خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8855"> فتاوى نور على الدرب
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
فتاوى نور على الدرب [226]
الحلقة مفرغة
السؤال: هل يصح للمرأة أن تنفق من مال زوجها بدون إذنه مع العلم أنها أم أولاده ولها أتعاب معه والمال فوق حاجتهم؟
الجواب: القاعدة والأساس أنه لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه ورضاه، وهذه القاعدة شاملة لكل أحد، إلا الأب فإن له أن يأخذ من مال ولده ما شاء مما لا يضره ولا يحتاجه.
وبناء على هذه القاعدة فإنه لا يجوز للمرأة أن تنفق من مال زوجها إلا إذا علمت أنه راضٍ بذلك أو أذن لها، فأما إذا كان بخيلاً شحيحاً تعرف أنه لا يرضى فإنه لا يحل لها أن تنفق شيئاً من ماله لأنه ماله، ولكن ينبغي مع هذا أن تستأذنه لتتصدق على من جاء يسأل أو تعير من جاء يستعير من أغراض البيت أو ما أشبه هذا لتكون مشاركة له في الأجر، ومعينة له على أن يقوم بهذا الأمر الذي يؤجر عليه.
السؤال: صلينا جماعة وتقدم أحدنا وصلى بنا، فلما قضيت الصلاة أخبرنا بأنه صلى بدون وضوء ناسياً، فهل تجب علينا الإعادة؟
الجواب: لا تجب عليكم الإعادة؛ لأن صلاتكم صحيحة، أما هو فتجب عليه الإعادة لأن صلاته غير صحيحة، وهكذا لو علم في أثناء الصلاة أنه ليس على طهارة أو ذكر في أثناء الصلاة أنه ليس على طهارة فإنه ينصرف ويأمر أحدكم ليتم بكم الصلاة، وتبنون على ما مضى من صلاتكم؛ لأنكم لم يكن في صلاتكم ما يفسدها، فقد دخلتم بإذن من الشارع واقتديتم بهذا الرجل بإذن من الشارع، وما ترتب على المأذون فإنه موافق للحق.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الإمام إذا علم أنه محدث في أثناء الصلاة فإنها تبطل صلاته وصلاة من خلفه ولكن هذا القول ضعيف؛ لأنه لا دليل على بطلان صلاة من خلفه، وإذا لم يكن هناك دليل فإن صلاتهم قد دخلوا فيها بمقتضى دليل شرعي فلا يمكن أن يبطلها إلا دليل شرعي.
السؤال: نويت السفر ذات يوم فصليت العشاء مع المغرب جمع تقديم ثم لم يشأ الله أن أسافر، فهل أعيد صلاة العشاء في وقتها؟
الجواب: المسافر يجوز له الجمع لكنه لا يجوز له أن يجمع إلا إذا خرج من بلده، أما مادام في البلد فإنه لا يجوز له الجمع؛ لأنه لم يصدق عليه أنه مسافر حتى يخرج، وعلى هذا فإن جمعك قبل أن تخرج من البلد يعتبر في غير محله، وعليك أن تعيد هذه الصلاة التي جمعتها قبل أن تخرج إلى السفر.
مداخلة: إنما شرط رخصة الجمع هو مفارقة البلد حتى لو لم تكن بمسافة قصر مادام ينوي السفر بعيداً عن مسافة قصر أو أكثر؟
الشيخ: نعم، وكذلك القصر لا يقصر حتى يخرج من البلد، وإذا خرج من حدود البلد وهو يقصد سفراً يبيح له القصر جاز له الجمع وجاز له القصر.
مداخلة: حتى في حال العودة، يعني: لو حان وقت صلاة قبل وصوله إلى منزله أو إلى بلدته بمسافة قصيرة قد تقل عن مسافة القصر كثيراً ولكنه في نهاية سفره فهل له أيضاً أحكام السفر؟
الشيخ: نعم.
السؤال: إذا كنت مسافراً فحان وقت صلاة الظهر قبل أن أصل ونويت أن أجمع صلاة الظهر مع العصر ثم وصلت بلدي قبل انتهاء وقت صلاة الظهر، فهل أصلي الظهر فور وصولي أم أنتظر صلاة العصر؟
الجواب: إذا نوى المسافر جمع التأخير ولكنه وصل إلى بلده قبل أن يخرج وقت الصلاة الأولى فإنه قد انتهى السبب الموجب للجمع وهو السفر، وحينئذٍ يجب عليه أن يصلي الصلاة الأولى في وقتها، وينتظر حتى يأتي وقت الثانية ثم يصليها في وقتها، وكذلك لا يجوز له القصر في هذه الحال.
ففي المثال الذي في السؤال: إذا قدم إلى بلده قبل انتهاء وقت صلاة الظهر فإنه يجب عليه أن يصلي الظهر في وقتها أربعاً ثم ينتظر إلى أن يأتي وقت صلاة العصر فيصليها أربعاً لزوال السبب المبيح.
مداخلة: إذا كان الشخص مسافراً وربما يمر في سفره بأكثر من بلد ويقيم في بعضها يوماً أو نصف يوم في هذه الحالة هل يجوز له الجمع؟
الشيخ: إذا كان الإنسان في بلد وهو مسافر فإنه يجب عليه أن يصلي في المسجد مع المسلمين وحينئذٍ سيتم الصلاة ولا يجمع، لكن لو فاتته الصلاة في هذه الحال فإنه يقصر، وكذلك لو كان يريد أن يواصل السفر قبل أن يأتي وقت الثانية فإنه يجمعها إلى الأولى ويسافر.
مداخلة: لكنه في حكم المسافر لأنه لا ينوي الإقامة في هذه البلد؟
الشيخ: نعم المسافر لا تسقط عنه صلاة الجماعة، ولهذا أوجب الله الجماعة في حال الخوف والغالب أن الخوف يكون في السفر، فتجب الصلاة جماعة على المسافر وعلى المقيم.
مداخلة: إنما الجمع لا يجوز؟
الشيخ: الجمع يجوز للمسافر أيضاً.
مداخلة: لا المقيم نصف يوم أو يوم.
الشيخ: يجوز له أن يجمع؛ لأن المسافر يجوز له أن يجمع لكن الجمع في حقه أفضل إذا كان قد جد به السير، وعدم الجمع في حقه أفضل إذا كان نازلاً، سواء كان نازلاً في بلد أو نازلاً في محطة أو نازلاً في برية حتى يدرك، وما أشبه ذلك.
والخلاصة أن المشروع في حق المسافر القصر مطلقاً، وأما الجمع فهو مشروع في حقه إن كان قد جدَّ به السير -يعني: ماشياً- وإن لم يكن قد جد به السير فإن الأفضل في حقه ألا يجمع ولو جمع فإنه لا بأس به؛ لأن السفر من أسباب جواز الجمع وإن لم يجد به السير، هذا بالنسبة للحكم العام، أما من أقام في بلد من المسافرين ونيته أن يقيم ثم يرتحل بعد يوم أو يومين أو نحو ذلك فإنه يصلي مع الإمام في المسجد، وإذا صلى مع الإمام في المسجد فسيتم؛ لأن من صلى خلف من يتم وجب عليه الإتمام ولا يجمع، لكن لو فاتته الصلاة فإنه يقصر الصلاة لأنه في حكم المسافر، وكذلك إن كان يريد أن يمشي قبل أن يأتي وقت الثانية من هذا البلد فإنه يجمع الثانية إلى الأولى.
السؤال: ماذا يجب على من لم يدفع زكاة الفطر لعدم معرفته للمستحقين حتى انتهى شهر رمضان ولم يخرجها؟
الجواب: زكاة الفطر لا تجب إلا إذا انتهى شهر رمضان؛ لأن وقت وجوبها هو غروب الشمس ليلة عيد الفطر، فإذا جاء ذلك الوقت وليس حوله مستحق فإنه لا بأس أن يبقيها عنده حتى يجد لها مستحقاً ولو بعد العيد، لكن لا ينبغي للإنسان أن يهمل هذا الإهمال، بل ينبغي له أن يحتاط من الأصل، فإذا علم أنه ليس في بلده من هو أهل فإنه من الأصل يرسل بها إلى بلاد أخرى تستحقها حتى يدفعها في الوقت الذي يجب أن تدفع فيه.
السؤال: كانت والدتي المتوفاة قد نذرت نذراً في حياتها لله وثوابه للشيخ محمود العمرلي والذي يقال: إنه من أولاد عمر بن الخطاب بأن تذبح شاةً في كل سنة وقد استمرت على هذا النذر حتى ماتت ثم تولينا نحن الاستمرار فيه إلى الآن، فهل علينا شيء في هذا؟
الجواب: هذا الذبح الذي نذرت لا يخلو: إما أن تقصد به التقرب إلى هذا الميت لتعظيمه فهذا محرم وشرك؛ لأن الذبح تقرباً لا يجوز إلا لله رب العالمين، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]، وأما إن كانت تقصد من هذا النذر أن يكون هذا أضحية تتقرب به إلى الله ليكون ثوابها لهذا الميت فإن هذا لا بأس به وليس محرماً، ولكن إذا ماتت فإنه يسقط عنها النذر لأنها أصبحت من غير أهل التكليف، فلا يلزمكم أن تنفذوه عنها.
مداخلة: لكن هل يجوز التقرب لأجنبي لا أعرفه ولا يعرفني؟
الشيخ: نعم. يجوز أن تهدي ثواباً لشخص لا تعرفه إذا كنت تعلم أنه مسلم.
السؤال: سمعت من خلال برنامجكم فتوى فهمت منها تحريم ذبيحة تارك الصلاة، ونظراً لأن هذا الأمر له أهميته الكبرى في حياة المسلمين فنأمل التكرم بإلقاء الضوء على هذا الأمر مع رجاء بيان الأدلة والبراهين؟
الجواب: تارك الصلاة لا تحل ذبيحته بناءً على القول الراجح من أن تارك الصلاة يكون كافراً كفراً مخرجاً عن الملة، ونظراً لأهمية هذه المسألة فإننا نذكر ما تيسر من أدلتها، فمن أدلة كفر تارك الصلاة: قوله تعالى عن المشركين: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11]، فعلق الله تعالى ثبوت الأخوة في الدين على أمور ثلاثة: التوبة من الشرك، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، فإذا تخلف أحد هذه الأوصاف لم يكونوا إخوة لنا في الدين، ومن المعلوم أن الأخوة في الدين لا تنتفي بمجرد المعصية حتى ولو كانت من أكبر الكبائر، فقتل المؤمن عمداً من أكبر كبائر الذنوب ومع ذلك لا يخرج من الدين ولا تنتفي به الأخوة، يقول الله تعالى في آية القصاص: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ [البقرة:178] فجعل الله تعالى القاتل أخاً للمقتول، ويقول تعالى في آية قتال المؤمنين: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9] إلى قوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10]، فلم تنتف الأخوة الإيمانية في قتال المؤمنين، مع أن قتال المؤمنين كفر كما ثبت فيه الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر )، هذا واحد.
الدليل الثاني: قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا [مريم:59-60]، فإن قوله: (إلا من تاب وآمن) دليل على أنه حين إضاعة الصلاة ليس بمؤمن.
أما أدلتها من السنة: فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )، وفي السنن من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر )، فجعل النبي عليه الصلاة والسلام العهد فاصلاً بيننا وبين الكفر، وقال: (فمن تركها فقد كفر) بأن خرج من ربقة الإيمان، وكذلك في حديث جابر قال: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة )، فجعل ترك الصلاة هو الحائل بين الإيمان والكفر، وقال (الكفر) بأل الدالة على الحقيقة، فالمعنى: بين الرجل وبين الكفر الحقيقي وهو المخرج عن الإيمان ترك الصلاة.
ومن أدلة السنة أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نسمع ونطيع لولاة الأمور وألا ننازعهم الأمر إلا أن نرى كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان، وسئل: هل ننابذ أئمة الجور؟ قال: ( لا. ما صلوا )، فدل هذا على أنهم إذا تركوا الصلاة فلنا أن ننابذهم، وهذا يقتضي أن يكون ترك الصلاة كفراً بواحاً، وهذا الاستدلال مركب من دليلين، وقال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة، وقد نقل بعض أهل العلم الإجماع على كفر تارك الصلاة، وهو مروي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، منهم: عمر و ابن مسعود رضي الله عنهما، قال عمر رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، و(حظ) نكرة في سياق النفي فيعم القليل والكثير، أي: لا حظ قليلاً ولا كثيراً لمن ترك الصلاة في الإسلام.
فهذه الأدلة تدل على أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة، وفيها أدلة أخرى لا يتسع المقام لذكرها. وقد تأملت الأدلة التي استدل بها من لا يرى كفر تارك الصلاة فوجدتها تنقسم إلى أقسام:
منها: ما لا دليل فيه أصلاً.
ومنها: ما هو مقيد بحال يعذر فيها بترك الصلاة.
ومنها: ما هو مقيد بوصف لا يمكن معه ترك الصلاة.
ومنها: ما هو عام يكون مخصصاً بأدلة كفر تارك الصلاة، ولم أجد لا في الكتاب ولا في السنة نصاً يقول: إن تارك الصلاة مؤمن، ولا يقول: إن تارك الصلاة يدخل الجنة، ولا يقول: إن تارك الصلاة ينجو من النار، وما أشبه ذلك مما يجعلنا نحمل نصوص الكفر على أن المراد به الكفر الذي لا يخرج من الملة، وإذا كان كذلك فإننا عبيد لله عز وجل يحكم فينا بما يشاء، فإذا دل كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على استحقاق وصف من الأوصاف فليس لنا أن نتهرب منها بل علينا أن نثبته، وإذا أثبتناه فإن الحكمة في إثباته، ونحن إذا قلنا بكفر تارك الصلاة كفراً مخرجاً عن الملة كما هو مقتضى النصوص وأقوال الصحابة رضي الله عنهم، فإننا بهذه المقالة نحمل الناس على الصلاة، وكل إنسان يخاف الله ويخشى من عقابه فإنه لابد من أن يصلي إذا علم أنه إذا تركها كفر كفراً مخرجاً عن الملة وترتبت عليه أحكام الكفر من انفساخ زوجته منه، وعدم أكل ذبيحته، ومنعه من دخول مكة وحرمها، وعدم تغسيله إذا مات، وعدم دفنه مع المسلمين، وتحريم الدعاء له بالرحمة والمغفرة وما أشبه ذلك، كل إنسان له عقل إذا علم أن هذا الأمر يترتب على تركه الصلاة فإنه سوف يصلي، لكننا إذا ذهبنا نلتمس التأويلات البعيدة للنصوص، وقلنا: إنه فاسق لا يكفر فسيتهاون بها ويتمادى في تهاونه، ومن المعلوم أنه لا يمكن للإنسان عرف أعمال القلوب أن يقول لشخص أو عن شخص حافظ على ترك الصلاة والتهاون بها وعدم المبالاة إن في قلبه شيئاً من الإيمان، كيف يكون في قبله شيء من الإيمان وهو محافظ على ترك الصلاة، يؤمر بها فلا يمتثل، ويرى المسلمين يصلون فلا يصلي وهو يعلم ما في الصلاة من الثواب العظيم والأجر الكثير، وما في تركها من العذاب الأليم أعتقد أن هذا لا يمكن أن يقع من شخص في قلبه أدنى مثقال حبة من الإيمان، وعلى هذا فيكون ترك الصلاة لو لم يكن فيه نصوص خاصة بتكفير من تركها لكان كفره من باب اللوازم، أي: أن من حافظ على تركها فإن من لازم ذلك ألا يكون في قلبه شيء من الإيمان، هذه هي الأدلة التي تدل على كفر تارك الصلاة كفراً مخرجاً عن الملة والعياذ بالله.
وبناءً على ذلك فإن ذبيحته لا تحل؛ لأن ذبيحة غير المسلم لا تحل إلا إذا كان الذابح من أهل الكتاب اليهود والنصارى، وتارك الصلاة من المسلمين مرتد فلا تحل ذبيحته.
هذا هو خلاصة كلامي في هذه المسألة العظيمة المهمة التي يجب علينا جميعاً أن نتعاون فيها على البر والتقوى، وأن نلزم هؤلاء الذين تهاونوا بهذا الركن العظيم من أركان الإسلام بأن يقوموا به مخلصين لله متبعين لرسوله صلى الله عليه وسلم.
وبقي أن يقال: قد يقول قائل: ذكرت في آية براءة فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11]، أنه إذا تخلف أحد الأوصاف الثلاثة لم يكن أخاً لنا في الدين وهذا يستلزم أن يكون كافراً؛ لأن الأخوة في الدين لا تنتف إلا بالكفر إذاً فتارك الزكاة هل يكون كافراً؟
والجواب على ذلك أن يقال: يرى بعض العلماء أن مانع الزكاة بخلاً يكون كافراً كفراً مخرجاً عن الملة، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله، ولكن مع ذلك فإن القول الراجح أنه لا يكفر، ووجهه أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن من منع زكاة ماله عذب عليه، كما ذكر في الحديث قال: ( ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار )، وهذا الحديث يدل أن من منع الزكاة بخلاً لا يكون كافراً؛ لأن الكافر لا يمكن أن يرى سبيلاً له إلى الجنة، وهذا الحديث يخصص مفهوم الآيات الكريمة التي في سورة براءة.
السؤال: بالنسبة للذي يذبح ويبيع اللحم وهو تارك للصلاة أو قد نجهل سلوكه بالنسبة للصلاة محافظته عليها من عدمها لا ندري عنه، لكن لسنا أيضاً ملزمين بالبحث أو السؤال عنه أهو يصلي أم لا؟
الجواب: إذا كان هذا الذابح يتسمى بالإسلام ومنتسباً للإسلام فليس لنا أن نبحث عن حاله؛ لأن الأصل أن المؤمن على الظاهر حتى يتبين لنا، لكن بالنسبة له هو لا يحل له أن يبيع هذه الذبيحة على أحد من المسلمين وهو لا يصلي؛ لأن هذا من أكبر الغش والعياذ بالله؛ لأنه يبيع عليهم الميتة، لأن ذبيحة من لا يصلي ميتة، وحينئذٍ فيحرم عليه أن يبيعها في أسواق المسلمين ليأكلوها، وهو أيضاً لا يأكلها لا هو ولا أهله لأنها محرمة، حيث إن الذابح ليس أهلاً للذبح.
السؤال: عقدت قراني على زوجتي في وقت لم يكن أحد منا يصلي بل كل منا تارك لهذه الفريضة، وتم الزواج على هذه الحال، وهدانا الله -له الحمد والمنة- إلى تأدية هذه الفريضة، وسمعت من خلال برنامجكم أن تارك الصلاة كافر على أصح أقوال العلماء، وفي الحقيقة أن الأحاديث التي اطلعت عليها كلها قاضية بتكفير تارك الصلاة، وسؤالي هو: ما حكم هذا العقد، وإذا كان العقد باطلاً فما هو الحل الذي ينبغي فعله؟
الجواب: الحل الذي ينبغي فعله هو إعادة هذا العقد فقط، وإذا أعدتم هذا العقد بقي الأمر على ما هو عليه، والأولاد الذين جاءوا من هذا العقد وأنتم حين العقد تعتقدون أنه صحيح وأنه ليس بباطل لجهلكم بحكم تارك الصلاة يكون هؤلاء الأولاد أولاداً شرعيين ينسبون إلى أبيهم؛ لأن كل عقد يكون غير صحيح والإنسان يعتقد صحته، فإن الوطء فيه وطء شبهة يلحق به الأولاد من وطئ، ونظير من تزوج بعقد يظن العقد صحيحاً وهو في نفس الأمر غير صحيح أن يتزوج الإنسان امرأة ثم يتبين بعد ذلك أنها أخته من الرضاعة وقد أنجب منها أولاداً، فإن أولاده ينسبون إليه شرعاً؛ لأنهم كانوا من وطءٍ يعتقد فيه الإنسان أنه وطء حلال.