فتاوى نور على الدرب [580]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل يمكن أن أصلي بإقامة واحدة أكثر من وقت إذا كان هناك فوائت من الصلوات؟

الجواب: الإقامة تتعدد بتعدد الصلوات، فإذا جمع الإنسان بين المغرب والعشاء أو بين الظهر والعصر لسبب يقتضي الجمع فإنه يؤذن أذاناً واحداً ولكنه يقيم لكل صلاة إقامة كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكذلك لو كان على الإنسان فوائت فإنه يقيم لكل صلاة فإذا قدر أن عليه خمس صلوات فوائت فإنه يقيم لكل صلاة إقامة فيقيم خمس إقامات.

السؤال: هل يمكن أن نصلي الوقت بالتيمم ونصلي بهذا التيمم عدد من النوافل والسنن المؤكدة؟

الجواب: نعم يجوز للإنسان إذا تيمم لصلاة أن يصلي بهذا التيمم عدة صلوات مفروضة أو نوافل وسواء صلاها في وقت الصلاة التي تيمم لها أو صلى في وقت آخر، فإذا تيمم لصلاة الظهر مثلاً وبقي على طهارته إلى دخول وقت العصر فإنه يصلي العصر بلا إعادة التيمم؛ لأن القول الراجح أن التيمم لا يبطل بخروج الوقت، وكذلك لو بقي على طهارته في هذه المسألة حتى دخل وقت المغرب فإنه يصلي المغرب بتيمم صلاة الظهر، وكذلك لو بقي على طهارته إلى العشاء فإنه يصلي صلاة العشاء بتيمم صلاة الظهر؛ لأن التيمم لا ينتقض إلا بنواقض الوضوء التي تنتقض بها طهارة الماء إلا إذا وجد الماء إن كان تيممه لعدم الماء فإنه لابد أن يتوضأ به، وكذلك لو كان تيممه لمرض فبرِئ منه فإنه لا بد أن يتوضأ بالماء.

السؤال: بالنسبة للهدية ما حكم قبول الهدية؟

الجواب: قبول الهدية سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقبل الهدية، ولكن ينبغي لمن أُهدي له شيء أن يكافئ من أهدى إليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صنع إليكم معروفاً فكافئوه ) فإن لم تكن المكافأة مناسبة فإنه يدعو له لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) ، وهذا أعني: قبول الهدية ما لم يخش الإنسان أن يكون من المهدي مِنَّةٌ عليه في المستقبل بحيث يقطع عُنُقَهُ كلما حصلت مناسبة فيقول: أنا فعلت بك وفعلت بك وأهديتك وصنعت إليك معروفاً وما أشبه هذا ففي مثل هذه الحال لا ينبغي أن يقبل الهدية لما في ذلك من إذلال نفسه أو التعرض لذلك.

السؤال: ما حكم من حلف على يمين على شيء لم يتضرر أحد منه أي: حلف ولكن ليس ليضر به أحد ولكن يقصد المصلحة الذاتية مع العلم التام بأن هذا الشخص إذا لم يحلف لم يصل إلى ما يرغب فيه وجهونا في ذلك؟

الجواب: الحلف على الشيء على حسب ذلك الشيء، فمثلاً إذا كان لا يتوصل إلى مقصود شرعي إلا باليمين فلا بأس أن يحلف وإلا فإن الأفضل ألا يكثر الإنسان الأيمان لقول الله تبارك وتعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89] فإن من معنى هذه الآية ألا يكثر الإنسان اليمين؛ ولأن الإنسان إذا أكثر الأيمان صار عرضة إما للكذب وإما للحنث وكلاهما محظور، فالأولى للإنسان ألا يحلف إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك، وإذا دعت الحاجة إلى ذلك فهو -يعني اليمين- على حسب ما تقتضيه هذه الحاجة.

السؤال: أرشدوني إلى بعض أسماء الكتب القيمة في الفقه والعبادات؟

الجواب: أحسن شيء في هذا ما ألفه العلماء من كتب الحديث كبلوغ المرام، ومنتقى الأخبار ونحوهما، ثم ما اشتمل على الفقه والحديث مثل: زاد المعاد لـابن القيم فإنه كتاب قيم فيه التاريخ النبوي، وفيه الفوائد والحكم التي تتضمنها غزوات الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو كتاب جيد لا ينبغي لطالب علم أن تفوته مطالعته.

السؤال: شاب ملتزم وأحمد الله على ذلك ولا أزكي نفسي، فإنني في أيام من رمضان في الأعوام الماضية أو في الأعوام الماضية لم أصمها بدون عذر مع أنني لا أعرف عدد هذه الأيام، والآن بعد أن التزمت والحمد لله أريد منكم أن تبينوا ما يجب علي وجزاكم الله خيراً؟

الجواب: يجب عليك قبل كل شيء أن تشكر الله تعالى على نعمته عليك بالالتزام أي: بالتزام الدين والشريعة فإن هذه من أكبر النعم بل هي اكبر النعم في الواقع، فاحمد الله تعالى على هذا واشكره عليه وسله الثبات والاستمرار.

