خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [150]
الحلقة مفرغة
السؤال: امرأة شتكي من معاملة زوجها, والسفر الكثير جداً عنها, بحيث يسافر في الشهر عشرين يوم, ولا يترك لها النفقة الكافية لها ولولدها, ثم لولديها في الآخر؛ لأنه جاءها ولد آخر, وتقول: إنني بسبب غياب زوجي عني هذه المدة ونظراً لحاجتي واضطراري إلى القوت وما شاكله فقد ارتكبت جرائم شديدة جداً, فهل لي من توبة؟ وما المخرج؟ وما واجب زوجي؟ وفقكم الله, وبارك فيكم.
الجواب: الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
نقول: أما بالنسبة لما عملت من الجرائم العظيمة فإن باب التوبة مفتوح لمن تاب إلى الله سبحانه وتعالى؛ لقوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ [الزمر:53-54] , إلى آخر ما ذكر الله في الآيات. فعليك أن تتوبي إلى الله سبحانه وتعالى, وأن تستغفريه, وأن تصلحي عملك, ومن تاب وعمل صالحاً فإن الله تعالى يتوب عليه إذا كانت التوبة نصوحاً.
وأما بالنسبة لتضييع زوجك لك فإن الزوج أخطأ في هذا خطأً عظيماً, ولم يقم بما أوجب الله عليه من حقوق الزوجة, ومنها المعاشرة بالمعروف, والإنفاق بالرزق والكسوة والسكنى؛ حتى يتحقق ما هو من أعظم مصالح النكاح التي أشار إليها النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج). فنصيحتنا لزوجك أن يتقي الله سبحانه وتعالى فيك, وأن يقوم بما أوجب الله لك من العشرة بالمعروف والقيام بالرزق والكسوة والسكنى على الوجه الذي يليق.
السؤال: أنا أتوضأ دائماً في الحمام, هل يجوز الوضوء الصغير في الحمام أم لا؟
الجواب: نعم يجوز الوضوء في الحمام ولا حرج فيه, ولكن ينبغي للإنسان أن يتحفظ من إصابة النجاسة له, فإذا تحفظ من ذلك فليتوضأ في أي مكان كان.
السؤال: هل يجوز نطق النية جهراً عند الوضوء الصغير أم لا؟
الجواب: التكلم بالنية والنطق بها في الوضوء أو الغسل أو الصلاة أو الصيام أو الزكاة أو غيرها من العبادات كله مخالف لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ليس من هديه أن ينطق بالنية, والنية محلها القلب, فإنها للقصد, والقصد والإرادة محلهما القلب, وهي بينك وبين الله عز وجل, والله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور, فلا حاجة إلى أن تذكر ما نويت؛ لأن الله تعالى يعلمه, ولكن عليك أن تصحح أعمالك باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم.
السؤال: ما هو رأي الدين في كتابة آيات من القرآن في لوح من الخشب ومحو هذه الآيات وتقديمها إلى المريض, وهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعمل ذلك أم لا؟
الجواب: لا نحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عمل مثل هذا, ولكن بعض السلف كانوا يفعلون ذلك, فإذا فعله الإنسان فلا حرج عليه, ولكن الأفضل من هذا والأولى أن يقرأ هو بنفسه على المريض ما وردت السنة به من الآيات والأحاديث, فمن ذلك مثلاً: قراءة الفاتحة على المريض؛ فإنها من أبلغ الأدوية, وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (وما يدريك أنها رقية). وكذلك القراءة على المريض بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]. وكذلك ما جاءت به الأحاديث, مثل ( اللهم رب الناس! اذهب البأس, واشف أنت الشافي, لا شفاء إلا شفاؤك, شفاء لا يغادر سقماً). ومثل (ربنا الله الذي في السماء, تقدس اسمك, أمرك في السماء والأرض, كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض, أنت رب الطيبين, اغفر لنا حوبنا وخطايانا, أنزل رحمة من رحمتك, وشفاء من شفائك على هذا الوجع, فيبرأ). ومثل (بسم الله أرقيك, من كل داء يؤذيك, ومن شر كل نفس أو عين حاسد, الله يشفيك), وغير ذلك مما جاءت به السنة. فإذا قرأ الإنسان هذه على المريض فهو أولى من كتابة آيات من القرآن تجعل في ماء ويستشفي بها المريض.
السؤال: هل يجوز للمصلي أن يقول في التشهد: اللهم صل على محمد أو يقول: اللهم صل على سيدنا محمد؟
الجواب: الأفضل أن يقول: اللهم صل على محمد؛ لأن هذه هي الصفة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه حين قالوا: ( يا رسول الله! علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, إنك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, إنك حميد مجيد). فالتزام ما جاء به الشرع أولى. ولكن مع ذلك لا شك أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو سيدنا, بل سيد ولد آدم, وسيد العالمين على الإطلاق, فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة). ولكن عقيدتنا هذه لا تستلزم أن نذكر هذه السيادة في كل صلاة عليه وفي كل مناسبة, بل نقف على ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم في كيفية الصلاة عليه وفي غيرها, هذا هو الأولى, وهذا هو الاتباع, وهذا هو موجب كونه سيداً عليه الصلاة والسلام أن يتأدب بين يديه, وأن لا يتعبد لله إلا بما شرعه؛ لأننا ما دمنا نعتقد أنه سيد فمعنى ذلك: أننا نلتزم بما قال, ونتجه حيث وجهنا إليه عليه الصلاة والسلام.
السؤال: أنا عامل دورة مياه مع حمام في مكان واحد جميعاً, فهل يجوز التشهد على الجنابة في هذا المكان, وذكر اسم الله؟ أفيدونا, أفادكم الله.
الجواب: التشهد يكون بعد الفراغ, وهذا يمكن أن يكون بعد خروجك من هذا المكان, إذا خرجت تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين, وأما التسمية فليست بواجبة عند الوضوء ولا عند الغسل على القول الراجح, وإنما هي سنة, فإن أتيت بها فهو أولى, وإن لم تأت بها فيكفي التسمية في القلب.
مداخلة: لكن كثيراً من المنازل الجديدة مثل الفلل وغيرها يكون الحمام في مكان واحد مع المغاسل لليدين, فقد يستنجي الإنسان في الحمام ثم يخرج إلى هذا المغاسل ويتوضأ عليها, فهل يجوز التسمية والتشهد عند هذه الغسالات مثلاً؟
الشيخ: أي نعم, الغسالات ما دامت خارج المكان؟
مداخلة: خارج المكان لكن السقف واحد.
الشيخ: لا يضر.
مداخلة: فلو قطعت بجدار؟
الشيخ: قطعت بحاجز وباب فهذا وحده وهذه وحدها, ولا حرج فيها.
مداخلة: هذا لا حرج فيه؟
الجواب: هنا مسألة وإن لم تكن في السؤال أحب أن أنبه عليها, وهي أن بعض الناس يجعل اتجاه الحمامات إلى القبلة إذا جلس لقضاء حاجته, وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها). وثبت في الصحيح من حديث ابن عمر : ( أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة). وعلى هذا فإن الحديث الأول يدل على تحريم استقبال القبلة مطلقاً في البنيان وغير البنيان, وهو الذي فهمه راويه أبو أيوب حيث قال: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة, فننحرف عنها ونستغفر الله.
والحديث الثاني يدل بظاهره على أن استدبار القبلة في البنيان لا بأس به, ولكن بعض الناس كما أشرت إليه قبل يبنونها مستقبلة القبلة, فمثل هؤلاء عليهم أن يغيروها لتكون القبلة عن أيمانهم أو شمائلهم.
السؤال: والدي توفي وكان يترك بعض الأوقات من الصلاة, أفيدوني ماذا أفعل؟ أفادكم الله.
الجواب: عليك أن تستغفر له؛ لأن هذا من بره, وهو محتاج إلى الاستغفار وسؤال التوبة له في هذه الحال؛ لأنه ترك الصلاة, وترك الصلاة لا يجوز أبداً, حتى لو كان المريض مريضاً أشد المرض ما دام عقله معه فإنه يجب عليه أن يصلي بحسب ما يستطيع حتى لو لم يصل إلا بالنية كانت الصلاة فرضاً عليه, أما ما يفعله بعض العامة من كونهم إذا مرضوا مرضاً شديداً تركوا الصلاة وقالوا: إذا طبنا صلينا فهذا غير صحيح, وما يدريهم لعلهم لا يطيبون, كما يقع أحياناً بكثرة أن يموت الإنسان قبل أن يبرأ, فعلى المرء المسلم أن يصلي الصلاة المفروضة في وقتها حيثما كان وعلى أي صفة كان بقدر ما يستطيع؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]. ويجوز للمريض إذا كان في بلده أن يجمع بين الصلاتين صلاة الظهر والعصر وصلاة المغرب والعشاء إذا كان يلحقه بترك الجمع مشقة, وإذا كان في غير بلده مثل أن يكون في المستشفى خارج بلده فله أن يجمع ويقصر أيضاً؛ لأنه مسافر.
السؤال: أخذت من قوم سلعة باتفاق تم بيني وبينهم على أن أبيع سلعتهم وأخبرهم بقيمتها، وأشتري لهم سلعة أكبر حجماً وأكثر قيمة على أن يدفعوا لي الفلوس الزيادة, وعملت كل الذي طلبوه مني وأخذت, وأخبرتهم بقيمة سلعتهم التي بعتها, ووافقوا ورضوا بنفس الاتفاق السابق, وعندما جئت لهم بالسلعة الجديدة رفضوا دفع المبلغ الزيادة, وأرادوا تسعير سلعتهم بالسعر الحالي علماً بأنه أضعاف ذلك اليوم, أفيدونا ما الذي أعمله مع هؤلاء القوم, هل أحاكمهم على الحق حسب الاتفاق, أم أستلم منهم بخسارة علي, وهل سيكون ربا إذا أخذوا مني هذه الفلوس؟ وشكراً لكم.
الجواب: هذا حق لك, فإن شئت فسامحتهم فلا حرج عليك, وإن شئت فحاكمتهم فلا حرج عليك, ولكن لابد أن تثبت بأنهم وكلوك في بيع هذه السلعة وأن تشتري لهم السلعة الحاضرة ولو زاد ثمنها على ثمن الأولى, فإذا ثبت ذلك لزمهم ما التزموا به.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |