خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [441]
الحلقة مفرغة
السؤال: عندي ولدان أحدهما في المدرسة، والثاني صغير. أعطي الأكبر مصروفاً يومياً للمدرسة لإفطاره فهل يلزمني أن أعطي الأصغر مثل ذلك لتحقيق العدل نرجو الإفادة؟
الجواب: العدل بين الأولاد واجب في العطية لحديث النعمان بن بشير : ( أن أباه نحله نحلة فقالت أمه: لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسلم فذهب ليشهد النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك فسأله النبي عليه الصلاة والسلام: هل فعل هذا بجميع بنيه؟ فقال: لا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) فرد بشير رضي الله عنه هذه النحلة التي نحلها ولده، فدل هذا على أنه يجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية. والتعديل بين الأولاد يكون بأحد أمرين: إما برد ما فضّل به من فضّل، وإما بإعطاء الآخرين مثله، ولكن ما معنى التفضيل؟ التفضيل: أن يفضل بين الأولاد فيما تقتضي الحال التسوية بينهم فيه، وليس أن يعطي أحد الأولاد ما يحتاجه؛ لأن إعطاء أحد الأولاد ما يحتاجه إذا كان الآخر لا يحتاج مثله لا يعد تفضيلاً، ولا يعد جوراً، وبناء على ذلك فإن الجواب على هذا السؤال أن نقول للسائل: إن إعطاءك الولد الذي يدرس ما يحتاجه في المدرسة لا يعد تفضيلاً، ولا يلزمك أن تعطي الابن الصغير مثله، بل لا يجوز لك أن تعطي الابن الصغير مثله؛ لأنك لو أعطيت الابن الصغير مثله لأعطيته أمراً فاضلاً عن حاجته، فيكون في هذا جور، وأبلغ من هذا أن أحد الأولاد احتاج إلى زواج فزوّجه، فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطي هذا المتزوج، وقد ذهب بعض العامة إلى عمل يظنه صواباً وهو خطأ فتجده يكون له أبناء صغار وكبار فيزوج الأبناء الكبار، ثم يوصي بشيء من ماله لتزويج الأولاد الصغار الذين مات عنهم وهم صغار وهذا لا يجوز؛ لأن هذا من باب الوصية للوارث، وقد قال الله عز وجل: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11] ، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا وصية لوارث )، فالأولاد الصغار الذين لم يبلغوا سن الزواج لا يجوز لوالدهم أن يوصي لهم بشيء من ماله نظير ما زوج به الكبار، بل نقول: انتظر حتى إذا بلغ هؤلاء الصغار مبلغ النكاح فزوجهم وبهذا تكون عادلاً، ولهذا أمثلة كثيرة إذا كان الأولاد يختلفون في كبر الأجسام فمن المعلوم أنك إذا كسوت كبير الجسم لا يلزمك أن تضيف إلى كسوة صغير الجسم شيئاً من المال مقابل ما زاد على أخيه بل تعطي كل إنسان ما يحتاجه.
والخلاصة: أن العدل بين الأولاد أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاجه، وإذا أعطى أحداً بلا حاجة فحينئذٍ يكون مفضلاً فعليه أن يرد هذا التفضيل أو أن يعطي الآخرين مثله.
السؤال: صلى أحد الأئمة بنا، وأثناء التشهد الأول لما قام إلى الركعة الثالثة قرأ الفاتحة جهراً اعتقاداً منه أنها الركعة الثانية فسبح المأمومون، فظن أنه نسي إحدى السجدات فسجد فسبحوا ثم قام فجهر بالقراءة فسبحوا، فتحير الإمام فقال أحد المصلين وهو صاف: هذه الصلاة بطلت نعيدها مرة ثانية. نرجو توضيح هذا الأمر في مثل هذه الحالة.
