خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8855"> فتاوى نور على الدرب
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
فتاوى نور على الدرب [357]
الحلقة مفرغة
السؤال: هل يجوز تشريح جثة المسلم بعد إصابته في حادث؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المسلم حرامٌ دمه وماله وعرضه، والمسلم محترم في حياته وبعد مماته، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كسر عظم الميت ككسره حياً ) أخرجه أبو داود.
إذا علم ذلك، فإن تشريح جثة الميت المسلم بعد وفاته لا يجوز إلا إذا دعت الحاجة أو الضرورة لذلك، وإذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى ذلك فإن هذا يُقدر بقدر الحاجة ثم يعاد الجسم كما كان، بمعنى أننا إذا انتهينا من الشيء الذي نحتاج إلى فحصه مثلاً، فإنه ينظف الجسم ويخاط ويغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين.
السؤال: أحياناً يطلب مني والدي شراء دخانٍ له، هل علي إثمٌ في هذا؟
الجواب: شرب الدخان محرم لعمومات الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى يقول: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29]، ويقول جل وعلا: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة:195]، ويقول سبحانه وتعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا [الأعراف:31]. وإذا كان الله تعالى نهى عن الإسراف في الأكل والشرب المباح، فما بالك بالشرب المحرم؟
وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا ضرر ولا ضرار )، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن إضاعة المال )، ولا يشك عاقل أن صرف المال في شرب الدخان من إضاعة المال.
وعلى هذا فيكون الكتاب والسنة قد دل كلٌ منهما على تحريم شرب الدخان، والنظر يدل على ذلك أيضاً، فإنه قد ثبت عند الأطباء الآن بما لا يدع مجالاً للشك أن الدخان مضر على البدن، والعاقل لا يمكن أن يتناول ما يضره، فضلاً عن المؤمن الكيس الحازم.
فإذا تبين تحريم الدخان صار المعين عليه معيناً على محرم واقعاً فيما نهى الله عنه في قوله: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]، فإذا أمرك أبوك بأن تشتري له الدخان فلا تطعه؛ لأنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، ولكن لا تقابله بالعنف والجفاء، اعتذر منه اعتذاراً رقيقاً، وقل له: إن هذا شئٌ محرم وأنا أنصحك عن شربه؛ لما فيه من الضرر والمعصية، وبين له الأسباب التي توجب تحريمه، أو الأدلة التي توجب تحريمه، ثم قل له مثلاً: وأنا أرجو منك أن تعذرني في عدم إحضاره إليك؛ لأنني أرى أنه حرام، وأن المعونة على الحرام حرام.
المهم أن تقول له قولاً ليناً بدون عنف ولا جفاء، وأن تكرر عليه النصيحة دائماً وأبداً، لعل الله يهديه على يديك.
السؤال: فضيلة الشيخ! ما هي الكتب التي تنصحون بها الطالب الشرعي أن يبدأ بها في كلٍ من العقيدة والفقه والحديث والسيرة، مع العلم بأنني أميل إلى المذهب الحنبلي؟
الجواب: ننصح جميع إخواننا المسلمين أن يعتنوا أولاً بكتاب الله عز وجل، بفهمه والعناية بتفسيره، وتلقي ذلك من العلماء الموثوقين في علمهم وأمانتهم.
ومن كتب التفسير الموثوقة تفسير ابن كثير، وتفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، وأيضاً من التفاسير التي يوثق بمؤلفيها في عقيدتهم وعلمهم؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا لا يتجاوزون عشر آياتٍ من القرآن حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل؛ ولأن ارتباط الإنسان بكلام الله عز وجل ارتباطٌ بالله سبحانه وتعالى، فإن القرآن كلام الله لفظه ومعناه؛ ولأن الإنسان إذا كان لا يفهم القرآن إلا قراءةً فقط فهو أمي، وإن كان يقرأ القرآن، قال الله تعالى: وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ [البقرة:78] أي: إلا قراءة. فوصفهم بأنهم أميون، ولكن لا يعني ذلك أن ألا نهتم بقراءة القرآن؛ لأن قراءة القرآن عبادة، وقارئ القرآن له في كل حرفٍ عشر حسنات.
فهذا أول ما ينبغي للمسلم أن يبتدئ به وهو فهم كتاب الله عز وجل، ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيبدأ بالكتب المختصرة مثل عمدة الأحكام لـعبد الغني المقدسي، فإنها أحاديث مختصرة من الصحيحين، وغالب ما يحتاج إليه الإنسان من الأحكام موجودٌ فيه، وكذلك الأربعون النووية للنووي رحمه الله، وتتمتها لـابن رجب رحمه الله، ثم يرتقي إلى بلوغ المرام، ثم إلى المنتقى، وهكذا يبدأ شيئاً فشيئاً.
أما كتب العقيدة فمن أحسن ما كتب وأجمعه وأنفعه العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإنها زبدة عقيدة أهل السنة والجماعة.
وأما في الفقه فمن أحسن الكتب المؤلفة: زاد المستقنع في اختصار المقنع على المذهب الحنبلي.
السؤال: رجل يقوم بتحفيظ القرآن ودروس دينية لبعض البنات وأعمارهن في الثالثة عشرة في منزله، فهل في ذلك شيء؟ يقول: مع العلم بأنني بمثابة مدرس لهن، حيث أقوم بتدريسهن في هذا؟
الجواب: الذي أرجو من هذا الشخص أن يلقي دروساً على زوجته أو على أخته أو من عنده في البيت من محارمه، ثم تلقي هذه المرأة الدروس التي ألقاها عليها على هؤلاء النساء اللاتي يجئن إلى بيته.
وأما أن يتولى هو تدريسهن وهن في هذه السن فإني أخشى عليه من الفتنة؛ لأن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وبإمكانه إذا كان يخاف أن لا تقوم أخته أو زوجته أو من عنده في البيت من محارمه أن لا تقوم بالواجب، فبإمكانه أن يلقى الدرس عن طريق التسجيل، ثم تباشر هذه المرأة من محارمه تقديمه لهؤلاء الطالبات، ففي هذا حصول الفائدة والابتعاد عن المحظور والفتنة، وإذا حصل منهن سؤال فليكن عندهن آلة تسجل هذا السؤال من الطالبات ثم يجيب عنه الرجل في مكانٍ آخر ويعاد إليهن.
السؤال: هل يجوز تغيير النية في صلاة النفل؟ مثلاً: دخلت في الصلاة بنية صلاة أربع ركعات ولكني صليت اثنتين فقط!
الجواب: نعم يجوز مثل هذا العمل، ولكن لا يجوز للإنسان أن يصلي أربع ركعات بتسليمةً واحدة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى )، فإذا أراد أن يتنفل ويتطوع في النهار أو في الليل فليصل ركعتين ركعتين، كل ركعتين بتسليمة.
ولكن لو غير النية من صلاةٍ إلى أخرى، فإننا نقول: إذا عين النية من صلاةٍ إلى أخرى فله أوجه:
الوجه الأول: أن يغير النية من صلاةٍ معينة إلى صلاةٍ معينة، فهذا لا يجوز، هذا لا ينفع، مثلاً: لو أراد أن يغير النية بعد أن شرع في صلاة الظهر، ثم ذكر أنه صلى الفجر بغير وضوءٍ مثلاً، وبعد أن شرع في صلاة الظهر انتقل بنيته إلى صلاة الفجر، فهذا لا يجوز، تبطل صلاة الظهر لأنه قطع نيتها، ولا تنعقد صلاة الفجر لأنه لم ينوها من أولها بتكبيرة، فإذا انتقل من معين إلى معين بطل الأول ولم ينعقد الثاني.
الوجه الثاني: أن ينتقل من مطلق إلى معين، مثل أن يشرع في صلاة نافلة، ثم يذكر أنه لم يصلِ الفجر، أو أنه صلاها بغير وضوء، فينوي في أثناء النفل أنه لصلاة الفجر، فهذا أيضاً لا يصح؛ لأن المعين لا بد أن ينوى من أوله.
والثالث: أن ينتقل من معين إلى مطلق، مثل أن يشرع في صلاة الوتر، ثم يبدو له أن يجعله نفلاً مطلقاً وأن يوتر في آخر الليل، فهذا جائز؛ وذلك لأن الصلاة المعينة تتضمن في الحقيقة نيتين: نية مطلق الصلاة، ونية التعيين. فإذا ألغى نية التعيين بقي نية مطلق الصلاة، وحينئذٍ يكون انتقاله من المعين إلى المطلق صحيحاً؛ لأن المعين يتضمن المطلق والعكس.
السؤال: إذا صلى الرجل صلاة النافلة، ثم جاء رجل وصلى معه الفرض، فهل يجهر بالقراءة ويتم صلاة الفرض، أم يسلم هو من الصلاة ويترك الرجل الثاني يكمل الصلاة وحده؟ وهل بذلك تصبح الصلاة صحيحة؟
الجواب: هذا ينبني على الخلاف بين أهل العلم، وهل يجوز أن يكون المتنفل إماماً للمفترض، وهي مسألةٌ خلافيةٌ مشهورة:
فإن من أهل العلم من يقول: لا يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل؛ لأنه لا يمكن أن يكون الأعلى خلف الأدنى، فالفريضة فوق النافلة، فكيف يكون صاحب النافلة إماماً لصاحب الفريضة وهو أعلى منه في عبادته؟
ومنهم من يقول: إن ذلك جائز؛ فإنه يجوز أن يكون المفترض مأموماً خلف المتنفل، وهذا القول هو الراجح لأن معاذ بن جبل رضي الله عنه: (كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة وهي له نافلة ولقومه فريضة)، ولم ينكر عليه.
فإن قال قائل: لعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك، فنقول: إن هذا خلاف الظاهر، وإذا فرضنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك، فإن الله تعالى قد علم به، ولو كان هذا مما لا يرضاه الله لعباده لبينه الله عز وجل، ولهذا كان الله تعالى يبين على المنافقين إذا فعلوا ما لا يرضيه وأخفوه عن المؤمنين، كما قال الله تعالى: يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا [النساء:108]؛ ولأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستدلون على الجواز بإقرار الله لهم، قال جابر بن عبد الله: (كنا نعزل والقرآن ينزل ). يعني لو كان هذا مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن.
فالمهم أن القول الراجح: جواز كون المتنفل إماماً للمفترض، وبناءً على ذلك فإذا حضر شخصٌ إلى المسجد وفيه رجل وقال له: أريد أن تصلي بي جماعة فلا بأس، فيقوم ويصلي به فتكون للإمام نافلة وله فريضة.
أما إذا جاء والرجل قد شرع في الصلاة فهذا أيضاً محل خلاف، وهي: هل تجوز نية الإمام أو الإتمام في أثناء الصلاة أو لا؟
من العلماء من يقول: لا تجوز. يعني لا يجوز أن ينقلب الإنسان من انفرادٍ إلى إمامة.
ومنهم من يقول: إنه جائز وهو الصحيح، ودليله حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه بات ذات ليلةٍ عند خالته
فبناءً على هذا القول الراجح: إذا جئت والشخص يصلي، فلا بأس أن تقول: أنت إمامي وتأتم به، فإن كانت الصلاة سرية كالصلاة النهارية فإنه لن يجهر بقراءته، وإن كانت الصلاة جهرية -يعني كصلاة الليل- فالظاهر أنه يبقى على إسراره؛ لأن محافظته على ما يشرع في صلاته أولى من محافظته على ما يشرع في صلاة غيره، والجهر والإسرار ليس بالأمر الواجب حتى نقول: إنه يجب أن يجهر أو يجب أن يسر، فإن أسر فلا بأس وهو الأرجح عندي، وإن جهر فلا بأس.
وخلاصة الجواب الآن:
أنه يجوز للإنسان إذا دخل المسجد وقد فاتته الصلاة أن يطلب من شخص أن يصلي معه جماعة، سواءٌ كان الداخل هو الإمام أو كان الإمام من كان في المسجد.
ثانياً: أنه إذا كانت الصلاة جهرية كما لو كان ذلك في الليل، وصار الإمام هو الذي في المسجد والذي قد قضى صلاته من قبل؛ فإنه يجوز أن يجهر مراعاةً للمأموم الذي كانت صلاته هذه جهرية، ويجوز أن لا يجهر مراعاةً لصلاته هو بنفسه لأنه يتنفل، وهذا عندي أقرب إذا كان قد وجده شرع في صلاته.
وإذا كان هذا الإنسان الذي أراد أن يصلي معه قد شرع في صلاة نافلة فليتمها ركعتين، ثم يأتي الداخل بما بقي من الصلاة، أما إذا وجده قبل أن يدخل في الصلاة وقال: أريد أن تصلي بي، فإنه يصلي به صلاةً كاملة، يعني إذا كانت رباعية يصلي أربعاً، وإذا كانت ثلاثية يصلي ثلاثاً.
مداخلة: لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من يتصدق على هذا؟ ).
الشيخ: إي نعم، هذا في رجلٍ دخل والنبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام أحد القوم فصلى معه )، وهو دليلٌ على مشروعية صلاة الجماعة لمن فاتتهم الصلاة، فإذا دخل جماعةٌ المسجد وقد انتهت الصلاة فإن المشروع في حقهم أن يصلوا جماعة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بإقامة الجماعة بعد أن صلاها بأصحابه.
السؤال: فضيلة الشيخ! متى لا يجوز رفع اليدين عند الدعاء؟ نرجو بهذا إفادة مأجورين.
الجواب: الأصل في رفع اليدين عند الدعاء أنه سنة، وأنه من أسباب إجابة الدعاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله حييٌ كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً )، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51]، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172] ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، قال: فأنى يستجاب لذلك؟ ).
فذكر النبي صلى الله عليه وسلم رفع اليدين من الأسباب التي تكون بها إجابة الدعاء، وهذا يدل على أن من آداب الدعاء وأسباب إجابته أن يرفع الإنسان يديه إلى الله عز وجل عند الدعاء، هذا هو الأصل، ولكن السنة وردت في ذلك على وجوه:
الأول: الرفع وهو ما ذكرنا أنه الأصل.
والثاني: المنع من الرفع والإنكار على من فعل، وهذا في خطبة الجمعة، فإن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على بشر بن مروان رفع يديه وهو يخطب في الجمعة، إلا أنه يستثنى من ذلك ما إذا دعا لنزول المطر، فإنه يرفع يديه؛ لأنه ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه ورفع الناس أيديهم، وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا. فأنشأ الله سحابةً فرعدت وبرقت وأمطرت، فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته، وبقي المطر ينزل أسبوعاً كاملاً، فدخل رجلٌ أو الرجل الأول والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله، غرق المال وتهدم البناء فادع الله تعالى يمسكها، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر. وجعل يشير إلى السماء، فما يشير إلى ناحيةٍ إلا انفرجت بإذن الله عز وجل، وخرج الناس يمشون في الشمس ).
فيستثنى من عدم رفع اليدين في الدعاء أثناء خطبة الجمعة؛ يستثنى من ذلك: ما إذا دعا الله سبحانه وتعالى بالغيث أو بالاستصحاء، أي بأن يجعل الغيث حوالينا ولا علينا.
الثاني: ما ورد في السنة بالرفع فيه وهو الدعاء بنزول الغيث، فقد ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم كما أشرنا إليه آنفاً، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يديه وهو يدعو الله تعالى في موقف عرفة، وثبت عنه الرفع في عدة مواضع أبلغها بعضهم إلى ثلاثين موضعاً أو أكثر.
الثالث: ما كان ظاهر السنة فيه عدم الرفع، وذلك في قول المصلي بعد أن ينصرف من صلاته إذا سلم: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، فإن هذا دعاءٌ بطلب المغفرة وظاهر السنة أنه لا رفع فيه.
وكذلك ما هو أقوى من هذا أيضاً الدعاء بين السجدتين في الصلاة وفي التشهد الأخير، فإن الظاهر إن لم يكن مجزوما به أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه حينئذٍ، هذه ثلاث أحوال، والحال الرابعة الأولى أن الأصل هو رفع اليدين في الدعاء.
وبهذا تبين أن رفع اليدين وعدمه على هذه الأحوال الأربعة:
ما وردت السنة بالرفع فيه بخصوصه، وما جاءت السنة بإنكاره وعدم فعله بخصوصه كالدعاء في خطبة الجمعة بغير الاستسقاء أو الاستصحاء، وما كان ظاهر السنة فيه عدم الرفع ويقوى إلى أن يصل إلى قرب اليقين، والرابع: الأصل العام وهو: أن رفع اليدين من آداب الدعاء وأسباب إجابته.