مختصر التحرير [39]


الحلقة مفرغة

قال: [وهو تكليف] يعني: من الأحكام التكليفية، فإذا قال قائل: كيف يكون تكليفاً وللإنسان أن يفعله ولا يعاقب؛ نقول: لأنه داخلٌ في الأحكام التكليفية من حيث الالتزام بحكمه لا بفعله، فأنت ملزم بأن تعتقد هذا الشيء المكروه شرعاً مكروهاً، ولا تعتقد خلاف ما دلّ عليه الشرع، لكنك لست ملزماً بتركه؛ لأنه ليس على سبيل الإلزام بالترك.

ترك المستحب هل هو مكروه

وقوله: [منهي عنه حقيقة] يعني: أنه -أي المكروه- منهيٌ عنه، لا نقول: لأنه لا يعاقب فاعله فإنه منهي عنه، بل نقول: هو منهي عنه، لكن نهي الشارع ينقسم إلى قسمين: قسم يدل على الإلزام بالترك، وهذا هو المحرم، وقسمٌ لا يدل عليه وهذا هو المكروه.

والفائدة من هذا الكلام: أن الإنسان لو ترك أمراً مستحباً فهل نقول: إنه فعل مكروهاً؟ لا؛ لأنه لم ينه عن ذلك، فمثلاً لو ترك الإنسان رفع يديه في صلاته، لا نقول: إن هذا مكروه؛ لأنه لم يرد النهي عنه، والمكروه منهيٌ عنه، وعلى هذا فلا يلزم من ترك المستحب الوقوع في المكروه، إلا أن يرد نهي خاص عن ترك هذا المستحب، فحينئذٍ يكون مكروهاً بالنهي، لا بترك المستحب.

إذاً فالفائدة من قولنا: إنه منهيٌ عنه: أننا لا نقول لمن ترك مستحباً: إنك فعلت مكروهاً؛ لأنه سيقول: أنا ما نهيت عن هذا الشيء.

فلو ترك الإنسان راتبة الفجر أو راتبة الظهر أو راتبة المغرب لا نقول: إنه فعل مكروهاً؛ لأنه لم ينه عنه، والمكروه منهي عنه حقيقةً.

مطلق الأمر لا يتناول المكروه

قال: [ومطلق الأمر لا يتناوله] وهذا أيضاً واضح، مطلق الأمر لا يتناوله، فمثل إذا أمر الشارع بالسواك فإنه لا يريد منا أن نتسوك بشيءٍ يضر؛ لأن هذا مكروه، فمطلق الأمر لا يتناوله، أما لو قيد الأمر فواضح أنه لا يتناوله، فلو قيل: استاك بسواكٍ لا يضر، فعدم تناوله مكروهاً أمر واضح، لكن عند الإطلاق هل يدخل المكروه في الأمر المأمور به على سبيل الإطلاق؟ يقول المؤلف: لا، فمطلق الأمر لا يتناوله.

(أقيموا الصلاة) هل يتناول أن تقيم الصلاة وتطيل فيها؟ لا، وإن كان لا يطيلها؛ لأن مطلق الأمر ينصب على المأمور به الذي يخدم المكروه، لا على الذي به المكروه.

وقوله: [منهي عنه حقيقة] يعني: أنه -أي المكروه- منهيٌ عنه، لا نقول: لأنه لا يعاقب فاعله فإنه منهي عنه، بل نقول: هو منهي عنه، لكن نهي الشارع ينقسم إلى قسمين: قسم يدل على الإلزام بالترك، وهذا هو المحرم، وقسمٌ لا يدل عليه وهذا هو المكروه.

والفائدة من هذا الكلام: أن الإنسان لو ترك أمراً مستحباً فهل نقول: إنه فعل مكروهاً؟ لا؛ لأنه لم ينه عن ذلك، فمثلاً لو ترك الإنسان رفع يديه في صلاته، لا نقول: إن هذا مكروه؛ لأنه لم يرد النهي عنه، والمكروه منهيٌ عنه، وعلى هذا فلا يلزم من ترك المستحب الوقوع في المكروه، إلا أن يرد نهي خاص عن ترك هذا المستحب، فحينئذٍ يكون مكروهاً بالنهي، لا بترك المستحب.

إذاً فالفائدة من قولنا: إنه منهيٌ عنه: أننا لا نقول لمن ترك مستحباً: إنك فعلت مكروهاً؛ لأنه سيقول: أنا ما نهيت عن هذا الشيء.

فلو ترك الإنسان راتبة الفجر أو راتبة الظهر أو راتبة المغرب لا نقول: إنه فعل مكروهاً؛ لأنه لم ينه عنه، والمكروه منهي عنه حقيقةً.