خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [352]
الحلقة مفرغة
السؤال: ما هي الضرورات الخمس التي أمرنا الشارع الحكيم بالحفاظ عليها؟
الجواب: من المعلوم أن هذه الشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح أو تكميلها، ودفع المضار أو تقليلها، وهذا عامٌ يشمل كل ما يحتاج الإنسان إليه في أمور دينه ودنياه، ولا ينحصر الأمر في الضرورات الخمس التي أشار إليها السائل، بل هو عام لكل مصلحة سواءٌ كانت تتعلق بالنفس، أو بالمال، أو بالبدن، أو بالعقل، أو بالدين، بل كل شيء تحصل به المصلحة أو يحصل به تكميل المصلحة فهو أمرٌ مطلوب لا بد منه.
إن كان أمراً لا بد منه فإنه يكون على سبيل الوجوب، وإن كان أمراً دون ذلك فإنه يكون على سبيل الاستحباب، وكل شيء يتضمن ضرراً في أي شيء كان فإنه منهيٌ عنه، إما على سبيل وجوب الترك، وإما على سبيل الأفضل والأكمل.
وهذه القاعدة العظيمة لا يمكن أن تنحصر جزئياتها وهي مفيدةٌ لطالب العلم؛ لأنها ميزانٌ صادق مستقيم، ويدل عليه آياتٍ من كتاب الله عز وجل وأحاديث من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك قول الله تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة:219] فهنا أشار الله عز وجل إلى أن في الخمر والميسر إثماً كبير ومنافع متعددة للناس ولكن الإثم أكبر من النفع؛ ولهذا جاءت الشريعة الكاملة بالمنع منهما منعاً باتاً في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:90-91].
ومن هنا نعلم أن من جملة الحكم التي حرم الله من أجلها الخمر والميسر والأنصاب والأزلام أنها توقع العداوة والبغضاء بين الناس، وهذه مفسدة اجتماعية مع ما فيها من المفاسد الأخرى كالإخلال بالعقل والإخلال بالدين فإن الأنصاب والأزلام تؤدي إلى المغامرة في الإقدام والإحجام، والأنصاب شرك، وأنصاب تعبد من دون الله عز وجل.
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29] وهذا أمرٌ لحفظ النفس ووقايتها من كل ضرر، ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ [النساء:43] فأمر بالتيمم في هذه الحال خوفاً من الضرر، أو استمرار الضرر بالمرض الذي يخشى من استعمال الماء فيه.
ومن ذلك قوله تعالى في آية الصيام: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185].
والسنة في ذلك أيضاً كثيرة، منها: قوله صلى الله عليه وسلم لـ عبد الله بن عمرو بن العاص : ( إن لنفسك عليك حقا، وإن لربك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا )، ومن ذلك أيضاً تأنيبه الذين قال بعضهم: أصوم ولا أفطر، وقال الثاني: أقوم ولا أنام، وقال الثالث: لا أتزوج النساء، فقال صلى الله عليه وسلم: ( أنا أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني ).
والخلاصة أن هذه الشريعة الكاملة جاءت بتحصيل المصالح أو تكميلها، وبدرء المفاسد أو تقليلها.
السؤال: نشاهد البعض في بلاد المسلمين يستأجرون قارئاً للقرآن الكريم، هل يجوز للقارئ أن يأخذ أجراً على قراءته؟ وهل يأثم من يدفع له الأجر على ذلك؟ وهل قراءة القرآن على الميت حرام إذا كانت للأجر؟
الجواب: استئجار القارئ ليقرأ القرآن محرم ولا يجوز؛ لأن قراءة القرآن من العبادات التي يتقرب بها الإنسان إلى ربه، وما كان من باب القربات فإنه لا يجوز أخذ العوض الدنيوي عليه، ولا يجوز لأحد أن يعطي القارئ أجراً فيعينه على إثمه لا سيما ما يفعله بعض الناس عند موت الميت يستأجرون قراءً، ثم يعطونهم من تركة الميت، وقد يكون في تركة الميت وصية، وقد يكون له أيتام صغار، وقد يكون عليه دين فتجدهم يأخذون من هذه التركة أموالاً طائلة من أجل أن قرأ القارئ لميتهم، وإني أقول لهؤلاء: إن قراءة هذا القارئ ليس فيها أجر؛ لأنه ما أريد بها وجه الله، والشيء الذي لا يراد به وجه الله ليس فيه أجر، وحينئذٍ لا يكون فيها إلا العناء وبذل المال في غير فائدة.