وأما ما مضى من أفعال فإن التوبة منها -أي: من هذه الأفعال المحرمة- تهدم ما كان قبلها كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما رمضان الذي لم تصمه فإنه لا يلزمك قضاؤه بل التوبة إلى الله تعالى واللجوء إليه يمحو ذلك كله، فنسأل الله لك الثبات وأن لا يزيغ قلبك بعد إذ هداك.

السؤال: لي قريب مؤذن مسجد يتقاضى راتباً شهرياً من وزارة الأوقاف، ولكن راتبه الشهري في الأشهر الماضية نزل قبل أن يتم بناء هذا المسجد مع العلم بأنه في بعض الأحيان قبل بناء المسجد يؤذن في مسجد آخر بعض الأوقات فما هو رأيكم -فضيلة الشيخ- في هذا المال الذي تقاضاه قبل أن يتم بناء هذا المسجد هل هو حرام وجهونا في ضوء هذا السؤال؟

الجواب: أما إذا كان هذا المسجد بناؤه ابتدائي فإنه لا يحل للأوقاف أن تعطي راتباً عليه وهو لم يتم بناؤه ولا يحل لمعطَى أن يقبل هذا الراتب؛ لأنه أخذه بغير حق، هذا إذا كان المسجد ابتدائياً أي: أُنشئَ حديثاً.

أما إذا كان المسجد الذي عُمِرَ كان قديما فَهُدِمَ وكان هذا المؤذن مستمراً فيه فإنه لا حرج عليه أن يأخذ الراتب في الأشهر التي لم يكن المسجد مبنياً فيها؛ وذلك لأنه قد حبس نفسه لمصلحة هذا المسجد، وحينئذٍ فالمسألة فيها تفصيل: إن كان المسجد قد أنشئ حديثاً فإنه لا يحل أن يأخذ الراتب لأنه أخذه بغير حق، ولا يحل للأوقاف أيضا أن تجعل راتباً على ذلك، ولا أظنها تفعل، أي لا أظن أنها تجعل راتباً على مسجد لم يتم بناؤه أولاً، وأما إذا كان المسجد معاداً بناؤه وكان هذا المؤذن قد توظف فيه من قبل -أي: من قبل أن يهدم- فلا حرج عليه أن يأخذ راتب الأشهر التي تعطل فيها المسجد؛ لأنه قد حبس نفسه لذلك.

السؤال: دخل علي رمضان وأنا ما زلت في النفاس، وفي اليوم الثاني عشر من رمضان الموافق السابع والثلاثين من النفاس انقطع الدم قبل الفجر فنويت الصيام ولكن لم أكن متيقنة من الطهر، انتظرت طوال اليوم ولكن لم أرَ شيئا يؤكد الطهر، ولم ينزل دم، ولم أغتسل إلا بعد أذان المغرب فهل يحتسب لي ذلك اليوم صوم أم أن عليّ قضاء؟ وهل عليّ شيء آخر وجهوني جزاكم الله خيراً؟

الجواب: لا يحل للمرأة النفساء أو الحائض أن تصلي أو تصوم حتى تتيقن الطهر؛ لأن الأصل بقاء الحيض وبقاء النفاس، وما دامت صامت ذلك اليوم وهي شاكة هل هي طهرت أم لم تتطهر فعليها أن تعيد صوم ذلك اليوم؛ لأنه ليس بصحيح.

السؤال: هل ستر القدمين في الصلاة واجب بحيث أنني لم ألبس الجوارب على إعادة الصلاة؟

الجواب: في هذا خلاف بين أهل العلم: من العلماء من يقول: إن على المرأة في الصلاة أن تستر كفيها وقدميها، ومنهم من يقول: إنه لا يجب عليها أن تستر ذلك كما أنها لا تستر الوجه، وبناءً على هذا نقول: إذا صلت وهي كاشفة القدمين فصلاتها صحيحة لكننا نأمرها قبل أن تصلي أن تستر قدميها خروجاً من الخلاف والله أعلم.

السؤال: ذات ليلة فاتني الوتر حيث لم أستيقظ إلا بعد الأذان ونسيت وصليت الفجر ثم تذكرت الوتر فصليت ركعة بعد صلاة الصبح فهل عملي هذا صحيح؟

الجواب: العمل الذي مضى وانقضى نرجو أن يكون صحيحاً لكن في المستقبل إذا نام الإنسان عن الوتر أو نسيه فإنه يقضيه في النهار إلا أنه لا يقضيه وتراً بل يقضيه شفعاً، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث صلى أربعاً، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس صلى ستاً، وإذا كان من عادته أن يوتر بسبع صلى ثمانياً، وإذا كان من عادته أن يوتر بتسع صلى عشراً، وإذا كان من عادته أن يوتر بإحدى عشر صلى اثنتي عشرة ركعة، قالت عائشة رضي الله عنها: ( كان النبي صلى اله عليه وعلى آله وسلم إذا غلبه نوم أو وجع -يعني ولم يصل في الليل- صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ) .