حديث: ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يَبيت ليلتينِ إلا ووصيته مكتوبة عنده
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
حديث: ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يَبيت ليلتينِ إلا ووصيته مكتوبة عندهعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يَبيت ليلتينِ إلا ووصيته مكتوبة عنده))؛ متفق عليه.
المفردات:
الوصايا: جمع وصية، قال الحافظ في الفتح: والوصايا جمع وصية؛ كالهدايا، وتطلق على فعل الموصي، وعلى ما يوصى به من مال أو غيره من عهد ونحوه، فتكون بمعنى المصدر وهو الإيصاء، وتكون بمعنى المفعول وهو الاسم، وفي الشرع: عهد خاصٌّ مضاف إلى ما بعد الموت، وقد يصحَبه التبرع، قال الأزهري: الوصية من وصيت الشيء بالتخفيف، أوصيه: إذا وصلتَه، وسميت وصية؛ لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بعد مماته؛ اهـ.
ما حق امرئ مسلم: ما الحزم والاحتياط للشخص المسلم.
له شيء يريد أن يوصى فيه؛ أي: له مال يرغب ويحب أن يعهَد بأن يجعل منه مبرَّة بعد موته يصل إليه ثوابها إذا انقطع عمله بالموت.
يبيت ليلتين إلا وصيته مكتوبة عنده؛ أي: يمضي عليه زمان ولو كان قليلًا إلا وقد حرَّر وصيته؛ لأنه قد يفاجأ بالموت فيفوته تحرير وصيته، ويُحرَم من هذا الخير.
البحث:
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((يبيت ليلتين))، ليس المراد به التحديد بل التقريب، ولذلك ورد بلفظ ((ليلتين))، وبلفظ ((ثلاث ليالٍ))، فقد روى مسلم من طريق سالم عن أبيه أنه سمِع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ثلاث ليالٍ إلا ووصيته عنده مكتوبة))، قال عبدالله بن عمر: ما مرت عليَّ ليلةٌ منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك إلا وعندي وصيتي.
وقوله في الرواية التي ساقها المصنف هنا: ((يريد أن يوصي فيه))، يُشعِر بأن المقصود الاستحباب لا الإيجاب؛ لأنه علَّقه بإرادة الشخص ورغبته في الوصية، على أن قول المصنف بعد إيراد هذا الحديث: "متفق عليه" فيه تسامح؛ فإن البخاري رحمه الله لم يخرج هذه اللفظة، بل اللفظ المتفق عليه هو: ((له شيء يوصي فيه))، وإنما الذي أخرج هذه اللفظة هو مسلم رحمه الله، على أن المسلم إذا كان عليه دَين أو حق لله تعالى وأولياؤه لا يعرفون ذلك، فإنه يجب عليه أن يكتب وصيةً بذلك مخافةَ أن يبادره الموت قبل أداء ما عليه من الحق، وقد يؤدي عدم تحرير وصية به إلى ضياعه وعدم الوفاء به، فيُعرِّض نفسه لعقوبة الله يوم القيامة.
ما يفيده الحديث:
1- استحباب الوصية بشيء من المال لأعمال البر.
2- استحباب التعجيل بكتابة الوصية.
3- يجب على من تعلَّقت ذمته بحق لا يعرفه أولياؤه أن يُحرِّر وصية بذلك.