فالواجب على المسلم الحذر من هذا الشيء وعدم القيام به، فالقارئ آثم والذي يعطيه الأجرة على قراءته آثمٌ أيضاً؛ لأنه من باب التعاون على الإثم والعدوان.
وأما أخذ الأجرة على إقراء القرآن -أي: على تعليم القرآن- فهذا مختلفٌ فيه والراجح أنه جائز؛ لأن الإنسان يأخذه على تعبه وعمله لا على قراءته القرآن، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ) وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال للرجل الذي لم يجد مهراً قال: ( زوجتكها بما معك من القرآن ) أي: يعلمها ما معه من القرآن، فتبين بهذا أن الاستئجار لقراءة القرآن محرم وفيه إثم وليس فيه أجر ولا ينتفع به الميت، وأما الأجرة على تعليم القرآن فالصحيح أنها جائزة ولا بأس بها.
بقي أن يقال: لو أن أحداً من الناس قرأ للميت بدون أجرة فهل ينتفع الميت لذلك؟
فنقول: إن في هذا خلافاً بين العلماء، فمنهم من يقول: إن الميت لا ينتفع بأي عملٍ من الأعمال إلا ما جاءت به السنة فقط كالصدقة مثلاً والصوم عنه إذا مات وعليه صوم والحج إذا نذر أو فريضة الإسلام، وما لم ترد به السنة فإنه لا ينتفع به الميت، لقوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39]، وهذا العموم يخصص بما جاءت به السنة وما عداه فيبقى حكم العموم شاملاً له؛ ولأن العبادات من الأمور التوقيفية فيوقف فيها على ما جاءت به الشريعة.
ومن أهل العلم من قال: إن الميت ينتفع بذلك؛ لأن الأحاديث التي وردت عن النبي عليه الصلاة والسلام قضايا أعيان فهي تدل على أن جنس هذا العمل -أي: العبادة- نافعٌ لمن عُمل له، وهذا هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل وهو المشهور من مذهبه وهو أرجح، وقد ذكر الجمل في حاشيته على تفسير الجلالين على قوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39] عن شيخ الإسلام ابن تيمية أكثر من عشرين وجهاً كلها تدل على انتفاع الميت في عمل الغير له، لكن مع هذا نقول: إنه ليس من الأفضل أن تقرأ القرآن، أو تصلي أو تتصدق وتهدي إلى الميت، بل هو من باب الجائز لا من باب الأفضل المطلوب، فالدعاء للميت أفضل من إهداء القرب له؛ لأن الدعاء هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من عمل صالح، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، فهنا قال: ( أو ولدٌ صالحٌ يدعو له ) ولم يقل: يعمل له مع أن الحديث في سياق العمل، ولو كان العمل من الأمور المطلوبة لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السؤال: ما حكم تبادل الهدايا بين الأقارب والأصدقاء في مناسبات أعياد الميلاد وعيد الزواج؟
الجواب: أما الشطر الأول من السؤال: فلا أدري هل يريد بذلك في أعياد الميلاد النصرانية، أو أنه يريد بأعياد الميلاد النبوية التي يفعلها من يفعلها في مناسبة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
فإن كان يريد الأول فالتهادي في هذه الأعياد والاحتفال بها واعتقاد أنها أيام فرح وسرور مشاركة للمشركين في أعيادهم وهو محرمٌ بالاتفاق كما نقله ابن القيم وغيره، ولا يجوز بذل الهدايا لا للمسلمين ولا للنصارى في أعياد ميلادهم؛ لأن بذل ذلك رضا بما كانوا عليه من الملة الشركية الكفرية والإنسان فيها على خطرٍ عظيم.
وأما إذا كان المراد بالأعياد أعياد ميلاد الرسول عليه الصلاة والسلام التي ابتدعها من ابتدعها فالتهادي فيها حكمه حكم اتخاذها عيداً، واتخاذ أيام ميلاد الرسول عليه الصلاة والسلام عيداً الصحيح من الأقوال أنه غير مشروع؛ لأنه لم يحدث في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عهد الخلفاء الراشدين ولا عهد الصحابة بعدهم ولا عهد التابعين ولا عهد تابعي التابعين، وأول ما حدث عام ثلاثمائةٍ وواحد وستين من الهجرة فصار الناس فيه ثلاثة أقسام: قسمٌ مؤيد، وقسمٌ مفند، وقسمٌ مفصل، أما المؤيد فيقول: إن هذا من باب إظهار فرحنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمنا له حتى لا يقول النصارى: إن المسلمين لا يحتفلون بنبيهم ولا يهتمون به كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم فيكون استحسان ذلك من باب دفع اللوم عن الأمة الإسلامية.
ومنهم من علل بأن هذا الاحتفال ليس إلا صلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وثناءً عليه واحتفاءً لذكره، وهذا أمرٌ مطلوب على وجه العموم، وما كان مطلوبٌ على وجه العموم فلا مانع من أن نقوم به عند مناسبته.
وأما المفندون فقالوا: إنه ما من شك في أن محبتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة وأنه يجب علينا أن نقدم محبته على النفس والولد والوالد والناس أجمعين، وأنه يجب علينا أن نعظمه ما يستحق من التعظيم ولكن المحبة تستلزم أن لا نتجاوز طريق المحبوب، والتعظيم يستلزم أن لا نتقدم بين يديه وأن لا نسيء الأدب معه، بل نلتزم بما شرع لنا من الشرائع ولا نحدث في دينه ما ليس منه.
ولا ريب أن الاحتفاء أو الاحتفال بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام لا ريب أن فاعله إنما يقصد من ذلك التقرب إلى الله عز وجل، والتقرب إلى الله تعالى عبادة والعبادة لا بد فيها من أن تثبت بدليلٍ شرعي؛ لأن الأصل في العبادات المنع إلا ما قام الدليل عليه، وادعاء أن هذا من باب إحياء ذكره وتعظيمه ودفع اللوم عن المسلمين منقوض ومدفوعٌ بأن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قلب كل مؤمن في كل عبادةٍ يفعلها، فإن العبادة لا بد فيها من الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وحينئذٍ فإن كل عابدٍ يريد أن يحقق العبادة فسيكون ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قلبه عند فعل كل عبادة من أجل أنه يشعر بأنه متبعٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيها.
وأيضاً فإن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يشرعه ليست بحميدة، وفي ذكره بما شرعه ما يغني عن ذلك وأكثر، فالمسلمون يعلنون في كل يومٍ خمس مرات ذكر اسم الرسول صلى الله عليه وسلم على الأماكن العالية وفي كل صلاة، وعند كل صلاة فلم يغب ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولله الحمد عن المسلمين في كل وقت لا في الليل ولا في النهار، وهم في غنىً عن هذا الأمر الذي أُحدث ولم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم.
وأما المفصلون فقالوا: إن اقتصر الاحتفال بالمولد على مجرد قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر شمائله وصفاته والصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فهذا لا بأس به؛ لأنه عبادةٌ شرع جنسها ولا مانع من أن تخصص بوقتٍ مناسب، أما إذا كان في هذا الاحتفال ما يناقض ذلك من الغلو برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنشاد القصائد التي قد تخرج الإنسان من الملة كالشرك الأكبر أو بالخرافات التي يقوم بها من يحتفلون بهذا المولد من الصفق والصراخ والزعيق، واعتقاد أن الرسول صلى الله عليه وسلم حضر، ثم يقومون له -زعموا- تبجيلاً وتعظيماً وما أشبه ذلك فهذا حرام.
على القول الراجح تفنيد هذا الاحتفال مطلقاً سواءٌ اشتمل على ما فيه الغلو والخرافات، أم لم يشتمل، وكفى بما شرعه النبي صلى الله عليه وسلم غنية عما سواه.
ونحن نقول: إذا دار الأمر بين أن يكون فعلك هذا قربة أو بدعة فالسلامة أسلم، وما دام الله عز وجل لم يكلفك به ولم يأمرك به فاحمد الله على العافية وجانب ما قد يكون ضرراً عليك ( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ).
السؤال: هل يجوز للمسلم أن يشيع جنازة غير المسلم أو العكس؟
الجواب: لا يجوز للمسلم أن يشيع جنازة غير المسلم؛ لأن اتباع الجنائز من حقوق المسلم على المسلم، وليس من حقوق الكافر على المسلم، وكما أن الكافر لا يبدأ بالسلام ولا يفسح له الطريق كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطروهم إلى أضيقه ) فإنه لا يجوز إكرامه باتباع جنازته أياً كان هذا الكافر حتى ولو كان أقرب الناس إليك، وأما تشييع الكافر للمسلم فهو محل نظرٍ عندي ولا أجزم بالجواب عليه الآن.
السؤال: إذا كان الإمام لا يستطيع الوقوف فهل من خلفه يصلي جالساً؟
الجواب: إذا كان الإمام لا يستطيع القيام وصلى قاعداً من أول الصلاة فإن من خلفه يصلون قعوداً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) حتى قال: ( وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين ) والنبي صلى الله عليه وسلم ( صلى بأصحابه ذات يومٍ قاعداً وهم قيام فأشار إليهم أن اجلسوا ) وهذا يدل على أن المأموم مأمورٌ بمتابعة إمامه حتى في هذه الحال، أسقطنا عنه القيام وهو ركن من أجل تحقيق متابعة الإمام كما يسقط عنه الواجب فيما لو قام الإمام عن التشهد الأول ناسياً، فإن المأموم يتابعه ويسقط عنه التشهد الأول في هذه الحال.
وبهذا عرف أن الإمام إذا كان لا يجلس للاستراحة؛ فإنه لا يشرع للمأموم أن يجلس للاستراحة؛ لأن في جلسته للاستراحة نوع تخلفٍ عن الإمام، والمشروع للمأموم أن يتابع إمامه فور انتهائه من الركن الذي انتقل منه ووصوله إلى الركن الذي انتقل إليه ولا يتخلف، وبهذا تتم المتابعة، فيسقط الركن عن المأموم في القيام إذا صلى الإمام جالساً، ويسقط الواجب إذا ترك الإمام التشهد الأول ناسياً، ويسقط المستحب إذا تركه الإمام وكان لا يرى الجلوس للاستراحة فإن المشروع في حق المأموم أن يتابعه ولا يجلس، وإن كان يرى استحباب الجلوس.. فإن قلت: وهل مثل ذلك إذا كان الإمام يرى عدم رفع اليدين عند الركوع وعند الرفع منه وعند قيام التشهد الأول والمأموم يرى استحباب ذلك؟ هل نقول للمأموم: لا ترفع يديك كالإمام؟
فالجواب أن نقول: لا، ارفع يديك؛ لأن رفع يديك لا يقتضي مخالفة للإمام، فإنك ستركع معه وتسجد معه وتقوم معه بخلاف الذي يقتضي المخالفة، ولهذا لو كان الإمام لا يتورك في التشهد الأخير، أو كان يتورك في كل تشهدٍ يعقبه تسليم والمأموم يرى أنه يتورك في التشهد الأخير إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية؛ فإننا نقول للمأموم: افعل ما ترى أنه السنة وإن خالفت إمامك في صفة الجلوس؛ لأن هذا لا يعد اختلافاً على الإمام.
فالمهم أن نقول في جواب السؤال: إن الإمام إذا صلى جالساً فإن المأمومين يصلون جلوساً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ ولأنه طبق ذلك فعلاً حين صلى الصحابة خلفه قياماً فأشار إليهم أن يجلسوا، هذا إذا كان قد ابتدأ الصلاة قاعداً، أما لو ابتدأ الإمام الصلاة قائماً ثم حصلت له علة فجلس فهنا يتم المأمومون صلاتهم قياماً، وعلى هذا يحمل ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام حين جاء في مرضه و أبو بكر يصلي بالناس قائماً فجلس النبي عليه الصلاة والسلام إلى يسار أبي بكر وأتم الصلاة بهم وقد بقوا على قيامهم، ووجه ذلك أنهم ابتدءوا الصلاة قياماً مع إمامهم وحصلت له علة أثناء الصلاة فيجلس هو أما هم فيصلون بقية صلاتهم قياماً بناءً على أول الصلاة.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |