبه لهذا، وأن يعرض الإنسان هذه الأحاديث على أهل العلم بالحديث حتى يتبين الصحيح من الضعيف.

السؤال: سائلة تذكر بأنها اعتمرت قبل ثلاث سنوات ولكن تقول: أثناء الطواف والسعي كانت مغطية لوجهها لحيائها. تقول: مع علمي بأنه لا يجوز تغطية الوجه أثناء العمرة، فما هو رأي فضيلتكم؟ وهل عليها شيء يا شيخ؟

الجواب: هذه المرأة أصابت في الواقع، أصابت الحق في كونها قد غطت وجهها في الطواف والسعي؛ لأن حولها رجال ليسوا من محارمها، فيجب عليها أن تغطي وجهها، فهي مصيبة فيما فعلت.

المحرمة يحرم عليها النقاب، وأما تغطية الوجه فإنها واجبة -أعني: تغطية الوجه إذا كان حولها رجال من غير محارمها- وإن لم يكن حولها رجال من غير محارمها فكشف الوجه أولى، وقد ذكرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن الرجال إذا مروا منهن قريباً سدلت إحداهن خمارها على وجهها.

السؤال: إذا صام الشخص في يوم غير رمضان وأكل ناسياً هل يبطل صيامه؟

الجواب: إذا أكل الصائم ناسياً فإن صيامه صحيح سواء في رمضان أو غير رمضان، لقول الله تبارك وتعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] فقال الله: ( قد فعلت ). ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ).

وأحب أن أزف إلى إخواني المسلمين هذه البشرى وهي: أن الله تبارك وتعالى عفا عن كل محرم فعله الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً، فقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] شامل لكل ما يقع فيه الخطأ والنسيان. وقوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] هذا في الكفر وأكره الإنسان عليه وقلبه مطمئن بالإيمان فإن الله لا يؤاخذه به فما دون الكفر من باب أولى.

وقد وردت أحاديث متعددة في سقوط الإثم عن من كان جاهلاً أو ناسياً، لو تكلم الإنسان في الصلاة يظن أن الكلام حلال فليس عليه شيء وصلاته صحيحة، لو أكل الإنسان وهو صائم يظن أن الشمس قد غربت وهي لم تغرب فليس عليه شيء، لو أكل يظن أن الفجر لم يطلع فتبين أنه طالع فليس عليه شيء، كل محرم فعله الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فليس عليه شيء، وهذا من تيسير الله عز وجل ورحمته بعباده.

أما المأمورات فإنه إذا أمكن تدارك الواجب ولو تركه الإنسان ناسياً وجب عليه تداركه، ودليل ذلك: أن رجلاً صلى في مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يطمئن في صلاته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة وقال: ( إنك لم تصل ) حتى علمه عليه الصلاة والسلام أنه يجب عليه أن يطمئن، فدل ذلك على أن ترك المأمورات متى أمكن تداركه وجب على الإنسان تداركه ولو كان قد ترك الواجب جاهلاً أو ناسياً، بخلاف المحظورات المحرمات فإن الإنسان إذا فعلها ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فليس عليه شيء إطلاقاً لا في الصلاة ولا في الصيام ولا في الحج.

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تنوي صيام الست من شوال قبل صيام القضاء بحيث تصوم القضاء في شهور أخرى؟

الجواب: لا، لا ينفعها ذلك ولا يكون لها أجر من صام السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال ) فقال: ( من صام رمضان ) والمرأة التي عليها قضاء لم تصم رمضان إنما صامت بعضه، فلابد أن تقع الأيام الستة لمن أراد ثوابها بعد قضاء رمضان كله، وعلى هذا فإذا كانت المرأة أفطرت أيام حيضها سبعة أيام ثم تأخرت في قضائها حتى انتهى شوال فإنها تقضيها، أي: تقضي هذه الأيام ولا تقضي الأيام الستة؛ لأنها أخرت القضاء بلا عذر، أما لو كان لعذر كما لو كانت نفساء أو مريضة أو مسافرة فلها أن تقضي القضاء وتقضي أيضاً الأيام الستة من شوال، وقضاؤها أيام الست من شوال على سبيل الاستحباب لأن أصلها ليس بواجب، لكن إذا أرادت.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3916 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3697 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3649 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3503 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3498 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3479 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3445 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3421 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3343 استماع