فتاوى نور على الدرب [363]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل يعتبر التحاكم إلى غير شرع الله كفر، مع العلم بأنه يعتقد اعتقاداً منافياً للشك بأن أحكام الشريعة الإسلامية هي أفضل من الأحكام الوضعية؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

الجواب على هذا السؤال يتبين بالآتي:

أولاً: أن الله سبحانه وتعالى إنما خلق الخلق لعبادته، خلق الجن والإنس ليعبدوه كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، وعبادة الله سبحانه وتعالى هي التذلل له حباً وتعظيماً بإقامة شرائعه القلبية واللفظية والعملية.

ثانياً: يقول الله عز وجل: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ [الشورى:10]، فلا حاكم بين العباد إلا الله سبحانه وتعالى، ولا يحل لأحد أن يفصل هذه القضية عما وجهنا الله فيه نحوها، (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ) لا إلى غيره.

ثالثاً: يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59].

فتأمل هذه الآية الكريمة تجد أن طاعة ولاة الأمور تابعاً لطاعة الله ورسوله، ليس مستقلاً، ولهذا قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، ولم يقل: أطيعوا أولي الأمر، وهذا يدل دلالة ظاهرة على أن طاعة ولاة الأمور تابعٌ لطاعة الله، ولا يمكن أن يكون مستقلاً.

كما أن الله تعالى يقول: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59]، لم يقل: ردوه إلى القانون الفلاني أو القانون الفلاني أو الرأي الفلاني أو النظرية الفلانية أو ما أشبه ذلك، بل لا مرد إلا إلى الله ورسوله، إلى الله إلى كتابه وإلى رسوله إلى سنته صلى الله عليه وسلم، فإن كان حياً فإليه نفسه، وإن كان ميتاً فإلى ما حفظ من سنته صلى الله عليه وسلم.

رابعاً: قال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65]، فأقسم الله سبحانه وتعالى بربوبيته لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهي ربوبيةٌ خاصة لا تساويها أي ربوبية بالنسبة للعباد؛ لأنه كلما كان الإنسان أعبد لله كانت ربوبيته له أخص، ومن المعلوم أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعبد الناس لله، وعلى هذا فإن الله أقسم بهذه الربوبية الخاصة المضافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يؤمن أحد إلا بهذه الشروط:

الشرط الأول: (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ)، لا يحكمون غيرك.

الشرط الثاني: (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ)، بل تتسع صدورهم لذلك وتنشرح صدورهم به، فلا يجدوا حرجاً وضيقاً مما قضيت.

والثالث: (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، أي ينقادوا انقياداً تاماً، وبهذا أكد الفعل بالمصدر بقوله: وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [النساء:65].

إذا عرفت هذه الأمور الأربعة تبين لك أن خروج الإنسان عن التحاكم إلى الله ورسوله خلاف ما خلق الله العبد العباد من أجله، وخلاف ما أرشد الله أن يكون التحاكم إليه، وخلاف ما جعل الله تعالى لولاة الأمور من الطاعة، وخلاف تحكيم الرسول عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا قال الله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44].

السؤال: ما هي أهمية الجماعة في الإسلام؟ وهل يشترط على المسلم أن ينتمي إلى جماعةٍ معينة؟

الجواب: نعم الجماعة في الإسلام هي الاجتماع على شريعة الله عز وجل، التي قال فيها الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك )، هذه هي الجماعة التي يجب على الإنسان أن ينتمي إليها.

أما الجماعة الحزبية التي لا تريد إلا انتصار رأيها سواءٌ كان بحق أم بباطل فإنه لا يجوز الانتماء إليها؛ لأن ذلك متضمنٌ البراءة من الجماعة الإسلامية، والولاية للجماعة الحزبية التي فيها التفرق والاختلاف، وقد قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ [الأنعام:159].

وقال تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13].

وقال تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران:105].

وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ [الأنعام:159].

وهذه الجماعات الإسلامية التي تنتمي إلى الإسلام وهدفها انتصار الإسلام يجب عليها أن لا تتفرق، يجب عليها أن تنحصر في طائفةٍ واحدة طائفة الجماعة التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (ستفترق هذه الأمة على ثلاثة وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي ).

وهذه الجماعات فرقت الأمة وشتتهم وألقت بينهم العداوة، حتى صار الواحد منهم ينظر إلى الثاني نظر العدو البعيد، مع أن الكل منهم مسلم ينتمي إلى الإسلام ويريد أن ينتصر الإسلام به، ولكن أنى وقد تفرقوا هذا التفرق وتمزقوا هذا التمزق؟

فالذي ينبغي أن أوجه أخواني إليه من هذا المنبر -منبر نور على الدرب- من إذاعة المملكة العربية السعودية: أن يجتمعوا على الحق، وأن يجتنبوا أوجه الاختلاف بينهم فيزيلوها بالرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

والحقيقة أن هذا التفرق أصبحت فريسته هذه الوعي الذي نشاهده في الشباب الإسلامي، فإن هذا الشباب بتفرق هذه الجماعات صار كل واحد منهم ينتمي إلى جماعة من هذه الجماعات وتفرقوا، وصار بعضهم يسب بعضاً ويطعن في بعض، وهذه ضربةٌ قاسية قاصمةٌ للظهر، إلا هذه الصحوة التي بدأت -ولله الحمد- تظهر آثارها في شباب المسلمين.

المهم أنني أنا أنصح بعدم التفرق ولو في ضمن هذه الجماعات، وأرى أن تكون الأمة الإسلامية أمةً واحدة، لا تختلف ولا تتسمى كل واحدةٍ منهم باسم ترى أنها ندٌ للجماعات الأخرى.

السؤال: نرى بعض الإخوان أثناء صلاة السنة يغيرون من أماكنهم، ما الحكمة في هذا؟

الجواب: الحكمة من تغيير المكان عند الراتبة هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام: (أمر أن لا توصل صلاةٌ بصلاة حتى يخرج الإنسان أو يتكلم )، فترى كثيراً من الناس لا يتسنى له أن يخرج؛ لأن الصفوف خلفه متراصة وليس في قبلة المسجد بابٌ يخرج منه، فيضطر إلى أن يصلي الراتبة في مكانه الذي صلى فيه الفريضة، فيرى أن ينتقل إلى المكان الذي بجنبه ليحقق بذلك التفريق بين الفرض وسنته، ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله: يسن التفريق بين الفرض وسنته بكلامٍ أو انتقالٍ من موضعه، ولكن هذا ليس على سبيل الوجوب، بل إن تيسر وإلا فلا حرج أن يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة.

وأفضل من ذلك وأولى أن يصلي النافلة في بيته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الراتبة وقيام الليل في بيته صلوات الله وسلامه عليه، فدلت سنته القولية والفعلية على أن فعل النوافل في البيت أفضل من فعلها في المسجد.

مداخلة: قول بعض العامة إن التغيير هذا من محل إلى محل أثناء السنة، يشهد له موضعه يوم القيامة، ما صحة هذا؟

الجواب: هذا لا أعلم له أصلاً بخصوصه، ولكن هناك آيةٌ في القرآن تدل على أن الأرض تحدث أخبارها، أي بما عمل عليها من خيرٍ وشر.

الشيخ: عن معقل بن يسار رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قلب القرآن يس، لا يقرؤها رجلٌ يريد الله والدار الآخرة إلا غفر الله له، اقرءوها على موتاكم ) ما صحة هذا الحديث فضيلة الشيخ؟

الجواب: هذا الحديث ضعيف، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وسورة (يس) استحب بعض العلماء قراءتها على المحتضر؛ لحديثٍ آخر ورد في ذلك وفيه أيضاً نظر، وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (اقرءوا على موتاكم يس )، ومن المعلوم أن الفضائل -فضائل الأعمال- سواءٌ كانت من القرآن أو من غيره لا يمكن أن يثبت بها حكمٌ شرعي إلا بدليلٍ صحيح، وإن كان بعض العلماء رحمهم الله وعفا عنهم يرخص في الأحاديث الواردة في فضائل الأعمال أو في الترهيب ولا يشددون فيها، لكن الأولى أن يقتصر على ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيباً وترهيباً.

والذين ذكروا إثبات الفضائل بالأحاديث الضعيفة اشترطوا ثلاثة شروط:

أن لا يكون الضعف شديداً، وأن لا يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، وأن يكون لهذا العمل الذي رتب عليه هذا الفضل أصلٌ ثابت بطريقٍ صحيح.

قالوا: فهذه الشروط تصور ذكر فضيلة العمل إن كان مطلوباً أو الترهيب منه إن كان منهياً عنه؛ لأنه لم يدخل فيه حكمٌ شرعي، غاية ما فيه أن النفس ترجو ما فيه من فضائل وتحظر من المساوئ.

السؤال: أنا كثير النسيان، حيث إنني عندما أحفظ سورة من القرآن الكريم بعد يوم أو يومين أنساها أو أنسى جملة أو كلمة، وغالباً ما أتخطى هذه الكلمة إلى الكلمة التي بعدها، فبماذا تنصحونني مأجورين لكي لا أنسى هذه السور المباركات؟ جزاكم الله خيرا.

