فتاوى نور على الدرب [586]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما المقصود بكلمة القواعد من النساء أو ما صفة القواعد؟

الجواب: المراد بالقواعد: العجائز اللاتي قعدن عن الحركة؛ لعدم قوتهن ونشاطهن: اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا [النور:60] يعني: اللاتي يئسن من أن يتقدم لهن أحد لكبر سنهن، هؤلاء القواعد ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة، يعني: أن يضعن ثياب الخروج التي جرت العادة أن تخرج بها النساء، بشرط ألا يتبرجن بزينة -أي: ألا يظهرن زينة جمال يكون بها فتنة- وعلى هذا فإذا خرجت مثل هذه المرأة إلى السوق بثياب البيت التي ليست ثياب زينة فلا حرج عليها في ذلك، إلا أنه ينبغي ألا تخرج لئلا يُقتدى بها، ولئلا تظن الشابة أن هذا الحكم عام لها وللقواعد، وما كان يفضي إلى مفسدة فإنه ينبغي ألا يفعل وإن كان مباحاً سداً للذريعة، وفي هذه الآية دليل واضح على أن من سوى النساء القواعد فعليها جناح إذا وضعت ثوبها الذي اعتادت أن تخرج به إلى السوق، وهو دليل على وجوب ستر الوجه؛ لأن ستر الوجه من أعظم التبرج بالزينة، فإن إظهار الوجه أشد فتنة من ثوب جميل بل وأشد فتنة من طيب يفوح، فإن تعلق الرجل بالمرأة التي كشفت وجهها أشد من تعلقه بامرأة عليها ثياب جميلة إذا لم يشاهد الوجه.

وبهذه المناسبة أود أن أوجه نصيحة إلى بناتنا وأخواتنا بأن يتقين الله تعالى في أنفسهن، وألا يخرجن إلى السوق متبرجات بزينة، وألا يخرجن إلى السوق بريح تظهر رائحته -أي: بريح طيب تظهر ويشمها الرجال- وألا يكشفن وجوههن؛ لأن الوجه أعظم زينة تجلب الفتنة، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ويحمل المرأة على أن تدرج من القليل إلى الكثير، ومن الصغير إلى الكبير، فلتبق النساء على عادتهن وعلى ما جبلهن الله عليه من الحياء وألا تغتر بمن هلك، فإن الله تعالى يقول في كتابه: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ [الأنعام:116] نسأل الله التوفيق والحماية من أسباب الشر والفتنة.

السؤال: زوجتي لها أخوان: الأكبر منهما: أخوها من أبيها، والثاني: أخوها من أمها وأبيها فأيهما يعتبر الولي الشرعي؟

الجواب: الولي الشرعي: هو أخوها من أمها وأبيها؛ لأنه أقوى صلةً بها من أخيها.. من أبيها حيث كان في حقه سببان من أسباب القرابة: وهما الأمومة والأبوة، وأما الثاني: فليس فيه إلا سبب واحد، لكن إذا قُدر أن أخاها من أمها وأبيها ليس أهلاً للولاية إما لسفهه أو نقص عقله أو عناده في طلب ما ينفع هذه الأخت فإن ولايته تسقط إلى من كان أولى بها من إخوانها.

السؤال: ما حكم الكشف على أم زوجة أبي؟

الجواب: أم زوجة أبيك لا يحل لها أن تكشف لك؛ لأنه ليس بينك وبينها علاقة، ولهذا لو قدر أن تتزوجها أنت فلا حرج عليك في هذا.

السؤال: هل قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية واجبة على المأموم؟ أم تكفيه قراءة الإمام؟

الجواب: القول الراجح: أن قراءة المأموم للفاتحة واجبة، سواء في الصلاة السرية أو الجهرية؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، ولما في السنن من حديث عبادة بن الصامت ( أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة الصبح، وقال: ما لي أنازع القرآن لعلكم تقرءون خلف إمامكم، قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها )، وعلى هذا فيجب على المأموم أن يقرأ الفاتحة كاملة، سواء في الصلاة السرية أو في الجهرية إلا أنها تسقط على المسبوق، يعني: إذا جاء الإنسان والإمام راكع فكبر تكبيرة الإحرام، ثم ركع فإن الفاتحة في هذه الحال تسقط عنه؛ لأنه لم يدرك القيام الذي تجب فيه الفاتحة، ولهذا لما دخل أبو بكرة رضي الله عنه المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم راكع أقبل مسرعاً ثم ركع قبل أن يصل إلى الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بعد انتهاء الصلاة: ( زادك الله حرصاً ولا تعد )، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقضاء الركعة التي لم يدرك قراءة الفاتحة فيها، وكذلك لو جاء الإنسان والإمام قائم ثم كبر للإحرام واستفتح وشرع في الفاتحة، ثم ركع الإمام فإنه يركع معه وتسقط عنه بقية الفاتحة؛ لعدم إدراك قيام يتمكن فيه من قراءتها.

السؤال: هل الدعاء بعد صلاة الفرض بدعة أم مكروه؟

الجواب: الدعاء بعد صلاة الفريضة بدعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، وكل من تعبد لله تعالى بشيء لم يفعله الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا أمر به ولا ثبت أنه من شريعته فإنه يكون بدعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل محدثة بدعة )، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى وقت الدعاء في الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: ( أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم )، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـعبد الله بن مسعود حين علمه التشهد: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، يعني: قبل أن ينصرف من صلاته، وكما أن الدعاء في الصلاة قبل السلام هو ما دلت عليه النصوص الشرعية، فهو أيضاً مقتضى النظر الصحيح؛ لأن الإنسان مادام في صلاته فإنه يناجي ربه وهو بين يديه، فكيف يؤخر الدعاء حتى يسلم وينصرف ويقطع الصلة بينه وبين الله تعالى في صلاته، هذا خلاف النظر الصحيح.

وعلى هذا فنقول: صلاة الفريضة يسن بعدها الذكر والدعاء قبل السلام؛ لقول الله تبارك وتعالى: فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء:103].

وأما الدعاء بعد النافلة: فهو أيضاً خلاف السنة لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان يدعو بعد صلاة النافلة، ونقول: إذا أحببت الدعاء فادعُ الله تعالى قبل أن تسلم من الصلاة كما ذكرنا في صلاة الفريضة، فإن قال قائل: أليس قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لـمعاذ بن جبل : ( لا تدعن أن تقول دبر كل صلاة مكتوبة: اللهم أعني على ذكرك وعلى شكرك وعلى حسن عبادتك )، وهذا دعاء صحيح وهو دعاء أوصى به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم معاذ بن جبل ، ولكن ما هو دبر الصلاة هل هو بعد السلام أو هو آخر الصلاة؟ يجيب على هذا السؤال مقتضى النصوص الشرعية، النبي صلى الله عليه وسلم جعل ما بعد التشهد وقبل السلام هو دبر الصلاة، بناءً على السنة التي ذكرت آنفاً، وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن ذلك فقال: إن دبر كل شيء منه كدبر الحيوان، وعلى هذا فدبر الصلاة جزء منها ولكنه آخرها.

فالدعاء في العبادة يكون قبل السلام لا بعده، فإن قال قائل: أليس قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثاً، وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام الخ الدعاء، وهذا دعاء؟ فالجواب: أن هذا دعاء خاص متعلق بالصلاة؛ لأن استغفار الإنسان بعد السلام من الصلاة؛ من أجل أنه قد لا يكون قد أتم صلاته، بل أخل فيها إما بحركة أو انصراف قلب أو ما أشبه ذلك، فكان هذا الدعاء بالمغفرة لاصق بالصلاة تماماً، وليس دعاءً مطلقاً مجرداً.

السؤال: هل على الإنسان أن يتم قراءة التشهد في أول ركعتين في الصلاة الرباعية كصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء؟ أم يقف عند قوله: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؟

الجواب: الصحيح: أنه يقف عند قوله: وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ لأن هذا هو التشهد الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، لكن التشهد الأخير محل دعاء، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا تشهد أحدكم التشهد الأخير فليستعذ بالله من أربع )، فلما كان محل دعاء كان من المناسب أن يؤخر الدعاء إلى التشهد الأخير، ومن الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فتؤخر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير، ومن العلماء من قال: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تكون في التشهد الأول؛ لأن الصلاة عليه مقروناً بالسلام عليه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، ولكن القول الأول أصح وأرجح، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: أن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يخففها في التشهد، وذكر حديثاً فيه شيء من الضعف: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخففه كأنما هو جالس على الربض )، أي: على الحجارة من المحماة.

السؤال: عندما يقرأ الإنسان بعد صلاة المغرب والصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، عشر مرات، هل على الإمام أن يقول ذلك قبل أن يلتفت ناحية المصلين؟

الجواب: ليس على الإمام أن يقول ذلك قبل أن يلتفت إلى المصلين، بل وليس من السنة له ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يجلس بعد سلامه مستقبل القبلة إلا بمقدار ما يقول: أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف، ولا ينبغي للإمام أن يطيل بأكثر من ذلك؛ لأن انصراف المأمومين مقيد به، حيث جاء في الحديث: ( لا تسبقوني في الصلاة )، ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله: يكره للإمام أن يطيل الجلوس مستقبل القبلة بعد السلام، وعلى هذا فالسنة أن يقول الإمام بعد السلام: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، اللهم! أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف، حتى يعطي المأمومين مهلة فينصرفوا.

السؤال: أسأل عن الحكم في امرأة تسب زوجها وأقارب زوجها عندما تغضب؟

الجواب: الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم فتنتفخ أوداجه ويحمر وجهه وعيناه، وربما يضيع فلا يحسن أن يتصرف بالقول أو بالفعل، ولهذا كان القول الراجح: أن من طلق عن غضب لا يملك به نفسه فإن طلاقه لا يقع، وهكذا هذه الزوجة التي تسب زوجها وأقاربه في ظني أنه لا يحملها على ذلك إلا الغضب الذي يثيره زوجها، وإلا فلا يعقل أن امرأة في هدوء ورضا مع الزوج تقوم بسبه وسب أقاربه كأمه وأباه وأخته وأخاه هذا بعيد، لكن يظهر أن الزوج أغضبها حتى صارت تسبه وتسب أقاربه.

وبهذه المناسبة أحذر الأزواج من التطاول على الزوجات بغير حق؛ لأن الله تعالى حذر من ذلك، فقال: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34]، فهو أعلى منك أيها الزوج الذي علوت على زوجتك وأكبر منك وأعظم منك فاحذره، لكن بعض الناس والعياذ بالله يجعل الزوجة كأنها خادم، بل أسوأ حالاً من الخادم فيشتمها ويضيق عليها عند كل مناسبة، ولا يعتبرها إنسانةً مثله، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد الأزواج إلى طريقة مثلى، فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة ) (لا يفرك) يعني: يبغض( مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر )، يعني: أنك أيها الزوج إذا كرهت من زوجتك خلقاً فانظر إلى أخلاقها الأخرى، فإذا كرهت منها أنها أبطأت في إصلاح الشاي أو أساءت طبخ الغداء، فانظر إلى الأيام الكثيرة التي أحسنت فيها في طبخها وصنع الشاي وما أشبه ذلك، فالواجب على الأزواج الذكور أن يتقوا الله عز وجل في أزواجهم وأن يقوموا بحقهم.

كما أن على المرأة أيضاً أن تقوم بحق زوجها الذي أوجبه الله عليها: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:228].

