مروان الحمار - عهد بن اُمية - جلال الدين السيوطى
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
مروان الحمار، آخر خلفاء بني أمية، أبو عبد الملك بن محمد بن مروان بن الحكم، تولى الخلافة 127هـ وحتى 132هـ. ويلقب بالجعدي نسبة إلى مؤدبه الجعد بن درهم، وبالحمار؛ لأنه لا يجف له لبد في محاربة الخارجين عليه.
كان يصل السير بالسير، ويصبر على مكاره الحرب، ويقال في المثل: فلان أصبر من حمار في الحروب؛ فلذلك لقب به.
وقيل: لأن العرب تسمى كل مائة سنة حمارًا، فلما قارب ملك بني أمية مائة سنة لقبوا مروان بالحمار لذلك.
ولد مروان بالجزيرة وأبوه متوليها سنة اثنتين وسبعين، وأمه أم ولد، وولي قبل الخلافة ولايات جليلة، وافتتح قونية سنة خمس ومائة،
وكان مشهورًا بالفروسية، والإقدام، والرجولة، والدهاء، والعسف، فلما قتل الوليد وبلغه ذلك وهو على أرمينية دعا إلى بيعة من رضيه المسلمون فبايعوه، فلما بلغه موت يزيد أنفق الخزائن، وسار فحارب إبراهيم فهزمه، وبويع مروان وذلك في نصف صفر سنة سبع وعشرين، واستوثق له الأمر، فأول ما فعل أمر بنبش يزيد الناقص، فأخرجه من قبره وصلبه لكونه قتل الوليد.
ثم إنه لم يتهنَ بالخلافة؛ لكثرة من خرج عليه من كل جانب إلى سنة اثنتين وثلاثين، فخرج عليه بنو العباس، وعليهم عبد الله بن علي عم السفاح فسار لحربهم، فالتقى الجمعان بقرب الموصل، فانكسر مروان، فرجع إلى الشام ، فتبعه عبد الله، ففر مروان إلى مصر ، فتبعه صالح أخو عبد الله، فالتقيا بقرية بوصير، فقتل مروان بها في ذي الحجة من السنة.
ومات في أيامه من الأعلام: السدي الكبير، ومالك بن دينار الزاهد، وعاصم بن أبي النجود المقري، ويزيد بن أبي حبيب، وشيبة بن نصاح المقري، ومحمد بن المنكدر، وأبو جعفر يزيد بن القعقاع مقرئ المدينة، وأبو أيوب السختياني، وأبو الزناد، وهمام بن منبه، وواصل بن عطاء المعتزلي.
وأخرج الصولي عن محمد بن صالح قال: لما قتل مروان الحمار قطع رأسه ووجه به إلى عبد الله بن علي فنظر إليه وغفل، فجاءت هرة، فاقتلعت لسانه وجعلت تمضغه، فقال عبد الله بن علي: لو لم يرنا الدهر من عجائبه إلا لسان مروان في فم هرة لكفانا ذلك.