الجواب: الذي ننصحك به ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم من تعاهد القرآن وكثرة تلاوته وتذكره، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك وقال: (تعاهدوا القرآن، والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها ).

فأكثر من تلاوة القرآن وأعرض من المشاغل التي تشغل ذهنك وتوجب نسيانك، ثم احرص أيضاً على أن يكون تذكرك بكتاب الله مقروناً بالاستعانة بالله عز وجل؛ لأن الاستعانة مقرونةٌ بالعبادة، كما قال تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، وقال تعالى: فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ [هود:123]، فإذا استعنت بالله وفوضت الأمر إلى الله وحرصت على تعاهد القرآن وصار هو شغلك الشاغل، فأبشر بأنك لن تنساه إن شاء الله تعالى.

السؤال: ما رأيكم -فضيلة الشيخ- في هذه الكتب: كتاب الأذكار، وكتاب الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، وأيضاً كتاب رياض الصالحين، وكتاب خزينة الأسرار، وكتاب تعليم الصلاة؟

الجواب: أما كتاب الأذكار ورياض الصالحين فهما للنووي رحمه الله، ولا شك أن فيهما فائدة عظيمة كبيرة، لكن لا يخلوان من بعض الأحاديث الضعيفة ولا سيما كتاب الأذكار، إلا أن أهل العلم قد بينوا ذلك ولله الحمد، ولكنها أحاديث قليلة جداً، وأرى أن يقرأهما الإنسان لما فيهما من الفوائد الكثيرة، وأرى أن يسأل عن الأحاديث التي يستنكرها، يسأل عنها أهل العلم بالحديث.

وأما الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي فهو لـابن القيم أحد تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله، وهو كتابٌ جيد فيه مواعظ عظيمة، لكن في آخره أشياء يظهر أن المؤلف رحمه الله كتبها؛ لأن هذا الكتاب كان لشخصٍ معين ابتلي ببلية، فرأى المؤلف رحمه الله أن من المناسب ما ذكره في آخر الكتاب.

وأما كتاب خزينة الأسرار فلا أدري عنه ولم أطلع عليه.

السؤال: ما هو المقدار الجائز شرعاً في الربح عندما يتاجر شخص بنوع من السلع: هل هو نصف رأس المال أو الربع أو الثلث أو أكثر؟

الجواب: الربح في البيع والشراء ليس له تقديرٌ شرعاً، فقد يربح الإنسان أكثر من رأس المال مرات عديدة حسب نشاط السوق وارتفاع الأسعار، فكم من أناس اشتروا الشيء بثمن ثم باعوه بأضعافه! وقد يربحون دون ذلك وقد لا يربحون، شيئاً وقد يخسر، الأمر في هذا راجع إلى قوة العرض والطلب، والأسعار بيد الله عز وجل، فهو المسعر القابض الباسط الرازق؛ لكن المحظور هو أن يرفع الإنسان السعر عما جرى فيه العرف أو عما كانت عليه السلعة في السوق ويخدع بها الجاهل، كما لو كان الناس يبيعون هذه السلعة بعشرة فباعها هو بخمسة عشر أو أكثر على إنسانٍ جاهل فإن هذا لا يجوز، لما فيه من الخديعة والغش، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من غش فليس منا)؛ وإذا كان الإنسان لا يرضى أن أحداً يعامله بهذه المعاملة فكيف يرضى أن يعامل غيره بها؟

أما لو كان السوق قد ارتفع مثل أن يشتري هذه السلعة بعشرة ثم تزداد السلعة حتى أن تصل ثلاثين أو أربعين، فلا حرج أن يبيع بهذا السعر لأنه سعر الناس.

وأما الحديث الذي أشار إليه السائل حديث عروة بن الجعد البارقي رضي الله عنه: (فقد أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ديناراً يشتري به أضحية، فاشترى شاتين بالدينار ثم باع إحداهما بدينار، ثم أتى بأضحيةٍ ودينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى تراباً لربح فيه )، وهذا لا يدل على ما ذكره السائل؛ لأنه من الجائز أن يكون من باع الشاتين بدينارٍ واحد قد عرف أن هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل من السعر، وقد يكون عجلاً يريد أن يذهب إلى أهله فباعهم برخص، وقد يكون السعر زاد في هذه الساعة التي وقع فيها الشراء ثم البيع بعد ذلك.

على كل حال فيه احتمالات، ولكن القاعدة الأصيلة: أنه لا يجوز للإنسان أن يغلب غيره غلبةً لا يقتضيها ارتفاع السعر، هذا هو الظاهر!