خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8855"> فتاوى نور على الدرب
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
فتاوى نور على الدرب [195]
الحلقة مفرغة
السؤال: ما حكم التسمية بأسماء من أسماء الله أو صفاته، كمثل: رؤوف وعزيز وجبار ونحو ذلك؟ هل تجوز مثل هذه التسمية أم يجب تغييرها فيمن تسمى بها؟
الجواب: التسمي بأسماء الله عز وجل يكون على وجهين؛ الوجه الأول: أن يحلى بأل، أو يقصد بالاسم ما دل عليه من صفة، ففي هذه الحال لا يسمى به غير الله، كما لو سميت أحداً بالعزيز والسيد والحكيم وما أشبه ذلك، فإن هذا لا يسمى به غير الله، لأن (أل) هذه تدل على لمح الأصل، وهو المعنى الذي تضمنه هذا الاسم، وكذلك إذا قصد بالاسم وإن لم يكن محلاً بأل، إذا قصد بالاسم معنى الصفة، فإنه لا يسمى به، ولهذا غير النبي صلى الله وسلم كنية أبي الحكم التي تكنى بها، لأن أصحابه يتحاكمون إليه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن الله هو الحكم وإليه الحكم)، ثم كناه بأكبر أبنائه شريح ، كناه بـ أبي شريح ، فدل ذلك على أنه إذا تسمى أحد باسم من أسماء الله ملاحظاً بذلك معنى الصفة التي تضمنها هذا الاسم، فإنه يمنع؛ لأن هذه التسمية تكون مطابقة تماما لأسماء الله سبحانه وتعالى.
أما الوجه الثاني فهو: أن يتسمى باسم غير محلى بـ(أل)، ولا مقصوداً به معنى الصفة، فهذا لا بأس به، مثل: الحكم وحكيم، ومن أسماء بعض الصحابة حكيم بن حزام الذي قال له النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا تبع ما ليس عندك)، وهذا دليل على أنه إذا لم يقصد بالاسم معنى الصفة فإنه لا بأس به، لكن في مثل جبار لا ينبغي أن يتسمى به، وإن كان لم يلاحظ الصفة، وذلك لأنه قد يؤثر في نفس المسمى، فيكون معه جبروت وعلو واستكبار على الخلق، فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر على صاحبها، ينبغي للإنسان أن يتجنبها، والله أعلم.
السؤال: إذا توفيت امرأة ولها مال وليس بعدها وارث، وأقرب شخص إليها هو من قامت بإرضاعه رجلاً كان أو امرأة، فهل هو أحق بتركتها أم تئول إلى بيت المال؟
الجواب: ليست الصلة بالرضاع من أسباب الإرث، فأخوها من رضاع وأبوها من رضاع ليس له إرث ولا ولاية ولا نفقة ولا شيء من حقوق القرابات، لكن لا شك أن له شيئاً من الحقوق التي ينبغي أن يكرم بها، وأما الإرث فلا حق له في الإرث؛ لأن أسباب الإرث ثلاثة: القرابة والزوجية والولاء، وليس الرضاع من أسبابها؛ وعلى هذا فالمرأة المذكورة في السؤال يكون ميراثها لبيت المال، يصرف إلى بيت المال، ولا يستحقه هذا الأخ من الرضاع.
السؤال: إذا حصلت خصومة بين زوجين فحرمت الزوجة زوجها عليها، فهل يؤثر هذا كما لو صدر هذا التحريم من الرجل؟
الجواب: تحريم المرأة زوجها على نفسها حكمه حكم اليمين، بمعنى أنها إذا مكنته بعد هذا التحريم فإنه يجب عليها أن تكفر كفارة اليمين؛ لأن ذلك داخل في عموم قوله تعالى: يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:1-2] ، فبين الله سبحانه وتعالى أن تحريم ما أحل الله حكمه حكم اليمين، ولهذا قال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:2] ، ولأن الله تعالى ذكر كفارة اليمين بعد أن أمر بالأكل من الطيبات، بل بعد أن نهى عن تحريم ما أحل الله، فقال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ [المائدة:78-88] ، لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ [البقرة:225] إلى آخره، فدل هذا على أن حكم تحريم الطيبات حكم اليمين، فتحريم المرأة زوجها من هذا الباب، يجب عليها كفارة يمين.
وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة، وإطعام عشرة مساكين على وجهين: إما أن يصنع طعاماً غداء أو عشاء فيدعوهم إليه حتى يأكلوا، وإما أن يعطيهم حباً ستة كيلوات من الرز، ويحسن أن يجعل معها شيئاً من اللحم يكون إداماً لها، ليتم بذلك الإطعام.
مداخلة: هل يلزم أن تطعم هي من نفقتها الخاصة أو لو أطعم زوجها عنها لا بأس بذلك؟
الشيخ: نعم، لا بأس أن يطعم عنها زوجها بإذنها، فإذا أذنت له أو استأذنت منه أن تطعم من ماله فأطعمت فلا حرج.
السؤال: توفي والدي يرحمه الله وكان قد أوصى في حياته أن يؤدى عنه الحج، وخصص قطعة أرض من أملاكه لمن يحج عنه، وبعد أن بلغنا سن الرشد أنا وأخي قدمنا إلى هنا في المملكة للعمل، واتفقنا مع شخص أن يحج عن والدنا مقابل مبلغ ألفي ريال، ولم ندفع إليه قطعة الأرض التي جعلها والدي لمن يحج عنه، فهل الحج صحيح؟ وهل علينا شيء في ذلك؟
الجواب: هذا الأب الذي أوصى بهذه القطعة للحج بها عنه، يجب صرفها جميعاً في الحج إذا كانت من الثلث فأقل، وإن كانت أكثر من الثلث فما زاد عن الثلث فأنتم فيه بالخيار، لكن إذا علمتم أن مقصود والدكم هو الحج فقط، أي: أن مقصوده أن يؤتى له بحجة، وأنه عين هذه الأرض من أجل التوثق، فإنه لا حرج عليكم أن تعطوا دراهم يحج بها، وتبقى هذه الأرض لكم، فالمهم أن هذا يرجع إلى ما تعلمونه من نية أبيكم، إن كنتم تعلمون أن من نية أبيكم أن تصرف هذه الأرض كلها بالحج عنه، فعلى ما سمعتم، تنفق كلها في الحج عنه، ولو كانت عدة حجات، إذا كانت لا تزيد عن الثلث، وما زاد على الثلث فأنتم فيه بالخيار، وإذا كنتم تعلمون أن والدكم يريد الحج ولو مرة، لكن عين هذه الأرض من أجل التوثقة، فإنه لا حرج عليكم أن تقيموا من يحج عنه بدراهم، وأن تبقوا هذه الأرض لكم.
مداخلة: والحج الذي أدي لعله صحيح إن شاء الله؟
الشيخ: أي نعم، الحج الذي أدي صحيح بكل حال، لكن يبقى إن كان الوالد يريد أن تصرف كل الأرض في الحج عنه، فإذا كان ما بذلوه من ألفي ريال أقل من قيمة الأرض، فيصرفون لحجة أخرى ثم أخرى حتى تستكمل قيمة الأرض.
السؤال: أنا رجل متزوج من فتاة هي ابنة خالي، وقد حصل أن وقع والدي وخالي ورقة تثبت مبلغاً من المال لزوجتي، وحفظت الورقة عند خالي والد زوجتي، وتوفي والدي فطلبت الورقة من خالي وأخذ المبلغ من المال الذي عنده لزوجتي، فرفض، فحلفت قائلاً: إما أن تعطيني الورقة وإما بنتك طالق، ثم سافرت من البلد إلى هنا في المملكة للعمل، وهو قد أخذ ابنته من بيتي، ولها الآن عند أهلها سنة، ولم أبعث خلالها نفقة لها، فما الحكم في هذا؟ وهل وقع الطلاق؟ وهل كان يلزمني نفقة لها أم لا؟
الجواب: الجواب على ذلك أن نقول: أولاً: ننصح هذا السائل وغيره من أن يتساهلوا في إطلاق الطلاق، وأن يكون هذا دأبهم في الأيمان والحلف؛ لأن هذه مسألة خطيرة، وكثير من أهل العلم إن لم أقل: أكثرهم، يرون أن الحلف بالطلاق طلاق بكل حال، وحينئذ يكون الإنسان معرضاً لأمر عظيم، فالواجب على المرء أن يكون حازماً دائماً، وأن يكون لديه من القوة ما يستطيع أن يمنع ما يريد منعه، أو يجلب ما يريد جلبه بدون هذه الأيمان وهذا الطلاق.
وما ذكرت من الصورة التي وجهتها إلى خالك أبي زوجتك، فإن كان نيتك أنه إذا لم يدفع المال فإنك قد طابت نفسك من مصاهرته، ورغبت عنه وعن قربه، ونويت الطلاق بذلك، فامرأتك طالق، إلا أن يدفع إليك هذا المبلغ الذي علقت الطلاق عليه، وأما إذا كانت نيتك أن تحثه على تسليم المبلغ، وليس لك غرض في فراق زوجتك، وأنت تريد زوجتك وتحبها، فإن الطلاق لا يقع، ولكن إن سلم لك هذا المبلغ فذاك، وإن لم يسلم فعليك كفارة يمين بأن تطعم عشرة مساكين.
وفي سؤالك أنك قلت: خالي والد زوجتي، فإن كان خالك حقاً، يعني أنه أخو أمك فهو خالك حقاً، وإن كان خالك بمعنى أنه أبو زوجتك، وليس بينك وبينه صلة قرابة، فإنه لا ينبغي أن يسمي الإنسان أبا زوجته خالاً أو عماً؛ لأن ذلك قد يوهم أن له حكم الخال والعم القريبين، وتغيير الأسماء إلى مسميات غير شرعية لا ينبغي، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا يغلبنكم الأعراب على تسميتكم على صلاتكم العشاء، يعني التي تسمونها العتمة، فإنها العشاء في كتاب الله)، فالخال شرعاً ولغة أيضا هو أخو أمك، سواء كان أخاها من أبيها أو أخاها من أمها أو أخاها من أبيها وأمها، والعم هو أخو أبيك من أمه أو من أبيه أو من أمه وأبيه، أما أبو زوجتك فإنه يسمى حماً، ويسمى صهراً وما أشبه ذلك.
مداخلة: لو كان وقع الطلاق منه فعلاً بأن كان يقصد الطلاق، ولها عند أهلها الآن سنة، فلو أراد استرجاعها ما الحكم؟
الشيخ: الحكم إذا كان قد وقت مدة لتسليم والدها هذا المبلغ، وانتهت المدة ولم يسلمه، فإن الطلاق يقع عند انتهاء هذه المدة، إذا عين هذه المدة سواء بشرطه بأن قال: إن لم تعطيني هذا قبل شهر أو قبل أسبوع أو ما أشبه ذلك، أو عينه بنيته، بأن نوى أنه إذا لم يعطه في خلال شهر أو ما أشبه ذلك، فإنه إذا مضت هذه المدة التي عينها بالشرط أو بالنية وقع الطلاق، ثم إن تمت العدة قبل أن يراجع بانت منه، ولا تحل له إلا بعقد جديد، وإن كانت العدة لم تتم فإنها تحل له بالمراجعة، فيقول: راجعت زوجتي فلانة، وتحسب عليه طلقة واحدة.
أما إذا كان لم يعين وقت تسليم أبيها للدراهم، لا بالشرط ولا بالنية، فإنه حتى الآن لم يقع الطلاق؛ لأنه ما عين، وإذا كان لم يعين فإنه على التراخي، ينظر حتى إذا أيس منه، وعلم أنه لم يسلمه، فإنه قد يقع الطلاق.
السؤال: يقول: توفي عندنا رجل، وبعد مضي سبعة أشهر على وفاته رأى أحد أقاربه في المنام رؤيا أنه ينادي: أخرجوني من القبر، وابنوا لي مقاماً، وفعلاً نفذوا هذه الرؤيا فأخرجوه من القبر وتجولوا به في البلد، وبنوا له مقاماً، ويعتقدون الآن أنه ولي، فما الحكم في هذا العمل؟ وهل من نصيحة إلى مثل هؤلاء الناس الذين ضعفت عقائدهم إلى هذه الدرجة؟
الجواب: الحكم في هذا العمل أنه عمل محرم، وأن المرائي التي ترى في المنام إذا كانت مخالفة للشرع فإنها باطلة، وهي من ضرب الأمثال التي يضربها الشيطان، ومن وحي الشيطان، فلا يجوز تنفيذها أبداً؛ لأن الأحكام الشرعية لا تتغير بالمنامات، والواجب عليهم الآن أن يهدموا هذا المقام الذي بنوه له، وأن يردوه إلى مقابر المسلمين، هذا هو الواجب.
ونصيحتي لهؤلاء وأمثالهم أن يعرضوا كل ما يرونه في المنام على الكتاب والسنة، فما خالف الكتاب والسنة فهو مطرح ومردود، ولا عبرة به، ولا يجوز للإنسان أن يعتمد في أمور دينه على هذه المرائي الكاذبة؛ لأن الشيطان أقسم بعزة الله عز وجل أن يغوي بني آدم إلا عباد الله المخلصين، فمن كان مخلصا لله متبعاً لدينه، مبتغياً لوجهه، فإنه يسلم من إغواء الشيطان وشره، وأما من كان على خلاف ذلك، فإن الشيطان يتلاعب به في عباداته وفي اعتقاداته وفي أفكاره وفي أعماله، فليحذره، يقول الله عز وجل: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6].
السؤال: قرأت في كتاب للشيخ الإمام الغزالي حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الشفاعة فيمن أخرجهم الله من النار بشفاعته صلى الله عليه وسلم، حين يقول الله تعالى: فرغت شفاعة الملائكة والنبيين وبقيت شفاعتي، فيخرج من النار أقواماً لم يعملوا حسنة قط، ويدخلون الجنة، ويكون في أعناقهم سمات، ويسمون عتقاء الله عز وجل، فما مدى صحة هذا الحديث؟ وما معناه؟
الجواب: هذا الحديث متفق عليه بمعناه، يعني: أنه قد روى البخاري و مسلم معنى هذا الحديث، إلا أن فيه كلمة منكرة في هذا السياق الذي ذكره الأخ، وهو قوله: (فتبقى شفاعتي)، فإن هذه اللفظة منكرة، واللفظ الذي ورد في الصحيحين: ( ولم يبق إلا أرحم الراحمين)، وإنما كانت اللفظة التي ذكرها السائل منكرة؛ لأن قوله: (وتبقى شفاعتي). عند من يشفع؟! فالله سبحانه وتعالى هو الذي يشفع إليه، وليس يشفع إلى أحد سبحانه وتعالى، وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى [النجم:42].
ومعنى هذا الحديث أن الله سبحانه وتعالى يأذن للرسل والملائكة والنبيين، وكذلك لصالح الخلق أن يشفعوا في إخراج من شاء من أهل النار، فيخرج من أهل النار من شاء الله، حتى إذا لم يبق أحد تبلغه شفاعة هؤلاء، ولم يبق إلا رحمة أرحم الراحمين، أخرج الله سبحانه وتعالى بهذه الرحمة من شاء، وجعل في رقابهم خواتم على أنهم عتقاء الله سبحانه وتعالى فيدخلون الجنة.
ومعنى قوله: (لم يعملوا حسنةً قط). أنهم ما عملوا أعمالاً صالحة، لكن الإيمان قد وقر في قلوبهم، فإما أن يكون هؤلاء قد ماتوا قبل التمكن من العمل، آمنوا ثم ماتوا قبل أن يتمكنوا من العمل، وحينئذ يصدق عليهم أنهم لم يعملوا خيراً قط، وإما أن يكون هذا الحديث مقيداً بمثل الأحاديث الدالة على أن بعض الأعمال الصالحة تركها كفر، كالصلاة مثلاً، فإن من لم يصل فهو كافر، ولو زعم أنه مؤمن بالله ورسوله، والكافر لا تنفعه شفاعة الشافعين يوم القيامة، وهو مخلد في النار أبد الآبدين والعياذ بالله.
فالمهم أن هذا الحديث إما أن يكون في قوم آمنوا ولم يتمكنوا من العمل، فماتوا فور إيمانهم، فما عملوا خيراً قط، وإما أن يكون هذا عاماً، ولكنه يستثنى منه ما دلت النصوص الشرعية على أنه لا بد أن يعمل كالصلاة، فإن الإنسان لابد أن يصلي، فمن لم يصل فهو كافر لا تنفعه الشفاعة، ولا يخرج من النار.
السؤال: ما معنى كلمة الحيوان في قوله تعالى: وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:64] وما معنى الآية؟
الجواب: هذه الآية تدل على أن الدنيا ليست إلا لهواً في القلوب وغفلة، ولعباً في الجوارح من المرح والبطر وما أشبه ذلك، إلا ما كان طاعة لله عز وجل، فإن ما كان طاعة لله عز وجل فإنه حق، وليس لهواً ولا لعباً، بل هو حق ثابت يكون الإنسان فيه مثاباً عند الله عز وجل ومأجوراً عليه، لكن الدنيا التي هي الدنيا ليست إلا لعباً ولهواً، ولهذا تجد الإنسان فيها لاهياً لاعباً حتى يأتيه اليقين وكأنها أضغاث أحلام.
وأما قوله تعالى: وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ [العنكبوت:64] ، فالمعنى أن الآخرة هي الحياة الحقيقية الدائمة الثابتة التي ليس فيها لمن دخل الجنة تنغيص ولا تنكيد ولا خوف ولا حزن، وقوله: لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102] ، يعني: لو كانوا يعلمون الحقيقة ما اشتغلوا بالدنيا التي هي لهو ولعب عن الآخرة التي هي الحيوان، فإن الإنسان لو كان عنده علم نافع بهذا الأمر لكان يؤثر الآخرة على الدنيا، ولا يؤثر الدنيا على الآخرة، ومع هذا فإن نصيب الإنسان من الدنيا لا يمنع منه إذا لم يشغله عن نصيبه في الآخرة، فلا حرج على الإنسان أن يأخذ من الدنيا ما أحل الله له، بل إن الامتناع من الطيبات بغير سبب شرعي مذموم، وليس من طريقة أهل الإسلام، إنما ما ألهى عن طاعة الله من هذه الدنيا فإنه لا خير فيه.