خطب ومحاضرات
الحجاب
الحلقة مفرغة
الحمد لله، وصلاة الله وسلامه على نبيه ومصطفاه سيدنا محمد عليه وعلى آله وصحابته وجميع من آمن به، واستن بسنته واهتدى بهداه.
أما بعد:
معشر الأبناء والإخوان أحييكم جميعاً بتحية الإسلام، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد طلب إلي أحد الإخوان بأن أتحدث معكم عن الحجاب، ولا أدري هل الحديث في هذا الباب ينفع أو لا ينفع!
يقول الله تبارك وتعالى وقوله الحق: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:33-34].
هذه آية من سورة الأعراف يا أهل القرآن العظيم، هذه الآية الكريمة اشتملت على أصول المفاسد، تلك المفاسد التي متى ظهرت في أمة أو شاعت في أناس إلا أنهت حياتهم، وأدت بهم إلى الدمار الكامل والخسران التام، فمن الخير أن نعرف هذه المفاسد التي اشتملت عليها هذه الآية، ولندرسها مسألة مسألة، أو أصلاً أصلاً.. ولنعد تلاوة الآية مرة أخرى وتأملوا يفتح الله عليكم.
قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:33-34].
تحريم إشاعة الفاحشة
والفواحش: جمع فاحشة، وإذا أطلق هذا اللفظ فإنه يتناول أعظم الفواحش وهو فاحشة الزنا واللواط.
إذا ذكر لفظ الفاحشة يتناول فيما يتناوله ابتداء فاحشة الزنا واللواط، وما ظهرت الفاحشة بهذا المعنى في أمة إلا وتبرئ منها، وهبطت وفقدت كل شيء، فإما أن تباد وإما أن تعيش عيشة البهائم والحيوانات.
وباسم الله نذكر أن الله تبارك وتعالى حرم الزنا في غير ما آية في كتابه، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32].
وتعلمون أن الله عز وجل وضع لهذه الفاحشة أي: لفاعليها حداً من أقسى أنواع الحدود، ألا وهو الرجم بالحجارة حتى الموت، فهذا الحد لا أقسى منه أبداً، هذا الحد وضعه الله تعالى على لسان رسوله ونفذه رسوله صلى الله عليه وسلم بيده في ماعز والغامدية رضي الله تعالى عنهما، هذه الفاحشة التي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ليس هناك ذنب بعد الشرك بالله وقتل النفس أعظم من نطفة يضعها الرجل في رحم لا تحل له ).
عظم جريمة الزنا وخطرها
وجاء في حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما أن عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه وقف وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: ( أي الذنب أعظم عند الله يا رسول الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم ماذا؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم ماذا؟ قال: أن تزاني حليلة جارك ) فانظروا كيف تطابقت السنة مع الكتاب! فلا فرق بين الآية من سورة الفرقان وبين هذا الحديث في الصحيح، أعظم الذنب عند الله أن يشرك العبد بمولاه سواه، أو أن يقتل ولده خشية أن يأكل معه، أو أن يزني بحليلة جاره.
معاشر الأبناء والمستمعين! ليدلنا على عظم هذه الفاحشة استعراضنا للآيات التي اشتملت عليها سورة النور، فلنستعرضها جميعاً.
أولاً: اسمع الله تعالى يقول: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2].
فهذه لفتة نظر إلى عظم هذه الفاحشة، فالبكر من فتياننا وفتياتنا، الذي لم يسبق له أن تزوج وعرف ما الزواج، هذا البكر إذا زنى يجلد مائة جلدة، قد يموت فيها وقد يحيا، وبعدها يغرب عاماً كاملاً، ينفى من القرية أو المدينة نفياً بعيداً لمدة سنة كاملة؛ حتى يزول ذلك القتر الذي على وجهه، وتذهب تلك الوصمة التي يشار إليها، والسر وراء ذلك حتى لا يذكر المؤمنين والمؤمنات بالفاحشة؛ لأنه إذا حد -إذا جلد- ثم أطلق يمشي بين الناس، لا يمر بين يدي فرد إلا ذكره بالفاحشة، وأعوذ بالله ممن يذكر الناس بالفواحش.. إنه الشيطان، إذا لم يغرب، إذا لم ينف، إذا لم يبعد بعيداً عن المدينة والقرية، وتركناه يغدو ويروح بين الناس، فما يمر بين يدي أحد إلا ذكره الفاحشة، هذا الذي زنى وجلد أمس عند باب المسجد.
وهذه الفاحشة من أقوى عواملها المسببة لها والداعية إليها: ذكرها؛ فلهذا لا يسمح لمن ارتكب هذه الفاحشة أن يبقى معنا لمدة سنة كاملة حتى ننساها وننساه معها.
أرجو من الأبناء والإخوان أن يتأملوا، لم يغرب هذا الشاب؟ لم ينفى؟ لم يبعد وقد حد وضرب ظهره أمام الملأ؟
الجواب: حتى لا يذكرنا بالفاحشة؛ لأنه إذا بقي يمشي بيننا ذكرنا بها، والتذكير بها داع إلى عملها والوقوع فيها.
فأول مفسدة هي: مفسدة ظهور الفاحشة بين الناس، واقترافها علناً، أو فعلها سراً؛ إذ حرم الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفي كتابه عامة الفواحش، سواء كانت علنية أو كانت سرية خفية، لا فرق بينهما.
والفواحش: جمع فاحشة، وإذا أطلق هذا اللفظ فإنه يتناول أعظم الفواحش وهو فاحشة الزنا واللواط.
إذا ذكر لفظ الفاحشة يتناول فيما يتناوله ابتداء فاحشة الزنا واللواط، وما ظهرت الفاحشة بهذا المعنى في أمة إلا وتبرئ منها، وهبطت وفقدت كل شيء، فإما أن تباد وإما أن تعيش عيشة البهائم والحيوانات.
وباسم الله نذكر أن الله تبارك وتعالى حرم الزنا في غير ما آية في كتابه، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32].
وتعلمون أن الله عز وجل وضع لهذه الفاحشة أي: لفاعليها حداً من أقسى أنواع الحدود، ألا وهو الرجم بالحجارة حتى الموت، فهذا الحد لا أقسى منه أبداً، هذا الحد وضعه الله تعالى على لسان رسوله ونفذه رسوله صلى الله عليه وسلم بيده في ماعز والغامدية رضي الله تعالى عنهما، هذه الفاحشة التي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ليس هناك ذنب بعد الشرك بالله وقتل النفس أعظم من نطفة يضعها الرجل في رحم لا تحل له ).
ما من ذنب أعظم من هذه الفاحشة بعد الشرك والكفر بالله وقتل النفس، وقد جاء في سورة الفرقان من صفاتنا يا عباد الرحمن قال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68] فذكر ثلاثاً من كبريات الذنوب وأمهاتها: الأولى: الشرك، والثانية: قتل النفس بغير حق، والثالثة: الزنا.
وجاء في حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما أن عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه وقف وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: ( أي الذنب أعظم عند الله يا رسول الله؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قلت: ثم ماذا؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم ماذا؟ قال: أن تزاني حليلة جارك ) فانظروا كيف تطابقت السنة مع الكتاب! فلا فرق بين الآية من سورة الفرقان وبين هذا الحديث في الصحيح، أعظم الذنب عند الله أن يشرك العبد بمولاه سواه، أو أن يقتل ولده خشية أن يأكل معه، أو أن يزني بحليلة جاره.
معاشر الأبناء والمستمعين! ليدلنا على عظم هذه الفاحشة استعراضنا للآيات التي اشتملت عليها سورة النور، فلنستعرضها جميعاً.
أولاً: اسمع الله تعالى يقول: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [النور:2].
فهذه لفتة نظر إلى عظم هذه الفاحشة، فالبكر من فتياننا وفتياتنا، الذي لم يسبق له أن تزوج وعرف ما الزواج، هذا البكر إذا زنى يجلد مائة جلدة، قد يموت فيها وقد يحيا، وبعدها يغرب عاماً كاملاً، ينفى من القرية أو المدينة نفياً بعيداً لمدة سنة كاملة؛ حتى يزول ذلك القتر الذي على وجهه، وتذهب تلك الوصمة التي يشار إليها، والسر وراء ذلك حتى لا يذكر المؤمنين والمؤمنات بالفاحشة؛ لأنه إذا حد -إذا جلد- ثم أطلق يمشي بين الناس، لا يمر بين يدي فرد إلا ذكره بالفاحشة، وأعوذ بالله ممن يذكر الناس بالفواحش.. إنه الشيطان، إذا لم يغرب، إذا لم ينف، إذا لم يبعد بعيداً عن المدينة والقرية، وتركناه يغدو ويروح بين الناس، فما يمر بين يدي أحد إلا ذكره الفاحشة، هذا الذي زنى وجلد أمس عند باب المسجد.
وهذه الفاحشة من أقوى عواملها المسببة لها والداعية إليها: ذكرها؛ فلهذا لا يسمح لمن ارتكب هذه الفاحشة أن يبقى معنا لمدة سنة كاملة حتى ننساها وننساه معها.
أرجو من الأبناء والإخوان أن يتأملوا، لم يغرب هذا الشاب؟ لم ينفى؟ لم يبعد وقد حد وضرب ظهره أمام الملأ؟
الجواب: حتى لا يذكرنا بالفاحشة؛ لأنه إذا بقي يمشي بيننا ذكرنا بها، والتذكير بها داع إلى عملها والوقوع فيها.
هل يليق بنا ونحن الذين نعرف قيمة الطهر كما نعرف قبح هذه الفاحشة، هل يليق بنا أن نوجد عوامل من شأنها أن تذكرنا بالزنا؟
لا يليق ولن يليق، ومن هنا لا يحل لأحدنا أن يصور صورة فتاة من جميلات الفتيات ويعلقها في منزله، لأنها لا تذكره بربه وإنما تذكره بالفاحشة.
ومن هنا لا يحل لتاجر من تجارنا أن يستورد بضائع ترسم عليها وجوه المومسات، فينظر إليها الفتى من فتياننا وتنظر إليها الفتاة، ولا تستغربوا هذا عندما تقرءون قول الله عز وجل: لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ [النور:12].
هذه الآية تطارد الفاحشة من الألسن؛ لأن الألسن إذا نطقت بها خففت وطأتها على القلوب، وإذا مالت إليها القلوب طلبتها الأعضاء وارتكبت الفاحشة في ديارنا، وهي ديار الطهر والصفاء.
فلاحظ: الزاني والزانية قبل أن يحصنا فالحد: جلد مائة وتغريب سنة كاملة، وهذا بالنسبة إلى الفتى إجماع وبالنسبة إلى الفتاة خلاف؛ لأن الفتاة لا تخرج بيننا ولا تذكرنا بالفاحشة، فلا معنى لتغريبها.
ثانياً: يقول تعالى: الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [النور:3] فماذا تفهمون من هذه اللفظة القرآنية؟
افهموا: إن الشاب إذا أفحش في قوله وعمله وعربد وأصبح يعرف بالزاني لا يحل لنا أن نزوجه بناتنا المسلمات أبداً، إلا بعد أن يتوب وتصح توبته ويشتهر بها، ولا أدري أبعد سنة أم سنوات.
والفتاة مثله إذا عرفت بالدعارة ووصمت بوصمة الفاحشة وقيل فيها: زانية، لا يحل أبداً أن نزوجها شبابنا، اللهم إلا إذا تابت توبة نصوحاً وعرفت بها، واشتهر بين أهل القرية أنها تابت منذ كذا سنة، قولوا: لم؟
لأن الفتى الذي عرف بالزنا لا يمكنك -يا عبد الله- أن تزوجه ابنتك؛ لأنه والعياذ بالله يعلمها الخنا، فما إن تراه إلا وتذكرت فواحشه وما كان يأتيه، ولن نستطيع أبداً أن نزوج شاباً أو رجلاً قد يأتي بعاهر إلى بيته فيفسد علينا ابنتنا، فما دام ملوثاً بأوضار هذه الجريمة، فلا يحل لنا أن نزوجه أبداً، والذي يتزوج عاهرة مومسة عرفت بالزنا ماذا أراد سوى أن يلوث فراشه ويدمر بيته، ويوجد -والعياذ بالله تعالى- بؤرة شر وفساد بين أولاده وأهله.
معاقبة الذين يرمون المؤمنين بالفاحشة
فالذي يتجرأ على مؤمن أو مؤمنة ويقول: يا فاعل أو يا فاعلة ينشر الفاحشة بلسانه بإلصاقها باطلاً بأبنائنا وبناتنا، هذا لا بد وأن يكشف عن ظهره ليجلد ثمانين جلدة، والله يقول: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] وهل بعد الفسق من وصمة يوصم بها المؤمن؟ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ [الحجرات:11]، ويقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19].
فلاحظ يا عبد الله! الذي يهوى بنفسه أن يقال: فلان فعل أو فلانة تفعل، مجرد حب فقط يتوعده الله تعالى بأليم العذاب، مجرد حب، مجرد اشتهاء في نفسه لو أن فلاناً فعل كذا، فلم يرض الله تعالى بمجرد الحب والرغبة في ظهورها، فكيف بدعاتها والعاملين على نشرها؟!
وتأملوا، وكتاب الله كتابنا، وكل منا يفهم بقدر ما فتح الله عليه ما معنى قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [النور:19] أليس هذا وعيداً شديداً؟ عذاب في الدنيا وعذاب في الآخرة، ما جريمتهم؟ ماذا فعلوا؟ إنهم يحبون مجرد حب باطني، ما تكلموا ولا فعلوا، فقط يحبون أن تظهر الفاحشة، إذا علمنا هذا فلننظر إلى هذا ولننظر إلى دعاة الفاحشة، والذين يعملون على نشرها وإظهارها، وأمامنا الكثير من هذه التنبيهات لنعرف قيمة الحجاب عند الله:
غض البصر عن عورات المسلمين وأثره في منع انتشار الفاحشة
أسائلكم: هل قول الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ [النور:30] ليس أمراً؟
بلى، ومن الذي أمره الله أن يبلغنا؟ رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ لعظم هذه المسألة وخطرها، بلغهم عنا، قل لهم: يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30] فإذا أردنا أن نمتثل أمر الله عز وجل فما هو الطريق الذي يؤدي بنا إلى أن نمتثل أمر الله بغض البصر وإحصان الفرج؟
الجواب: ألا نرى النساء وألا ترانا النساء، ولا سبيل إلى تحقيق هذا الأمر إلا من هذا الطريق، إما أن يحتجب الرجال في البيوت ويخرج النساء إلى الأسواق والمساجد والمصانع، غاديات رائحات والرجال محتجبون في البيوت، حتى يمكننا أن نطيع ربنا! وفي هذا عكس للفطرة، أو نحجب النساء ونقصرهن في البيوت، والرجال يغدون ويروحون يصنعون ويعملون؛ لأنهم أقدر على العمل من النساء.
أقول: أُمرنا جميعاً، النساء مأمورات والرجال مأمورون، ولا بد من الطاعة وإلا فهي المعصية، وبالتالي الشقاء والعذاب الأبدي، فماذا نصنع؟ نحن بين خيارين: إما أن نحجب الرجال، وهذا معاكسة للفطرة البشرية، وإما أن نحجب النساء وهذا هو المطلوب، ويومئذ نكون قد امتثلنا أمر الله، أما أن نسمح للنساء أن يخرجن ويسرحن في كل مكان، وتقول لي: غض بصرك، فهذا مما لا يطاق، هذا هو المستحيل بعينه.
الحجاب وأثره في منع انتشار الفاحشة
ثم القرآن الكريم ما نسخ، ما زال بيننا غضاً طرياً كأنه ينزل الآن، لما أراد الله عز وجل أن يفرض على النساء الحجاب ما هي أول آية نزلت؟ عرس النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السادسة بـزينب بنت جحش ، فجاء إلى منزله فإذا بجماعة جالسين، فخرج وعاد فإذا بهم جالسين، واستحى أن يقول: ضايقتمونا، أو الوقت ليس وقت جلوس، وكل يحب بيوت الرسول وأن يجلس بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] وهنا أسدل الستار على المرأة المسلمة في المدينة النبوية، من هذه الآية ما أصبح رجال الأنصار والمهاجرين يسمحون لنسائهم أن يأتين المساجد إلا بالليل، ويؤكد هذه الحقيقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: ( ائذنوا للنساء في إتيان المساجد بالليل ) لما نزلت هذه الآية وما هي إلا أن تليت حتى غشيت كل بيت وتلاها كل مهاجر وأنصاري، وإذا بالمجتمع يتغير، وإذا بالحجاب يبرز ويظهر، وتقول عائشة رضي الله عنها: رحم الله نساء الأنصار، لما نزلت آية الحجاب خرجن وكأن على رؤوسهن الغربان، تعني: أنهن تخمرن بالخمر السوداء توضع على الرأس فتغطي الوجه وتغطي الرأس إلى الكتفين، ومن تحت ذلك الدرع السابغ الحصين، خرجن وكأن على رءوسهن الغربان السود؛ لأن الخمر التي وضعنها على رءوسهن يتخمرن بها كانت من اللون الأسود.
وبعد هذا فالذي يذكر الفاحشة ويرمي بها مؤمناً أو مؤمنة يجلد ثمانين جلدة، الذي يذكر الفاحشة وينسبها إلى زيد أو عمرو أو زليخة أو خديجة، مجرد قول قاله، يجب أن يأتي بأربعة شهود يشهدون على دعواه، وإلا فظهره والعصا يجلد ثمانين جلدة، لم هذا يا معاشر المستمعين؟ لأن الله عز وجل حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن؛ لأن الله يبغض الفواحش فحرمها، فكل سبيل يؤدي إلى ارتكابها فهو سبيل محرم، وسلوكه ممنوع وباطل، فالذي يقول: فلان أو فلانة تفعل، هذه الكلمة تحدث مساءة عظيمة في بلادنا، عندما نتحدث في مجالسنا ونقول: فلان يفعل، يفعل ماذا؟ فلانة تفعل، تفعل ماذا؟ تفعل الفاحشة، إذاً ذكرناها، ونحن مطالبون أن نطردها من ألسنتنا، والله ما حل لمؤمن ولا مؤمنة أن يذكر الفاحشة؛ لأن ربنا يكره ذلك ولا يحبه، واقرءوا قول الله تعالى: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [النساء:148] فألسنتنا طاهرة فلا تلوث بذكر الفاحشة.
فالذي يتجرأ على مؤمن أو مؤمنة ويقول: يا فاعل أو يا فاعلة ينشر الفاحشة بلسانه بإلصاقها باطلاً بأبنائنا وبناتنا، هذا لا بد وأن يكشف عن ظهره ليجلد ثمانين جلدة، والله يقول: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [النور:4] وهل بعد الفسق من وصمة يوصم بها المؤمن؟ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ [الحجرات:11]، ويقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور:19].
فلاحظ يا عبد الله! الذي يهوى بنفسه أن يقال: فلان فعل أو فلانة تفعل، مجرد حب فقط يتوعده الله تعالى بأليم العذاب، مجرد حب، مجرد اشتهاء في نفسه لو أن فلاناً فعل كذا، فلم يرض الله تعالى بمجرد الحب والرغبة في ظهورها، فكيف بدعاتها والعاملين على نشرها؟!
وتأملوا، وكتاب الله كتابنا، وكل منا يفهم بقدر ما فتح الله عليه ما معنى قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ [النور:19] أليس هذا وعيداً شديداً؟ عذاب في الدنيا وعذاب في الآخرة، ما جريمتهم؟ ماذا فعلوا؟ إنهم يحبون مجرد حب باطني، ما تكلموا ولا فعلوا، فقط يحبون أن تظهر الفاحشة، إذا علمنا هذا فلننظر إلى هذا ولننظر إلى دعاة الفاحشة، والذين يعملون على نشرها وإظهارها، وأمامنا الكثير من هذه التنبيهات لنعرف قيمة الحجاب عند الله:
استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
انتبه .. إنها الساعة الحاسمة | 3860 استماع |
لماذا نصوم - شرح آخر -1 | 3656 استماع |
القرآن حجة لك أو عليك | 3551 استماع |
لماذا نصوم -1 | 3490 استماع |
سر الوجود | 3489 استماع |
الأمة الوسط | 3483 استماع |
وصايا لقمان كما وردت في القرآن | 3348 استماع |
دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى أن تقوم الساعة | 3234 استماع |
مناسك الحج | 3190 استماع |
الذكر والشكر | 3142 استماع |