الجواب: هذه مسألة غريبة، ونحن نقول: لو جهر الإنسان فيما يُسرّ به أي في الركعة التي يسن فيها الإسرار فإن صلاته لا تبطل حتى ولو كان عمداً فضلاً عما إذا كان سهواً؛ لأن الجهر والإسرار في موضعهما سنة وليس بواجب، ففي هذه الصورة نقول: إن الإمام لما قام إلى الثالثة وجهر بالقراءة فهُم إذا نبهوه ولم يتذكر فلا يكررون عليه بل يستمر على جهره ولا حرج، لكنه فيما إذا بقي على جهره فإنه سوف يجلس إذا سجد السجدتين؛ لأنه يظن أن هذه الثانية حينئذٍ إذا جلس يؤكدوا عليه بأن يقوم، ولو تفطن أحد فيما إذا جهر في مكان يُسّر فيه لو تفطن أحد فقرأ قوله تعالى: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ [الملك:13] لانتبه الإمام، وتنبيه الإمام بالآية لا بأس به، لأن فيه مصلحة ولا تبطل به الصلاة.
أما سجود الإمام بعد أن كان قائماً ثم نزل فسجد فإنه لا تبطل به الصلاة؛ لأنه جاهل فقد فعل هذا السجود يظن أنه الواجب عليه ولا تبطل به الصلاة، وأما الرجل الذي تكلم وقال: أعيدوا الصلاة فإنه إذا كان جاهلاً لا تبطل صلاته أيضاً؛ لأن الكلام في الصلاة إذا كان عن جهل لا يضر، ودليل ذلك معاوية بن الحكم رضي الله عنه ( أنه دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة فعطس رجل من القوم فقال: الحمد لله فقال له
السؤال: بعض الطلاب الذين يذاكرون في المسجد يحضرون كتباً فيها صور فما الحكم في ذلك؟
الجواب: الحكم إنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن يذاكر في المسجد أن يذاكر الدروس التي ليس فيها صور؛ وذلك لأنه إذا أحضر صورة إلى المسجد فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، لكن هذه الصور التي تكون في المقررات غالبها يكون قد أغلق عليه الكتاب فهو غير ظاهر ولا بارز، ثم إن بعضاً منها يكون فيه صورة الرأس فقط دون بقية الجسم، والصورة التي تحرم إنما هي ما يعرف أنها صورة لوجود الجسم كله أو غالبه.
السؤال: هل يوجد في الإسلام زكاة على الحطب والفحم؟
الجواب: نعم الحطب والفحم إذا كان للتجارة ففيه الزكاة؛ لأن عروض التجارة لا تختص بمال معين، كل شيء أعدّه الإنسان للاتجار ففيه الزكاة سواء كان عقاراً أو أدوات أو سيارات أو حطب أو فحم أو بر أو رز أو أقمشة أو أواني، كل شيء أعده الإنسان للتجارة فإنه من عروض التجارة وفيه الزكاة، وزكاته ربع العشر، يعني أنك تقومه عند وجوب الزكاة وتخرج ربع العشر، وطريقة استخراج ربع العشر أن تقسم الدراهم التي هي قيمة هذا المال أن تقسمها على أربعين، فما خرج بالقسمة فهو ربع العشر وهو الزكاة.
السؤال: ما حكم من يلبس الحجاب الذي يكتب فيه كلام الله هل هذا حرام أم حلال أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: الحجاب يعني: التميمة التي تعلق على الإنسان أو يجعلها بعض الناس تحت الوسادة أو يعلقها على الجدار، وقد اختلف العلماء رحمهم الله في تعليق التمائم إذا كانت من القرآن أو من الأذكار النبوية أو الأدعية المباحة، اختلفوا في هذا على قولين: فمنهم من منع ذلك لعموم التحذير من التمائم، ومنهم من أجاز ذلك وأدخلها في عموم قوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [الإسراء:82] والاحتياط ألا يعلق هذا ولو كان من القرآن أو من الأدعية أو الأذكار الواردة، فأما إذا كانت التميمة لا يقرأ ما فيها فإن تعليقها حرام ولا يجوز، أو كان الذي فيها كتابة لا يعرف ما هي فإن تعليقها حرام ولا يجوز، أو كان ما فيها من أسماء الشياطين أو الجن أو ما أشبه ذلك فإن هذا حرام ولا يجوز.
المهم أن التمائم تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما علم أنه من القرآن أو من الأذكار النبوية أو من الأدعية المباحة فهذا محل خلاف بين العلماء والاحتياط ألا يعلقها.
والثاني: ما سوى ذلك فتعليقه حرام على كل حال.
السؤال: هل هذا حديث: ( إذا كنت في صلاة فدعاك أبوك فأجبه، وإن دعتك أمك فأجبها )؟
الجواب: هذا ليس بحديث، ولكنه حكم من الأحكام، فإذا دعا المصلي أبوه أو أمه فإن كان في صلاة فريضة فإنه لا يجوز له أن يجيبهما بالكلام، أو بعبارة أعم فإنه لا يحل له أن يجيبهما بما تبطل به الصلاة؛ لأن صلاة الفريضة يجب إتمامها اللهم إلا أن يضطر إلى ذلك لإنقاذهم من هلكة فحينئذٍ يجب عليه أن يقطع الصلاة ويقوم بما يجب.
وأما إذا كانت الصلاة نافلة ودعاه أبواه أو أحدهما فإنه يُنظر إن كان يخشى إذا لم يجبهما أن يقع في نفوسهما شيء فليجب وليستأنف الصلاة بعد ذلك، وإذا كان يعرف أن أبويه إذا علما أنه يصلي لم يكن في نفوسهما شيء فليعمل ما يبين لهما أنه في صلاة حتى يعذراه، مثلاً: لو ناداه أبوه أو أمه وهو يصلي فتنحنح، أو رفع صوته بالقراءة حتى يعلم أبوه أو أمه أنه في صلاة فيقتنعا بذلك، لكن بعض الوالدين لا يقتنع بهذا حتى ولو كان ابنه في صلاة فإنه يريد منه أن يجيبه وفي هذه الحال كما قلت: يقطع صلاته ويجيب دعوتهما.
السؤال: هل هذا حديث: ( من شرب الخمر فقد كفر بما أنزل الله تعالى على أنبيائه، ومن سلّم على شارب الخمر أو صافحه أحبط الله تعالى عمله أربعين سنة )؟
الجواب: هذا أيضاً ليس بحديث ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن شرب الخمر محرم بإجماع المسلمين الإجماع الذي ينبني على الكتاب والسنة، فقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:90-91] ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل مسكر حرام ) وأنه قال: ( ما أسكر من الفرق -أي: الإناء الواسع الكبير- فملء الكف منه حرام ) و( ما أسكر كثيره فقليله حرام )، فلا يجوز للإنسان شرب الخمر بإجماع المسلمين المبني على الكتاب والسنة، وقد ورد التحذير من شربه بأن من شربه في الدنيا لم يشربه في الآخرة.
وأما السلام على شارب الخمر فإنه ينظر فيه، فإن كان هجره سبباً لصلاحه وتركه الخمر فليهجر، وإن كان لا يستفيد من الهجر شيئاً بل ربما يزداد في طغيانه فإنه لا يهجر.
السؤال: الكثير من الزوجات هداهن الله لا يردن من أزواجهن أن يتزوج عليهن. أريد بذلك نصيحة لهن من قبل الإذاعة في برنامج نور على الدرب جزاكم الله خيراً؟
الجواب: نعم النصيحة في ذلك أن نقول أولاً للأزواج: لا ينبغي أن تتزوج بأكثر من واحدة إلا إذا كان الإنسان عنده قدرة في المال، وقدرة في البدن، وقدرة في العدل، فإن لم يكن عنده قدرة في المال فإنه ربما يكون الزواج الثاني سبباً لتكاثر الديون عليه وشغل الناس إياه بالمطالبة، وإذا لم يكن عنده قدرة في البدن فإنه ربما لا يقوم بحق الزوجة الثانية أو الزوجتين جميعاً، وإذا لم يكن له القدرة على العدل فقد قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3]، فإذا كان عند الإنسان قدرة في المال والبدن والعدل فالأفضل في حقه التعدد أن يتزوج أكثر من واحدة لما في ذلك من المصالح الكثيرة التي تترتب على هذا كتحصين فرج المرأة الثانية، وتكثير النسل الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، وإزالة ما في نفس الإنسان من الرغبة في التزوج بأخرى.
أما بالنسبة للمرأة السابقة فنصيحتي لها: ألا تحول بين الإنسان وبين ما شرع الله له، بل ينبغي لها إذا رأت من زوجها الرغبة في هذا وأنه قادر بماله وبدنه وفي العدل أن تكون مشجعة له على ذلك؛ لما في هذا من المصالح التي أشرنا إليها، وأن تعلم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان معه زوجات متعددة، وأن تعلم أنه ربما يكون في ذلك خير لها تكون المرأة الثانية تعينها على شؤونها وتقضي بعض الحقوق التي لزوجها مما تكون الأولى مقصرة فيه في بعض الأحيان.
والمهم إن نصيحتي للنساء ألا يغرن الغيرة العظيمة إذا تزوج الزوج عليهنّ بل يصبرن ويحتسبن الأجر من الله ولو تكلفن، وهذه الكلفة أو التعب يكون في أول الزواج ثم بعد ذلك تكون المسألة طبيعية.
السؤال: لقد اقترضت مالاً للزواج وهو يسير، ولكن بعد الزواج بفترة تعطلت سيارتي وكثر عطلها، واضطريت أن أشتري سيارة أخرى، ولكنني لم أجد المال الذي يساعد، فاضطررت إلى شراء سيارة بالتقسيط، ولكن التقسيط يأخذ مالاً كثيراً وأرباحاً كثيرة، مثلاً السيارة قيمتها تسعة وثلاثين ألف وثمانمائة يأخذ صاحب التقسيط يأخذ زيادة خمسة آلاف ومائة، فهل عملي هذا جائز أرجو بهذا الإفادة؟
الجواب: إذا كنت مضطراً إلى السيارة وليس عندك دراهم تستطيع أن تشتري بها فلا حرج أن تأخذ سيارة بالتقسيط، ولكن لاحظ أن بعض الناس نسأل الله لنا ولهم الهداية يمكنهم أن يأخذوا سيارة عادية بالتقسيط قيمتها أقل، ولكنهم يذهبون فيشترون سيارة فخمة أكثر مما يحتاجون إليه، وربما تكون هذه السيارة لا تكون إلا للأغنياء أو الكبراء فيشتريها مماراة ومباهاة وهذا خطأ، ولا نرى أن إنساناً عاقلاً يجعل على ذمته من الديون ما يجعل من أجل المباهاة فقط بل نقول: إذا اضطررت فخذ بقدر الضرورة ولا تزد.
السؤال: ما حكم ارتداء الجلباب القصير والدليل عليه أرجو الإفادة؟
الجواب: الجلباب القصير لا شك أنه لا يستر الستر الذي ينبغي؛ وذلك لأن الثياب التي تحته سوف تبدو ظاهرة للناس، وقد تكون الثياب التي تحته ثياباً جميلة يعد إظهارها من التبرج، وقد قال الله سبحانه وتعالى لنساء نبيه: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33]، وكل شيء يؤدي إلى الفتنة فإنه محظور شرعاً، ولا يمكن أن يكون هناك دليل على كل مسألة بعينها، ولكن الشرع له قواعد وأحكام عامة، فقوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32] مثلاً يفيد أن كل شيء يكون سبباً للزنا ولو لزنا العين والنظر والاستماع فإنه يتجنب؛ لأن العين إذا رأت ونظرت فقد يتعلق القلب بالمنظور ثم بعد هذا تحصل الفاحشة الكبرى، فالحاصل أن الجلباب القصير سبب للفتنة، وكل ما كان سبباً للفتنة فإنه منهي عنه.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |