شرح ألفية ابن مالك [21]


الحلقة مفرغة

ثم قال: (وفي جميعها توسط الخبر أجز)

(في جميعها) جار ومجرور ومضاف متعلق بأجز.

و(توسط) مفعول به وعامله أجز، وهو مضاف إلى الخبر.

و(أجز) فعل أمر وفاعله مستتر وجوباً تقديره أنت.

وقال: (وكل سبقه دام حظر)

(كل) مبتدأ.

و(سبق) مفعول مقدم لحظر، وهو مضاف إلى الضمير، والضمير هنا فاعل المصدر.

و(دام) مفعول به للمصدر.

و(حظر) خبر كل، والتقدير: كل حضر سبق الخبر دام

والمعنى: أن كان وأخواتها وهي ثلاثة عشر، كلها يجوز فيها توسط الخبر، تقول: كان قائماً زيد، وظل شديداً المطر، وما فتئ قائماً خالد، وما دام قائماً فلان، وليس ناجحاً الكسول.

إذاً جميع هذه الثلاثة عشر يجوز أن يتوسط خبرها.

وهل يجوز أن يتقدم الخبر على الأداة؟

حكم تقدم خبر دام

يقول: (وكل سبقه دام حظر) أي: كل النحويين، (حظر) أي منع سبقه لدام، فهل المراد سبقه لدام بحيث يتوسط بينها وبين ما، أو بحيث يتقدم على ما؟

مثاله: ما قائماً دام زيد، فهذا فيه احتمال أنه لا يجوز بالإجماع، وقولنا: قائماً ما دام زيد، هذا لا يجوز بالإجماع.

والإشكال الآن نقل الإجماع فيما إذا كان الخبر بين ما ودام.

فمواضع الخبر في دام أربعة: قائماً ما دام زيد، ما قائماً دام زيد، ما دام قائماً زيد، ما دام زيد قائماً،

اثنان جائزان بالاتفاق وهما:

ما دام زيد قائماً، وما دام قائماً زيد. وواحد ممنوع بالاتفاق وهو تقدم الخبر على (ما دام) كلها، مثل: قائماً ما دام زيد. والرابع: أن يتوسط الخبر بين ما ودام وهذا يحتمل كلام ابن مالك أنه ممنوع بالإجماع كما هو ظاهر اللفظ، والأمر ليس كذلك، ففيه خلاف.

حكم تقدم خبر كان وأخواتها على ما النافية

وقوله: (وكل سبقه دام حظر) ظاهر كلامه أن ما عداها يجوز فيه تقدم الخبر على الأداة، ولكنه قال:

(كذاك سبق خبر ما النافيه فجيء بها متلوةً لا تاليه)

يعني: إذا جاءت ما النافية في واحدة من الأدوات، فإنه يمتنع أن يتقدم عليها الخبر سواء كانت الأداة مما يشترط فيها أن يسبقها نفي أو شبهه أو لا.

فما النافية لا يتقدم عليها شيء، فلو قلت: ما كان زيد ظلوماً، ثم قلت: ظلوماً ما كان زيد، لا يجوز؛ لأنه لا يتقدم الخبر على ما النافية.

أما إذا قلنا: ما ظلوماً كان زيد، فهو جائز، وكذلك ما كان زيد ظلوماً جائز أيضاً؛ ولهذا يقول: (كذاك سبق خبر ما النافية).

(كذاك) خبر مقدم، أي كالذي سبق، و(ذا) اسم إشارة لما سبق، يعني مثل: ذاك الذي ذكرنا في ما سبق.

و(سبق) مبتدأ مؤخر، وهو مضاف إلى (خبر)، وسبق مضاف إلى فاعله.

و(ما) مفعول سبق، و(ما) مضاف، و(النافية) مضاف إليه، ويجوز أن تكون النافية صفة لما.

والمعنى: يمتنع أن يسبق الخبر ما النافية سواء كانت الأداة مما يشترط فيها تقدم النفي وشبهه أو لا.

ثم قال: (فجيء بها متلوة لا تالية).

أي: جئ بما النافية متلوة لا تالية.

فـ(جيء) فعل أمر، و(بها) جار مجرور متعلق بفعل الأمر.

و(متلوة) حال من (ها)، في قوله (بها).

و(لا) عاطفة.

و(تالية) معطوفة على (متلوة).

فهي منصوبة على الحال، أي: ائت بما النافية سابقة، وما بعدها تالٍ لها.

والخلاصة: أن توسط الخبر بين الأداة والفعل جائز بالاتفاق.

أما تقدم الخبر على الأداة فجائز في غير (دام)، أما فيها فإن ظاهر كلام ابن مالك أنه ممنوع، ولكن الصحيح أنه جائز وأن الممنوع تقدم الخبر على (ما) فقط سواء ما المصدرية الظرفية، أو ما النافية وسواء ما يشترط فيه تقدم النفي وشبهه أو لا.

وإذا كان النفي بغير (ما) جاز أن يتقدم الخبر على الأداة وعلى حرف النفي مطلقاً، مثل: قائماً لم يزل زيد، وقاعداً لم يكن عمرو.

وقوله: (فجئ بها متلوة لا تالية) هذا الشطر قد يقول قائل: إنه لا فائدة منه؛ لأنه إذا منع تقدم الخبر على ما النافية لزم أن تكون متلوة لا تالية، فيقال: بل له فائدتان أيضاً:

الفائدة الأولى: الإشارة إلى أن ما النافية لها الصدارة في الكلام فإذا كانت لا تأتي إلا متلوة فلا يجوز أن يتقدم عليها غيرها مما هو في ضمن جملتها.

والفائدة الثانية: تقرير الحكم السابق، ولا مانع أن الإنسان يأتي بجملة بعد حكم من الأحكام لتقرير ذلك الحكم وتثبيته.

حكم تقدم خبر ليس عليها

ثم قال:

[ومنع سبق خبر ليس اصطفي وذو تمام ما برفع يكتفي]

(منع) مبتدأ، و(اصطفي) خبر المبتدأ، و(منع) مضاف، و(سبق) مضاف إليه، و(سبق) مضاف، و(خبر) مضاف إليه، فسبق مصدر مضاف إلى فاعله، و(ليس) مفعول به لسبق، والتقدير: اصطفي منع سبق سبق الخبر لليس.

ففي هذا الشطر أشار ابن مالك رحمه الله إلى أن النحويين اختلفوا في جواز تقدم خبر ليس عليها، واختار هو المنع؛ لأن (اصطفي) بمعنى اختير، فهو يقول رحمه الله: اصطفي منع سبق خبر ليس عليها، وهو إشارة إلى أن المسألة فيها خلاف.

والصحيح جواز تقدم خبر ليس عليها خلافا لابن مالك ؛ لأن في القرآن ما يشير إلى جواز ذلك وهو قوله تعالى: أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ [هود:8] فإن (يوم) ظرف، وعامله (مصروفاً) والتقدير: ليس مصروفاً عنهم يوم يأتيهم، يعني: لا يصرف عنهم العذاب يوم يأتيهم، فـ(يوم يأتيهم) معمول لمصروفاً، ومصروفاً هو الخبر، وإذا جاز أن يتقدم معمول الخبر وهو فرع لعامله فتقدم عاملة من باب أولى، ولهذا كان القول الراجح جواز تقدم خبر ليس عليها.

وعلى هذا فتقول: قائماً ليس زيد.

وعلى رأي ابن مالك لا يجوز أن تقول: قائماً ليس زيد، بل قل: ليس قائما زيد، أو ليس زيد قائماً.

والقائلون بالمنع قاسوا قياساً فاسداً، فقالوا: لأن (ليس) دالة على النفي؛ فيمتنع تقدم خبرها عليها، كما منعنا تقدم الخبر على ما النافية.

فيقال: هذا قياس ليس بصحيح؛ لأن ليس نفيها من ذاتها، بمعنى: أنها فعل دال على النفي، و(ما) لا تدل على النفي إلا باقترانها بما بعدها فلا يصح القياس.

ونعارض قياسهم فنقول: نقيسها على جواز تقدم الخبر إذا كانت الأداة ليست (ما) كما نجوز أن نقول: قائما لا يزال زيد. فليس قياسها على (ما) بأولى من قياسها على (لا).

وعلى هذا فيكون هذا الدليل مدفوعاً، ودليل الجواز مثبتاً، وهو قوله تعالى: أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ [هود:8]. وقد أجابوا عن الآية بما لا يغني، وهو أن الظروف يتوسع فيها ما لا يتوسع في غيرها.

يقول: (وكل سبقه دام حظر) أي: كل النحويين، (حظر) أي منع سبقه لدام، فهل المراد سبقه لدام بحيث يتوسط بينها وبين ما، أو بحيث يتقدم على ما؟

مثاله: ما قائماً دام زيد، فهذا فيه احتمال أنه لا يجوز بالإجماع، وقولنا: قائماً ما دام زيد، هذا لا يجوز بالإجماع.

والإشكال الآن نقل الإجماع فيما إذا كان الخبر بين ما ودام.

فمواضع الخبر في دام أربعة: قائماً ما دام زيد، ما قائماً دام زيد، ما دام قائماً زيد، ما دام زيد قائماً،

اثنان جائزان بالاتفاق وهما:

ما دام زيد قائماً، وما دام قائماً زيد. وواحد ممنوع بالاتفاق وهو تقدم الخبر على (ما دام) كلها، مثل: قائماً ما دام زيد. والرابع: أن يتوسط الخبر بين ما ودام وهذا يحتمل كلام ابن مالك أنه ممنوع بالإجماع كما هو ظاهر اللفظ، والأمر ليس كذلك، ففيه خلاف.

وقوله: (وكل سبقه دام حظر) ظاهر كلامه أن ما عداها يجوز فيه تقدم الخبر على الأداة، ولكنه قال:

(كذاك سبق خبر ما النافيه فجيء بها متلوةً لا تاليه)

يعني: إذا جاءت ما النافية في واحدة من الأدوات، فإنه يمتنع أن يتقدم عليها الخبر سواء كانت الأداة مما يشترط فيها أن يسبقها نفي أو شبهه أو لا.

فما النافية لا يتقدم عليها شيء، فلو قلت: ما كان زيد ظلوماً، ثم قلت: ظلوماً ما كان زيد، لا يجوز؛ لأنه لا يتقدم الخبر على ما النافية.

أما إذا قلنا: ما ظلوماً كان زيد، فهو جائز، وكذلك ما كان زيد ظلوماً جائز أيضاً؛ ولهذا يقول: (كذاك سبق خبر ما النافية).

(كذاك) خبر مقدم، أي كالذي سبق، و(ذا) اسم إشارة لما سبق، يعني مثل: ذاك الذي ذكرنا في ما سبق.

و(سبق) مبتدأ مؤخر، وهو مضاف إلى (خبر)، وسبق مضاف إلى فاعله.

و(ما) مفعول سبق، و(ما) مضاف، و(النافية) مضاف إليه، ويجوز أن تكون النافية صفة لما.

والمعنى: يمتنع أن يسبق الخبر ما النافية سواء كانت الأداة مما يشترط فيها تقدم النفي وشبهه أو لا.

ثم قال: (فجيء بها متلوة لا تالية).

أي: جئ بما النافية متلوة لا تالية.

فـ(جيء) فعل أمر، و(بها) جار مجرور متعلق بفعل الأمر.

و(متلوة) حال من (ها)، في قوله (بها).

و(لا) عاطفة.

و(تالية) معطوفة على (متلوة).

فهي منصوبة على الحال، أي: ائت بما النافية سابقة، وما بعدها تالٍ لها.

والخلاصة: أن توسط الخبر بين الأداة والفعل جائز بالاتفاق.

أما تقدم الخبر على الأداة فجائز في غير (دام)، أما فيها فإن ظاهر كلام ابن مالك أنه ممنوع، ولكن الصحيح أنه جائز وأن الممنوع تقدم الخبر على (ما) فقط سواء ما المصدرية الظرفية، أو ما النافية وسواء ما يشترط فيه تقدم النفي وشبهه أو لا.

وإذا كان النفي بغير (ما) جاز أن يتقدم الخبر على الأداة وعلى حرف النفي مطلقاً، مثل: قائماً لم يزل زيد، وقاعداً لم يكن عمرو.

وقوله: (فجئ بها متلوة لا تالية) هذا الشطر قد يقول قائل: إنه لا فائدة منه؛ لأنه إذا منع تقدم الخبر على ما النافية لزم أن تكون متلوة لا تالية، فيقال: بل له فائدتان أيضاً:

الفائدة الأولى: الإشارة إلى أن ما النافية لها الصدارة في الكلام فإذا كانت لا تأتي إلا متلوة فلا يجوز أن يتقدم عليها غيرها مما هو في ضمن جملتها.

والفائدة الثانية: تقرير الحكم السابق، ولا مانع أن الإنسان يأتي بجملة بعد حكم من الأحكام لتقرير ذلك الحكم وتثبيته.

ثم قال:

[ومنع سبق خبر ليس اصطفي وذو تمام ما برفع يكتفي]

(منع) مبتدأ، و(اصطفي) خبر المبتدأ، و(منع) مضاف، و(سبق) مضاف إليه، و(سبق) مضاف، و(خبر) مضاف إليه، فسبق مصدر مضاف إلى فاعله، و(ليس) مفعول به لسبق، والتقدير: اصطفي منع سبق سبق الخبر لليس.

ففي هذا الشطر أشار ابن مالك رحمه الله إلى أن النحويين اختلفوا في جواز تقدم خبر ليس عليها، واختار هو المنع؛ لأن (اصطفي) بمعنى اختير، فهو يقول رحمه الله: اصطفي منع سبق خبر ليس عليها، وهو إشارة إلى أن المسألة فيها خلاف.

والصحيح جواز تقدم خبر ليس عليها خلافا لابن مالك ؛ لأن في القرآن ما يشير إلى جواز ذلك وهو قوله تعالى: أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ [هود:8] فإن (يوم) ظرف، وعامله (مصروفاً) والتقدير: ليس مصروفاً عنهم يوم يأتيهم، يعني: لا يصرف عنهم العذاب يوم يأتيهم، فـ(يوم يأتيهم) معمول لمصروفاً، ومصروفاً هو الخبر، وإذا جاز أن يتقدم معمول الخبر وهو فرع لعامله فتقدم عاملة من باب أولى، ولهذا كان القول الراجح جواز تقدم خبر ليس عليها.

وعلى هذا فتقول: قائماً ليس زيد.

وعلى رأي ابن مالك لا يجوز أن تقول: قائماً ليس زيد، بل قل: ليس قائما زيد، أو ليس زيد قائماً.

والقائلون بالمنع قاسوا قياساً فاسداً، فقالوا: لأن (ليس) دالة على النفي؛ فيمتنع تقدم خبرها عليها، كما منعنا تقدم الخبر على ما النافية.

فيقال: هذا قياس ليس بصحيح؛ لأن ليس نفيها من ذاتها، بمعنى: أنها فعل دال على النفي، و(ما) لا تدل على النفي إلا باقترانها بما بعدها فلا يصح القياس.

ونعارض قياسهم فنقول: نقيسها على جواز تقدم الخبر إذا كانت الأداة ليست (ما) كما نجوز أن نقول: قائما لا يزال زيد. فليس قياسها على (ما) بأولى من قياسها على (لا).

وعلى هذا فيكون هذا الدليل مدفوعاً، ودليل الجواز مثبتاً، وهو قوله تعالى: أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ [هود:8]. وقد أجابوا عن الآية بما لا يغني، وهو أن الظروف يتوسع فيها ما لا يتوسع في غيرها.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح ألفية ابن مالك [68] 3431 استماع
شرح ألفية ابن مالك [2] 3265 استماع
شرح ألفية ابن مالك [15] 3127 استماع
شرح ألفية ابن مالك[65] 2988 استماع
شرح ألفية ابن مالك[55] 2950 استماع
شرح ألفية ابن مالك [67] 2920 استماع
شرح ألفية ابن مالك [7] 2917 استماع
شرح ألفية ابن مالك [24] 2909 استماع
شرح ألفية ابن مالك [9] 2826 استماع
شرح ألفية ابن مالك [66] 2810 استماع