السؤال: فتاة وضعت النقاب على وجهها مؤخراً إلا أنها واجهت معارضات من أقاربها وأهلها، مع العلم: بأنني ذو جمال متوسط، وأحد أقاربي ممن درس الشريعة، قال لي: بأن نقاب الوجه غير وارد في الدين الإسلامي، وقال: إن نساء الرسول صلى الله عليه وسلم لم يضعنه على وجوههن، فهل فعلا نساء الرسول صلى الله عليه وسلم كن يضعن غطاء الوجه أم لا؟ وهل إظهار العينين فيه شيء؟

الجواب: لا شك أن بعض المجتمعات ينكر إنكاراً عظيماً تغطية الوجه، وينكر النقاب أيضاً ويلحق النساء الملتزمات من هؤلاء أذى كثيراً، سواء من الأقارب أو من الأجانب، ولكن على المرأة أن تصبر وتحتسب الأجر من الله، وأن تعلم أنها ما أوذيت في الله إلا رفعها الله عز وجل، ولا تكن ممن قال الله فيهم: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت:10] بل تمضي على ما تقتضيه الشريعة من الحجاب، والحجاب نوعان: نوع يغطى فيه الوجه كله، ونوع آخر يغطى فيه الوجه وينقب للعينين ما تبصر به.

والنقاب معروف في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وكثير في النساء في عهده، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما ذكر ما تُنهى عنه المحرمة ذكر النقاب فقال: ( ولا تنتقب )، وهذا يدل على أن من عادة النساء في ذلك الوقت أن ينتقبن، لكن النقاب في قوم محافظين تغطي نساؤهم الوجه كاملاً قد يكون به فتنة، فإن النساء إذا رخص لهن في النقاب الذي تفتح فيه للعينين ما تبصر به يتوسعن في ذلك، فيفتحن فتحة أكبر من فتحة العين، وربما يتجاوزن إلى الحواجب وإلى الوجنتين، وربما أبدلن النقاب باللثام فيحصل التوسع، ولهذا نحن لا نفتي بجواز النقاب، وإن كنا نرى جوازه نظراً لكونه ذريعةً إلى ما لا تحمد عقباه، وسد الذرائع وارد شرعاً وواقع عملاً فإن الله سبحانه وتعالى قال: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام:108]، فنهى عن سب آلهة المشركين مع أن سبها أمر مطلوب مشروع، لكنه جل وعلا نهى عن سبها خوفاً من أن يسب هؤلاء رب العالمين عدواً بغير علم، وهذا دليل واضح على سد الذرائع، وكذلك جاءت السنة بسد الذرائع كتحريم ربا الفضل خوفاً من الوقوع في ربا النسيئة، وجرى عليه عمل الخلفاء الراشدين، فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه منع من بيع أمهات الأولاد، وهن الإماء اللاتي ولدن من أسيادهن خوفاً من الوقوع في المحظور وهو التفريق بين المرأة وولدها، ومنع من رجوع المطلق ثلاثاً في مجلس واحد إلى زوجته، مع أنه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، كان الرجل يرجع إلى زوجته إذا طلقها ثلاثاً في مجلس واحد، ومع أن هذه الصيغة من الطلاق محرمة، لكن لما تكاثر الناس فيها رأى عمر رضي الله عنه أن يمنع من الرجوع إليها، سداً لباب التهاون في الطلاق الثلاث.

فنحن لا نفتي بجواز النقاب في عصرنا هذا حذراً من التوسع فيه؛ لا لأنه غير جائز شرعاً، وكذلك عندما نفتي فيه بعدم الجواز؛ لا لأننا نرى أن كشف الوجه هو الصواب، فنحن نعارض أشد المعارضة في كشف الوجه ونرى أنه لا يحل للمرأة أن تكشف وجهها لغير محارمها إلا ما دلت السنة على جوازه.

فنصيحتي لهذه الفتاة أن تصبر وأن تحتسب وتنتقب أو تغطي وجهها كاملاً.